التفسير

محاضرة في التفسير

تحت عنوان

إنا أعطيناك الكوثر

 

 

فضل السورة وسبب النزول

 

 

قال الحق سبحانه ( إنا أعطيناك الكوثر ) ولم يقل سنعطيك لأن العطاء قد تحقق في وقته لكن الله سبحانه أراد للنبي الكريم أعطيناك يامحمد الخير الكثير والشرف والرفعة في الدنيا وفي الجنة وفي هذا السياق جاءنا ابن المنذر عن عكرمة أنه قال لما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت قريش بتر محمد منا فنزل ( إن شانئك هو الأبتر ) وورد في حديث صحيح أن النبي الكريم رفع رأ سه مبتسما إما قال لهم وإما قالوا له لم ضحكت ؟فقال صلى الله عليه وسلم إنه أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمان الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أتدرون ما الكوثر )؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال النبي الكريم هو نهر أعطانيه ربي جل شأنه في الجنة ترد عليه أمتي يوم القيامة وقال النبي الكريم (الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج رواه الترمذي في كتاب تفسير القرآن وقال حديث حسن صحيح وعبر الله بكلمة ( إنا أعطيناك ) لتشريف الاسم المقدس، ومن منطق هذا اللفظ جاءت الإشارة للدلالة على الربوبية، والفرق بين الكوثر والكثير أن الكثير صفة فقط والكوثر صفة وذات ولما نزلت ( بسم الله الرحمان الرحيم إنا أعطيناك الكوثر ) قال لهم هل تدرون ما الكوثر قالوا الله ورسوله أعلم قال هو نهر مبارك عظيم أعطاني إياه ربي في الجنة ترد عليه أمتي يوم القيامة.

 

 

 

تسميـــــــــــــــتها

 

 

سميت السورة بالكوثر لافتتاحها بقول الله جل علاه ( إنا أعطيناك الكوثر ) أي الخير الكثير الدائم في الدنيا والآخرة ومنه نهر الكوثر في الجنة وقد تضمنت هذه السورة المكية الحديث عن مقاصد ثلاث وهي 1 بيان فضل الله الكريم وامتنانه على نبيه العظيم بإعطائه الخير الكثير في الدنيا والآخرة ومنه نهر الكوثر في الجنة 2 أمر النبي صلى الله عليه وسلم وكذا أمته بالمواظبة والإخلاص فيها على الصلاة ونحر الأضاحي شكرا لله جل شأنه 3 بشارة الرسول الكريم بنصره على أعدائه .

 

زيادة وتوضيح وإضافات

 

 

شرف الله نبيه العظيم ورسوله الحبيب بإعطاء هذا الكوثر وهذا الخير الكثير العظيم المشار إليه في قوله جل شأنه ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) فنشر رداء الرضا والخير جاء نورا ورحمة لهذا القائد العظيم ورحمة وخيرا وبركة لسيد هذه الأمة الذي أحاطه برحمة منه ،وكان فضل الله عليه عظيما ومنه الكوثر الذي في الجنة وهو نهر جاءه كوسام عظيم لهذا الرحيم الحبيب، ويصب هذا النهر في (ميزابان ) وهو المورود يوم القيامة يرده المومنون من أمته صلى الله عليه وسلم ثم إن الله تعالى لما ذكر ما امتن به عليه من هذا الخير الكثير أمره أن يصلي وينحر فقال ( فصل لربك وانحر ) فالصلاة هي الصلاة المعروفة وهي التعبد لله تعالى بالأفعال والأقوال المعلومة المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسبيح والنحر هو التقرب إلى الله بذبح الهدايا والضحايا وما يشترى من الذبائح فالجمع بين الصلاة والنحر يكون جمعا بين عبادة بدنية وعبادة مالية وقوله ( إن شانئك هو الابتر ) أي أن مبغضك الذي يبغضك هوالأبتر المقطوع الذي لا خير فيه ولا بركة وأما الخير الحقيقي لا يكون إلافي الرسول وسيد الخلق لهذا نجد أمامنا هذا النبي العظيم وهذا الشريف الأصيل الذي ضحي بنفسه وروحه .

 

يا قارئ القرآن أنت مقدم

 

 

جاء محمد الكريم صلى الله عليه وسلم رحمة يحمل راية القرآن ويسمو بهداية القرآن

 

 

اقرأ لترقى في الجنان منازلا       فيطيب يومئذ هناك حصاد

 

 

جاء القرآن ليهدي العباد إلى الصراط المستقيم وإلى سبيل الحق المبين جاء مع هذ ا النور المشرق الذي طهر القلوب من الحساد الحا قدين جاء مع هذه المسؤولية العظمى لفتح القلوب ولغسل ا لجوارح ومع هذا المجهود العظيم نجد الخلق يتسابقون إلى فعل الخيرات ومحاربة المناكر وما أعظم قول الله في هذا الشأن ( وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إ ذ تفيضون فيه ) سورة يونس الآية 589 .

 

 

تفسير النص القرآني

 

 

وما تكون في شأن ،الخطاب للرسول الكريم بمعنى وما تكون يامحمد من أمر من الأمور ولا عمل من الأعمال أيها الناس من خير أوشر إلا كنا شاهدين رقباء نحصي عليكم أعمالكم حين تندفعون وتخوضون فيها ،أو بتعبير آخر أن كل ما تقمون به من أعمال تتعلق بحياتكم أو تريدون القيام بها إلا ونحن معكم نراقب أعمالكم ونحصي أشغالكم ـــــ والحمد لله رب العالمين.

 

(ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين

 

المراجع

 

 

1 صفوة التفاسير للعلامة محمد علي الصابوني المجلد 1 ص588

2 البلاغة القيمة لآيات القرآن الكريم للدكتور عبد القادر حسين ص171

 

 

بقلم الباحث الشاعر دعبد السلام الهبطي الإدريسي

                                                          

 

 

 

 

 

 

 

 

تفسير سورة الانفطار

 

 

النص القرآني المقدس

 

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمان الرحيم ( إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت يــــــــاــأيها الإنســــــاــــن ماغرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعد لك في أي صورة ما شاء ركبك ،كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحـــاـفظين كراما كـــــاـــتبين يعلمون ما تفعلون إن الأبرار لفي نعيم ،وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين ،وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ،والأمر يومئذ لله ).

 

 

وسائل الفهم والشرح

 

 

 

( انفطرت ) انشقت ،و معنى الفطر الشق ـــ ( انتثرت ) تساقطت وتهاوت ( بعثرت ) قلبت ( غرك ) خدعك ( سواك ) جعل أعضاءك سليمة سوية ( يصلونها ) يدخلونها ويذوقون لهبها وحرها.

 

 

 

التفسير والتوضيح

 

 

 

( إذا السماء انفطرت ) أي إذا السماء إنشقت بأمر الله لنزول الملائكة كقوله تعالى ( و يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ) ( و إذا الكواكب انتثرت ) أي وإذا النجوم تساقطت وتناثرت وزالت عن بروجها وأماكنها ( وإذا البحار فجرت ) أي وإذا القبور بعثرت قلبت ونبش ما فيها من الموتى وصار ما في باطنها ظاهرا على وجهها ( علمت نفس ما قدمت وأخرت ) هذا هو الجواب أي علمت عندئذ كل نفس ما أسلفت من خير أو شر وما قدمت من صالح أ وطالح قال العلامة الطبري ما قدمت من عمل صالح وماأخرت من سنة فعمل به بعده ثم بعد ذكر أحوال الآخرة وأهوالها انتقلت الآيات لتذكير الإنسان الغافل الجاهل بما أمامه من أهوال وشدائد فقال تعالى ( يــاـأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) بمعنى أي شيء خدعك بربك الحليم الكريم حتى عصيته وتجرأتعلى مخالفة أمره مع إحسانه إليك وعطفه عليك وهذا توبيخ وعتاب كأنه قال كيف قابلت إحسان ربك بالعصيان ورأفته بك بالتمرد والطغيان ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ثم عدد نعمه عليه فقال ( الذي خلقك فسواك أي الذي أوجدك من العدم فجعلك سويا سالم الأعضاء تسمع وتعقل وتبصر ( فعدلك ) أي جعلك معتدل القامة منتصبا في أحسن الهيآت والأشكال ( في أي صورة ما شاء ركبك ) أي ركبك في أي صورة شاءها واختارها لك من الصور الحسنة العجيبة ولم يجعلك في الشكل كالبهيمة كقوله تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) ثم وبخ المشركين على تكذيبهم بيوم الدين ( كلا بل تكذبون بالدين ) أي ارتدعوا ياأهل مكة ولا تغتروا بحلم الله بل أنتم تكذبون بيوم الحساب والجزاء ( و إن عليكم لحــــاـــفظين ) أي والحال أن عليكم ملائكة حفظة يضبطون أعمالكم ويراقبون تصرفاتكم قال العلامة القرطبي ( أي عليكم رقباء من الملائكة ( كراما كاتبين ) أي كراما يكتبون أقوالكم وأعمالكم ( يعلمون ما تفعلون ) أي يعلمون ما يصدر منكم ويسجلونه في صحائف أعمالكم من خير وشر ويسجلونه في صحائف أعمالكم لتجازوا به يوم القيامة ثم بين تعالى انقسام الخلق يوم القيامة إ لى أبرار وفجار وذكر مآل كل من الفرقين فقال ( إن الابرار لفي نعيم ) أي إن المومنين الذين اتقوا ربهم في الدنيا لفي بهجة وسرور لا يوصف يتنعمون في رياض الجنة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وهم مخلدون في الجنة ( وإن الفجار لفي جحيم ) بمعنى وإن الكفرة الفجار الذين عصوا ربهم في الدنيا لفي نار محرقة وعذاب دائم مقيم في دار الجحيم ( يصلونها يوم الدين ) بمعنى يدخلونهاويقاسون حرها يوم الجزاء الذي كانوا يكذبون به (وما هم عنها بغائبين أبدا ( وما أدراك ما يوم الدين) بمعنى تعظيم له وتهويل أي ما أعلمك ما هو يوم الدين وأي شيء هو في شدته وهوله ( ثم ما أدراك ما يوم الدين ) كرر ذكره تعظيما لشأنه وتهويلا لأمره كقوله جل شأنه ( الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة ) كأنه يقول إن يوم الجزاء من شدته بحيث لا يدري أحد مقدار هوله وعظمته فهو فوق الوصف والبيان وهنا يفاجئنا يوم رهيب تصويره تقشعر منه النفوس وتنفلق منه القلوب ولم ير منه العبد المسكين إلا أن يقول ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ) وهو ذلك اليوم الرهيب الذي لا يستطيع أحد أن ينفع أحدا بشيءمن الأشياء ولا أن يدفع عنه ضرا وهنا ينطق العبد المسكين قائلا( والأمر يومئذ لله )

 

( وقل رب زدني علما )

 

قول الله ( يعلمون ما تفعلون ) فلو قال ( يعملون ) لم يبق للعبد ما يقول لإنقاذ نفسه ولكنه قال ( يعلمون ) لتبقى للعبد حرية التصرف في إنقاذ نفسه بقوله ( يعلمون ) فكلمة يعلمون تفيد يعمل أولا يعمل ثم إن أصحاب الخير يعيشون تحت غطاء رضا الله وأرباب جهنم تحت سقف العذاب والتخريب والتدميروتفيد لفظة ( انفطرت ) فتح الطريق لملائكة السماء عند سقوط النجوم تمهيدا للحساب والجزاء ( إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) وا رتفاع درجة حرارة تفجير البحار يأتي بعد التسجير وهو ارتفاع درجة الحرارة إلى ملايير الدرجات وهو اختلاط الهيدروجي بالأكسجين فتختلط نيران البحار من جميع جهات الكون وتشتعل في محيطها الرهيب في انتظار الحسا ب والجزاء

 

 

( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين يارب العالمين

 

 

المراجــــــــــــــــع

 

 

صفوة التفاسير المجلد الثالث   للأستاذ محمد علي الصابوني ص28 5

 

2 القرآن محالة لفهم عصري للدكتور مصطفى محمود ص22

 

 

 

بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي

 

 

========================

محاضرة في التفسير

تحت عنوان

تفسير فاتحة الكتاب

 

 

المقدمة

 

 

الإقدام على تفسير القرآن الكريم ليس بالأمر الهين،ومع ذلك فالتصدي لطلبه وتدبره أمرا مطلوبا وترجع صعوبة التفسير إلى   أمور أرى للمفسر أن يكون ذا بصيرة لتكون جهوده في طريق التوفيق إن شاء الله، ومما ينبغي للمفسر أن يعلمه أن هذا القرآن كلام الله أنزل على قلب أكمل الأنبياء، وأنه يشتمل على معارف عالية وعلوم جليلة سامية لا يدركها الباحث أو العالم إلا بمشقة وتعب وصبر طويل فالمفسر أو العالم لا يكون علمه صحيحا إلا إذا كان متمكنا من ستة جوانب وهي:

1 ذكاء 2 وحرص 3 واجتهاد 4 وغربة5 وتلقينأستاذ6 وطول الزمان ومن جانب آخر على المفسر أن يكون على بصيرة من مسائل منها:

1 النظر في أساليب القرآن ومعانيه وما احتواه من أنواع البلاغة والإعجاز مثل وجه النبي كالقمر وجه الرسول صلى الله عليه وسلم هو المشبه والقمر هو المشبه به،والكاف أداة التشبيه ووجه التشبه هو الجمال ومن وجوه التفسير اطلاع المفسر بإتقان على الأحكام الشرعية من عبادات ومعاملات وغير ذلك مما يتعلق بهذا الجانب المهم ثم على المفسر أيضا أن يطلع على مواضيع مؤثرة أي تتضمن جوانب مشوقة ليتحقق تأثيره في قلب القارئ وعلى المفسر أيضا أن يكون مطلعا على أحوال الناس،فالقرآن الكريم آخر الكتب السماوية جاء جامعا للنفع العام من مشاكل البشر من الظواهر الكونية والمعجزات السماوية والأرضية وغيرذلك مما يضمه هذا الكون الفسيح

تفسير سورة الفاتحة لأنها فتحت كل قلب أصيب بالانغلاق وسميت بأم الكتاب لأنها جاءت جامعة كل ما فصل في القرآن الكريم قال العلماء إنها المراد بالسبع المثاني كما جاء في قول الحق جل شأنه ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) سورة الحجر الآية 7 هذا مع العلم أن سورة الفاتحة وردت خالية من الناسخ والنسوخ ،ومعنى هذا القول أن الآية تأتي بحكم صالح أو مفيد للخلق ،ثم تأتي آية أخرى تبطل الحكم السابق ويصبح الحكم الثاني هو المعمول به ،ومن عظمة سورة الفاتحة أنها فصلت كل ما في القرآن وبينت كل ما كان في حاجة إلى بيان قال العلماء إن أسرار القرآن في الفاتحة ،وأسرار الفاتحة في البسملة ،وأسرار البسملة في بائها وأسرار الباء في نقطتها قال العلماء إن هذا التأويل لا يستند إلى أساس ،وهذا يعتبر اجتهادا فمن أصاب فله أجران ومن أخطأفله أجرواحد وهذا القول هو ما أراه في رأيي ،من قال لهؤلاء أنه لا يستند إلى أساس ،فهذا الجمود هوا الذي أخرناووقف لنا في طريق التقدم العلمي والفكري ،ويمكن أن نستفيد ما أنزل القرآن من أجله 1 التوحيد الذي دمر الوثنية وقضى على كل ما وقف في طريقها 2 وعد من أخذ بتوحيد الخالق وتبشيره بالمثوبة ووعيد من جافاه بالعقوبة القاسية يوم لقاء الخالق وكما تقدم سميت بالفاتحة لافتتاح الكتاب العزيز بها حيث إنها أول القرآن في الترتيب لا في النزول وهي على قصرها فقد حوت معاني القرآن العظيم من ألفه إلى يائه وقد تناولت سورة الفاتحة العقيدة بالله واليوم الآخر والعبادة والتشريع والاعتقاد باليوم الآخر كما أنها نبهت إلى طلب الهداية والرجوع إلى الدين الحق والصراط المستقيم.

 

 

فضل سورة الفاتحة

 

 

روى الإمام أحمد في المسند أن ( أبي بن كعب ) قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم أم القرآن فقال الرسول الكريم (والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ) فهذا الحديث العظيم يشير إلى قوله جل شأنه في سورة الحجر ( و لقد آتيناك سبعا من المثاني القرآن العظيم ) وفي صحيح البخاري أن النبي الكريم قال لأبي سعيد بن المعلى ( لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن الحمد لله رب العـــــــــــاــــــــلمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته )

تسمية السورة تسمى ( الفاتحة وأم الكتاب ،وتسمى أيضا السبع المثاني والشافية والوافية والأساس ،والحمد ) وقد عددها العلامة القرطبي وذكر أن لهذه السورة اثني عشر اسما

اللغة ( الحمد ) الثناء بالجميل على جهة التعظيم والحمد وهو أعم من الشكر لأ ن الشكر يكون مقابل النعمة بخلاف الحمد (الله )هو اسم علم للذات المقدسةلا يشاركه فيه غيره قال العلامة القرطبي يرحمه الله هذا الاسم ( الله ) هو أكبر أسمائه وأجمعها وهو المنعوت بنعوت الربوبية ( رب)الرب مشتق من التربية وهي إصلاح شؤون الغير ،والرب يطلق على عدة معان و(هي الملك والمصلح والمعبود والسيد المطاع ( العالمين ) العالم اسم جنس لا واحد له من لفظه كالرهط وهو يشمل الإنس والجن والملائكة والشياطين ( الرحمـــــاــن الرحيم ) فهما مشتقان من الرحمة والرحمة في الإنسان اسم في النفس علاجه وشفاؤه الإحسان ولما كان الله سبحانه منزها عن الآلام والانفعالات فالرحمة بالنسبة إليه سبحانه تقتصر فقط على أثرها والأثر هو الإحسان من الله إلى عباده كرما وفضلا أو بتعبير آخر فالرحمان بمعنى عظيم الرحمة والرحيم بمعنى دائم الرحمة فكأنه قيل (العظيم الرحمة دائم الإحسان ) قال الإمام الخطابي (الرحمان ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم ومصالحهم وعمت المومن والكافر والرحيم خاص بالمومن كما قال الحق سبحانه ( وكان بالمؤمنين رحيما ) التفسير علمنا الخالق جل وعلا كيف ينبغي أن نحمده ونقدسه ونثني عليه بما هو أهله فقال (الحمد لله رب العـاـــلـمين ) أي قولوا يا عبادي إذا أردتم شكري وثنائي ( الحمد لله ) أشكروني على إ حساني وجميلي إليكم ،فأنا الله ذو العظمة والمجد والسؤدد وهنا أجد حلاوة للذكر الآتي (إن الله اختص العبد بالتفرد والسبق )فقال سبق المتفردون قالوا من هم يا رسول الله فقال ( هم الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) وقال جانب من المفسرين في معنى ( الرحمان الرحيم ) أي الذي وسعت رحمته كل شيء وعم فضله جميع الأنام ) وصدق الله العظيم إذ يقول ( ورحمتي وسعت كل شيء )والله جل علاه هو المالك للجزاء بمقتضى رحمته وفي معنى ( إياك نعبد وإياك نستعين ) أي نخصك يا ألله بالعبادة ،ونخصك بطلب الإعانة حيث لا نعبد أحدا سواك فأنت الخالق لهذا الكون وأنت الرازق لهذ ا البشر الذي يواصل انتظاره من أجل الحصول على القوت والزاد من أجل البقاء والدوام ( اهدنا الصراط المستقيم ) بمعنى أرشدنا يا رب إلى طريك المستقيم ودين الحق ومع هذا ثبتنا على الإسلام الذي دافع عنه أنبياؤك ورسلك ( صراط الذين أنعمت عليهم ) أي الطريق الذي تفضلت بها على خلقك من أجل البقاء والدوام (غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) بمعنى لا تجعلنا من القوم المغضوب عليهم وهم اليهود أو النصارى الضالين الذين خرجوا عن طاعتك واعتنقوا سبيل الشرك والكفر واستحقوا بذلك الغضب واللعنة الأبدية.

