القراءات

 

محــــــــــــــــــــــــــــاضرة

 

 

 

 

في التنغيم الحاصل من ارتفاع الصوت وانخفاضه

 

 

 

 

تتعدد طرق أداء الكلام بتعدد أغراضه وهو ما يعرف عند علماء الصوتيات بالتنغيم ولا يخفى على العلماء المحققين أثره في الوقوف على كثير من المعاني إذ هو يعين المستمع على فهم المراد ،فالأداء الصوتي للاستفهام يختلف عن الأداء الصوتي للتعبير عن التعجب وهما غير التعبير عن النداء وتأثر القارئ بالقرآن يكمن غالبا في أسلوب الأداء ،فمثلا منه الرتيب الممل الذي نسمعه من بعض الناس يقرؤون السورة من أولها إلى آخرها بنبرة واحدة يختلف فيها موقف الحزن عن موقف الفرح وهذه الرتيبة يصفها علماء اليوم أو يصفها بعض المحدثين بأنها رتيبة تموت فيها المعاني وتتسطح فيها العبارات أو بتعبير آخر إن قراءة النص يتضمن التعجب مثلا والقارئ قرأه بالنداء فهنا تختلط المعاني ومن معاني الترتيل المطلوب أداؤه مراعاة أغراض الكلام الذي في ضوئه تتفاوت نبرات الصوت انخفاضا وارتفاعا في سياق الكلام علما أن الله أودع في النفس الإنسانية طبيعة تأنف الكلام الذي يسير على وتيرة ونبرة ثابتة مستقرة في نفس الإنسان التي جبلت على حب التنوع واختلاف النبربشد نفس القارئ والسامع معا إلى الحديث وينبه الأذهان إلى المراد كما يترك أثرا في نفس المستمع والقارئ على حد سواء يمكن أن يوصف بأنه (الراحة النفسية )هذه صفة بارزة في كل آية من آيات الله ،فما من آية إلا ونجدها حوت أكثر من غرض في الحديث ،فإن أتقن الترتيل كانت النفس مشدودة إلى سماعه متأملة في معانيه كم هو مهم وضروري لقارئ القرآن أن يكون ملما بطرقة (الأداء الصوتي ) إن أداء الترتيل فن لا يجيده إلا من كان عالما باللغة فاهما مدركا للمعاني خبير بمواطن الوقف والابتداء عالما بالقراءة وأصولها ،وما أحوجنا إلى هذا الصنف من القراء فهؤلاء يوصلون بهذه الصفات إلى أذهان السامعين معاني الآيات ويفسرونها بمجرد الأداء المتقن فتكون قراءتهم بمثابة القيام بمهمة تفسير الآيات   وكم من آية نمر عنها ونقرؤها مرات ومرات لا ندرك من معانبها ما ندركه حين نسمعها من متقن عارف بمواطن الوقف والابتداء ومواطن خفض الصوت ورفعه

 

 

مثال للتوضيح

 

 

 

فحينما يقرأ القارئ قوله سبحانه (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )دون وقف على (الله )فإن السامع لا يفهم القارئ ولا يحصل له تأثر منه لكنه إذا وقف على (الله )ثم يبتدئ بما بعده (على بصيرة أنا ومن اتبعني )وهنا يضاف معنى جديد لم يكن يعرف مع عدم الوقف على كلمة (الله( .

 

 

 

تأثير القارئ الجيد الصوت في نفس السامع

 

 

 

من الجود وحده إذا كان يحسن الأداء هنا ا يمكن للقارئ أن يجر السامع عنده بصوته الجميل الجذاب إذا كان يحسن قواعد التجويد من تفخيم مثل (وما كان صلاتهم )فالقارئ إذا تلا (لا)بتغليظ اللام من نفس الكلمة فإن السامع لا بد أن يجد حلاوة في ترتيل القارئ وكذلك إذا سمعت أنا مثلا (فلا صدق ولا صلى )بترقيق اللام فلا شك أنني أتمتع بالصوت المرقق من كلمة (صلى )فالا نجذا ب يعود إلى القارئ والمهارة ترجع إلى المرتل وفي هذا الشأن يقول الشيخ ابن الجزري يرحمه الله (ولقد أدركنا من شيوخنا من لم يكن له حسن الصوت ولا معرفة بالألحان إلا أنه كان جيد الأداء ،فكان إذا قرأأطرب السامع وأخذ من القلوب بالمجامع وكان الخلق يزدحمون عليه ويجتمعون على الاستماع إليه )

 

 

 

نماذج قرآنية يبرز فيها دور التنغيم

 

 

 

فيما يخص الاستفهام قوله جل علاه (أفمن كان مومنا كمن كان فاسقا لا يستوون)سورة السجدة الآية 18 في هذه الآية واضح تماما أن النبر له دور كبير في بيان المعنى ،إذ لا بد من قارئ الآية الكريمة أن يخرج صوته على صيغة الاستفهام وأن يكون وقوفه على رأس كلمة (فاسقا )ثم يبتدئ بقوله تعالى (لا يستوون ) والقراءة بغير هذا لا تقف بالمستمع على المعنى كما لو قرأبالوجه الذي أشير إليه آنفا وهنا يلاحظ ارتفاع الصوت و انخفاضه الذي يؤدي معنى التعجب والإنكار المستفاد من الاستفهام وهنا يأتي قوله تعالى ( لا يستوون )بمثابة الجواب السريع ،والنغم تارة يكون نغما أفقيا وهو النغم الذي يتبعه سكتة خفيفة وهنالك نغم هابط وهو الذي يدل على انتهاء الكلام ومن باب التنغيم النداء كما في الآية ( يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك )فكم هو دور النغم في الآية ليعطي المعنى إذ المقطع الأول خطاب لرجل والثاني لامرأة فالنغم وحده هو الذي يفصل بين الخطابين وانظر كيف المقطع الأول من أداة النداء والذي يدل عليه فقط هو النغم ،وقد يكون اسم الكلمة واحدا إلا أن النطق يختلف مثل ( ألم ) و ( ألف لام ميم ) الأحرف المقطعة و( ألم ) على اعتبار الهمزة للاستفهام و(الألم من الإيلام فالنبر وحده هو الذي يحل الإشكال   ومن الأمثلة التي تظهر دور التنغيم (هاء الكناية )عند الوقوف عليه أنظر قوله تعالى ( ولقد همت به ) يوسف 24 لو أردنا الوقوف على الهاء من كلمة ( به ) لا بد من أن تكون النغمة صاعدة عند النطق بالباء لتظهر الهاء وإلا لتغير المعنى واختل النظم خاصة وأن تمام الآية يقتضي هذا التوازن الإيقاعي ( وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ) كما تجدر الإشارة إلى أن تغير النبر ( الصوت ) وتحويله ليناسب الأغراض هو الرسالة التي توصل المعنى إلى المستمع وقد نص بعض العلماء على ضرورة خفض الصوت في بعض المواطن ومن ذلك قراءة ( وقالوا اتخذ الله ولدا ) سورة البقرة الآية 116 وقول الله ( وقالت اليهود يد الله مغلولة ) سورة المائدة الآية 64 وقوله سبحانه ( وقالت اليهود عزير الله ،وقالت النصارى المسيح ابن الله ) سورة التوبة الآية 30 فخفض الصوت عند النطق به يؤدي للمستمع رسالة صوتية ونغمة موسيقية وليس له أصل أو حقيقة فانظر إلى هذا النغم الذي كان له أكبر الأثر في بيان تلك المعاني ،من هنا ندرك الأثر النفسي الذي يتركه الأداء السليم للنبر في ألفاظ القرآن ،فهو ينقل القارئ إلى اليقظة والتنبيه لقراءة القرآن بأدب واحترام فخفض الصوت في بعض المواطن كما هو الشأن في ( و قالت اليهود عزير الله ) ليس هو مطلوبا في (ذق إنك أنت العزيز الكريم ) وكما يظهر من النص أنه مكون من جملتين فعليتين الأولى فعلية ( ذق ) والثانية إسمية ( إنك أنت العزيز الكريم ) الأولى متلوة بوقفة قصيرة فيها صوت قوي يدل على حرارة الكلام أما الثانية فنجد فيها نبرات اشتملت على درجة عالية ثم أخذت الطريق في الانحدار إلى أن أصبحت منخفضة جدا في آخر الجملة لماذا هذا التوبيخ من الله للخارجين عن الطريق الجواب لأن كلمة ( ذق ) سلاح للعاصي الخارج عن طريق الحق فكلمة إنك أنت العزيز الكريم ) فهو ترحيب في محل توبيخ وتعذيب   و الله أعلى وأعلم.