 

 

سطور بقلم الهبطي

 

 

إذا تفرغت بقلبك لحمد الله فأنت حبيه وهنا تجد خالقك يقول (عبدي أخرجتك من العدم إلى الوجود وجعلت لك السمع والبصر والقلب والعقل )،ويمضي الله جل ثناؤه قائلا ( عبدي أسترك ولا تخشاني أذكرك وأنت تنساني أستحيي منك وأن لا تستحيي مني فمن أعظم مني جودا ومن ذا الذي يقرع ببابي فلم أفتح له ،ومن ذا الذي سألني فلم أعطه ) وكأن العبد بهذا أراه قد تأثر بهذا القول الحبيب فقال ( اللهم اجعلني عبدك الفائز بالنظر إلى وجهك العظيم ،اللهم اجعلني عبدك الفائز بالنظر إلى وجهك الجليل ،اللهم اجعلني عبدك الفائز بالنظر إلى وجهك الجميل ،اللهم اجعلني عبدك الفائز بالنظر إلى وجهك الرحيم ) آمين.

 

 

المراجــــــــــــــــــــــــــــع

 

1 صفوة التفاسير للشيخ الصابوني ص 25

2 الجامع لأحكام القرآن مج الأول ص 105

 

 

بقلم الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي

 

===================================================================

درس

 

تحت عنوان

 

دليل تشريف النبي على سائر الرسل

 

بسم الله الرحمــــــــــن الرحيم

 

 

 

قال الخالق العظيم (يـــــاــيحيي خذ الكتـــــــاـــــــب بقوة )سورة مريم الآية 12 وقال الحق سبحانه (يـــــــاــــزكرياء إنا نبشرك )سورة مريم الآية 7 وهنا نجد الخالق جل علاه خاطب كل نبي باسمه فقط ،ولكنه مع النبي صلى الله عليه وسلم جاء مقرونا بالرسول الكريم تعظيما له وتشريفا كقوله سبحانه (يــــــاــــأيها النبيء )سورة الأحزاب الآية 1 وكقوله جل شأنه ) يــــــاــــأيها الرسول( سورة المائدة الآية 41 فلما ذكر اسمه للتعريف جاء مقرونا بالرسالة كما قال المولى جل شأنه (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل (   سورة آل عمران 144 وقال الحق سبحانه (محمد رسول الله ) )سورة الفتح الآية 29 وقال الحق سبحانه (وءامنوا بما نزل على محمد وهو الحق )سؤرة محمد الآية 2   وأخبر الله جل علاه أن الأمم كانوا يخاطبون أنبياءهم بأسمائهم كقولهم (يــــــاـهود ما جئتنا ببينة )سورة هود الآية 53 وجاء في هذا السياق (يـــاـصـــاــلح قد كنت فينا مرجوا قبل هــــــــــذا ) سورة هود الآية 62 وقال سبحانه (يـــــاـعيسى هل يستطيع ربك )سورة المائدة 112 ونهى سبحانه أمته صلى الله عليه وسلم باسمه قائلا (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا )سورة النور الآية 63 وقد كانت الأنبياء يجادلون أممهم عن أنفسهم وفي هذا الشأن قال قوم نوح (إنا لنراك في ضلال مبين( سورة الأعراف الآية 60 فقال مدافعا عن نفسه عليه السلام ( ليس بي ضلالة )سورة الأعراف الأعراف 61 وقال قوم هود (إنا لنراك في سفاهة )سورة ا‘عراف الآية 66 وجاء رضي الله كمدافع عن نفسه (ليس بي سفاهة ) سورة الأعراف الآية 67 وقال فرعون لسيدنا موسى عليه السلام )لنظنك يـــــــــاـــموسى مسحورا )سورة الإسراء الآية 101 وقال موسى عليه السلام مجيبا (وإني لأظنك يفرعون مثبورا ) سورة الإسراء 102 وهنا نجد الخالق العظيم تولى المجادلة عن نبيه بنفسه فلما قالو ا هو شاعر جاء رد الإله جل شأنه (وما علمنــــــاـــه الشعر )سورة يس الآية 69 ولما قالوا كاهن قال الله العظيم ( ولا بقول كاهن ) سورة الحاقة الآية 42 ،ولما قالوا ضال جاء رد الخالق سبحانه (ما ضل صاحبكم ) سورة النجم الآية 2 ولما نطقوا (إنما أنت مفتر )سورة النحل الآية 101 قال في الرد عليهم (بل أكثرهم لا يعلمونالنحل الآية 103 ،وأقسم الله بحياته فقال (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) سورة الحجر الآية 72 وقال الخا لق جل وعلا (لا أقسم بهذا البلد ،وأنت حل بهذا البلد )سورة البلد 1 2معنى النص القرآني (أقسم لا بالبلد فإن أقسمت بالبلد فلأنك فيه )أو بتعبير آخر (إن هذا البلد ولو كان عظيما فلا أقسم به لأنك حللت به يامحمد وأنت أعظم منه فأنا أقسم بك أنت إذ كيف أقسم بالعظيم وفيه الأعظم والأكرم.

 

 

المراجـــــــــــــــــــع

 

 

1 ـ العشرة المبشرون بالجنة للدكتور أحمد سليمان

 

2 ـ شرح الأصول الثلاثة ( من ربك ، ما دينك ،من نبيك للشيخ محمد حسان

 

3 ـ  أحداث النهاية ،ونهاية العالم لفضيلة الشيخ محمد حسان

 

 

إعلم أخي الكريم

 

 

 

إن هذا الدرس رغم قلة حجمه وصغره ،فإنه ينطوي على غرائب وعجائب وستجد في قراءته لذة ومتعة بإذن الله ،وإلى لقاء

 

 

( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين

 

بقلم الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي

 

 

 

 

محاضرة في التفسير

 

تحت عنوان

 

أحوال يوم القيامة وأهواله

 

 

 

 

مضامين سورة التكوير

 

 

 

 

من مضامين هذه السورة

 

 

 

هذه السورة مكية وآياتها تسع وعشرون وهي تحتوي على بيان

 

 

 

1-    ( حقيقة يوم القيمة )       2 - حقيقة ( الوحي والرسالة )

 

 

 

 

وقد ابتدأت السورة الكريمة بيوم الحساب وما يواكبه من انقلاب كوني عظيم وهو يشمل الشمس والنجوم والجبال والأرض والسماء والأنعام والوحوش ،كما يشمل البشر ،وهو يهز الكون هزا عنيفا ينتشر فيه كل ما في الوجود ولم يبق شيءإلا وقد تبدل وتغير من هول ما يحدث في ذلك اليوم الرهيب كما هو واضح ومشاهد في قول الخالق جل علاه ( إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت ،وإذا الجبال سيرت ،وإذا العشار عطلت ،وإذا الوحوش حشرت ،وإذا البحار سجرت ) الآيات ومما يزيد في عظمة هذه السورة أنها تناولت حقيقة الوحي الرباني الخالد ،وفي نفس الوقت تناولت شأن القوم المخاطبين بهذا الوحي الذي نزل بحكم عادل من رب السماء لينقلهم من الشرك والضلال إلى العلم الخالد المشرق والإيمان وانتهت السورة ببيان بطلان مزاعم المشركين حول القرآن العظيم وتعرضت هذه السورة بذكر أن هذا القرآن هو موعظة ومحرك للضمائر النائمة كما هو واضح في هذا الدستور السماوي الأبدي

 

 

 

 

 

النص القرآني المفسر

 

 

 

بسم الله الرحمان الرحيم

 

 

 

 

( إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت ، و إذا الجبال سيرت ،وإذا العشار عطلت ،وإذا الوحوش حشرت وإذا البحار سجرت ،وإذا النفوس زوجت وإذالموؤودة د ة سئلت بأي ذنب قتلت ،وإذا الصحف نشرت وإذا السماء كشطت وإذا الجحيم سعرت ،وإذا الجنة أزلفت علمت نفس مأأحضرت )

 

 

 

فضل سورة كورت

 

 

 

أخرج الإمام أحمد والترمذي والحاكم عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سره أن ينظر إ لى يوم القيامة كأنه رأي العين ،فليقرأ ( إذا الشمس كورت ) و ( إذا السماء انفطرت ) ( وإذا السماء انشقت )

 

 

 

القراءات

 

 

 

 

قرأ ابن كثير وأبو عمرو ( سجرت ) بالكسر تحت الجيم فقط ( نشرت ) قرأ عاصم ونافع وابن عامر ( نشرت بالكسرة والشدة في الشين ،( سعرت ) قرأ نافع وحفص بالكسرة مع الشدة وقرأ الباقون ( سعرت ) بالكسر فقط

 

 

 

تسمية السورة

 

 

 

 

سميت بسورة التكوير لافتتاحها بقوله تعالى ( إذا الشمس كورت أي جمع بعضها إلى بعض ثم لفت فرمي بها ومحي ضوؤها

 

 

 

المفردات اللغوية

 

 

 

( كورت ) لفت وطويت وأزيل ضياؤها ونورها ( انكدرت ) تساقطت وتهاوت على الأرض ومحي ضوؤها ( سيرت ) أزيلت عن مواضعها بزلزلة الأرض وبددت في الجو وصارت هباء منبثا ( العشار ) النوق الحوامل التي مضى على حملها عشرة أشهر وهي كرائم أموال العرب جمع عشراء بضم العين وفتح الشين

 

( عطلت ) تركت مهملة بلا راع   ( الوحوش حشرت ) جمعت بعد البعث للاقتصاص من لبعض ثم تصير ترابا ( سجرت ) أوقدت فصارت نارا تحترق بالبركان والزلزال

 

( زوجت ) قرنت الأرواح بالأجساد ( الموءودة سئلت ) البنت التي تدفن حية خوف العار والحاجة ،وكان هذا عادة بعض العرب في الجاهلية ( الصحف ) صحف الأعمال ( نشرت ) فتحت وبسطت فتطوى عند الموت وتنشر يوم الحساب ( كشطت ) قلعت كما يقلع السقف وأزيلت عن أماكنها كما ينزع الجلد من الشاة ( ما أحضرت ) أي ما قدمت من خير أو شر

 

 

 

تفسير السورة

 

 

 

قال الخالق جل علاه ( إذا الشمس كورت ) هذه الآيات جاءت كبيان لأهوال يوم القيامة وما يكون فيها من الشدائد والكوارث قال الحق جل علاه ( و إذا النجوم انكدرت ) المعنى وإذا تساقطت من مواضعها وتناثرت قال الله سبحانه ( و إذا العشار عطلت ) لمعنى وإذا النوق الحوامل تركت بلا راع يدبر شؤون حياتها فإن مصيرها الهلاك يكون دون مرية قال الخالق ( و إذا الوحوش حشرت ) بمعنى جمعت الوحوش من أوكارها وأجحارها ذاهلة من شدة الفزع قال الخالق وإذا البحار سجرت ) بمعنى وإذا البحار تأججت نارا وصارت نيرانا تضطرم وتلتهب ويكو ن هذا التحرك الرهيب يوم ترتفع الحرارة وذلك عندما تختلط البحار والمحيطات باحتراقها ،وهنا يخرج الناس من قبورهم كما قال الخالق جل علاه ( فإذا هم من الاجداث إلى ربهم ينسلون ) قال الخالق جل علاه ( وإذا النفوس زوجت ) بمعنى إذا النفوس قرنت بأشباهها فيكون الفاجر مع الفاجر والصالح مع الصالح قال المفسر الطبري ( يقرن الرجل الصالح مع الصالح في الجنة وبين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار ) قال الخالق جل شأنه ( و إذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ) بمعنى وإذا البنت التي دفنت وهي حية سئلت توبيخا لقاتلها ،( ورد في السيرة النبوية أن صحابيا عاش محفوفا بالحزن ،ولما عرف النبي صلى الله عليه وسلم أحواله سأله عما ألم به فأجابه أنه قد دفن بنته تحت ضغط التقاليد الجاهلية ،وهنا بكى الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا له ( لولا الإسلام لكان القتل أولا بك ولا حول ولا قوة إلا بالله )، وهكذا عاش هذا الرجل مهموما بدافع الحزن المحيط به ( وإذا الصحف نشرت ) بمعنى وإذا صحف الأعمال بسطت عند الحساب ( و إذا السماء كشطت ) بمعنى وإذا السماء أزيلت ونزعت من مكانها كما ينزع الجلد من الشاة ( و إذا الجحيم سعرت ) بمعنى وإذا نار جهنم أضرمت لأعداء الله ( و إذا الجنة أزلفت ) بمعنى وإذا الجنة أدنيت وقربت من المتقين ( علمت نفس ما أحضرت ) بمعنى علمت كل نفس ما ) أحضرت من خير أو شر قال الحق جل وعلا ( فلا أقسم بالخنس ) بمعنى فأقسم قسما مؤكدا بالنجوم المضيئة التي تختفي بالنهار وتظهر بالليل ( الجواري الكنس ) بمعنى التي تجري وتسير مع الشمس والقمر ثم تستتر وقت غروبها كما تستتر الظباء في كناسها ومغاراتها قال الإمام القرطبي ( النجوم تخنس بالنهار وتظهر بالليل وتكو ن وقت غروبها أي تستتر كما تكنس الظباء في المغار وهو الكناس ( والليل إذا عسعس) بمعنى وأقسم بالليل إذا أقبل بظلامه حتى غطى الكون و العسعس هنا جيبية اهتزازية وعسعس هي كلمة من شقين هما ( عس عس ) أي ذهب ثم عاد وعاد ثم ذهب كقوله تعالى ( والليل ) إذا تنفس والتنفس معناه حركتان مادتان هما ( شهيق وزفير ) علما أن القرآن يكثر من هذه المصطلحات اللغوية الرائعة مثل ( زلزل ) من قوله تعالى ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) الزلزلة الآية رقم 1 ومعروف أن الزلزال هو حركة جيبية اهتزازية ( و الصبح إذا تنفس ) أي والصبح إذا أضاء وتبلج واتسع ضياؤه حتى صار نهارا واضحا إنه لقول رسول كريم ) هذا هو المقسم عليه أي أن هذا القرآن الكريم لكلام الله المنزل بواسطة ملك عزيز على الله هو الملك جبريل كقوله جل شأنه ( نزل به الروح الأمين على قلبك قال المفسرون أراد بالرسول ( جبريل ) وأضاف القرآن إليه لأنه جاء به ،وهو في الحقيقة قول الله ومما يدل على أن المراد به جبريل قوله بعده (ذي قوة عند ذي العرش مكين أي شديد القوة صاحب مكانة رفيعة ومنزلة سامية عند الله جل وعلا ( مطاع ثم أمين ) أي مطاع هناك في الملأ الأعلى تطيعه الملآئكة الأبرار مؤتمن على الوحي الذي نزل به على الأنبياء ( و ما صاحبكم بمجنون ) أي وليس محمد الذي صاحبتموه يا معشر قريش وعرفتم صدقه ونزاهته ورجاحة عقله بمجنون كما زعمتم قال الإمام الخازن (أقسم تعالى على أن القرآن نزل به الأمين جبريل وأن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس بمجنون كما يزعم أهل مكة فنفى عنه تعالى الجنون وكون القرآن من عند نفسه ( و لقد رآه بالأفق المبين ) أي وأقسم لقد رآى محمد جبريل في صورته الملكية التي خلقه الله عليها بجهة الأفق الأعلى البين من ناحية الشرق حيث تطلع الشمس قال في البحر (وهذه الرؤية بعد غار حراء ،حين رأى جبريل على كرسي بين   السماء والأرض في صورته له ستمائة جناح قد سد بين المشرق والمغرب ( وما هو على الغيب بضنين ) بمعنى و ما محمد على الوحي ببخيل يقصر في تبليغه وتعليمه ،بل يبلغ رسالة ربه بكل أمانة وصدق ( و ما هو بقول شيطـــاــــن رجيم )بمعنى وما هذا القرآن بقول شيطان ملعون كما يقول المشركون (فأين تذهبون ) بمعنى فأي طريق تسلكون للقرآن واتهامكم له بالسحر والكهانة والشعر مع وضوح آياته وسطوع براهنه وهذا كما تقول لمن ترك الطريق المستقيم ،هذا الطريق الواضح فأين تذهب ؟( إن هو إلا ذكر للعـاـلمين ) بمعنى ما هذا القرآن إلا موعظة وتذكرة للخلق اجمعين ( لمن شاء منكم أن يستقيم ) بمعنى لمن شاء منكم أن يتبع الحق ويستقيم على شريعة الله ،ويسلك طريق الأبرار ( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العـــــاـــلـــمــيـــــن ) بمعنى وما تقدرون على شيء إلا بتوفيق الله ولطفه ،فاطلبوا من الله التوفيق إلى أفضل طريق . وإجمال النص القرآني أن يوم القيامة سيكون يوما مؤسفا جدا يشير إلى انقلاب الكون وتبعثره وإلى تدمير ما يوجد على ظهر هذا الكون من مخلوقات سماوية كانت أو أرضية ،وبعد وصول الماء الخاص بالموتى إلى القبور فإنهم يخرجون منها في طريقهم إلى الحساب كما قال الخالق جل وعلا ( فإذا هم الاجداث إلى ربهم ينسلون )

 

 

 

الرسم القرآني

 

 

 

 

( للعــــــــاــلمين ) رسمت الكلمة بحذف الألف للإ شارة إلى أن علم الله خاص به سبحانه ،ومن جانب آخر فإن هذا الحذف يدل على وحدانية الخالق ،ثم إن حذف الألف يشير أيضا إلى الوحدانية والانفراد  ( العشار ) رسمت هذه اللفظة بإثبات الألف للدلالة على إثبات وجودها مع مخلوقات الله جل علاه ( الجبال ) رسمت كلمة الجبال بإثبات الألف للدلالة على أنها أعمدة هذا الكون قال العلماء هناك من الجبال ما يصل عمقه إلى عشرات الكلومترات في بعض المناطق الكونية وهذا ما أشار إليه سبحانه ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ) ونكتفي بهذا القدر والحمد لله رب العالمين   (ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ).