 

 

 

( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا)

 

 

 

المراجــــــــــــــــــع

 

 

 

1- إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة للأستاذ محمد شملول ص17

 

2- محاضرات في علوم القرآن للدكتور غانم قدوري ص148

 

3- الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم للدكتور سامح القليني

 

 

 

بقلم الباحث الشاعرد عبد السلام الهبطي الإريسي

 

==========================================

 

محاضــــــــــرة

تحت عـــــــــــــــنوان

مساعدة القراءات للمفسر ورد قريش على القراء

 

 

 

بسم الله الحمــــــن الرحيم   قال أهل العلم القراءات هي تلك الألفاظ الصوتية واللغوية التي أباح الله بها قراءة القرآن تيسيرا وتخفيفا على العباد ويقول قائد التشريع والفقه محمد النبي صلى الله عليه وسلم (لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة ) ومن وجوه القرآن أو القراءات ما نقرِؤه في قول الحق سبحانه ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) سورة النمل الآية 87 فألف كلمة ( داخرين ) يعبر عنها القراء بالألف الوسطية ،ووظيفتها أنها تشير إلى الحكم العام بالدخول إلى النار ومن وجوه القراءات التي تفتح باب التيسير على المفسر ما نجده في قول الله جل علاه (ويوم ينفخ في الصور ففزع من في الـســمـاوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ،وكل ءاتوه ( د اخرين ) سورة النحل الآية 48 وما دام القرآن الكريم يفتح باب التيسير في وجوه العلماء والمجتهدين فإنهم يجدون ما يحلو لهم من التعامل مع ءايات الله كما نرى ذلك في قول الحق سبحانه ( والذي قدر فهدى ) سورة الأعلى ففي قراءة قدر بتخفيف الدال يكون المعنى أن الله قادر على إحياء الأموات وإخراجهم من قبورهم ،وقاد ر على تعذيبهم أو إنقاذهم من العذاب ،أما قراءة اللفظة بتشديد الدال ،فيكون المعنى أن الله قدر أرزاق العباد وقدر خيراتهم وقدر جزاءهم بالحياة أو بالموت

 

 

 

رد قريش على القراء

 

 

قال الحق سبحانه ( وكذلك نصرف الايــاـت وليقولوا درست ولبينه لقوم يعلمون ) سورة الأنعام يفيدنا النص القرآني الكريم أنه يتضمن ثلاث قراءات القراءة الأولى للشيخين أبي عمرو والثانية لابن كثير وهي ( دارست ) بالألف بعد الدال وفتح التاء فقراءة هذه اللفظة تفيد أن أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ( دارسوك ) أي ذاكرتهم وذاكروك بمعنى علمت هؤلاء اليهود وعلموك واستفدت منهم من التوراة والإنجيل واستفادوا منك ما هو معروف لدى مجتمعك ،مما عرفتوفي هذا الشأ ن قال الحق سبحانه ( وأعانه عليه قوم آخرون ) سورة الفرقان الآية 1 بمعنى أن اليهود أعانوا النبي صلى الله عليه وسلم وساعدوه على حفظه ،وهذا ما أشار إليه المشركون ( وقالوا أساطير الأ ولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) الفرقان الآية 5 وبصيغة أخرى ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ) النحل الآية 24 أما الوجه الثاني فياتينا من الشيخ ابن عامر رحمه الله الذي قرأ ( درست ) بإسكان التاء وتفيد هذه القراءة معنى التهديد والتهويل أي (فليقولوا بما شاؤوا فإن الحق بين وواضح كما أشار إلى ذلك قوله جل علاه ( فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا ) بمعنى أن المنكرين لهذه القراءة يعيشون في سخط وعذاب ،وجاءنا الإمام نافع عليه رحمة الله قائلا لنا أن قراءتي كما تشاهدون ( درست ) بحذف الألف وفتح التاء بمعنى أنك يا نافع قرأت عليهم واستفدت منهم دون أن يستفيدوا منك وعلى هذا فيكون نافع قرأ على اليهود والنصارى واستقل وحده بالدراسة عليهم ،وتكون قراءة درست بحذف الألف بعد الدال و سكون التاء بمعنى حاضت والحيض يجب الابتعاد عنه كما قال ربنا جل وعلا ( ولا تقربوهن حتى يطهرن ) بسكون الطاء والهاء وقرأ حمزة و الكسائي ( يطهرن ) بتشديد الطاء والهاء وفتحهما بمعنى حتى يتطهرن ويزول عنهن الدم

 

 

بصمة ماء الرجل معجزة في جسد المرأة

 

 

قال الخالق جل وعلا ( والمطلقـــــاــت يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) سورة البقرة الآية 228 عالم أجنة يهودي (حاخام ) يصرح قائلا أن ( المرأة المسلمة أنظف امرأة على وجه الأرض ) وثبت علميا أن أول حيض بعد الطلاق يزيل 32  بصمة في المائة إلى  35   في المائة و الحيضة الثانية تزيل 67 في المائة إلى 72 في المائة من بصمة الرجل و الحيضة الثالثة تزيل 99،9 في المائة من بصمة الرجل ،و بهذا يكون الرحم قد تطهر من البصمة السابقة واستعد لاستقبال بصمة جديدة ( بصمة الزوج الجديد ) بدون إصابته بأذى ،أما عدة الأرملة المتوفى عنها زوجها فإنها تحتاج لمدة أطول لإزالة الشفرة وذلك بسبب هذه الزوجة التي كاد أن يقضي عليها الحزن والألم ،ومعلوم أن الأسى على هذا الميت يثبت البصمة لديها بشكل أقوى فتحتاج للمقدار الذي قال عنه الخالق سبحانه ( أربعة أشهر وعشرا ) لتزول بصمة الرجل ومع هذا المنطق القوي الإسلامي توصل العلماء إلى رجال يفكرون بعقولهم ومن هؤلاء العلماء نجد عالما كبيرا يدعى الحاخام الذي تكلم سابقابإنصاف في المرأة المؤمنة حيث قال إن ( السيدة المسلمة هي أنظف امرأة على وجه الأرض ،ولكن المرأة لا يعرف حقيقتها إلا المرأة وهنا نجد امرأة متزوجة برجل ( يسمى محمد رضا ) قالت هذه المرأة في كتاب لها سمته ( التبرج ) ( إن المرأة المتبرجة شرارة للزناد فهي نكبة تنشر من حولها الفساد ،فالويل لها إنها شيطان رجيم يأخذ الرجال إلى نار الجحيم ،فلو احتشمت المرأة واجتنبت التبرج لما انتشر هذا الفساد )

 

 

المعارضة الصوتية و الترتيلية

 

 

عارضت قريش النبي صلى الله عليه وسلم في آيات قرآنية بلاغية ،و قدر ما يؤلمه أثناء هذه المعارضة ،الأمر الذي دفع الصحابة للتدخل لحماية النبي والقرآن الكريم وكان غرضهم من هذه المعارضة الوقوف في طريق الدعوة والرسالة النبوية وعند انتشار الرسالة الإلهية ودخل الناس في دين الله ظهرت معارضة جديدة هي معارضة الترتيل والقراءات ،وهذا العلم هو ما يعرف بالأداء الصوتي أو علم الوقف والابتداء والجدير بالذكر أن هذا العلم عظيم الأهمية لكل من يقرأ القرآن الكريم ،وهو صديق مفيد سواء من حيث التعبد أو التعلم أو التعليم ومن المعروف أن علماء القرآن هم أصحاب الكتاب الكريم والتفسير والبلاغة و النحو ومع أهميته ظهرت فيه مؤلفات شأنها يستحق الذكر وعلى سبيل المثال نذكر أمثلة من هذه الكتب الجميلة مثل ( إيضاح الوقف والابتداء ) للأشموني وهو مطبوع و( معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء ) للشيخ محمود خليل الحصري علما أن مواضع الوقف والابتداء ترتبط ارتباطا وثيقا بعلم النحو ،لأن القراء الأوائل كانوا كلهم من النحاة كأبي الأسود الدؤلي وابن أبي إسحاق الحضرمي وأبي عمرو بن اعلاء و الإمام الكسائي وغيرهم من فطاحل هذا العلم وقد اجتهد هؤلاء في محاولة وضع قواعد عامة للوقف والابتداء فقالوا مثلا (كل كلمة تعلقت بما بعدها بحيث أصبح ما بعدها متمما لمعناه لا يوقف عليها مثل ( المضاف والمضاف إليه )( والمنعوت دون نعته ) ( والشرط دون جوابه ) (والمؤكد دون توكيده وقراؤنا اليوم يعتمدون على جمال الصوت ولا يهتمون بعلم النحو فعندما يقرأ المرتل (كما كتب على من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فهنا يلاحظ أن هذا القارئ وصل ( أياما معدودات ) حيث جعل الظرف الزماني ( أياما معدودات ) متعلق بالفعل السابق له ( تتقون ) فيصبح المعنى أن الهدف من فرض الصوم هو المحافظة على ( أيام معدودات ) لا غير وهي أيام رمضان ،فهذا الوقف وغيره يخرج بكتاب الله وآياته عن الفهم الصحيح وهو وقف قبيح جدا ولو اكتفى القارئ بالوقف على رأس الآية وهو( تتقون ) لكان أفضل وأشمل لكنها الرغبة في إظهار النفس وهذا فارئ آخر شهير قرأ في صورة القصص ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ) سورة القصص 25 فوقف القارئ الشهير على كلمة ( تمشي ) واستأنف القراءة قائلا على ( استحياء ) ويقف ثم يبتدئ قائلا ( إن أبي يدعوك ) فالوقف على تمشي يقضي أن المشي يتعلق بالقول في حين أن الصواب أن المشي يتعلق بالاستحياء لا بالقول فالصواب تمشي على استحيا ء ويقف بالوقف الكافي ثم يبتدئ قالت إن أبي يدعوك

 

 

ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا

 

المصــــــــــــــــــادر

 

 

1الفرقان عدد ممتاز عدد 100 جمادى الأولى 1431 هج ص30

2 رسم المصحف   دراسة لغوية تاريخية للدكتور غانم ص518

بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

 

محاضرة في القراءات

 

تحت عنوان

 

الروايات القرآنية في المغرب

 

 

 

 

كان المغرب يرتبط بتأثير قوي مع بيئات إسلامية مختلفة في المجال العلمي والثقافي بصورة عامة فقبل أن يستقر المغاربة على قراءة الشيخ نافع برواية ورش عرفوا قراءات قرآنية متعددة حيث تأثروا في بداية الأمر بقراءة الشيخ ابن عامر الشامي التي كان يقرأ بها أهل الشام ،وذلك بفعل التأثير الشامي في الأندلس وقد استمر المغاربة والمهتمون بهذا العلم يقرأون القرآن برواية هشام عن ابن عامر ما يزيد على القرن وبعد مدة تحولوا إلى رواية ورش عن نافع ولم يتحولوا إلى ورش عن نافع بطريق أبي يعقوب الأزرق إلا بعد أن استقرت هذه الرواية بمصر والقيروان ثم بعد ذلك انتشرت في ربوع الغرب الإسلامي كله ومع صعوبة قراءة هذه الفترة نقول وبكل صراحة إن المغاربة استطاعوا أن يحافظوا عليها جيلا بعد جيل إلى الآن وممن ساهموا في قراءة نافع إلى الغرب الإسلامي العالم الأندلسي أبو محمد غازي بن قيس الأندلسي (ت99 هجرية الذي رحل من قرطبة إلى المدينة فأخذ القراءة مباشرة عن الإمام ورش الذي انتشرت روايته بالمغرب والأندلس ،والجدير بالذكر أن غازي بن قيس نجده قد صحح مصحفه على مصحف نافع ثلاث عشرة مرة فكان من أكثر المصاحف ضبطا في الرسم وفي القراءة والجدير بالذكر أيضا نجد المغاربة أنهم قد تأثروا كثيرا بالأندلسيين في مجال القراءة وعلومها عن طريق علماء مشهورين أمثال العلامة مكي بن أبي طالب وأبي عمرو الداني والإمام الشاطبي والإمام الخراز الذين تضلعوا في هذه العلوم وعكفوا عليها وأتقنوها وفهموها فهما وتدريسا وتجاوزوها إلى التأليف في مختلف فنون العلوم القرآنية