 

          

 

          

 

      

 

المصـــــــــــــــــــــــادر

 

 

1       صفوة التفاسير للشيخ الصابوني ص 526

 

2       ا لديانة والتهذيب للأستاذ عبد العزيز ص136

 

3       الإنسان بعد الموت للأستاذ علي حسن ص 22

 

 

 

 

بقلم الباحث الشاعر دعبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

 

 

محاضرة في التفسير

تحــــــــــــت عنوان

(يوصــــــــــــــــــــــــــيكم الله في أولادكم)

 

 

مقدمة الموضوع

 

 

 

خلق الله العباد للتعاون والتآزر والتآخي فيما بينهم ،وركز على الاهتمام بشؤون الأسرة وبين لنا جل وعلا أن الحياة مبنية على التعاون ،كما قال سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ) سورة المائدة الآية 2 ووصى الخالق العظيم على الاهتمام بشؤون الأسرة والأفراد ،وأمرنا جل وعلا بالمحافظة على علم الفرائض تعلما وتعليما بقوله (تعلموا الفرائض وعلموها ،فإنها نصف العلم ،وهو ينسى ،وهو أول شيء ينزع من أمتي )رواه ابن ماجه والدار قطني عن أبي هريرة ومن هذا المنطلق جئت بهذا الدرس المتواضع قصد تبيين جزء من علم الفرائض ليعلم أخي القارئ العزيز أن هذا العلم فرضه الله على الناس ،ووزعه بنفسه للرفع من قيمته بين شؤون المسلمين والله الموفق

 

 

بسط النصوص القرآنية

 

 

 

( يوصيكم الله في أولا د كم ،للذكر مثل حظ الانثيين ،فإن كن نساء فوق اثنتينفلهن ثلثا ما ترك ،وإن كانت واحدة فلها النصف ،ولأبويه لكل واحد منهما السدس ،مما ترك إن كان له ولد ،فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ،فإن كان له إخوة فلأمه السدس ،من بعد وصية يوصي بها أودين ،ءابآءكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ،فريضة من الله ،إن الله كان عليما حكيما ،ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ،فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أودين ،ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد ،،فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين ،وإن كان رجل يورث كلــاــلة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ،فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار ،وصية من الله ،والله عليم حليم )

 

 

من مضامين سورة النساء

 

 

 

تتضمن سورة النساء ما يأتي  إنها إحدى السور المدنية الطويلة وهي سورة مليئة بالأحكام الشرعية التي تنطوي على أمور هامة تتعلق بالمرأة والبيت والأسرة وحقوق النساء والأيتام ،ودعت السورة إلى إنصاف المرأة بإعطائها حقوقها المنصوص عليها في كتاب الله جل وعلا ثم تعرضت سورة النساء بالتفصيل إلى أحكام المواريث بالتدقيق ،كما تحدثت عن المحرمات من النساء ،والرضاع والمصاهرة هذا بالإضافة إلى أنها تناولت تنظيم العلاقات الزوجية ،وبينت أنها ليست علاقة جسد ،وإنما هي علاقة إنسانية مشحونة بالرحمة والمودة وأشار الخالق إلى أن المهر ليس أجرا ولا ثمنا ،وإنما هو عطاء يقوي العلاقة ويوثق المحبة ويديم العشرة ويجمع الشمل ،علما أن الزوجة إذا نظرت إلى الزوج فإنها ترسل شعاعا إليه ،وهو بدوره يرسل شعاعا إليها ،وبحصول الانسجام بين الشعاعين تدوم الحياة بين الجانبين .

 

 

تفسير النصوص القرآنية

 

 

( يوصيكم الله في أولادكم ) معنى النص الكريم يأمركم الحق سبحانه بالعدل في شأن ميراث أولادكم والعدل المستفاد من كلام الحق جل وعلا يجب الاهتمام به والعناية بشأنه ،لأن الاستقرار يتحقق بالراحة ويزيد من رفع قيمة الأخوة الإسلامية والإنسانية ،النص القرآني ( للذكر مثل حظ الانثيين ) معنى النص الجليل للابن من الميراث مثل نصيب البنتين بمعنى ما يأخذه الاثنان من الإناث يأخذه الواحد من الذكور النص القرآني ( فإن كن نساء فوق اثنتين ) بمعنى إن كان الوارث إناثا فقط اثنتين فأكثر فلهن ثلثا ما تركه الهالك أي يأخذ البنتان الثلثين لا غير ،النص القرآني ( وإن كانت واحدة فلها النصف ) بمعنى إن كانت الوارثة بنتا واحدة فتأخذ نصف التركة أو ما تركه الراحل ،النص القرآني ( ولأبويه لكل واحد منهما السدس ) بمعنى أن للأب السدس وللأم السدس ( إن كان له ولد ) بمعنى إن وجد للميت ابن أو بنت ( النص القرآني ) فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه )المعنى فإن لم يوجد للميت أولاد وكان الوارث أبواه فقط ( فلأمه الثلث والباقي للأب ( النص القرآني ) فإن كان له إخوة فلأمه السدس )بمعنى فإن وجد مع الأبوين ( الأب والأم ) إخوة للميت اثنان فأكثر فللأم السدس هنا فقط ،والباقي يكون من نصيب الأب باعتبار أنه مكلف بالنفقة دون أمهم فكانت حاجته إلى المال أكثر ، النص القرآني ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) بمعنى أن حق الورثة يكون بعد تنفيذ وصية الميت وقضاء ديونه أي لا توزع تركة الهالك الابعدقضاء ما في ذمته ،النص القرآني ( ءاباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيكم أقرب لكم نفعا فريضة من الله ) بمعنى أنه جل وعلا تولى قسمة المواريث بنفسه على أصحابها حتى لا يقع حيف أو ظلم بينهم ،ولو ترك الأمر للبشر لم يعلموا أيهم أنفع لهم فيضعون الأموال في غير محلها ،ولهذا قال الحق سبحانه ( إن الله كان عليما حكيما ) بمعنى أنه تعالى عليم بما يصلح لخلقه في قضاء أموره ،ثم ذكر الله ميراث الزوج والزوجة فقال ( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم لهن ولد ) بمعنى ولكم أيها الرجال نصف ما ترك أزواجكم من المال إن لم يكن لأزواجكم أولاد منكم ،ثم قال جل وعلا ( فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن ) أي مما تركن من ميراثهن المتروك النص القرآني ( من بعد وصية يوصين بها أو دين ) أي من بعد الوصية وقضاء الديون التي في ذمة الهالك ،النص القرآني ( ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد )بمعنى ولزوجاتكم واحدة فأكثر فلكم الربع مما تركتم من الميراث إن لم يكن لكم ولد منهن ،ثم قال الحق جل وعلا ( فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم ) بمعنى فإن كان لكم ولدمنهن فإن لزوجاتكم الثمن مما تركتم من المال ثم قال الحق سبحانه ( من بعد وصية توصون بها أو دين )هنا يدل تكرير الوصية على العناية بشأن المصلحة ثم قال الله سبحانه ( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل منهما السدس ،فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ) المعنى المراد بالإخوة هنا ( الإخوة والأخوات لأم ) دون الإخوة الأشقاء ودون الإخوة لأب ،بدليل بعض القراءات الثابتة وهي قراءة سعد بن أبي وقاص ( وله أخ أو أخت من أم ) والمراد بالإخوة هنا الإخوة لأم ،ولما كان ا الإخوة الأشقاء أو لأب أقرب من الإخوة لأم لذلك أعطوا نصيبا هناك أوفر ،فتعين أن يكون المراد هنا الإخوة لأم ،فإن كان الإخوة والأخوات من الأم أكثر من واحد فإنهم يقتسمون الثلث بالسوية ذكورهم وإناثهم ( جاء في البحر المحيط ) أجمع العلماء على أن المراد في هذه الآية الإخوة للإم ،النص القرآني ( من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار ) المقصود أن تكون الوصية للمصلحة لا يقصد بها الإضرار بالورثة أي في حدود الوصية بالثلث لقوله صلى الله عليه وسلم ( الثلث والثلث كثير ) النص القرآني ( وصية من الله ) يعني أنه تعالى وصاكم بذلك ، النص القرآني ( والله عليم حكيم ) يعني أن الله جل وعلا حكيم فيما يفعل حليم لا يعجل العقوبة لمن خالف أمره

 

 

سبب نزول (يوصيكم الله في أولادكم )

 

 

روي عن جابر رضي الله عنه قال جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد ( شهيدا ) و إ ن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا فقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ( يقضي الله في ذلك ) هكذا صرح الرسول بهذا النص فنزلت آية الميراث ،فأرسل رسول الله إلى عمهما ،فقال ( أعط ابتي سعد الثلثين وأمهما الثمن ،وما بقي فهو لك ) حديث صحيح

 

سبب تسمية السورة

 

 

سميت بسورة النساء لكثرة ما ورد فيها من الأحكام التي تتعلق بها لم توجد في غيرها، ولهذا جاءت هذه التسمية بسورة النساء الكبرى مقابل سورة النساء الصغرى التي عرفت في القرآن بسورة الطلاق، وهي مكية، عدد آياتها 176، وهي السورة الرابعة من حيث الترتيب في المصحف الكريم وقد نزلت بعد سورة الممتحنة.

 

 

 

( اللهم ارحمنا إذا يئس منا الطبيب ،وبكى علينا الحبيب ،وفارقنا القريب والغريب) آمين

 

 

 

 

المصــــــــــــــــــادر

 

 

دروس الفرائض للأستاذ محمد مكوار ص 40

صفوة التفاسير مج 1  ص     263  

المواريث في الشريعة الإسلامية   للعلامة محمد علي الصابوني ص13

 

 

 

بقلم الشاعر الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

                              

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضـــــــرة في التفـــــــــــــــسير

تحــــــــت عنــــــــــوان

بعـض أهوال القيامــة



التعريف بسورة الحاقة :  إن السورة مكية ،وعدد آياتها (52 ) أما نزولها فكان بعد سورة الملك .                  

من مضامين سورة الحاقة  : تناولت سورة الحاقة مسائل عديدة كالحديث عن يوم القيامة وأهوالها والساعة وشدائدها وكان هذا مع الحديث عن المكذبين وما جرى لهم من أعدائهم الذين وقفوا لهم في طريق التبليغ ،وهم عاد وثمود وقوم لوط وفرعون وقوم نوح وغيرهم من أ ذناب الإجرام الذين كان همهم الوحيد هو زرع الفساد والتخريب في الأرض ،وقد تعرضت السورة إلى ذكر السعداء والأشقياء ،غير أن المحور الذي تدور عليه السورة هو إثبات صدق القرآن وأنه كلام الخالق العظيم ،وبراءة الرسول من كيد الأعداء ،وما وجد أمامه من ضلال وزيغ ولم تنس السورة ذلك اليوم الرهيب الذي يأخذ فيه المومن كتابه بيمينه سعيدا بنور الفوز الأبدي ،أما الكافر فلم ير إلا الهوان والذل بسبب أخذ كتابه بشماله.

من فضائل سورة الحاقة  :  قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ( من قرأ سورة الحاقة حاسبه الله حسابا يسيرا ،ومن كتبها وعلقها على امرأة حامل حفظ ما في بطنها بإذن الله جل وعلا ) وقال أهل العلم ( أكثروا من قراءة الحاقة فإن قراءتها في الفرائض والنوافل من الإيمان بالله ورسوله ) وبهذا يضيء الله للمومن الصادق الطريق المشرق ،ويدفعه لمرتبة التقوى ( وإنه لتذكرة للمتقين ) سورة الحاقة الآية 48

مع الرسم القرآني والإعجازي : رسمت كلمة ( الجبال ) بسورة ( الحا قة ) بإثبات الألف لأنها مشاهدة بالعين ،لكن إذا ورد الشيء بحذف الألف فإنه يعتبر من الأمور االعلوية للدلالة على أن هذا الأمر لا يعلمه إلا هو جل وعلا مثل ( واحدة ) أما إذا ذكرت اللفظة بإثبات الألف فإنها تدل على الأمور السفلية مثل ( السماء ) فالكلمة هنا جاءت لتدل على كلمة السماء ترى وتشاهد بالعين ومثل ما ورد بإثبات الألف كثير جدا ومنه قوله تعالى ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ) سورة النمل الآية 27 ،فكلمة الجبال هنا تراها العين بدون تحرك في الظاهر ،لكن تحركها  يكون بتحرك الأرض فهي مثل الرحى ويدها ،فإذا تحركت ،تحركت هذه اليد.


إعراب بعض الكلمات الواردة في النص القرآني

نفخة واحدة  :   نفخة نائب فاعل   واحدة نعت للكلمة نفخة

وقعت الواقعة :   وقعت فعل ماض   والتاء للتأنيث   الواقعة فاعل مرفوع بالضمة

تعرضون     : فعل مضارع مبني للمجهول ونائبه ضمير الجمع هو الواو

 

اللغة القرآنية

( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة :  هي النفخة الأولى التي يتحقق معها الخراب والدمار للعالم

وحملت الأرض والجبال             :   رفعت من أماكنها

فدكتا دكة واحدة                      : ضرب بعضها ببعض فصارت أرضا مستوية لا عوج فيها حيث

                                           تحولت إلى كتلة واحدة      

فيومئذ وقعت الواقعة               :     أي فحينئذ قامت القيامة

وانشقت السماء                      :    تصدعت وتشققت وتبددت

واهية                                  :    مختلة ضعيفة مسترخية لا تماسك بين أجزائها

تعرضون                              :    للحساب

لا تخفى منكم خافية                  :   لا تخفى سريرة من السرائر



تحليل وتفسير القرآن الكريم


النص القرآني


قال الحق جل وعلا : ( فإذا نفخ في الصورنفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ،فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمـانية ثمـــــــاـــــنية يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) سورة الحاقة الآية 17

النص ( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ) معناه فإذا نفخ الملك إسرافيل النفخة الأولى تهيأ العالم للخراب والدمار وما ينتظره من حساب وعقاب

النص ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) معناه رفعت من أماكنها وأزيلت من مواقعها بالقدرة الإلهية فأصبح بعضها يضرب البعض الآخر حتى صارت ملتحمة و متماسكة فتحولت إلى كتلة واحدة

و بذلك تبددت وتغيرت حالة الأرض ،فأصبحت مخالفة لما كانت عليه سابقا وفي هذا المعنى يشير الله جل وعلا ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسمـــاــوات وبرزوا لله الواحد القهار ) سورة إبراهيم الآية 14

( فيومئذ وقعت الواقعة ) معنى النص في ذلك الوقت قامت القيامة ،وتغير الكون وجاء بأمور رهيبة تبعث الخوف العظيم في النفوس

النص القرآني ( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) معناه إن السماء قد تصدعتووقع فيها اضطراب وضعفت وأصبحت مسترخية غير مرتبطة الأجزاء بعد أن كانت قوية عظيمة محكمة البناء

النص القرآني ( والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمـــاـنية ) بمعنى أن الملـــاـــــــئكة تكون على جوانب السماء وحافاتها على أهبة الاستعداد لتنفيذ أمر الخالق العظيم ( ويحمل عرش ) المولى جلت قدرته المـــلائكة وعددهم ثمانية ،وقيل ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه علما أن حمل العرش مجاز فهو من باب الـتأويل فقط لأن العلم بتفسيره مستحيل ضروري

النص القرآني ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) أي أن في ذلك اليوم العظيم يقف الناس أمام الله لحسابهم فلا يخفى عليه شيءسبحانه مما في ضمائر هذه المخلوقات من أسرار لأنه سبحانه يعلم بالظواهر والسرائر والضمائرقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنسكم قبل أن توزنوا ،وتزينوا للعرض الأكبر ).


ما يستنبط من النص الكريم



1- تعظيم يوم الجزاء والحساب ومافيه من أهوال وشدائد

2- تبيين عاقبة الأمم العاصية و المكذبة برسلها

الإيمان بالملائكة وأنهم من خلق الله جل وعلا ، لا يعصون الله ما أمرهم

4- الإيمان بالعرش وأنه سبحانه يستوي عليه استواء يليق بعظمته وجلاله

5 - اطلاعه سبحانه على أسرار الإنسان والكشف عما كان خافيا منها ومستورا



المصادر والمراجع



1- تفسير النسفي للأستاذ عبد الله بن أحمد النسفي   الجزء الثالث ص 285

2- الجامع لأحكام القرآن   للعلامة القرطبي الجزء 9   ص 247

3- صفوة التفاسير للعلامة الصا بوني ج    3   ص 434

4- تفسير القرآن العظيم للعلامة ابن كثير ج  4    ص  648     


بقلم الباحث الشاعر الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

 

التفسير وتعريفه

التفسير في اللغة هو الإيضاح والتبيين ،كما قال الحق سبحانه : ( ولا ياتونك بمثل إلا جئنــــــــاــــــــك بالحق وأحسن تفسيرا ) أي :بيانا وتفصيلا  الفرقان 33ــ  أما في الاصطلاح الشرعي فله عدة تعريفات منها قول عبد ربه :( إن التفسير هو الكشف عن مضامين النصوص القرآنية  وما يستنبط منها :من أحكام وتشريعات وحكم وأخلاق ،وإشارات علمية وكونية ) ويرتبط علم التفسير بعدة علوم ،تعدت الخامسة والعشرين علما ،منها :علم القراءات وعلوم الرسم وأصول الفقه وعلوم العربية وعلم الموهـبة الذي يعتبر منحة من الله لعبده الصالح.  