 

 

 

دار زهير ومدرسة سيدي زوين

 

 

 

ومن بين المؤسسات التي أسهمت في نشر القراءات القرآنية في ربوع المغرب دار زهيرو قرب طنجة ومدرسة سيدي زوين قرب مراكش اللتان تخرج منهما الجم الغفير من القراء المتقنين للقراءات السبع والعشر

 

 

 

اختيار المغاربة لرواية ورش

 

 

 

تعد رواية ورش عن نافع إحدى الروايات التي عرفها أهل المغرب معرفة عالية بحيث لم تستطع أي قراءة أخرى مضايقتها وذلك على الرغم من انفتاح البلاد على سائر القراءات والروايات ،وبهذا المفهوم أصبحت رواية ورش عن نافع شعار المدرسة القرآنية المغربية ،فقد اختار المغاربة تلاوة كتاب الله تعالى برواية الإمام ورش من طريق الأزرق منذ دخولها إلى الأقطار المغربية على أيدي الرواد الأولين إلى يومنا هذا وباختيارهم لنافع فكأنهم جمعوا بين أتباع عالم المدينة المنورة وفقيهها الإمام مالك وبين مقرئها وإمامها نافع مقرئ المسجد النبوي              

 

 

أسباب اختيار المغاربة لرواية ورش

 

 

 

 

ترجع هذه الأسباب إلى تسهيل الهمز الذي تتميز به قراءة نافع عن غيرها ،من القراءات فقد روي عن الإمام مالك أنه كان يكره القراءة بالنبر ( بتحقيق الهمز ) باعتبار ما جاء في السيرة،من أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن لغته الهمز أي لم يكن يظهر الهمز في الكلمات المهموزة مثل ( ياجوج ) و (ماجوج) و(مومن) و ( الذيب ) وقد شهد إمام دار الهجرة مالك بن أنس لإمامين من أئمة القراء بالمدينة المنورة في عهده بالقراءات وهما الإمام نافع والإمام أبو جعفر ،وقد قال مالك عن قراءة نافع ( قراءة أهل المدينة سنة قيل له قراءة نافع قال نعم )،ولما سئل عن حكم الجهر بالبسملة أثناء الصلاة قال سلوا نافعا ( فكل علم يسأل عنه أهله ،ونافع إمام الناس في القراءة ) فصارت رواية ورش تبعا للمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وطريقة الجنيد في التصوف رمز وحدة المغرب في هذه الأمور الثلاثة

 

 

 

الإمام مالك وراوياه الإمام ورش والأزرق

 

 

 

الإمام نافع هو أبو رويم نافع بن عبد الرحمان بن أبي نعيم المدني ،قرأ نافع على سبعين رجلا من التابعين وأجمع الناس عليه بعد التابعين ،وأقرأ هذا الشيخ بالمدينة أكثر من سبعين عاما وقد ثبت أنه روى عنه ما يقرب من 250 رجلا من أشهرهم (عيسى بن مينا قالون وورش وإسماعيل بن جعفر الأنصاري وفارق الإمام نافع الحياة عام 169م

 

 

 

الإمام ورش

 

 

 

ورش هو أبو سعيد عثمان بن عبد الله المصري الملقب بورش قرأ على الإمام نافع أربع ختمات بالمدينة انتهت إليه رئاسة الإقراء بمصر ومن أشهر تلاميذه الأزرق وعبد الصمد بن عبد الرحمان وأبو بكر بن عبد الرحيم الأصبهاني والإمام ورش كان رجلا يحب العمل ويجاهد من أجل تحقيق الهدف الأسمى فتحقق له ما أراد بحسن نيته ومن هنا أحبه المغاربة الإمام الأزرق هو أبو يعقوب يوسف بن عمرو بن يسار المدني ثم المصري الملقب بالأزرق قرأ هذا الإمام على ورش عشرين ختمة وتولى رئاسة الإقراء بمصر بعد ورش ومات عام 240 هجرية ومن أشهر الذين أخذوا عنه القراءة أبوا الحسن إسماعيل بن عبد الله النحاس

 

 

 

المقرأ  و التعريف به

 

 

 

المقرأ هو ما نسب من القراءة إلى أ حد الأئمة القراء العشرة أما الرواية فهي ما نسب من القراءة إلى الذين رووا عن الأئمة العشرة فنقول رواية ورش عن نافع ورواية حفص عن عاصم ورواية هشام عن بن عامر، وأما الطريق هو ما نسب من القراء إلى الذين أخذوا عن الرواة فنقول طريق الأزرق عن ورش ،وطريق أبي نشيط عن قالون وطريف عبيد الله عن حفص وطريق أبي الحسن الحلواني عن هشام

 

 

 

( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا) آمين

 

 

 

المصــــــــــــادر

 

 

 

1 القرآت أحكامها ومصدرها   للدكتور شعبان إسماعيل

 

2 النشر في القرآت العشر ج 1 لابن الجزري

 

3 إتحاف فضلاء البشر بالقرآت الأربعة عشر للشيخ محمد البنا

 

4 التيسير في القراءات السبع للأستاذ أبي عمرو الداني

 

5 الإتقان في علوم القرآن     لأبي بكر السيوطي

 

 

 

 

بقلم الباحث الشاعر د عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضرة تحت عنوان

صوت الأداء القرآني وأثره النفسي

 

 

تتعدد طرق أداء الكلام بتعدد أغراضه ،وهو ما يعرف عند علماء الصوتيات( بالتنغيم ) ومن المعلوم أن أثره في الوقف لا يخفى على القراء ،إذ أن هذا الأداء ــ وأريد المتقن ـ أنه يعين المستمع على فهم المراد فمثلا أن الأداء الصوتي للاستفهام ليس هو الأداء الصوتي للتعبير عن التعجب ،وهوغير التعبير عن النداء وتأثر الناس بالقرآن يكمن غالبا في أسلوب الأداء،فمنه الرتيب الممل الذي نسمعه من بعض الناس يقرأون السورة من أولها إلى آخرها بنبرة واحدة يختلف فيها موقف الحزن عن موقف الفرح وهذا ما صرح به بعض المحدثين (رتيبة تموت فيها المعاني وتتسطح فيها العبارات )ومن معاني الترتيل المطلوب أداؤه مراعاة أغراض الكلام الذي في ضوئه تتفاوت نبرات الصوت انخفاضا وارتفاعا وتغيرا في سياق الكلام لأن هذا التنغيم الحاصل من ارتفاع (الصوت )وانخفاضه ينتقل بالإنسان إلى المعاني المرادة من الكلام ،ويكون له دور كبير في التوازن الصوتي ،للأذهان علما أن الله أودع في النفس الإنسانية طبيعة لاتسيربوتيرة واحدة ونبرة ثابتة مستقرة بل في نفس جبلت على حب التنوع واختلاف النبر ،والترتيل الجيد يشد نفس القارئ والسامع معا إلى الحديث ،وينبه الأذهان إلى المراد ،كما يترك أثرا في نفس المستمع والقارئ على حد سواء يمكن أن يوصف بأنه الراحة النفسية , هذه صفة بارزة في كل آية من آيات الله ،فما من آية إلا ونجدها حوت أكثر من غرض في الحديث ،فإن أتقن الترتيل كانت النفس مشدودة إلى سماع إلى القرآن بتأمل في معانيه ،هذا وإن أداء الترتيل فن لا يجيده إلا من كان عالما باللغة فاهما مدركا للمعاني خبيرا بمواطن الوقف والابتداء عالما بالقراءة وأصولها حين نسمعها من متقن عارف بمواطن الوقف والابتداء ومواطن خفض الصوت ورفعه مثال   فحينما يقرأالقارئ قوله تعالى (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) دون وقف على الله فإن السامع لا يفهم من القارئ ما يحصل له تأثر منه لكنه إذا وقف على الله ثم يبتدئ بما بعده ( على بصيرة أنا ومن اتبعني ) هنا يضاف معنى جديد لم يكن يعرف مع عدم الوقف على كلمة (الله ) ومن هنا نعلم الدور الذي يتركه الأداء الصوتي المطلوب أثناء التلاوة أو ما يمكن أن نطلق عليه ( التنغيم ) الذي يمكن القول عنه بأنه (موسيقى الكلام )علما أن النبر هو الذي يترجم لنا المواقف الانفعالية التي تنطوي عليها النفس ويمكن للقارئ أن يجر السامع عنده إذا كان يحسن قواعد التجويد من تفخيم وترقيق قال ابن الجزري في هذا الشأن ( ولقد أدركنا من شيوخنا ما لم يكن له حسن الصوت ولا معرفة بالألحان إلا أنه كان جيد الأداء ،فكا ن إذا قرأ أطرب السامع وأخذ من القلوب بالمجامع ،وكان الخلق يزدحمون عليه ويجتمعون على الاستماع إليه ) ومن هذا المنطلق يمكن القول الخروج بالجملة عن قالبها التنغيمي كالخروج على قواعد النحوكمن رفع المفعول ونصب الفاعل نماذج قرآنية يبرز فيها دور التنغيم   فيما يخص الاستفهام قوله سبحانه (أفمن كان مومنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) سورة السجدة الآية 18 في هذه الآية واضح تماما أن النبر له دور كبير في بيان المعنى ،إذ لا بد من قارئ الآية الكريمة أن يخرج صوته على صيغة الاستفهام وأن يكون وقوفه على رأس كلمة ( فاسقا ) ثم يبتدئ بقوله ( لا يستوون ) والقراءة بغير هذا لا تقف بالمستمع على المعنى كما لو قرأبالوجه الذي أشير إليه آنفا وهنا يلاحظ ارتفاع الصوت وانخفاضه الذي يؤدي وظيفة التعجب والأفكار المستفادة من الاستفهام ،ويأتي قوله تعالى ( لا يستوون ) بمثابة الجواب السريع، والنغم تارة يكون أفقيا وهو النغم الذي يتبعه سكتة خفيفة ،وهناك نغم هابط والذي يدل على انتهاء الكلام ومن باب التنغيم النداء كما في الآية ( يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك )فهنا دور النغم يعطي المعنى إذ المقطع الأول خطاب لرجل والثاني لامرأة فالنغم وحده هو الذي يفصل بين الخطابين ،وانظر كيف المقطع الأول من أداة النداء والذي يدل عليه هو النغم وقد يكون رسم الكلمة واحدا إلا أن النطق يختلف مثل ( ألم ) و ( ألف لام ميم ) الأحرف المقطعة و( ألم ) على اعتبار الهمزة للاستفهام والألم من الإيلام فالنبر وحده هو الذي يحل الإشكال ومن الأمثلة التي تظهر دور التنغيم هاء الكناية عند الوقوف انظر قوله تعالى (ولقد همت به )يوسف الآية 24 لو أردنا الوقوف على الهاء من كلمة (به )لا بد من أن تكون النغمة صاعدة عند النطق بالباء لتظهر الهاء وإلا لتغير المعنى واختل النظم خاصة وأن تمام الآية يقتضي هذا التوازن الإيقاعي (وهم بها لولا أن رأى برهان ربه )علما أن تغيير النبر (الصوت )وتحويله المناسب هو الرسالة التي توصل المعنى إلى المستمع ،والجدير بالذكر أن حفظ الصوت عند النطق به يؤدي للمستمع رسالة صوتية ونغمة موسيقية ومهما كان الأمر فإن النغم الصوتي له أكبر الأثر في بيان تلك المعاني من هنا ندرك الأثر النفسي الذي يتركه الأداء السليم للنبر في ألفاظ القرآن فهو ينقل القارئ إلى اليقظة والتنبيه وللزيادة في التوضيح نقرأ قول الحق سبحانه ( ذق إنك أنت العزيز الكريم الدخان الآية 49 يلاحظ أن الآية مكونة من جملتين الأولى فعلية ( ذق ) والثانية اسمية (إنك أنت العزيز الكريم ) الأولى متلوة بوقفة قصيرة ويلاحظ هنا أنها اشتملت على المستويات في النبرات بمعنى أن درجة الصوت فيها عالية ،وأما الثانية فتبدأ فيها النبرةعالية إلى أن تصبح منخفظة جدا فلفظة ( ذق ) ليست فيها حرف مد وهو مع ذلك له ملحظ نفسي يدعو إلى الانتباه                                                                                                        

 

 

 

 

(ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا )آمين

 

 

 

 

 

 

بقلم الباحث الشاعر د عبد السلام الهبطي الإدريسي

  

 

 

المصـــــــــــــادر

 

 

 

 

1 النشر في القراءات العشر   لابن الجزري ج 1

2 إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة شر للعلامة محمد البنا

3 الفرقان ذو الحجة 1427 كانون الثاني 2007 ص 21

4 القراءات أحكامها ومصدرها للدكتور شعبان

 

 

 

 

 

محاضرة في القراءات

تحت عنوان

أوجه القراءات وتيسيرها على القبائل

 

مقدمــــــــــــة

 

 

كان العرب الذين نزل فيهم القرآن مختلفي اللهجات ،ونظرا لاختلافها ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم ، لتيسير لهجاتهم ،فلو نزل القرآن بلهجة واحدة لكان في ذلك مشقة وتعب على الأمة ،لأنه من الصعب على الإنسان أن يتحول من لهجته التي درج عليها فلو كلف الله سبحانه العرب مخالفة لهجاتهم التي درجوا عليها لكان في ذلك حرج ومشقة (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ويشاء الله أن ييسر حفظ هذا القرآن وتلاوته ليكون دستورا للناس ،يطبقونه في واقع حياتهم ،ويتعبدون بتلاوته آناء الليل والنهار ،وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرئ الصحابة بلهجاتهم ليسهل على كل قبيلة تلاوته بما يوافق لهجتها ،فلم يضيعوا منه جملة واحدة ،ولم يغفلوا منه كلمة بل ولا حرفا ولا حركة ولا سكونا ،ونقله التابعون عن الصحابة على هذا الوجه من الإحكام والتحرير والإتقان والتجويد ،وبعد هذا جاء التابعون وكرسوا حياتهم ووهبوا أعمارهم وقصروا جهودهم على قراءة القرآن وإقرائه ،واهتموا بضبط ألفاظه وتجويد كلماته وتحقيق رواياته ،وبهذه الجهود المضنية وصلوا إلى درجة العلو افي القراءات ومن هؤلاء الذين انخرطوا في خدمة القرآن والقراءات العشر والسبع أئمة كبار ،وعلى رأسهم قارئ المدينة نا فع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم وراوياه عيسى بن مينا بن وردان الملقب (قالون )وعثمان بن سعيد الملقب (ورش ) ،وقد اشتهرت روايتهما عن نافع في المغرب الغربي وشمال غرب افريقيا ،وفي ليبيا اشتهرت رواية قالون حيث طبع مصحف بروايته.