 

تفسير سورة الفاتحة

 

مقدمــــــــــة الســـــــــــورة

كان المفسرون الأولون يهتمون بعلم التفسير،ويتوسعون فيه ،وكان قصدهم من ذلك المحافظة على الثروة العلمية حتى إذا ماأراد العالم أن يبحث أو أن يفسر،فإنه يجد  أمامه ما يغذي عقله ،ويشبع شغفه العلمي،لأن العلم إذاكان ضيقا  فإن الباحث فيه لا يجد مبتغاه ،ولكنه إذا بحثووجد أمامه علما  غزيرا واتجاهات متنوعة،فإنه لا شك أن ياتي  لنا بمفاجآت  علمية تزيدنا وعيا وحبا لطلب العلم،ولهذا قال العلماء''صاحبالانتخاب يندم ،وصاحب المشج لايندم"،وكانالإمامالزهريــ رحمه الله ـ لا يرى شئا  إلا كتبه ، وكان الذين يرافقونه لا يكتبون إلاالحلال والحراموعند الرجوع إليه،يجدونه  عالما بكل شيء، غير أن شباب اليوم،وعلماء الساعة لا يؤيدون ما  هو  زائد على  الضروري،ومن هذا المنطلق تراجع العلماء بمختلف المستويات عن تقليد العلماء السابقين في التأليف،وأخذوا يتجهون نحو التجديد في الأفكار والعلم والمنهجية ،وذلك ليستطيع علماء اليوم،أن يسايروا ما أبدعته عقولأبناء الأمس وبتفسير القرآن الكريم من طرف الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة ،تفجرت علوم السابقين من هذا القرآن،الذي كان منبعا لكل العلوم الدنيوية و الأخروية،وقد فسر الرسول الكريم القرآن الحكيم،انطلاقا من وحي البيان الذي يشيرإليه قوله سبحانه: ''ثم إنعلينا بيانه '' القيامة  17ومعنى البيان التعليمالسري الصادر منه سبحانه إلى نبيه واعتمد في هذا التفسير كذلك،على الكشفالإلهي،ومعناه أن الله جل شأنه أطلع نبيه على كثير من أسرار الكون،كمشاهد الجنةوالنار وسدرة المنتهى وغيرها مما ينطوي عليه هذا الكون العظيم،وهذا ما يشير إليه سبحانه  "لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد "ق22 علما أن تفسيرالصحابة لم يصل إلى مرتبة الإقناع وبعدهم جاء التابعون وأسسوا مدارس قرآنية تعتمدعلى الرأي واستخدام العقل،منها مدرسة مكة،بقيادة ابن عباس،وقد تخرج منها مجاهدوعطاء بن أبي رباح ،ومدرسة المدينة وصاحبها أبي بن كعب،ومن رجالها زيد بنأسلم،ومدرسة التفسير بالعراق بقيادة ابن مسعود،ومن رجالها علقمة ،والحسن البصري ثمحمل العلماء بعدهم لواء العلم الذين ما زالوا إلى حد الآن يبلغون ما تركه الرسول من أنواع العلوم في شتى المجالات، ومن ضمنها سنته وأقواله وأفعاله صلــى الله عليـه وسلم 

 

البسملة والفاتحة

 

قبل كل شيء على القارئ الكريم،أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ،وأن يعتصم بربه من شر ذلك   العاتي المتمرد حتى لا يمسه بسوء .أما البسملة فمعناها إنني أدخل في عمليبقراء ة "بسم الله "لابجهدي ولا بقوتي بل أنفذ أشغالي مستعينا بربي ،ومتبركا باسمه، وهنا تجد نفسك أنك قدأدخلت قلبك في عملك ،وبذلك يكون التوفيق حليفك إن شاء الله .وهنا تكون قد خالفتعباد الطواغيت الذين كانوا يقولون عند البدء في أعمالهم،باسم اللا ت والعزى  وغيرهما من معبوداتهم .وقبل الخروج منالاستعاذة والبسملة ،أقول كان النبي صلى الله عليه وسلم ،إذا قام الليل ،استفتح صلاته بالتكبير ثم يقـول:"أعــوذبالله السميع العليـم مــــــن الشيطان الرجيم من همزه ونفخهونفثه "أخرجــــــــــــــــــــه أصحاب السنن.

 

تفسير الســـــــــورة وسبب نزولها
 

عنأبي ميسرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان بمجرد ما يسمع صوتا ،ينطلق هاربا ،فقال له ورقة بن نوفل إذا كرر النداء فاثبت في مكانك حتى تسمع ما يقال لك ،قال : فلما ظهر سمع النداء  يا محمد ، فقال لبيك،قال: قل أشهد أن لا إله إلا الله ،وأشهد أنمحمدا رسول الله،ثم قال : قل"الحمد للهرب العــ'ـــــلمين،الرحمــ'ــــــــن الرحيم ملك يوم الدين ،إياك نعبد ،وإياكنستعين ،إهدنا الصر' ط المستقيم ،صر' طالذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولاالضالين "قالالعلماء :هذا ما صرح به علي بن أبي طالب أما فضلها ،فقد روى الإمام أحمد في مسنده،أن أبي بن كعب قرأ على الرسول صلى الله عليه وسلم ،أم القرآن،فقال رسول الله،والذي نفسي بيده ،ما أنزل في التوراة ،ولا في الإنجيل ،ولا في الزبور ،ولا فيالفرقان مثلها هي السبع المثاني ،والقرآن العظيم الذي أوتيته"فهذا الحديث يشير إليهقوله تعالى : "ولقدــآتينـ'ـــــك سبعا منالمثاني والقرآن العظيم "سورةالحجر .وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ،قال لأبي سعيد بن المعلى "لأعلمنك سورة هي أعظمالسور في القرآن"الحمد لله رب العــــــــلمين ،إلى الضالين "هي السبعالمثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته "وسورةالفاتحةهي سورة مكية ،وعدد آياتها سبع باتفاق المفسرين،وسميت بالفاتحة لافتتاح القرآن بها ،وهي أول القرآن في الترتيب ،لا في التنزيل،ورغم قصرها ،فإنها قد جمعت معاني القرآن حيث اشتملت على مقاصده الأساسية مثلالعقيدة ،والعبادة والاستعانة بالله ،والدعاء له ،والتوجه إليه جل شأنه بطلبالهداية إلى الدين الحق والصراط المستقيم  الحمد لله رب العـــــــلمين    معنى هذا التعبير الشريف أي:قولوا ياعباديإذا أردتم شكري وثنائي"الحمد لله "أشكروني على إحساني،وجميلي إليكم إذ كلما يوجد بين أيديكم فهو من ربكم ،وجميع ما تتنعمون به فهو منخالقكم ،فإن كثرتم من حمدي باركت لكم في الصغيرة والكبيرة،وإن سألتموني   أعطيتكمأعز ما عندي .وجاءت كلمة "الحمد لله "معرفة للدلالة على أن حمد الناس للخالق سبحانه دائم مستمر ،فتأمـل فيهذا  الأمر فهو دقيق  ولمــــــاذا  هذاالقــول ،بأنه يفيـــدالدواموالاستمـــرار ،لأنالمصـدر ،معناه البقاء والخلود أما الفعل المضارعفإنه يفيد التجدد.

 

 

 

 

 

الرحمـ'ـــــــــــن الرحيـــــــم

                 

تفيد كلمة  "الرحمـــ'ـــــــــن "المبالغة في الرحمة للعباد ،  فالله جل شأنه ذو عطاء عظيم،وصاحب الرحمة  الشاملة لكافة الخلق فيالدنيا ،أما "الرحيم  "فهو صاحب الفضل العظيم وذو الرحمة للمومنين يوم القيامة وهذا  رأيأكثر العلماء ،وفي هذا الشأن ،قال سيدنا عيسى عليه السلام "الرحمــ'ـن"رحمان الدنيا والآخرة،و" الرحيم" رحيم الآخرة وور د ت كلمتا"الرحمـ'ـــــن الرحيم  "بعد لفظتي "رب العـ'ـــلمين  "لإفادة معنى السيادة والقهر،ومن  هذا المنطلق يمكن أن يفهم القارئ الكريم ،أنالرب جبار لا يرحم  العباد ، فيدحل إلىنفسه الفزع واليأس والقنوط ،فجاء التعبير بالرحمة ،ليفيد الناس ،أن هذا الربجل  شأنه"رحمــ'ــــــن رحيم "وأن رحمته وسعت كل شيئ"والرحمــ'ــــن الرحيم "  هما صفتان مشتقتان من"الرحمة " والرحمة،في الإنسان هي عبارة ، عن ألم في النفس ،وعلاج هذا الألم وشفاؤه هو الإحسان،فالرحمة بالنسبة إلى الله ،تقتصر على أثرها ،وهو الإحسان من الخالق إلى عبادهومعنى"ملك يومالدين  "أن في هذا اليوم لا يجدالمرء أمامه إلا  عمله ،وما قدمه في د نياه،وإلى هذا يشير قوله جل شأنه : " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره  "سورة الزلزلة الآية 7ونظرا لذلك اليوم العظيم،فقد شبه الله الناس بالفراش المنتشر ،في الاضطراب ،وبالجراد في الكثرة ،حيث يتدافعالقوم ويتزاحمون ،وذلك بحثا عن المخرج مما هم فيه من الخوف والاضطراب ،ويكون هذاالموقف العظيم بمجرد ما يخرج العبادمن قبورهم ،وإلىهذا يشير قوله سبحانه : "يوم يكون الناس كالفراش المبثوث  "القـارعة 4   وقـــال جل  شأنــه :"يخرجون من الأجداث كـأنهم جراد منتشر"    سورة القمرالآية7   

 

إيـــاك نعبد و إيــــــــــاك نستعــــــــين

 

ومعنى النص الكريم ،إننا نعبدك بمحبة كاملة وخضوع وخوف، وقدم المفعول،وهو"إياك "وكرر للدلالة علىالاهتمام والحصر ،أي لا نعبد إلا إياك ،ولا نتوكل إلا عليك ،وهذا هو كمال الطاعة التي يجب على الإنسان أن يتحلى بها ،وتتجلى محبة الله في محاربة كل من خرج عن دينالله ،لأن من تمام المحبة ،مجاهدة أعداء المحبوب ،ويشير النص الكريم إلى تحقيق معنى"لا إله إلاالله "لأن معناها مركب من أمرين،هما :نفي وإثبات ،يتجلى النفي في هجر جميع المعبودات ،ما عدا الله ،أما الإثباتفيشير إلى أن الله قائم بنفسه ،ولا أحد يشاركه في ملكه،وهو الذي يستحق العبادة ،وماعداه فهو باطل ومن الإيمان الصحيح تنطلق العبادة الثابتة ،وفي هذا الشأن يقولالعلماء :إن الإيمان ضروري جدا من أجل استمرار البشر ،وقال الباحثون إن الصلاةتحارب ضغط الدم ،وتزيل الكآبة والقلق والخضوع لله ،وممارسة الصلاة ،تمنح الإنسانشعورا بالأمن ،والعبادة بخشوع ،تساعد الإنسان على اتخاذ القرارات بشكل سليم ،ومعنىهذا أن الصلاة تساعد الإنسان على النجاح في العمل ،وقال العلماء إن الخشوع والصلاةوتدبر القرآن ،يمكن أن يكون علاجا لأي مرض كان والله أعلم، وورد الثناء على الله منجميع الخلق ،بمضمون فاتحة الكتاب ومن هنا ثبت أن  الصلاة لا تصح لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب 0وفي صحيح مسلم ،عن أبي هريرة عنرسول الله صلى الله عليه وسلم،"يقول  الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين  عبدي نصفين ،فنصفها لي ،ونصفها لعبدي ،ولعبدي ما سأل ،إذا قال العبد "الحمدلله رب العــــ'ــــــلمين"قال الله حمدني عبدي،وإذا قال:" الرحمــ'ـــــن الرحيم  "قال الله أثنى علي عبدي،فإذا قال:"ملك يوم الدين  "قال الله مجدني عبدي،وإذا قال:"إيــاك نعبد وإيــاك نستعيـــن  "قال هذا بيني وبين عبديولعبدي ما سأل ،فإذا قال : "اهدنا الصــــــر'ط المستقيم صـــــر' ط الذين أنعمت عليهم غيرالمغضــوب عليهم ولا الضاليــن  "قـال : هذا لعبدي ولعبديما سأل     

 

اهدنـــا  الصــرط المستقيــــم  

 

يتضح من هذا التعبير الكريم ،أن الله منح للإ نسان أربع هـــدايــــــات  يتوصل بها العبد إلى سعادته في الدارين ،وهي : 1هداية الإلهام الفطري، كبكاء الطفل إذاجاع فإنه بهذ ا السلوك الرباني يهتدي إلى ثدي أمه من تلقاء نفسه  ّ2 هدايةالنحل  للقيام بمهمة يتعجب منهاالإنسان ،فيندفع قائلا :سبحان الله ،وقد أشار القرآن إلى هذا الأمر الغريب ،حيث قال :  "وأوحى ربك إلى النحل  "النحل 68 بمعنى أنهلا يصنع شيئا إلا بأمر الله ،وكذلك الشأن في هدايـــة النمل  .  3هداية العقل وتعتبر هذه الهداية تشريفــا للإ نسان ،دون سائر الخلق ،حيث يقوم بإنجازما يجد فيه مبتغاه ،على ضوء هذه الهداية  لكنها كثيرا ما تخرج صـاحبها عن طريق الحق فتـاتي 4  هداية الدين وتعود به إلــى سبيل التوفيـق وهناك هدايـــة إضافية خامسة تتجلى في قولنا اهدنـا يـاربنــا إلى سبيل الرشــاد ،ويعتبرهذا  أول دعـاء في القرآن  

صـــــــر'ط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين

 

إن الذين أنعم الله عليهم هم الأخيار الذين أنعم اللهعليهم بطاعته وعبادته من ملائكته وأنبيائه والصديقين والشهداء والصالحين،أما المغضوب عليهم فهم اليهود والذين سلكوا مسلكهم من الذين انحرفت أخلاقهم فعرفوا الحق وعد لوا عنه ، وأما"ولاالضالين  "فهم النصارى ومن حذا حذوهم من الذين رأوا  الحق دخانا والنور ضلا ما ،فعلموا الحق وخرجوا عنه ،وتاهوا في منزلق الفساد ،وقد ورد عن حــــاتم أنه قال :سألت النبي صلى الله عليه وسلم،عن قوله تعالى "غير الغضوب عليهم "قال هم اليهود ثم قال :قلت يارســـول الله   من هم :"ولاالضالين "قال هم النصارى "رواه أ حمد والترمذي والمعنى بإيجـاز ،نتوجه إليك إلهنا أن تبعدنا عن أعدائك الذين سلكوا طريق الضـــلال من اليهـــود المغضوب عليهـم ،والنصــارى الضـاليــــن الذيــــــن انحرفــــواعــن شريعتـــك ،فاستحقوا الغضب واللعنــة.

 

 

تفسير سورة الضحى

 

إ ن القرآن الكريم ،كتاب الله ، منقرأه واستمر علىقراءته فهو من أهل الخير، ومن علمه بصدق و إخلاص، فهو من أحباب الرحمـــــن ، إن قراءته تنيرالقلب ، وتهدي إلى طريق النور،والمتمكن من فهمه يحفظه الله، ويحيطه برعايته ، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ  قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله أهلين من خلقه  ،قالوا:ومن هم يا رسول الله،؟قال:أهل القرآن همأهل  الله وخاصته)أخرجه أحمد في مسنده ونجد هذا القرآن الكريم يؤدي رسالته بهدي النفوس الحائرة،مع إنقاذ القلوب الجامدة البائسة،هذه القلوب التي تتعلق بلذائذ الحياة وشهواتها الدنيئة،كما أنه أنزل ليخرج الناس من الظلمات إلى النور،والمؤمن عند ما يقرأ القرآن يتصل بخالقه فيرجوه الرحمة والمغفرة،ويطلبه العونوتسهيل الأمور، علما أن المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل بما فيه، فهو في أعلىالمراتب والدرجات ،والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن،ولكنه مصدق بما فيه،فهو ناقص الإيمان،أما المنافق الذي يقرأ القرآن ولكنه لا يعمل بما فيه ، فهو ضال لا يهتدي بهدي الله ،كما أن المنافق الذي لا يقرأ القرآن ولا يدري ما فيه،فهو في أحط الدرجاتوأشقى المنازل. والقرآن الكريم جاء يحمل وظائفلا حصر لها،ومنها تبشير المؤمنينالصادقين بالأجر الكبير،وصدق الله العظيم إذ يقول:(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم،ويبشر المومنين  الذين يعملون الصـاـلحــاـت أن لهم أجراكبيرا)سورةالكهف الآية:1وما دام الإنسان يكثر من تلاوة هذا الكتاب المقدس ويعمل بمافيه، فيعلم أنه من أهل الله وخاصته،هذا الكتاب ب الذي قال فيه منزله ) :   لو أنزلنا هذاالقرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله  ) سورة الحشر الآية: 21   اللهم إنا نسألك بالقرآن الذي أنزلته شفاء لأوليائك ، وشقاء على أعدائك،وغما على أهل معصيتك،فاجعله لنا دليلا على عبادتك ،وعوناعلى طاعتك ،واجعله لنا حصنا حصينا من عذابك،وحرزا منيعا من سخطك،ونورا يوملقائك،نستضيء به في خلقك ،ونجوز به على صراطك ،ونهتدي به إلى جنتك،يا أرحم الراحمين يارب العالمين آمين

                

تفسير السورة

 

 

قال ا لحق سبحانه :(والضحى والليل إذا سجى) يستفاد من النص الشريف أن الله أقسم بوقت( الضحى )الذي هو أول النهار حين ترتفع الشمس ،كما أن الله أقسم بالليل إذااشتد ظلامه،واختفىكل شيء في الكون ،وفي هذا قال الشيخ ابن كثير(هذا قسممنه تعالى بالضحى وما جعل فيه من الضياء ،وبالليل إذا سكن فأ ظلم ،وعين الله وقت الضحى بالقسم ،لأنه الساعة التي كلم الله فيها موسى عليه السلام

(

ما ودعك ربك و ما قلا

 

يفيد النص الشريف ما تركك منذ اختارك وفضلك على سائر الخلق ،وجعلك أعظم مخلوق في الوجود،وما أبغضك منذ أحبك وعينك بالرسالة العظمى ،التي كانت نوراللعالمين ،ولم يقل القرآن(قلاك )وإنما قال قلى وذلك احتراما من الخالق العظيم لرسوله الكريم ،لأن الخطاب بكلمة  قلاكتشعره صلى الله عليه وسلم ،بعدم  الارتياح النفسي ،ولهذا عدل الله عن الأصل )قلاك) إلى لفظة  (قلى) ،وذلك للمحافظة على رؤوس الآي من جهة ،ولإدخال  الاستقرار على قلب رسوله الكريم من جهة ثانية،وأضاف المفسرون ما يفيد العموم ،وهو أن الله تعالىما قلى أحدا من أصحابه،ومن هو على دينه إلى يوم القيامة والله تعالى أعلى وأعلم                                

 

وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى

 

إن الآخرة خير لك من الأولى إذ تجتمع عندك أمتك وهي خير لك ،لأنك اشتريتها ،أما هذه الدنيا فليست لك ،لأنك في الدنيا رأيت فيها ما يحزنك من أعدائك،وشاهدت فيها  ما يقلق راحتك بسبب أصحاب القلوب المريضة،الذين رموك بما لا يحبه لك ربك الحكيم ،أما فيالآخرة فأجعل أمتك شهداء على الأمم ،وأجعلك شهيدا على الأنبياء ،ثم أجعل ذاتي شهيداعليك،وصدق الله العظيم إذ يقول:  ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا )  سورة النساء الآية :  41   وفي الحديث لما نزلت هذه الآية: ( ولسوف يعطيك ربك فترضى)  قال صلى الله عليه وسلم    )إذا  والله لا أرضى وواحد من أمتي في النار)    

 

 

ألم  يجدك يتيما فآوى ، ووجدك  ضالا  فهدى

 

يفيد النص الكريم ،أن الله وجد نبيه فاقد الأبوين ،فسلمته قدرته إلى جده عبد المطلب،وبعد فراقه الدنيا تركه  لولده أبي طالب الذي صب عليه عطفه وحنانه ورحمته ودفئه،حيث كان لا يفارقه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك حتى أيده الله بنصره وبالمؤمنين ووجدك ضالا فهدى إلى طريق الخيروالإيمان ،وإلى إرشاد  قومك ،وقالوا إن الضلال هنا بمعنى الحيرة ،وذلك لأنهصلى الله عليـه وسلم،كان يخلو في غـار حراء   في طلب ما يتوجــه به إلى  ربه ،حتى هداه الله إلى دينه 

 

ووجدك عائلا  فأغنى

 

يستفاد  من النص الكريم ،أن الله وجده فقيرا فأغناه بما فتح الله عليه من البلدان،التي أعطته  من مالها وخيراتها وكنوزها ،وفي رأيي،أن الله أغنى نفسه بقراءة القرآن وشكر الله تعالىفالله سبحانه بعث نبيه لنشر الإيمان الذي هو رسالته ولم يبعثه للغنائم أو الكنوز،ولو أرا د الأموال لتحقق له ذلك بجرة قلم،ولكنه صلى الله عليه وسلم ،كان قلبه بعيدا كل البعد عنالنظر في متاع الدنيا ،وكمثال على ذلك أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ــ وجدالنبي صلى الله عليه وسلم ،نائما على حصير قد أثرت في جسمه الشريف وبكى لهذا المشهد،فقال له يا رسول الله اسمح لي لأضع لك على الأرض ما يريح جسمك ،فقال له ياعمر،أنارسول الإيمان ،وليس رسول الدنيا ،وفي هذا الشأن نجد ابن عباس  ،يروي عن رسول الله صلى الله عليهوسلم (أنه قال :قلت يارب قد كان قبلي أنبياء منهم من سخرت له الريح ،ومنهم من يحيي الموتى،قال يا محمد :ألم أجدك يتيما فآويتك ،قلت بلى يارب ،قال ألم أجدك ضالا فهديتك ،قلتبلى يارب ،قال ألم أشرح لك صدرك ،ألم أرفع لك ذكرك ،قلت بلى يارب) وروى أبو نعيم في دلائل النبوة عن أ نس  رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قلت يارب إنه لم يكن نبيقبلي ،إلا وقد كرمته ،جعلت إبراهيم خليلا وموسى كليما ،وسخرت لداود الجبال،ولسليمان الريح والشياطين ،وأحييت لعيسى الموتى ،فما جعلت لي ،قال :أوليس قدأعطيتك أفضل من ذلك كله ،أني لا أذكر إلا وذكرت معي ،وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرؤون القرآن ظاهرا ولم أعطها أمة ،وأعطيتك كنزا من كنوز عرشي (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )منبر الإسلام عدد 4 أبريل 1977 ص 72).  