 

موضوع البحث

 

اعلم أخي أن القراء قد اصطلحوا على تسمية صاحب القراءة ( قارئا ) والذي أخذ عنه مباشرة أو بواسطة راويا ،والذي أخذ عن الراوي إلى أيامنا هذه يسمى طريقا ،فمثلا ( نافع قارئ و ورش راو ،والأزق طريق ) وعلى هذا فالطرق المتواترة قد اشتهر منها اليوم ما يناهز ألف طريق كما جاء مفصلا في كتاب ( النشر في القراءات العشر لابن الجزري ، فالإمام نافع اشتهر له مائة وأربعة وأربعون طريقا بواسطة اثنين فقط من رواته هما ( قالون وورش ) ،فقالون روى عنه أبو نشيط والحلواني وتفرع عن أبي نشيط أربعة وثلاثون طريقا وعن الحلواني تسعة وأربعون طريقا وطرق نافع بالتفصيل توجد في كتاب ( النشر في القراءات العشر ) لابن الجزري ،لا يقدم من لا يجيد قراءة القرآن ،وفي حديث مسلم (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لا تصح قراءة مجيد خلف أمي لا يجيد )وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم ،( جعل من لا يجيد قراءة القرآن فاسقا ) أخي القارئ الكريم إعلم أن ضم الهاء من ( عليهم ) قراءة صحيحة ، قرأ بها حمزة ويعقوب رحمهما الله تعالى كما نص عليها الجزري في القراءات العشر،واعلم من جانب آخر ،أن كل قراءة تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجوز القراءة بها في الصلاة ،وغيرها ،وأشهر الروايات التي يقرأ بها في العالم الإسلامي هي رواية حفص عن عاصم وكذلك روايتا ورش وقالون وهما عن نافع رحمه الله ،هذا وقد كتب الصحابة قوله تعالى ( فلا يخاف عقباها ) بسورة الشمس بالفاء بدل الواو، كتب هذا النص القرآني الصحابة رضوان الله عليهم في المصاحف التي وزعت على ا لأ مصار بأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه ،وكما أشرت سابقا ،إن اللفظة رسمت بالفاء في مصحف المدينة ومصحف الشام ولهذا قرأها نافع المدني وابن عامر الشامي بالفاء وباقي المصاحف بالواو وفي رواية أخرى أن الكلمة رسمت بالواو ( ولا يخاف عقباها ) ولهذا قرأها الباقون بالواو تنفيذا لخط المصحف وفي هذا الشأن قال الإمام الداني رحمه الله في المقنع في رسم القرآن في مصاحف أهل المدينة والشام( فلا يخاف بالفاء ،وفي سائر المصاحف ولا يخاف بالواو ) ،وبهذا تعلم أن القراءة تابعة لما رسم في المصحف والقراءة المعروفة التي يقرأبها أهل العراق اليوم هي قراءة عاصم برواية حفص وأرى هنا أن أذكر أمثلة على اختلاف القراء ات، قرأ عاصم والكسائي قوله جل وعلا ( ملك يوم الدين ) بألف فيقرأها هكذا ( مـــــاـــلك يوم الدين ) الفاتحة 4 وقرأ الباقون بغير ألف ( ملك يوم الدين ) وفي الفاتحة نفسها قرأ بن كثير ( السراط وسراط بالسين ) وقرأ حمزة ( بإشمام الزاي والإشمام معناه ( مزج لفظ الصاد بالزاي ) أي الضراط تقريبا وقرأ حمزة ( عليهم ) بضم الهاء                                                                                                                           وقرأابن كثير ونافع (عليهم وبكسر الهاء وضم الميم وقرأ الباقون بكسر الهاء وسكون الميم وفي سورة البقرة قرأ أبوعمرو،وورش عن نافع ( يومنون ) بغير همز وقرأ الآخرون ( يؤمنون ) بالهمزة ،وقرأنافع وابن كثير وأبوعمرو ( وما يخـــــاــــدعون إلا أنفسهم )وقرأ غيرهم ( وما يخدعونبغير ألف ) ،وفي سورة آل عمران قرأحمزة والكسائي (سيغلبون ويحشرون )بضم الياء فيهما ،وقرأ الباقون ( ستغلبون وتحشرون ) بالتاء على المخاطبة وفي هذا المجال كثير ما يقال ومن أراد الزيادة والفائدة فعليه بكتاب ( حجة القراءات ) وكتاب ( النشر في القراءات العشر وغيرهما مما يتعلق بهذا الشأن ،واعلم أخي الكريم أنني لو تعرضت لشرح أوجه كل كلمة لطال بنا الوقت ولكن كما قال الجاحظ ( أفضل ما قل ودل ) وأما قوله تعالى ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) ومرة أخرى ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتثبتوا ) فالقراءتان صحيحتان متواتران عن النبي صلى الله عليه وسلم فقراءة ( فتبينوا ) الحجرات 6 فهي لنافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم ويعقوب الحضرمي ،وقراءة ( فتثبتوا ) فهي لحمزة والكسائي وخلف العاشر.

 

التواتر في القراءات العشر

 

التواتر في اللغة معناه مجي الواحد بعد الواحد بفترة بينهما أما التواتر في الاصطلاح فمعناه إخبار جمع عن جمع يستحيل عادة تواطؤهم على الكذب ،من عهد الصحابة إلى يومنا هذا ،وفي هذا الصدد قال العالم الصفاقصي في كتابه ( غيث النفع في القراءات السبع ) مذهب الأصوليين وفقهاء المذهب والمحدثين والقراء أن التواتر شرط في صحة القراءة ولا تثبت بالسند الصحيح غير المتواتر ولو وافقت رسم المصاحف العثمانية والعربية وقال صاحب ( مناهل العرفان أن القراءات العشر كلها متواترة وقال المحققون من الأصوليين والقراء أن ما قاله أصحاب الاتجاه الأول هو المعمول به أما الإمام الجعبري فقد أفادنا بأن كل وجه من وجوه القراءة متواتر ،ومما يريحك أن قراءة أهل كل بلد متواترة بالنسبة إليهم فالإمام الشافعي جعل البسملة من القرآن ،مع أن روايته عن شيخه مالك تقتضي عدم كونها من القرآن ،ومما يتبين لنا أن القرآن الكريم متواتر أصولا وفرشا ،وهو الذي يقتضيه قول الله جل وعلا ( إنا نحن نزلنا الذكر ،وإنا له لحـــــــــاــفظون ) الحجر 9 فحفظ الله تعالى له يقتضي أن تنقله الأجيال اللاحقة عن السابقة ،وهذا ما نشاهده في كل زمان ومكا ن إذن فالقراءة نزلت من السماء لتفتح الطريق أمام الناس لقراءة القرآن كما هبط من السماء على قلب محمد صلى الله عليه وسلم وهو ميسر ومفهوم فمثلا قراء ة ( تنزل الملـائكة )بضم التاء وتشديد الزاي قرأبها شعبة وهو فرد من أفراد القراء ،وهي متواترة ،وقرأ بنفس اللفظة حمزة والكسائي وحفص ( ننزل الملــــــــاــئكة ) بضم النون وكسر الزاي وقرأ الباقون( تنزل الملــــائكة ) بفتح التاء وتشديد الزاي وقوله سبحانه ( وواعدنا موسى ثلـــــــاـــثين ليلة ) بسورة البقرة الآية 51 قرأ أبو عمرو ( ووعدنا ) بحذف الألف للدلالة على أن الوعد لا يكون إلا من الله ،وقرأ الآخرون اللفظة بإثبات الألف للإشارة إلى أن الله وعد نبيه موسى بتكليمه بجبل الطور ووعد موسى ربه بتكميل الرسالة إذن يلاحظ أن هؤلاء القراء ما قرأوا إلا ما عرفه العرب وتيسر لهم فهمه بعد ما أمر الله نبيه بواسطة جبريل بأن يعلم قريشا بلهجاتهم التي كانوا يمارسونها في حياتهم.

 

بقلم الشاعر الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

المصــــــــــــادر والمراجع

 

 

1- المغني في توجيه القراءات                 للدكتور محمد سالم محيسن

2- المستنير في تخريج القراءات              للدكتور محيسن سالم

3- تاريخ القرآن                                للدكتور عبد الصبور شاهين

4- القراءات وأثرها في التفسير والأحكام     للد كتور محمد بن عمر بن سالم

5- تفسير القرآن بالقراءات القرآنية العشر    للباحثة فاتنة توفيق

                                                                                                                                                                                                   

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     

القراءات وتعريفها

القراءات هي الألفاظ الصوتية واللغوية التي أباح الله بها قراءة القرءان تيسيرا وتخفيفا على الناس ،ويتبين كلامنا بالنص التالي :قال الحق سبحانه :"قل للذين كفروا" ستغلبون وتحشرون" إلى  جهنم ،وبيس المهاد "سورة آل عمران الآية 13 .

القراءات  ودورها في استنباط الأحكام

إذا قلت قرآنا وقراءة، فأقول كذلك إنهما مصدران لفعل)قرأ(ومضارعه)يقرأ(وأمره (اقرأ(ويقالقرأ يقرأقراءة،إذا تلا فهو قارئ أما في الاصطلاح ،فهوعلم بكيفيات أداء  كلمات القرءان من تخفيف وتشديد.وبماأن القرءان نقلإلينا كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ،فإن أوجهه قد نقلت إلينا بدورها كمانطق بها النبي الكريم ،ثم إذا علمنا أنالقرءان والقراءات هما بمعنى واحد باعتبارهما مصدرين لفعل قرأ،فإننا نجدالإمام بدرالــــــدين الزركشيي فرق بين كتاب الله والقراءات قائلا):إن القرءان هو الوحي المنزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ،أما القراءات فهي عبارةعن اختلاف ألفاظ الوحي في الحروف(،وباختلاف أوجهها يظهرالإعجاز وتختلف الأحكام وهكذا نجد القرءان معجزا في نظمه ،معجزا في رسمه ،معجزا في قراءته،وحتى امتداده مع الزمان فهو أيضا معجز ،بدليل أن الاهتمام بالحافظة عليه تزدادكلما تقدم به الزمان ،وهنا نجد رجلا ألمانيا كتب القرءان كله في صفحة واحدة بشكل جميل جدا،وذلك ليظهر الخالق لنا أن إعجاز المحافظةعليه بيده،وأن تنفيذ هذه العناية تتجلى في أفرادعباده  سبحانه وتعالى ،فلماذا قام هذاالرجل بكتابة القرءان الكريم ،ولم يكتب التوراة أو الإنجيل مثلا،وهناكأمم أخرى تفكر في نسخ القرءان  في مصاحف جميلة وممتعة تدل دلالة قاطعة على حفظ الله لهذا الكتاب المعجز،ومن جانب آخر إذا كانللقرآنخط التقادم الذي يتراجع بسببه التطبيق،فإن هناك خطا آخر يزداد بسببه الإعجاز ،كما يقول العلماء والهدف من القراءات القرآنية هو التخفيف على القبائل العربية التي كانت تختلف في لهجاتها،وفي مكة كان الرسول صلى الله عليه وسلم ،يعلم الناس بلغة قريش،لأنه نزل بلهجتها وبعد حصول ا لتعب للنبي صلى الله عليه وسلم، بهذه القراءة لعدد من القبائل خرج عن لغةقريش،وأخذ يعلم كل قوم باللهجة التي تعرفها،وذلك باعتبار أن القرآن نزل ليفهمه العرب لا لينحصر في قبيلة أو قبائل محدودة وفي حدودالماتين للهجرة اشتهرت القراءات في الأمصار الإسلامية ،ففي البصرة قرأ الناسبحرف أبي عمرو،ويعقوب،وبالكوفة كانوا على قراءة حمزة وعاصم، وكانوا بالشام على قراءة ابن عامر، وبقراءة ابن كثير قرأ الناس بمكة وبالمدينة كانوا على قراءة نافع،واستمر القراء على هذا المسار ،حتى ظهر ببغدادالإمام بن مجاهد وحصر لعلم القراءات سبعة قراء، الذين تقدم ذكرهم باستثناءأبي يعقوب، ونظرا للقيمة العلمية لهذا الأخير نجدابن تيمية يصرح قائلا):لولا أن ابن مجاهد سبقني إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوبالحضرمي(وسبب قبوله لهؤلاء السبعة ،راجع إلىتوفر كل منهم على الضبط والأمانة وملازمةالقراء،هذا بالإضافة إلى اتفاق الآراء على الأخذ عن كلواحد منهم ،ولصحة هذه القراءات لا بد من توافرها علىثلاثة شروطإذا تحققت كانت متواترة تصح العبادة والعمل بها  وإذا فقدت شرطا واحدا منها كانت شاذة لا تعتبرقراءة،وبالتالي  لا تصح العبادة بها  ومن هذه الشروط 1موافقتها لأحد المصاحف ولو تقديرا 2 موافقتها للعربية ولوبوجه 3 صحةسندها،ومعنى الشرط الأول ثبوت هذه القراءة ولو في بعضالمصاحف دون غيرها وذلك كقراءةابنعامر  )قالوا اتخذ الله ولدا (بغير واو ،ومثل قراءته) وبالزبر وبالكتاب المنير(بزيادةالباء في الكلمتين ،فهذه القراءة موجودة بالمصحف الشا مي أما معنى ولو تقديراكقراءة)مــــــــلك يوم الدين(فقد رسمت لفظة)مـــــلك(في جميع المصاحف بدونألف ،وقراءتها بحذفه تحتمله تحقيقا كما هو الشأن في (ملك الناس ) وقراءتها بالألف تحتمله تقديرا كما هو الشأن أيضا في)مــــــــــــلك الناس(ومن جانب آخر ،نعلم أن الفقيه الذي له نظر بعيد في علم الفقه هوالذي له باع طويل في علم القراءاتوهذا ما أشار إليه النبي صلىالله عليه وسلم،بقوله) : لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرءان وجوها كثيرة(وعليه فإننا نرى أن من هذه  الوجوه مايساعد المفسر أو الفقيه على استنباط الأحكام التي منهاما أشار إليه سبحانه بقوله) : فاعتزلوا النساء في المحيض،ولا تقربوهن حتى يطهرن(سورة البقرة الآية  222فقراءة حمزة والكسا ئي وشعبة وخلف اللفظة )   يطهرن ) بتشديد الطاء وفتحها وتشديد الهاء وفتحها وسكون الراء تفيد المبالغة في طهر النساء من الحيظ ،مع الاغتسال على اعتبار أنزيادةالمبنىتدل علىزيادة المعنى،وقراءة الباقين اللفظة)يطهرن(بالتخفيف تفيد أنالزوج عليه أن يبقى في بعد عن الزوجة حتى ينقطع الدم،لكن بمجموع القراءتين التشديد والتخفيف يحصل مراد الله تعالى،وهوانقطاع الدم والاغتسال،ومما يستنبط أيضا من هذه القراءات الدلالة على حكمين شرعيين،ولكن في حالين مختلفين ،ونجدهما فيقوله تعالى ):فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلىالمرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين)  فقراءة نافع وابن عامر،وحفص والكسائي،ويعقوب اللفظة) وأرجلكم بالنصب تفيد أن العطف على )أيديكم( الغسل بالماء،وقراءةالباقين الكلمة)وأرجلكم( بالجرتفيد أيضا أن العطف على)برؤوسكم(المسح على الرجلين،وقدبين الرسول صلى الله عليهوسلم،أن المسح يكون للابس الخف،وأن الغسل على من لم يلبس الخف،ومن إفادة القراءة أيضا رفع توهم ما ليسمرادا،وذلك مثل قوله تعالى ):يـأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعةفاسعوا إلى ذكر الله(سورة الجمعة الاية : 09  فقرأ بعض القراء)فامضوا  إلى ذكرالله( فقراءة فاسعوايتوهم منها وجوب السرعة ،في المشي إلى صلاة الجمعة ،لكن قراءة (  فامضوا( قد رفعت هذاالتوهم باعتبار أنالمضي إلى ذكر الله ليس من مدلولهالسرعة  وإنما المشي الطبيعي الذي لا سرعة فيه ولابطء ومن إفادة هذه القراءات ما نقرأه في قوله تعالى)والذي قدر فهدى(سورة الأعلى الآية3فقراءة نافع)قدر(بتشديد الدال،تفيد أنالله تعالى قدر الأرزاق على عباده ،وقدر الأجلوالسعادة والشقاء على كل إنسان،وقراءة الباقين بالتخفيف )قدر( تفيد أن الله قادر على إحياءالموتـى وإمـاتتهم ،وقـادرعلى أن يحول البحر برا وقادروقادر...والله تعالـــــى أعلم