 

 

فأما   اليتيم  فلا  تقهر

 

يستفاد من النص الكريم ،أن الله قد اهتم باليتيم ،وجعله في طليعة محبيه ،من الفقراء والمساكين ولهذا وصى الله نبيه بالعناية باليتيم الذي فارق أبوه الدنيا وتركه تحت رحمة  الرحماء يقول الله له :كن لليتيم كالأب ،وامسح رأسه بالمحبة والرعاية ،وفي الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال  : (أنا وكافل اليتيم في الجنة) رواه البخاري ،وكان ابن عمر رضي الله عنه إذا رأىيتيما مسح برأسه ،وأعطـاه شيئا ،وعـــــــن أنس رضيالله عنه قال :قال صلى الله عليه وسلـم ، (من ضم يتيما فكان في نفقته ،وكفاه مؤونته ،كـان لـه حجـــابــا مـن النار يوم القيـامة ،ومن مسح برأس يتيم كان لـه بكـل شعرة  حسنة  )  رواه أحمد في مسنده

 

 

 

وأما السائل فلا تنهر 

 

يستفاد من النص الكريم أنه ينبغـي للمؤمن أن يعامـل اليتيم معاملة الأب لابنه،ويكفي قـول الله سبحانه لنبيهفلا تنهر هذا الكائن المقهور يا محمد لأنه وديعة، ينبغي المحافظة عليها،ويتجلى ذلك في معاملته با للين ،فــلا تخاطبه بما يجرح قلبه بالقول الجـاف ،والكلام المزعج المحزن.  

 

وأما بنعمة ربك فحدث

 

يستفاد من النص الكريم أن الله إذاأعطا ك خيرا أو علما أو جاها،فحدث به أي أظهر نعمة الله عليك للناس بالخيركان أبو فراس عبد الله بن الغالب إذا أصبح يقول :( رزقني الله البارحة كذا قرأت كذا وصليت كذا وفعلت كذا وذكرتالله كذا،فقلنا يا أبا فراس  إن مثلك لا يقول هذا، فقال إن ربي يقول : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) وروى الشعبي عن النعمان بن بشير قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم، ( من لم يشكر القليل ،لم يشكر الكثير ،ومن لم يشكر الناس لميشكر   الله ،والتحدث بالنعم شكر ،وتركه كفر ،والجماعة رحمة ،والفرقة عذاب) رواه أحمد في مسنده.

 

 

 

 

مضامين سورة الزلزلة

 

هذه السورة مدنية بمعنى أنها نزلت بالمدينة ولكنها من حيث الأسلوب ،فهي قريبة من السور المكية ،وذلك لما تتضمنه من أهوال وشدائد يوم القيامة ومن مضامينها أنها تتحدث عما ينزل بالأرض من زلازل وكوارث عنيفة ،كما تنهار جبالها الشامخة وتتفتت حتى تصبح عابرة عن ذرات منثورة  في الفضاء الرهيب ،ومع هذا فإن هذه الأرض تخرج ما في بطنها من كنوز ثمينة كالذهب والفضة هذا بالإضافة إلى أنها تشهد على كل إنسان بما  كان يعمل على ظهرها من خير أو شر وتتحدث الأرض أيضا عن انصراف الخلائق من ساحة المحشر ،لمشاهدة جزاء أعمالهم ،وتنبهنا السورة إلى ذلك اليوم العظيم الذي ينقسم فيه الناس إلى أصناف  بين خير أو شر.

 

فضل السورة

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها...الخ ) أربع مرات كان كأنه قرأ القرآن  كله ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا زلزلت الأرض ) تعدل نصف القرآن ) وعن عبد الله بن عمرو قال (أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أقرئني يا رسول الله سورة جامعة فأقرأه ( إذا زلزلت الارض زلزالها ..إلخ ) حتى فرغ منها قال الرجل والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها ،فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ،(  أفلح  الرويجل أفلح  الرويجل) أنظر ( فتح القدير ) .

 

سبب نزول السورة

 

روي أن رجلين كان أحدهما ياتيه السائل فيتأدب معه ويعطيه ما يجده بين يديه ،أما الآخر فكان إذا أتاه هذا المسكين يتهاون في إعطائه ولو بالقليل ،فنزلت ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ).

تفسير السورة

 

قال الحق سبحانه :( إذا زلزلت الارض زلزالها )ـ يفيد النص  أن الأرض تتحرك وتضطرب حتى يتكسر كل شيء عليها بسبب زلزالها العنيف الذي ينتج عنه خروج موتاها وكل ما يوجد في بطنها وقرئت لفظة (زلزالها ) بفتح الزاي ،وهو مصدر جيء به للتوكيد ،وفي هذا الشأن يقول الحق سبحانه ( يوم  ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ) النازعات 6 ومعنى الراجفة النفخة الأولى ،والرادفة النفخة  الثانيةالتي فيها يقوم الناس للحساب والنشور.ثم يقول الخالق سبحانه :( وأخرجت الأرض أثقالها ) يفيد النص الكريم أنها أخرجت ما في جوفها من الأموات والأثقال والدفائن قال أهل التفسير ،إذا كان الميت في بطن الأرض فهو ثقل لها ،وإذا كان فوقها فهو ثقل عليها والمراد بالأثقال الأموات تخرجهم الأرض في النفخة الثانية ويطلق هذا الحكم على الإنس والجن وهما :الثقلان كما يسميهما القرآن الكريم ثم يقول الحق سبحانه :(وقال الانســــاــــــــن ما لها )  يفيد النص الكريم أن كل فرد من أفراد خلق الله قال ما لها قد تحركت وتزلزلت هذه الزلزلة العظيمة وألقت ما في بطنها ،يقول هذا الإنسان ذلك دهشة وتعجبا من الحالة الفظيعة الرهيبة التي أجبرت بقوتها كل إنسان للالتفات إليهاثم قال الحق  سبحانه (يومئذ تحدث أخباره ) يفيد النص الكريم أن في ذلك اليوم الرهيب الذي فيه تتغير الوجوه ،وتتحير فيه القلوب ،تتحدث الأرض وتخبر بما جرى على ظهرها من خير أو شر وتشهد على كل إنسان بما صنع فوقها ،عن أبي هريرة قال :( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يومئذ تحدث أخبارها ) فقال أتدرون ما أخبارها ؟) قالوا الله ورسوله أعلم ،قال ( فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ،تقول عمل يوم كذا ،كذا وكذا ،فهذه أخبارها ) أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح ثم قال الحق سبحانه :( بأن ربك أوحى لها ) يفيد النص الكريم أن ما أخبرت به الأرض من خير أو شر على ظهرها ،فإن الله هو الذي أخبرها بذلك ،وأذن لها أن تنطق بكل ما حدث وما جرى عليها ،فهي تشكو العاصي وتشهد عليه ،وتشكر المطيع وتثني عليه ،يقول العلم في هذا الشأن إن الله جل شأنه خلق عقلا للأرض تعرف به كل من عصاه فتدعو للشاكر بالخير وتدعو للعاصي بالفناء ،لأنه عبء عليها فالله قدر له الرزق والصحة على ظهري ومع ذلك يعصي ربه،تقول لو أذن لي خالقي لابتلعته  ثم قال الحق جل شأنه :( يومئذ يصدر الناس أشتاتا )  يفيد النص الكريم ،إن في ذلك اليوم الموعود يوم الحسرة والندم،يوم البعث والشدة يعود الخلائق من موقف الحساب ،وينصرفون أشتاتا ليشاهدوا جزاء أعمالهم ،وبعد صدور قرارات المصير يذهب كل فريق إلى ما وجه إليه ،فهناك فرق جهنم وهناك فرق الجنة ،وصدق الله العظيم إذ يقول :(وأزلفت الجنة للمتقين ،وبرزت الجحيم للغاوين ) الشعراء 91   ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )  يفيد النص القرآني الكريم أن من يعمل خيرا مثقال ذرة يجده أمامه ،ومن يعمل شرا مثقال ذرة يجده في صحيفته كذلك ،وقد روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،فقال :علمني مما علمك الله ،فدفعه إلى رجل يعلمه فعلمه ( إذا زلزلت الارض زلزالها ) حتــــى إذا بلغ ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) قال الرجل حسبي ،فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ،فقال ( دعوه فإنه قد فقه ) .وروي أن صعصعة عم الفرزدق دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ،فلما سمع ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) قال :حسبي فقد انتهت الموعظة ) ثم قال الخالق سبحانه ( ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) يفيد النص الكريم أن صاحب الشر القليل الذي يكون في حجم ذرة ،فإنه يجده أمامه في صحيفته ،لأن محكمة الخالق لا تظلم أحدا ،ولو عمل أقل من ذرة فإنه لا يضيعوا هذا ما أشار إليه سبحانه ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) النساء 40 هذا مع العلم  أن كل ما يتعلق بأنواع الخير ،وكل ما يتعلق بأنواع  الشر نجده مدونا في أديان السماء ،وفي هذا الشأن فقد ورد عن كعب الأحبار أنه قال (لقد أنزل الله على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة والإنجيل والزبور والصحف )وهي ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) انظر الأحكام للقرطبي مج 10 ج 2  ـ ص 135 .

 

   مراجع تفسير سورة الزلزلة

 

  1- تفسير القرآن العظيم للحافظ بن كثير الدمشقي ج 4 ص 855

 - 2  فتح القدير للشيخ الشوكاني ج 5 ص 534

 - 3  تفسيرمن نسمات القرآن  لغسان حمدو نص 653

 - 4  الجامع لأحكام القرآن للشيخ القرطبي ج 10 ص 130

 - 5  تيسير الكريم الرحمان في تفسير كلام المنان للشخ عبد

     الرحمان    بن ناصر ص948      

  6 -تفسير النسفي ج 4 ص 372

- 7   تفسير الجلالين للشيخ السيوطي ص 599 .

 

 

 

مدخل موجز

 

 

إن التفسيرعلم يبحث فيه عن أحوال القرآن العزيز من حيث دلالته على مراده بحسب الطاقة البشرية ،أو هو كشف معاني القرآن الكامنة فيه ،والقرآن الكريم كلما كان الباحث فيه غزير العلم ،كلما ازداد وضوحا لعشاقه والساهرين عليه.

 

تفسير سورة النصر أو سورة التوديع

 

ب سم الله الرحمـــــــاـــــــن الرحيم ــ إذاجاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره، إنه    كان  توابا-

 

سبب نزول السورة

 

أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري قال :ــ لما   دخل رسول الله مكة عام الفتح بعث خا لد بن الوليد فقاتل بمن معه صفوف قريش بأسفل مكة ،حتى هزمهم الله فرفع عنهم ودخلوا في الدين فأنزل الله ــ إذا جاء نصر الله والفتح ـ   

التعريف بالسورة ـ هي سورة مدنية وترتيبها بالمصحف ،العاشرة بعد المائة ،ونزلت بعد سورة التوبة

 

من فضائل سورة النصر

 

 ـــ قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (من قرأ سورة النصر فكأنما شهد فتح مكة مع محمد صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم (من قرأ سورة النصر في صلاته قبلت بأحسن قبول )مضامين السورة ــــــ سورة النصر مدنية وتحتضن فتح مكة الذي بفضله انتشر الإسلام في الجزيرة العربية ،وبفضله أيضا سقطت راية الشرك والضلال ،وبهذا الفتح المبين دخل الناس في دين الله أفواجا وارتفعت راية الإسلام واضمحلت ملة الأصنام ،وبذلك توحدت كلمة الدين ،وخضع القوم لرأي واحد هو التوحيد ،وتشريع واحد هو تشريع القرآن

   

تفسير سورة النصر

 

قال الخالق العظيم ( إذا جاء نصر الله والفتح ) هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم  يتعلق  بالنصر والفتح   له على أعدائه قريش الذين وقفوا له في طريق الرسالة ،وهنا تظهر عناية الله لرسوله الكريم بقوله :إذا نصرك الله يا محمد على أعدائك بفتح مكة لم يبق لك إلا التسبيح وطلب المغفرة ومواصلة الاتصال بخالقك الذي يعينك على هؤلاء الكفار وبعد النص السابق يقول الله سبحانه ( ورأيت         الناس     يدخلون  في     دين     الله      أفواجا ).

 

جانب من البلاغة القرآنية 

 

تضمنت    السورة        الكريمة       وجوها      من        البيان        والبديع       ويتجلى       ذلك       فيما     يأتي:

1ـ ذكر الخاص بعد العام مثال ذلك (نصر الله والفتح )نصر الله هذا عام يشمل جميع الفتوحات وجاء عطف مكة على (نصر الله )فهذا خاص وهو تعظيم شأن هذا الفتح واعتناء بأمره 2ـ إطلاق العموم وإرادة الخصوص مثال ذلك (ورأيت الناس )لفظ الناس هذا عام والمراد به العرب .

 

إعلان السورة بموت النبي صلى الله عليه وسلم 

 

يستفاد من السورة الكريمة أن النبي الكريم علم أنه في الطريق إلى الله ولهذا تسمى بسورة (التوديع ) وحين نزلت قال صلى الله عليه وسلم لعائشة( ما أراه إلا حضور أجلي ) والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

 

محاضرة تحت عنوان

حكم تعد د الزوجات في الإسلام

من سورة النساء

 

سبب نزول السورة

 

نزلت هذه السورة في رجل من عطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم ،فلما بلغ هذا الطفل سن الرشد طلب ماله فمنعه عمه حقه ،فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية ،فلما أخذ الفتى ماله أنفقه في سبيل الله ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثبت الأجر وبقي الوزر ،فقالوا يارسول الله ،الأجر قد عرفناه أنه قد ثبت فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله ،فقال ثبت الأجر للغلام ،وبقي الوزر على والده

 

فضلـــــــــــــــها

 

عن عبد الله بن مسعود قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ( اقرأ علي قلت يارسول الله أقرأ عليك ،وعليك أنزل قال ( نعم فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ،وجئنا بك على هؤلاء شهيدا )النساء الآية41قال( حسبك الآن ) فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان )أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما

 

مضامين السورة

 

هذه السورة مدنية ،وهي مشحونة بالأحكام الشرعية ،وقد تحدثت عن أمور هامة تتجلى في قضايا المرأة والبيت والأسرة والمجتمع ،وشؤون النساء بصفة عامة ،ومن هنا سميت بسورة النساء وقد أفادتنا السورة بالتحدث عن حقوق النساء والأيتام واليتيمات ،وعالجت كرامة المرأة ودعت إلى إنصافها بإعطائها ما فرضه الله لها كالمهر والميراث وإحسان العشرة ،وتكلمت السورة عن تنظيم العلاقات الزوجية ،وبينت أنها ليست علاقة جسد ،ولكنها علاقة إنسانية ،وأن المهر ليس أجرا ولا ثمنا ،وإنما هو عطاء يورث المحبة ويرسخ العشرة ويربط القلوب ،ثم   تحدثت السورة عن حق الزوج على زوجته ،وحق الزوجة على زوجها ، ومضت السورة في توضيح الخطوات التي ينبغي أن يسلكها الرجل لإصلاح الحياة الزوجية عندما يبدأ الشقاق والخلاف بين الزوجين ،ثم تعرضت السورة( لقوامة الرجل )التي هي قوامة إرشاد ونصح وتأديب ،وليست قوامة استبداد وتسخير وبينت السورة أيضا أن أساس النجاح في العلاقة الزوجية مبني على التراحم والتعاطف والتسامح والأمانة والعدل ثم جاء ت السورة تأمر بالاستعداد لمكافحة الأعداء والمجرمين والقضاء على المنافقين باعتبارهم جرثومة البشر في طريق الدين واستقرار المسلمين ،ثم أشارت سورة النساء إلى خطر اليهود وضلالات النصارى ،ونبهت إلى أنهم أشواك مؤذية يجب أن يكون التعامل معهم على حذر باستمرار

 

التحليل اللفظي واللغوي

 

كلمة بث بمعنى نشر وفرق أي أن آدم وحواء منهما انتشر البشر في أنحاء العالم كما هو ظاهر في أنحاء هذا الكون

 

تساءلون به معناه يسأل بعضكم بعضا مثل أسألك بالله

 

والارحام جمع رحم وهو في الأصل مكا ن يستقر فيه الرحم في بطن أمه ثم أطلق هذا اللفظ على القرابة

 

رقيبا   الرقيب هو الله الذي يطلع على أعمال الإنسان ، و يتابع ما يقوم به في حياته

 

اليتامى جمع يتيم ،وهو الذي فقد أباه ،واللفظ مشتق من اليتم وهو الانفراد ،واليتيم هو الذي يموت أبوه ،والعجي هو الذي تموت أمه ،واللطيم هو الذي يموت أبواه

 

صدقاتهن بمعنى مهورهن جمع صدقة بفتح الصاد وضم الدال ،وهي بمعنى المهر

 

نحلة الهبة والعطية عن طيب نفس أي لا تعطوهن مهورهن وأنتم كارهون ،والمعنى أعطوا النساء مهورهن فريضة من الله .

 

الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــقراءات

 

( تساءلون ) هذه الكلمة قد وردت في قوله تعالى ( واتقوا الله الذي تساء لون به والارحام ) قرأ حمزة والكسائي وعاصم ،وخلف العاشر ( تساءلون ) بتخفيف السين بحذف إحدى التاءين لأن أصل اللفظة ( تتساءلون ) وقرأ الباقون ( تساءلون ) بتشديد السين بإدغام التاء في السين ،وذلك بسبب تقارب مخرج التاء والسين ،إذ التاء تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا ،والسين تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا السفلى ،ومع هذا نجد اشتراك التاء مع السين في الصفات الآتية وهي ( الهمس والاستفال والانفتاح والإصمات ) ( والارحام ) وهذه اللفظة قد ذكرت في قوله سبحانه ( واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ) سورة النساء الآية 1 قرأ حمزة ( والارحام ) بخفض الميم باعتبار أن اللفظة معطوفة على الضمير المجرور بالباء في لفظة ( به ) وفي رأيي الخاص أن كل من رد على قراءة حمزة الذي قرأ لفظة ( والارحام ) بكسر الميم بالعطف على الضمير المجرور بحرف الباء ،فهو ظالم لنفسه ومتعد في نفس الوقت على قراءة حمزة ،لأن هذه القراءة لم يأت بها من عنده ،وإنما هي قراءة من الله نزلت مع القرآن على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

 

تفسير سورة النساء

 

النص القرآني ــــــــــــ قال الحق سبحانه ( يـــاــــــأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ،واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ،إن الله كان عليكم رقيبا ، و ءاتوا اليتــــــــــاـــمى أموالهم  ،ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ،ولا تاكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا ،وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتـــاـمى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلــــاــــث وربــــاـــع ،فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمــاـــــنكم ذلك أدنى ألا تعولوا ، و ءاتوا النساء صدقــاتهن نحلة ،فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه ، هنيئا مريئا )

 

التفســــــــــــــــــــــير

 

يا أيها الناس اتقوا ربكم وخالقكم الذي أخرجكم من العدم إلى الوجود ،ومن قدرته سبحانه أنه خلقكم من نفس واحدة ومن أصل واحد وهو سيدنا آدم عليه السلام ،وخلق من هذه النفس زوجها وهي أمنا حواء التي ينتمي إليها خلق الله وعباده الذين انحدروا من هذه السيدة الكريمة عليها السلام ،( واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ) بمعنى خافوا خافوا خالقكم جل وعلا ،واتقوا الارحام أن تقطعوها ،لأن أقبح وأشنع ما يرتكبه الإنسان في حياته هو قطع صلة الأرحام التي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في شأنها ( إن الله سبحانه لا ينزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم ) وجاء في الحديث القدسي بعد ما خلق الخلق ( خلقتك بيدي وشققت لك اسما من إسمي ،وقربتك مني ،وعزتي وجلالي لأصلن من وصلك ولأقطعن من قطعك ،ولا أرضى حتى ترضين ) حديث صحيح ( إن الله كان عليكم رقيبا ) بمعنى أن الله مطلع عليكم يراقب حياتكم ويحفظكم في كل ما يتعلق بشؤونكم وأغراضكم ،وتنجلي هنا العلاقة القوية والرابطة المتينة بين صلة الرحم وتقوى الخالق جل وعلا ،ومن المحبة وخوف الله تظهر الأخوة بين الناس ،ثم جاء أمر الله المتعلق بالمحافظة على أموال اليتامى فقال سبحانه ( وآتوا اليتامى أموالهم ) أي كونوا صادقين في إعطاء اليتامى أموالهم الذين فارق آباؤهم الدنيا وهم صغار ،خافوا الله في هؤلاء الأطفال واعلموا أنكم ستحاسبون على حقوقهم ،ثم قال الله ( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) أي لا تستبدلوا الحرام وهو مال اليتامى بالحلال وهو مالكم فتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) وبعد هذا النص الكريم قال الخالق تعالى ( ولا تاكلوا أموالهم إلى أموالكم ) بمعنى لا تقوموا بخلط أموال الأيتام الصغار بأموالكم فتأكلوها جميعا ،لأنه بهذا التصرف المؤلم تنقطع صلة العطف والمحبة والإنسانية بينكم ثم يخبرنا الله سبحانه بقوله ( إنه كان حوبا كبيرا ) أي ما تقومون به من التصرفات العشوائية يعتبر ذنبا عظيما وإثما كبيرا ،لأن اليتيم هو في حاجة إلى مال أبيه برعاية وحماية ،لأنه ضعيف وظلم الضعيف ذ نب عظيم عند الله ،وبعد هذا جاء الإرشاد من الله سبحانه بترك التزوج من اليتيمة إذا لم يعطها مهر المثل فقال الحق جل وعلا ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) بمعنى إذا كانت تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف الا يعطيها مهر مثلها فليتركا إلى ما سواها لأن هذا التصرف يضع صاحبه في منزلق قبيح لا تحمد عقباه ،لأن عدد النساء كثير والطريق أمامه واسع يتزوج ما شاء مما يطمئن إليه قلبه ،وترتاح إليه نفسه ثم قال الحق سبحانه ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ) بمعنى تزوجوا ما شئتم من النساء غيرهن ،إن شاء أحدكم تزوج اثنين اثنين ،وإن شاء أربعا ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) أي فإن خفتم من عدم العدل من الزوجات فاقتصروا على واحدة ،( أو ما ملكت أيمانكم ) من الإماء إذ ليس لهن من الحقوق ما للزوجات ثم قال الحق سبحانه ( ذلك أدنى ألا تعولوا ) أي اقتصروا على واحدة فهو أقرب إلى ألا تميلوا و تجوروا وبعد هذا قال الحق جل شأنه ( و ءا توا النساء صدقاتهن نحلة ) أي اعطوا النساء مهورهن عطية عن طيب نفس ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ) بمعنى خذوا ذلك الشيء الموهوب حلالا طيبا

 

 

 

ما يستنبط من الآيات

 

1ـ جميع الخلق ينتمون إلى أب واحد هو آدم عليه السلام

 

2ـ للرحم شأن عظيم ،لهذا جاء الأمر الإلهي بصلة الأرحام

 

3ـ أمر الله جل شأنه بالاهتمام باليتيم والحفاظ على حقه

 

4ـ الأمر بإباحة نكاح النساء بتحديد أربع من الحرائر ،وإقامة العدل بينهن في القسمة

 

5ـ وجوب الاقتصار على امرأة واحدة إذا كان الإنسان يخاف عدم العدل بين نسائه

 

من أسباب تعدد الزوجات

 

هناك أسباب عديدة للتعدد، مثل عقم الزوجة ومرضها مرضا يمنع الزوج الهائج من التحصن ،وحرارة شهوة الرجل التي تدفعه إلى إضافة زوجة أخرى أو أكثر ،تقول مسيحية إن دينها المسيحي يرى أن ما يرضي المجتمع الألماني هو التعدد كما صرح بذلك الإسلام ،وترى هذه المسيحية أن تعدد الزوجات يقف في وجه البغاء ،وتقول إنها تريد أن تكون زوجة من عشر نساء لرجل ناجح ،ولا تكون الزوجة الوحيدة لرجل واحد فاشل . تافه ومضت تقول هذه المسيحية إن رأيها هذا ما هو إلا جزء من آراء نساء ألمانيا.

 

 

المصادر والمراجع

 

تفسير القرآن العظيم لابن كثير مج 1ـ ص 680

 

ـ محاضرات في الثقافة الإسلامية للأستاذ أحمد محمد جمال عدد 723

 

ـ تفسير الجلالين للسيوطي ص 77

 

ـ فتح القدير للشوكاني مج 1ص 422

 

روائع البيان ـ تفسير آيات الأحكام للشيخ محمد علي الصابوني ج1ـص 416

 

 

 

 بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي

 

 

 

محاضرة تحت عنوان

 

معالجة الشقاق بين الزوج والزوجة

 

انطلاقا من قول الحق سبحانه

 

(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهـــــــم ،فالصـــــــاـــــلحــــاـــــت قــــاـــــنتــــــاـــــت حـــــاــــفظــــــاـــــت للغيب بما حفــظ الله والــــــاــــتي تخافون نشوزهن فعضوهن واهجروهن ،في المضاجع واضــــــربوهن ،فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ،إن الله كان عليا كبيرا ،وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ،إن الله كان عليما خــــــــــبيرا ،واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ،وبالوالدين إحســــاـــــــنا وبذي القربــــــــــــــــــــــــــى واليتــــــاــــــــــمى والمســــــاـــكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصـــــــاــــــحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمـــــــاـــــنكم إن الله لا يحب من كان مـــــختالا فـــخورا )الآيات(4ـ 5ـ 6)من سورة النساء

 

التحليل اللفظي

 

الرجل قوام على زوجته ،كما يقوم الحاكم على رعيته بالأمر والنهي والحفظ والصيانــــة قانتات ـ مطيعات لله ولأزواجهن نشوزهن عصيانهن للأزواج المضاجع ـ هجر المضاجع هجر الفراش ـ قال ابن عباس رضي الله عنه الهجر فـــــــــــي المضاجع هو أن يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها وقيل أن يعزل فراشه عن فراشــها

 

شقاق ـ الشقاق الخلاف والعداوة

 

حكما ـ الحكم من له حق الحكم والفصل بين الخصـــــــــــــــــــــــــــــــــمين المتنــازعين

 

الجار الجنب ـــــ الجار البعيد أو الذي ليس له قرابة تربطه بجاره

 

ــ   الصاحــب بالجنب ـ هو الرفيق في السفر أو طلب العلم

 

سبب نزول النص القرآني الكريم

 

 

نزلت الآية الكريمة في ( سعد بن الربيع ) مع زوجته ( حبيبة بنت زيد ) وكان هذا الرجل من النقباء وهما من ا لأنصار ،وذلك بسبب نشوزها عليه ،فلطمها ،فانطلق والدها معهـــــا إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أفرشته كريمتي فلطمها ،فقال صلى الله عليه وسلم ( لنقتص من زوجــــــها ) فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال صلى الله عليه وسلم ارجعوا هذا جبريل أتاني وأنزل الله (الرجــــــال قوامون على النساء ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أردنا أمرا وأراد الله أمرا ،والــــــــذي أراد الله خيرا ) ورفع القصاص ـ رواه الحاكم وذكره ابن جرير

 

تفسير النص القرآني الكريم

 

قال الحق سبحانه (الرجال قوامون النساء ) بمعنى أن الله فضل الرجل على المرأة بالتدبير والمسؤولية ومراقبة أفراد الأسرة ،أما التسلط والقهر فهو مرفوض ،ولا يقبل من طــــــرف الشريعة أو العقل فقوامة الرجال على النساء أن يقوموا عليهن بالأمر والنهي والتوجيــــه والإنفاق ،بحيث تكون القيادة في حدود ما ورد في الكتاب والسنة ،قال الإمام أبو الســــعود ( والتفضيل للرجل لكمال العقل وحسن التدبير ورزانة الرأي ومزيد القوة ،ولذلك خصــــوا بالنبوة والإمامة والجهاد ) ثم قال الخالق جل وعلا ( بما فضل الله بعضهم على بعض وبمــا أنفقوا من أموالهم ) قال الشعراوي ( ومعنى ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) ليــــــــس تفضيلا من الله للرجل على المرأة كما يعتقد الناس )،ولو أن الله أراد هذا لقال ( بما فضل الله الرجال على النساء )،ولكنه قال ومعنى ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) فأتى ببعـــــض مبهمة هنا وهناك ذلك معناه أن القوامة تحتاج إلى فضل مجهود وحركة وكدح من ناحــــية الرجال ،ليأتي بالأموال يقابلها فضل ناحية أخرى وهو أن للمرأة مهمة لا يقدر عليهـــــــــا الرجال ،فهي مفضلة عليه فيها ،فالرجل لا يحمل ولا يلد ولا يحيض ،ولذلك قال الحــــــــق سبحانه ( و لا تتمنوا ما الله به بعضكم على بعض ) ، لمن الخطاب هنا ؟ ،إنه الخطاب للجميع ،وأتى بكلمة البعض هنا أيضا ليكون البعض مفضلا في ناحية ،ومفضولا عليه في ناحيـــة أخرى ،إذن فللرجل فضل القوامة بالسعي والكدح ،أما الحنان والعطف والرعاية فهـــــــي ناحية مفقودة عند الرجل لانشغاله بمتطلبات القوامة ،وأعمال الرجل في البيت لا يؤثر فـــي رجولته ،بل يزيدها جمالا وهيبة سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها ياأم المؤمـــــــنين ،أي شيء كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك ؟قالت (ما يفعل أحدكم في مهنة أهلـــــــــــه ،يخصف نعله ويخيط ثوبه ) انتهى تلخيص كلام أستاذي الشعراوي فضل الله الرجل على المرأة بالأعمال الثقيلة التي لا تطيقها المرأة كالأعمال في الحقول ورعي الماشية وغيرها من الأعمال الشاقة ،أما المرأة فقد يسر لها ما تطيقه من الأعمال كالطبخ والطرز وتنظيف البيت والثياب وغير ذلك ،وأســــــند الله القوامة للرجل بقدرته على تحمل المشاق كتسيير البيت ومراقبة أحوال الأطفــــــــــال والأم وتقريب الطعام لهم ،أما التسلط والقهر لأهل البيت ،فهما مرفوضان لدى الشارع والضــمير الحي ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) بمعنى أن المرأة الصالحة تستطيع أن تعيش تحت طاعة زوجها في سلام وخير وهي حافظة نفسها عن الفاحشة وأكل مــــال زوجها ،وكل هذا راجع إلى التربية الصالحة والخوف وتقدير المسؤولية ،كما أن المـــــرأة الصالحة تعيش في عش زوجها وهي تحافظ على كتمان سر شريك حياتها ،والويل كـــــــل الويل لمن بلغ أسرار الزوج إلى الغير ،وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم ،( إن من شر النـــــاس عند الله منزلة يوم القيامة ،الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر أحدهمـــــــــا سر صاحبه )( والــــاــــتي تخافون نشوزهن ) وهذا القسم الثاني وهي المرأة العاصية المتمردة التي تتكبر على زوجها بأخلاقها السافلة ،إنك أيها الرجل تستطيع بأخلاقك النبيلة أن تبتــعد عن مسلك المرأة التي لا تحمل ضميرا ولا تتخلق بسلوك حسن (فعظوهن واهجروهن فـــي المضاجع )بمعنى ابتعدوا عنهن في الفراش فلا تكلموهن ولا تقربوهن قال ابن عباس رضي الله عنه (الهجر ألا يجامعها على فراشه ،ويوليها ظهره ) ، فإن لم ترتدع فتضرب ضربـــــا غير مبرح ) ثم قال الخالق سبحانه ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) بمعنى فإن أطـــــعن أمركم فلا تلتمسوا طريقا لإيذائهن ،( إن الله كان عليا كبيرا ) بمعنى فإن الله أكبر منــــــــــكم وهو وليهن ينتقم من ظلمهن وبعد هذا جاء ترتيب العقوبات وهي تتصف بالدقــــــــــــــــــة الكاملــــــــة ،حيث تتجلى في الوعظ ،ثم بالهجران ثم بضرب غير مبرح وبعد هــــــــــــذا قال ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) بمعنى وإن خشيتم أيها الحكام مخالفة و عداوة بين الزوجين ،فوجهوا حكما عدلا من أهل الزوج ،وحكما عدلا من أهل الزوجة ،يجتمعــــان فينظران في أمرهما للخروج بنتيجة لمصلحة الجميع ( وإن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) بمعنى إن قصد كل منهما إصلاحا ذات البين ،وكانت نيتهما صادقة لوجه الله ،بارك الله في وساطتهما وبهذه الفضل يحصل بين الزوجين الألفة ،وألقى الله في قلوبهما المودة والرحمة ( إن الله كان عليما خبيرا ) بمعنى عليما بأحوال العباد حكما حكيما في تشريعه لهم ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ،وبالوالدين إحســــــاـــــنا ) بمعنى وحدوا الله وعظموه ،ولا تشركوا به شيئا من الأشياء ،سواء كان صنما أو غيره ،واستوصوا بالوالدين برا وخيرا ورحمــــة ( وبذي القربى واليتــــــاــــــمى والمســـــاـــــــكين ) بمعنى أحسنوا إلى الأقارب عامـــــة ،وإلى اليتامى والمســـاــــكـيـن خاصة ( والجار ذي القربى ) أي الجار القريب ،فله عليك حق الجوار وحق القرابة ( والجار الجنب ) بمعنى الجار الأجنبي الذي لا قرابة بينك وبينــــه ( و الصاحب بالجنب ) قال ابن عباس هو الرفيق في السفر ،وقال الزمخشري هو الـــــــــذي صحبك إما رفيق في سفر ،أو جار ملاصق أو شريك في تعلم علم ، أو قاعد إلى جنــــبك في مجلس ،فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنساه ( وابن السبيل ) أي المسافر الغريب الذي انقطع عن بلده وأهله ،( وما ملكت أيمانكم ) أي الممالك من العبيد والإماء ( إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ) أي متكبرا في نفسه يأنف عن أقاربه وجيرانه معجبا بنفسه يريد أن يظـــــهر بين الناس كأنه أعز هم ،أخي القارئ هذه آية جامعة جاءت حثا على الإحسان والأخـــــلاق ،بحيث أن من تدبرها حق التدبر أغنته عن جمال الكلام وأنفس المواعظ.

 

ما يستنبط من النص القرآني الكريم

 

من حق الزوج أن يؤدب زوجته ،ومن حقه كذلك أن يمنعها من الخروج من المنزل إلا بإذنه

 

ـ على الزوجة أن تطيع زوجها ، في الأمور المشروعة

 

ـ الالتجاء إلى التحكيم إذا لم تنفع جميع وسائل الإصلاح من طرف الزوج ،

 

ـ على الحكمين أن يقوم كل منهما بدوره من أجل إصلاح ما بين الزوجين

 

المراجع و المصادر

 

ـ صفوة التفاسير مج الأول ص 171

 

ـ تفسير القرطبي جـ1ص171

 

ـ مختصر ابن كثير ج 1ص 386                                                                    

 

                                                                

 

بقلم عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

محاضرة تحت عنوان

سورة الانفطار و تفسيرها

 

 

مضامين السورة

 

 

سورة الانفطار هي من السور المكية التي تدعو إلى التوحيد والعقيدة أكثر مما تدعو إلى التشريع ،وهي تعالج الانقلاب الكوني الذي يواكب قيام الساعة والحساب والنشر ،وما يظهر في ذلك اليوم الخطير من أحداث تدمع لها العين ،وتسيل لها العبرات ،وتبين هذه السورة أيضا حال الأبرار وحال الفجار ،ومما تنطوي عليه هذه السورة أيضا انفطار وانشقاق السماء وانتثار الكواكب ،وفي ذلك اليوم الرهيب تتفجر البحار و تختلط المحيطات بالبحيرات والأنهار ،ثم تتفكك هذه المياه إلى هيدروجين وأكسجين وتشتعل النيران في جميع المياه ،ويحصل هذا الأمر الخطير بضعف المجال المغناطيسي الذي فتح الطريق لرياح الشمس بالاقتراب من البحار و هنا يصطدم الكون مع مياه العالم ،ثم ترتفع الحرارة بآلاف الدرجات وفيها يقول الخالق سبحانه ( و إذا البحار سجرت ) التكوير 6 و بعد هذا تأتي الآية الكريمة ( و إذا البحار فجرت ) و معنى فجرت ارتفعت الحرارة واشتدت وسخنت ،ثم تحدثت السورة الكريمة عن الإنســـــاـــــن الجاحد الكافر بنعمة خالقه وشطب على ما أعطاه من نعم وخيرات فقال جل وعلا ( يــــاــأيها الانســــاـــــــن ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك ) سورة الانفطار الآية 8 يتضمن النص يا مغرور لماذا خرجت عن طريق الحق وغامرت بنفسك ،وأنت لا حول لك ولا قوة ،لقد خلقك ربك في أحسن صورة ،ومع ذلك تشمخ بأنفك وتتعجرف ،سوف تعرف قيمتك عند ربك يوم الحساب ،وفي السورة أيضا ما يفعله العبد من خير أو شر،والملائكة تسجل عليه ما يرتكبه في حياته ،وفي السورة أيضا انقسام الناس في الآخرة إلى قسمين ،القسم الأول قسم الخير والإحسان ،والقسم الثاني قسم الشر أو قسم الفجار ،وفي هذا الشأن يقول الخالق سبحانه ( إن الابرار لفي نعيم ،وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين ) سورة الانفطار الآية 15 وانتهت السورة بعدم قوة المخلوق أمام خالقه ،حيث يقف عاجزا أمام خالقه لا ينفعه أحد إلا ما قدمت يداه.

 

لغة النص القرآني

 

 

انفطرت ـــــ ( انشقت )   بعثرت   ( قلبت )   غرك ( خدعك )   سواك ( جعل أعضاءك سليمة سوية ) يصلونها ( يدخلونها ويذوقون لهبها وحرها )

 

 

فضل سورة الانفطار

 

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من قرأ سورة الانفطار وهو مسجون أو مقيد وعلقها عليه سهل الله خروجه وأصلح حاله عاجلا بإذن الله ) البرهان ج 4 ـ ص 435 وقال صلى الله عليه وسلم ( من قرأ سورة الانفطار عند نزول الغيث غفر الله له بكل قطرة تقطر )

 

 

تفسير النص القرآني

 

 

في يوم القيامة تنفطر السماء وتنشق بأمر الخالق سبحانه ،وذلك لنزول الملائكة كما قال تعالى ( و يوم تشقق السماء بالغــمـاــم ونزل الملــاـــئكة تنزيلا ) سورة الفرقان الآية 25 ثم قال سبحــــانه ( و إذا الكواكب انتثرت ) بمعنى أن نجوم السماء تتناثر وتزول عن بروجها وأماكنها ومضى الحق سبحانه قائلا ( و إذا البحار فجرت ) الانفطار بمعنى أن بحار الأرض اختلطت ببعضها وأصبحت بحرا واحدا ـوفي هذا إعلان بقيام الساعة والنفخ في الصور في انتطار الخروج من القبور ،ثم قال جل وعلا ( و إذا القبور بعثرت ) أي أن القبور عند قيام الساعة تنقلب وتتبعثر ويصبح ما كان في بطنها ظاهرا على سطحها ، و هذا كله راجع إلى استعداد ليوم البعث والحساب ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصــــاــــحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم شأن يغنيه ) سورة عبس الآية 37 ثم قال الخالق جل وعلا (علمت نفس ما قدمت وأخرت ) سورة الانفطار بمعنى أن في ذلك اليوم الرهيب تعلم هذه النفس ما قدمت وأخرت ،ما قدمته من خير واضح ،وما أخرته من شر فاضح ،يقول الإمام الطبري رحمه الله ( ما قدمت من صالح الأعمال وما أخرت من عمل طالح ) و بعد هذا تعرض الخالق لأحوال الآخرة وأهوالها وشدائدها ،فأشار لذلك الإنسان المغرور الذي جعل من الدنيا الراحلة غايته الكاذبة فقال ( يـــــاـــأيها الانســــاـــــن ما غرك بربك الكريم ) الانفطار بمعنى أي شيء خدعك حتى خرجت عن طاعة خالقك العظيم، وتجرأت وعصيت أمر ربك الكريم ،تركت طريق الفوز يا مغرور وانقلبت على ربك الذي جعلك سويا سالم الأعضاء تسمع وتعقل وتبصر ،ولكنك مع الأسف ،لم توظف هذه الأدوات الرفيعة في أماكنها لتزيدك نورا وشرفا يوم لقاء ربك ،فقد ركبك خالقك في أحسن صورة شاءها لك واختارها ،ومع ذلك انقلبت عن ربك وقابلته بالعصيان إنه خالقك الذي وهب لك الحياة والصحة وكل وسائل الخير ،انتظر يا مغرو الحكم القاسي المقبل ( يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من أتى بقلب سليم ) سورة الشعراء الآية 88 ثم وجه الله التوبيخ للمشركين على تكذيبهم بيوم القيامة والحساب والجزاء ،والذين يكذبون بيوم الدين فهم في ضلال ،وبالتالي فهم في جهنم يصلونها ( قالوا لوكنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) سورة الملك الآية 10 ثم قال الخالق جل وعلا ( كلا بل تكذبون بالدين ) الانفطار الآية 9 أي تأملوا يا أصحاب الضلال ،ولا تغتروا بما أنتم فيه من أمراض ،كتكذيبكم بيوم الحشر والنشور الذي فيه يعز المومن الصالح أو يعذب الكافر ويهان ،ثم قال الحق سبحانه ( و إن عليكم لحــــــاــــــفظين ) سورة الانفطار الآية 10 أي والحال هذه أن عليكم ملائكة حفظة يضبطون أعمالكم ويراقبون تصرفاتكم ( قال القرطبي ( أي عليكم رقباء من الملــــاـــئكة ( كراما كــاـــتبين يعلمون ما تفعلون ) الانفطار 12 أي يعلمون ما يصدر عنكم من خير أو شر و يسجلونه في صحائف أعمالكم التي تجدونها يوم القيامة أمامكم كحجة لكم أو عليكم ،فطوبى لمن فعل خيرا وتنعم به ،وويل لمن فعل شرا وتعذب به ثم بين الله جل وعلا انقسام الناس إلى أبرار هم في جنة النعيم ،وفجار مقرهم جهنم يتعذبون فيها ،وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله ( إن الابرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) ثم قال جل شأنه ( و ما هم عنها بغائبين ) وهؤلاء الكفار ما هم عنها ببعيدين عن هذه النار التي هي في انتظار هم بشوق واعتزاز ثم قال الخالق العظيم ( و ما أدراك ما يوم الدين ) سورة الانفطار يفهم من النص التهويل والتعظيم لذلك اليوم الرهيب ،ثم قال سبحانه ( و ما أدراك ما يوم الدين ) أعيد النص للزيادة من هول الموقف وتعظيمه ، كقوله سبحانه ( الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة ) سورة الحاقة الآيتان ( 1 ، 2 ) كأن الله سبحانه يقول يوم الجزاء يوم عظيم لا يدري أحد مقدار هوله ،فهو فوق الوصف والبيان ثم يأتي النص العظيم ليفاجئنا بسحره وبيانه ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ) يفيد النص أن المرء في ذلك اليوم لا يجد أحدا ينفعه ،أو يدافع عنه ،وجا ء ختام النص بهذا التعبير المشوق ( و الأمر يومئذ لله ) بمعنى وأمر ذلك اليوم لله وحده لا ينازعه فيه أحد .

 

 

بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

المصـــــــــــــــــــــادر

 

 

صفوة التفاسيرــ للشيخ الصابوني ج 3  

تفسير القرآن العظيم ــ لابن كثير ج 3

تفسير القرطبي ـــــ الجزء العاشر

المختار من تفسير القرآن العظيم للشيخ محمد متولي الشعراوي

 

 

محاضـــــــــــــــــــــــــرة

تحـــــــــــــــــــت عنوان

تفسير القرآن بالقراءات و الرسم القرآني

 

المقدمة

 

الرسم هو علم يبحث فيه عن عوارض المصاحف القرآنية من حذف وزيادة ووصل وفصل ،وغير ذلك مما يندرج تحت هذا العلم ،أو هو علم يخالف الرسم القياسي في قراءة حروفه ،فنجد مثلا في الرسم القرآني حروفا تكتب ولا تقرأ مثل ( لأاذبحنه ) فالألف رسمت في الكلمة ولكنها لا تنطق ،ونجد لفظة ( بأييكم ) رسمت بياءين ولكنها لا تقرأ إلا بحرف واحد ،وهذا راجع إلى الإعجاز الرسمي الذي لا يصل إليه العالم إلا بالفتح الرباني كما قال الإمام الكسائي ،والعلامة ابن البنا المغربي أما العلم القياسي فهو كل ما يكتب ينطق به مثل ( أحمد ) و( علي ) و( محمود ) فحروف هذه الأسماء كلها تقرأ وينطق بها ، باعتبار أنها من الرسم القياسي.

 

 

علم القراءات

 

 

هي ألفاظ صوتية جاءت من الخالق جل وعلا تيسيرا وتخفيفا على الناس من أجل الوصول إلى الإيمان بالله ، فالقرآن نزل لإدراكه والعمل به ،ولكي يتحقق هذا الأمر فلا بد أن يكون هذا القرآن مسايرا يتماشى مع لهجاتهم وفصاحتهم ،فالعربي مثلا كان يعرف حرف العين بدل حرف الحاء ،فجاء القرآن وصحح لهم ( عتى عين ) بصيغة ( حتى حين ) بحرف الحاء التي هي من لغة قريش ،وهكذا صار الرسول الكريم يسير معهم بما يراه مناسبا لهم ومسايرا لمداركهم وعقولهم .

 

 

الموضوع

 

 

تفسير القرآن بالرسم القرآني

 

 

النص المفسر بالرسم قال الحق جل وعلا ( قال يـــــــاـــــموسى إني اصطفيتك على الناس برســاـــلتي وبكـــــــــــلـاـــــــــــمي فخذ ما ءاتيتك وكن من الشـــــــــاــــكرين ) سورة الأعراف الآية 144 حكم الخالق العظيم بحذف حرف الياء من لفظة ( يـــــــاـــــموسى ) للدلالة على قرب الله سبحانه من نبيه موسى عليه السلام ،وما دام حرف الألف يدل على السرعة ،فقد طوى الله المسافة بينه وبين نبيه الكريم موسى عليه السلام وبذلك تكون المسافة الرمزية بين الله ورسوله قد غطاها الله بالشرف والرحمة ،وحذفت الألف من كلمة ( برســــــــاـــــلتي ) للرفع من قدرها وشرفها ،وهي رسالة يغطيها النور والهداية لزرع الرابطة البشرية بين الناس في الأرض ،وحذفت الألف أيضا من لفظة ( وبكلــاـــــــــمي ) للدلالة على المحبة القوية بين الخالق جل وعلا وبين رسوله موسى عليه السلام ،وحذفت لفظة ( وبكلامي ) للإشارة إلى المحبة الدائمة القوية الممنوحة لهذا الرسو ل ا لرائد الكريم الذي تشهد له الوثائق العلمية بأنه قائد شجاع ،ورائد بطل ،ولهذا جاء نداء الخالق بصيغة ( يا موسى ) التي تحمل بين طياتها إني أحببتك حبا قويا واصطفيتك على الناس بقوة هذه الرسالة وبكلامي الذي فضلتك به على أهل زمانك ،ونداء الله بدون واسطة زاد من تشريف الله له ولرسالته التي غطت بنورها المجتمع البشري المومن ،ويستفاد من حذف ألف كلمة ( الشـاكرين ) الانفراد والوحدانية ،وأنه قريب من عباده في الرحمة والمحبة ومنفرد في تصرفه وحكمه من حيث البقاء والدوام ،كما يفيد حذف الألف من جانب آخر أن قدرة الله فوق كل قدرة لا يقترب منها كائن مهما كان في عظمته وقدرته ،وبعد هذه العطاءات الإلهية المستفادة من حذف الألف ـ والله أعلم ـ نجد الله سبحانه يأمر نبيه موسى بتكثير من الشكر باعتبار أنه لب التقرب إلى الله جل وعلا ،ويضمن النص أيضا المزيد من الشكر باعتبار أنه هو المعطي دون غيره ،ويتضمن هذا النص أيضا مواعظ وتفصيل الأحكام المبثوثة في التوراة ،التي أمره الخالق جل وعلا أن يأخذ ها بحزم وجد وقوة وما تتضمنه من هذه الأحكام هي بالدرجة الأولى في صالح قومه ،هذا مع الحث على اختيار الأفضل من هذ ه التوراة كالعفو المفضل على القصاص والصبر المفضل على الانتصار .

 

 

النص القرآني الثاني المفسر بالرسم القرآني

 

 

 

قال الحق سبحانه ( وفرش مرفوعة ،إنا أنشأنـــــــاــــهن إنشاء فجعلنــــــاــــهن أبكارا عربا أترابا لأصحــــــاـب اليمين ) معنى ( و فرش مرفوعة ) أنها فرش عالية جميلة بلغت الغاية في الجمال والكمال ،وحذفت الألف من كلمة ( أنشأناهن ) للإشارة إلى أن نساء الجنة خلقهن الحق جل وعلا خلقا جديدا مع إبداعهن إبداعا عجيبا ،قال العلماء و معنى إنشاء النساء أن الله تعالى يخلقهن في الجنة خلقا آخر في غاية الحسن ،بخلاف الدنيا فالعجوز ترجع شابة والقبيحة ترجع جميلة ،وحذفت الألف من لفظة ( فجعلناهن أبكارا )على أن الله جعل النساء عذارى جميلات تشتهى لأزواجهن ،ولم تأت كلمة ( أبكارا ) بإثبات الألف إلا لتأكيد جمالهن ـ والله أعلى وأعلم ) و وردت كلمة ( أترابا ) بإثبات الألف للإشارة إلى أنهن في سن واحدة مع أزواجهن أي في سن ثلاث وثلاثين ،وعن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى ( إنا أنشأنـــــــــــاــــهن إنشاء فجعلنــــاــهن أبكارا ) فقال يأم سلمة هن اللواتي قبضن في الدنيا شمطا بضم الشين وسكون الميم ،عمشا بضم العين وسكون الميم ،نمصا بضم النون وسكون الميم جعلهن الله بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد في الاستواء،وفي حديث الرسول الكريم إن امرأة عجوزا جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ،ادع الله أن يدخلني الجنة ،فقال يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز ،فولت تبكي ،فقال أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ،فإن الله يقول ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا ) أي أن نساء الجنة كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا .

 

 

 

النص القرآني المفسر بالقراءات

 

 

قال الحق جل وعلا ( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ،ثم يعيده ) سورة العنكبوت الآية 19 القراءات قرأ حمزة والكسائي ( تروا ) بتاء الخطاب لمناسبة صيغة الخطاب التي ورد ذكرها في قوله جل وعلا ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ) و المعنى ( قل يا محمد لهؤلاء الكفار المكذبين برسالتك ( أو لم تروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ) ،ومع هذا النص القرآني العجيب تظهر الدلالة والبرهان على وحدانية الخالق ،وقدرته ،فلم يبق مع هذه القدرة إذن إلا الانفراد بعبادة الله والتقرب إليه جل وعلا دون سواه وقر أ الباقون بياء الغيب على أن الضمير عائد على الأمم السابقة في قوله سبحانه ( و إن تكذبوا في كذب أمم من قبلكم ) رقم 18 والمعنى أولم ير من مضى من سالف الأمم الطاغية التي أنكرت وجود الله كيف يبدئ هذا الكون وينشئه ويبدعه مع قدرته سبحانه على إعادته وإنشائه من جديد ،وانطلاقا من هذه القدرة الظاهرة لهؤلاء الكفار كان يجب عليهم الإيمان بهذا الخالق العظيم ،ولكنهم مع هذه القدرة العظيمة لم يجدوا أمامهم إلا الكفر والجحود ،وبذلك استحقوا غضب الخالق إلى حين عودتهم إليه لمكافأتهم بالذل والخزي والعذاب ،علما أن قراءتي الإمامين أنهما من الله العظيم ،وكل ما في الأمر أنهما قرآ بصيغة نزلت من السماء بواسطة جبريل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم .

 

 

جهود المفسر

 

 

جهود المفسر تبقى ضالة إذا لم يستعن بالقراءات ،وفي رأيي أنه لا يصل إلى التوفيق في عمله دون الاعتماد على هذه القراءات ،وباعتماده عليها يمكن أن يفلح في تفسير النصوص بالقراءات ،ومن ضمنها هذا النص الذي نحن بصدده، و على هذا فيظهر له أن قراءة النص بالخطاب تفيد ألم تتأملوا أيها الكفار لتصلوا إلى الاعتراف بخلق هذا الكون وما يظهر فيه من عجائب وغرائب وما ترونه من مفاجآت علمية ومعجزات كونية تشهد بالقدرة المطلقة لهذا الخالق العظيم ،ومن جانب آخر تفيد قراءة النص بالغيب يا أصحاب العصور الماضية أ لم تفكروا في خلق هذا الكون الذي تتجلى عظمته من خلال ما تشاهدونه وترونه من براهين على وجوده سبحانه

 

 

النص المفسر بالقراءات

 

 

قال الخالق العظيم ( إن في ذلك ءلايـــــاـــــت للعـــــاــــــلمين ) سورة الروم الآية 22

 

 

القراءات

 

 

قرأ حفص لفظة ( للعالمين ) بكسر اللام قبل الجيم باعتبار أنه جمع (عالم ) وهو الذي يفكر ويجتهد ويستنبط ،والعا لم يكون مطلعا على جميع الأشياء،والعالم ضد الجاهل ،والعلماء هم الذين يجتهدون ويستنبطون دون الجاهلين ،الذين هم في غفلتهم دون معرفة بما يجري في هذا الكون، بدليل قول الحق سبحانه ( وما يعقلها إلا العالمون ) سورة العنكبوت الآية 43 فأخبر الخالق جل وعلا أن الذين يفكرون ويعقلون هم العالمون دون الجاهلين،والمفسر بعلم القراءات يكون ذا خبرة واسعة وبدونها يبقى ضيق الأفق ،ومن هذا المنطلق فإن المفسر بدون خبرة في علم القراءات في الغالب لا يكون ناجحا في جهوده ،لأن كسر اللام أو فتحه في لفظة ( العالمين ) يفتح الطريق أمام المفسر ويتسع أفقه وقرأ الباقون بفتح اللام للدلالة على شمولية العلم إذ لا فرق بين الجاهل والعالم غير أن معرفة الجاهل تكون محدودة ،ومعرفة العالم تكون مبنية على القواعد المعرفية .

 

 

المصــــــادر

 

 

1ـ المغني في توجيه القراءات العشر ج 3 ص 134 للدكتور محيسن

2 ـ المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة ج 3 ص131 للدكتور محيسن القرآني

3 ـ الكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 347 لأبي طالب القيسي                      

4 ـ أسرار الرسم القرآني    لعبد المجيد العرابلي  

5 - رسم المصحف وضبطه للدكتور شعبان ص38

6 التواصل بين إعجاز الرسم القرآني والإعجاز العلمي للدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي ص20

 

 

بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي  الادريسي

                    

 

محاضرة

 

تحت عنوان

 

إكمال فريضة الحج وإتمام العمرة

 

الحمد لله رب هذا الكون العظيم ورائد هذا العالم الرهيب ومسير هذا الفضاء الواسع المدهش ،والصلام والسلام على نبي الرحمة وقائد هذه الأمة وحامل راية النعم والنعمة وبعد ،فإن كتاب الله ما زال يحمل مشعل الهداية والرحمة ويرفع راية الأمان والسلامة ،كما أنه مازال يخطو بقافلة الدين نحو النجاح والتوفيق والسمو،كما أن هذا القرآن العظيم ما زال يؤيد رسالة محمد النبي العربي الأمي الذي تعرض لكثير من المحن من أجل إصلاح العقول البشرية والدفع بها نحو البناء الروحي والتكوين النفسي ،وجاء هذا القرآن العظيم يخدم رسالة محمد لتبقى شامخة ترفع من شأن الإسلام والمسلمين مدى الحياة ،وكيف ما كان الحال فإن الرسول الكريم جاء لإصلاح الفساد الذي اعتنقه العرب والمنحرفون ،كما أتى لإحياء العقول الطاغية والنفوس المتطرفة ،وما هي إلا فترات حتى كان نور الإسلام قد خيم على أرجاء المعمور ،ورغم ما بذله ا لصحابة والتابعون و رجال الفكر والعلم من تطوير للمعارف ،فإننا مع ذلك نجد المسار العلمي ما زال في حاجة إلى تبسيط ما وقع أمامهم من معارف ،ليستطيع الشباب وأنباء العصر فهم واستيعاب ما تقع عليه أعينهم من تراث ، من غير تعقيد ولا تطويل ولا تكلف لأن العلم يبقى معلقا لا يفهم حتى يكون خاضعا للتيسير .

 

فضاء الموضوع

 

سبب النزول   عن ابن عباس رضي الله عنه قال ( كان أهل اليمن يحجون ولا يترددون ،ويقولون نحن المتوكلون ، فإذا قدموا مكة سألوا الناس ،فأنزل الله (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى )رواه البخاري وأبو داود

 

فضل سورة البقرة

 

ورد في صحيح البخاري رضي الله عنه قال لأبي سعد بن المعلى (لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم )الذ ي أوتيته ) .

 

تسمية السورة

 

تسمى هذه السورة بالفاتحة وأم الكتاب والسبع المثاني والشافية والوافية والكافية والأساس والحمد )وقد قال العلامة القرطبي في حقها إن لهذه السورة اثني عشر اسما .

 

ما يستنبط من سورة البقرة

 

تحتضن هذه السورة عدة معاني     منها أصول الدين وفروعه ،فهي تتناول العقيدة مع العبادة والتشريع ،والاعتقاد بالله واليوم الآخر والدعاء والتوجه إليه ،كما تتناول نهج سبيل الصالحين ،وتجنب طريق المغضوب عليهم والضالين كما أن هذه السورة تحتضن الإخبار عن قصص الأمم السابقة والاطلاع على معارج السعداء ،ومنازل الأشقياء الخ .

 

النص القرآني المقرر

 

تعبير النص القرآني هو كما يلي (وأتموا الحج والعمرة لله ،فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ،ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ،فمن كان منكم مريضا أوبه أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ،فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ،فمن لم يجد فصيام ثلـــــــاـــــثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذ الك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ،واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب ،الحج أشهر معلومات ،فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ،وما تفعلوا من خير يعلمه الله ،وتزودوا ،فإن خير الزاد التقوى ،واتقون يـــــاـــــأولي الألبــاـــب ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ،فإذا أفضتم من عرفـــــاــــت فاذكروا الله عند المشعر الحرام ،واذكروه كما هديــــــاــكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ،ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ،واستغفروا الله ،إن الله غفور رحيم ،فإذا قضيتم منـــــاــــسككم فاذكروا كذكركم ءاباءكم أو أشد ذكرا ،فمن الناس من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلــــاـــق،ومنهم من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولـــــاــــــــئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب ،واذكروا الله في أيام معدودات ،فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ،ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا إليه تحشرون ) الآيات 195 ـ 196 ـ 197 ـ 198 ـ 199 ـ 200 من سورة البقرة .

 

التفسير والتوضيح

 

النص القرآني     ( و أتموا الحج والعمرة لله ) التحليل أي أدوهما تامين بأركانهما وشروطهما لوجه الله ـ النص القرآني (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) التحليل المعنى إذا منعتم عن إتمام الحج أو العمرة بمرض أ و عدو وأردتم التحلل فعليكم أن تذبحوا ما تيسر من بدنة أو بقرة أو شاة ) النص القرآني (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) المعنى هذا النص القرآني معطوف على قوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله )وليس معطوفا على قوله جل وعلا (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي )كما قال العلامة ابن جرير رحمه الله ،لأ ن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية لما حصرهم كفار قريش عن الدخول إلى الحرم حلقوا وذبحوا هديهم خارج الحرم ،فأما في حال الأمن والوصول إلى الحرم فلا يجوز الحلق ، النص القرآني (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك )التحليل فمن كان منكم مريضا معشر المحرمين أو جماعة العابدين لله بالقلوب والتضرع للخالق جل وعلا بمرض يتضررمعه ،أو كان به أذى من رأسه مثل القمل والصداع فحلق في الإحرام ،فعليه فدية وهي إما صيام ثلاثة أيام ،أو يتصدق أو يذبح ذبيحة وأقلها شاة النص القرآني (فإذا أمنتم )تحليل النص أي إن كنتم آمنين لا خوف يقلقكم أثناء العمل من أول الأمر أو صرتم بعد الإحصار آمنين ، النص القرآني (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي )التحليل أي من اعتمر في أشهر الحج واستمتع بما يستمتع غير المحرم من الطيب والنساء وغيرها فعليه ما تيسر من الهدي ،وهو شاة يذبحها شكرا لله تعالى النص القرآني (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ) التحليل أي من لم يجد ثمن الهدي فعليه صيام عشرة أيام ،يصوم ثلاثة أيام حين يحرم بالحج ،ويصوم سبعة أيام إذا رجع إلى وطنه النص القرآني (تلك عشرة كاملة )التحليل أي عشرة أيام كاملة من غير نقصان ،فهذه تجزئ عن الذبح مع ثواب كامل ما دامت النية صادقة النص القرآني (ذلك لمن لم أهله حاضري المسجد الحرام )التحليل النصي يفهم من ذالك أن التمتع أو الهدي فإنه خاص بغير أهل الحرم ،أما سكان الحرم فليس لهم تمتع كما أنه ليس عليهم هدي ، النص القرآني (واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب )التحليل أي خافوا الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه واعلموا ياأصحاب الآخرة والدموع أن عقاب الله جل وعلا شديد لمن خرج عن الطريق وانحرف عن المسار ثم قال الله جل شأنه (الحج أشهر معلومات ) التحليل النصي يفهم من التعبير الرباني أن وقت الحج هو تلك الأشهر المعروفة لدى الناس وهي (شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة ) النص القرآني (فمن فرض فيهن الحج ) تحليل التعبير الرباني يفهم من النص الكريم إلزام النفس الحج بالإحرام والتلبية ، النص القرآني الكريم (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) تحليل النص المقدس يفهم من الكلمات الثلاث (الرفث والفسوق والجدال في الحج )أن معنى (الرفث) هو الجماع ويفهم منه كذلك أن ياتي بمعنى التقبيل والمباشرة ،والرفث باليد يفهم منه اللمس والغمز ،وقد أدى باجتهاد العلماء أن في الإنسان قوى أربع 1قوة شهوانية بهيمية 2 قوة سبعية غضبية 3قوة وهمية شيطانية 4 قوة عقلية ملكية ،وقد جاءت العبادات لمصلحة الناس من أجل قهر الأمور الثلاثة التي تنحصر في القوة الشهوانية والقوة الغضبية والقوة الوهمية ،ومعلوم أن النار لا يطفئها إلا الماء ،فكذلك هذه القوى الثائرة لا يقمعها إلا هذه العبادات ومن هذا المنطلق فإن( فلا رفث) فيه إشارة إلى قهر القوة الشهوانية ومعنى (ولا فسوق ) فيه إشارة إلى القوة الغضبية التي ينشأ عنها التمرد والطغيان (ولا جدال ) فيه إشارة إلى القوة الوهمية التي تدفع المرء إلى الجدال والمنازعة وفي ذات الخالق وأفعاله وأحكامه وصفاته ،ومعلوم أن منشأ الشر محصور في هذه الأمور الثلاثة ،ومن أجل هذا جاءت قوة العبادات تدفع هذا الشر ،ومعلوم أن الجدال هو أخطر من (الرفث)و(الفسوق ) فإذا كان الرفث عبارة عن قضاء الشهوة ،فإن الجدال يحرك دواخل الإنسان ومشاعره حتى تصبح نفسه خاضعة لارتكاب الجرائم كلها ثم قال الله ما معناه فيما بقي من النصوص وما تفعلوا من خير يجازيكم الله عليه ،في الآخرة ، لأن الدنيا راحلة علما أنكم تتلذذون بالإيمان ما دمتم تخافون الله ،واذكروا الله كثيرا أيام عرفات واقتربوا من خالقكم بالدعاء والتكبير والتهليل عند المشعر الحرام بالمزدلفة وداوموا على ذكر الله واشكروه على نعمة الهداية لأنكم كنتم قبل هدايته في قائمة الضالين الجاهلين بالإيمان وشرائع الدين ، و هذا الخطاب موجه لقريش الذين كانوا يقولون نحن أهل الله وسكان حرمه فلا نخرج منه ،ثم جاء أمر الله للناس بالاستغفار من المعاصي ،لأن الله غفور رحيم بعباده ،ثم أمرهم بذكره إذا انتهوا من أعمال الحج ،علما أن الناس منهم من يطلب الدنيا ومنهم من يطلب الآخرة ، وتكبير الحجاج يكون بعد الصلوات ورمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر ،ويكون الحج كاملا بالتقوى ،وختم الله كلامه بأن سائر المخلوقات راجعة إليه جل وعلا للمحاسبة والجزاء ،سيدي القارئ الحبيب ،إذا وجدت خللا في الأسلوب ،أو التواء في التعبير فالكمال لله وحده ،وشكرا من الأعماق ( سلام وإهداء السلام من البعد   دليل على حفظ المودة والعهد ).

 

المصادر و المراجع

 

1روائع البيان للشيخ الصابوني   ص 237

 

2 صفوة التفاسير للعلامة الصابوني ص128

 

3 تفسير القرآن العظيم   لابن كثير ص346

 

4 المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ص49

 

بقلم الباحث د عبد السلام الهبطي

 

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      

 

 

محاضرة في التفسير

 

تحت عنوان

 

(للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)

 

 

 

المقدمــــــــــــــــــــة

 

 

 

التعريف بعلم التفسير

 

 

 

التفسير هو علم يفهم به كلام الله وبيان معانيه ،واستخراج أحكامه وحكمه ،هكذا قال أحد علماءعلوم القرآن ،إن كلام الله هو نور أنزله الله من اللوح المحفوظ على قلب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام ،وعلم التفسير هو رافد مهم جدا برز وجوده ليفتح قلب المفسر لاستخراج جوانب مشرقة كانت كامنة في قلب كتاب الله ،إذ لولاه ما كان لأي عالم كان أن ينال منه ما يرضي نفسه وجمهور المفسرين ،فالتفسير إذن هو سلاح العالم لهذه العلوم والتفسير هو الزاد الروحي للباحث ،الذي يرى أن عشاق هذه المادة لا يطمئنون إلا بوجود هذا النور يسري في قلوب العلماء كما يسري الآجال في الأعمار .

 

 

 

النص القرآني المفسر

 

 

 

قال الخالق جل وعلا ( و الله يدعوا إلى دار السلــاـم ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ،للذي أحسنوا الحسنى وزيادة ،ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولـــــاــــئك أصحـاب الجنة ،هم فيها خـــــــاــلدون ،والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عـــــاـصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من اليل مظلما ،أولــــــاـــئك أصحــــاـب النارهم فيها خـــــــاــــــلدون ) سورة يونس الآية25

 

 

 

القراءات

 

 

 

قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بتسهيل الهمزة الثانية ( يشاء إلى ) و بإبدالها واوا خالصة وصلا وقرأ القراء الباقون بإثباتها صراط قرأ قنبل ( سراط ) بالسين ،وقرأ الباقون بالصاد لتوافق الطاء في القوة ،لكن مع هذا تبقى في حاجة إلى إشمام هذه الصاد زايا لإنقاذها من الهمس وهو ضعف في الكلمة .

 

 

 

الإعراب

 

 

 

( والذين كسبوا )ــ الذين مبتدأ وخبره ( جزاء سيئة )على تقدير ( و جزاء الذين كسبوا السيئات جزاء سيئة ) ( قطعا ) بفتح الطاء وكسر القاف من الليل ( مظلما ) جمع قطعة ( و مظلما ) حال من الليل

 

 

 

اللغة القرآنية  

 

    

 

( للذين أحسنوا ) بالإيمان وصفاء القلب ( الحسنى المثوبة وهي الجنة ) وزيادة النظر إلى وجه الله الكريم   كما في صحيح مسلم   وقيل الزيادة الفضل أو تضعيف الحسنات إلى عشر أمثالها ( ولا يرهق ) يغشى ( قتر ) غبرة فيها سواد ( ولا ذلة ) كآبة وهوان والمعنى لا يرهقهم ما يرهق أهل النار.

 

 

 

من مضامين سورة يونس

 

 

 

سورة يونس من السور المكية وهي تتعلق بأصول العقيدة الإسلامية وهي الإيمان بالله تعالى والإيمان بالكتب والرسل والبعث والجزاء وتتضمن السورة الرسالة التي زرعت في أرجاء المعمور أنوار الهداية والتوفيق والتآخي والتآزر والرسول الذي أخرج البشرية من الظلمات إلى النور ومن الانحراف العام إلى طريق الفلاح والنجاح ،وتتضمن السورة أيضا 1 التحدي الكلي وهو خطاب مباشر من الله للكفار بأن ياتوا بجزء من سورة هذا القرآن ولم يستطيعوا ،2 وخطاب للكفار أيضا بواسطة الرسول أن يطلب منهم بسورة مثله ولكنهم لم يستطيعوا ، ومما تضمنته سورة يونس عليه السلام قصص بعض الأنبياء كقصة نوح مع قومه وقصة موسى مع فرعون الجبار وتعرضت أيضا ليونس الذي سميت هذه السورة باسمه ،وكل هذه القصص تبين الخطة في القضاء على هؤلاء السفلة الظالمين ونصرة المؤمنين .

 

 

 

التفسير والتحليل للنص القرآني الكريم

 

 

 

قال الخالق جل وعلا ( و الله يدعوا إلى دار السلام ) بمعنى يدعوا إلى الجنة دار الخلود ومقر الرحمة والإقامة السعيدة التي يرى فيها أصحابها النعيم والسعادة والراحة الأبدية ( ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )   بمعنى يهدي الخلق ويوصلهم إلى طريق النور وسبيل الفوز ومقر الثبات والدوام ( وزيادة ) وهي النظر إلى وجه الخالق العظيم بدليل ما روى أحمد ومسلم وجماعة من الأئمة عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وقال ( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، و أهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون وما هو ؟ألم يثقل موازيننا ؟ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار ؟قال فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم ) ( ولا يرهق وجوههم قتر ) بمعنى لا يغشى وجوههم غبار ولا سواد كما يعتري وجوه أهل النار أو بتعبير آخر إن أصحاب الجنة يرون خالقهم بأعينهم كما قال القرآن والعلم ،ولا يجدون أي عائق في الطريق للنظر إليه سبحانه ،وذلك أن الله منحهم هيأة النظر إليه في الجنة بدل هيأة الدنيا ( و لا ذلة أولـــــاــئك أصحــــاــــــب الجنة هم فيها خــــــاـــدون ) بمعنى أن أصحاب الجنة لا يصيبهم هوان وصغار لماذا ؟لأنهم أصحاب الجنة الدائمة وأرباب النعيم ،فهم مكرمون يحبهم كل من شاهدهم ( و الذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها ) بمعنى أن من ارتكب ذنبا في الدنيا فسيجازى عليه في الآخرة ،ومن فعل خيرا فسيضاعف له في الجنة أما من فعل سيئة فيكون جزاؤها بمثلها وذلك عدلا منه جل وعلا ( و ترهقهم ذلة ،ما لهم من الله من عاصم ) بمعنى أن يصيبهم هوان وضعف وليس لهم أحد يمنعهم سخط الله وعقابه ،وكأنما ألبست وجوههم قطعا من الليل مظلما ،فهم بفعلهم السيئ خالدون لا يخرجون منها أبدا .

 

 

 

فضل سورة يونس

 

 

 

روى ابن أبي الدنيا عن أبي مودود قال بلغنا أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قرأ ذات يوم ( و ما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعلمون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه ) سورة يونس الآية 61 فبكى الخليفة العظيم عمر بن عبد العزيز بكاء شديدا حتى بكى أهل الدار لبكائه فجاءت فاطمة ودموعها تتساقط على خديها ،وبكى أهل الدار لبكائها فجاء عبد الملك فدخل عليهم والدموع تنهمر من أعينهم ،فقال يا أبت ما الدافع لبكائك ؟ قال وهو متأثر خير يا بني، ود أبوك أنه لم يعرف الدنيا ،ولم تعرفه، ثم مضى قائلا والله يا بني لقد خشيت أن أهلك ،والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أصحاب جهنم ومن أهل النار .

 

 

 

سبب تسمية سورة يونس

 

 

 

سميت سورة يونس بهذا الإسم لذكر قصته فيها وما تضمنته من العبر والمواعظ وتفيد السورة أيضا أنها تتعلق برفع العذاب عن قومه حين آمنوا بعد أن كاد يحل بهم البلاء والمصائب والعذاب القاسي،وهذا الأمر يعتبر من الخصائص التي خص الله بها قوم يونس لصدق توبتهم وإيمانهم ،وكانت معجزة أوراق اليقطين التي حفظته من الضياع وهو في قلب الصحارى والرمال شهادة له على التقدير العظيم لهذا النبي الكريم عليه السلام ولمكانته الرفيعة بين الأنبياء والحمد لله رب العالمين .

 

 

 

بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

المصـــــــــادر و المراجع

 

 

 

تفسير القرآن العظيم       للشيخ ابن كثير ص640

 

تفسير الجلالين           للشيخ الإمام السيوطي   ص211

 

صفوة التفاسير           للشيخ الصابوني ص581