 

 

.

أضـواء على تاريخ القـراءت

 

إن القراءات جمع   قراءة,وهي في اللغة مصدر قرأ,يقال قرأ القارئ قراءة وقرآنا بمعنى تلا ,أمافي الاصطلاح فهي تلك الأوجه اللغوية والصوتية التي أباح الله    بها قراءة القرآن ,تيسيرا وتخفيفا علىالعباد  ,ويستنتج من خلال المصدرين أن اللهسبحانه أنزل القرآن والقراءات في آن واحد ,على النبي صلى الله عليه وسلم ,وأنه لافرق بينهما إذ كل منهما يعتبر وحيا منزلا على الرسول صلى الله عليه وسلم ,غير أن هده القراءات ,لم تنزل قصد  التخفيف على الناس فقط ,ولكنهاأنزلتلتؤدي وظائف أخرىلاتقل أهمية على الجانب الأول ,كالرفعمن قيمة الرسول  الأخلاقية وتعزيز رسالته ,كما في قولهسبحانه’أليس الله بكاف عبده, الزمر35 فقرئت اللفظة ’عبده ,و’عباده  ,لتصبح الآية آيتين ,’أليس الله بكافعبده,و( أليس الله بكاف عباده ) فقراءة الجمع ,تفيد أن النبي صلى الله عليه  وسلم , ذكر مع الأنبياء والمومنين والصالحين ,وهي قراءة حمزة والكسائي ,وقراءة التوحيد ,تفيد تشريف الله لنبيه  على سائر خلقه,وهي قراءة الباقين وكذلك الشأنفي  قوله تعالى:( وجعلوا الملائكة الدين همعند الرحمان إناثا ) الزخرف 18فقراءة عباد الرحمان ,بالباء وضم الدال ,وهي لأبيعمرو ,وحمزة والكسائي ,وعاصم وابن عامــر ,تفيد أن  الملائكةكالآدميين في التسوية ,حيث إن الجميع عباد الله ,وتفيد من   جانبآخر,نفي قول الكفار ,الذين ادعوا , بأ ن الملائكةهم بنات الله ,فيخبرالله ,أن ملائكته هم عباده ,والولد لا يكون عبد أبيه ,فهي تدلقطعا على تكذيب الكفار بأ ن الملائكة هم بناته ,وتفيد قراءة ’عند,وهي للباقينوتشريف اللهلملائكته ,وتكريمهم ,باعتبار أنهم جنوده في الأرض,وفي السماء ,ومن خلال ما تقدم,يتضح أنه كلما تعددت القراءات ,تعددت معها المعاني المقصودة منها ,ونظرا لما تفرزه من عطاءات ومعان ,فقد هيأ الله لها عددا من   القراء المشهورين لخد متها ,كنافع بالمدينة ,وعبد الله بن كثير بمكة,وحمزة والكسائي بالكوفة ,وعاصم وأبو عمرو بالبصرة ,وعبدالله بن عامر بالشام,وقد تميز هؤلاء السبعة بالتضلع في علوم القراءات ,ولكنهم لميكونوا في الميدان وحدهم ,بل كان هناك رجال ءاخرون يتمتعون بكفاءة عالية فيالقراءات ,ولا أكون مبالغا ادا قلت كان هناك من هو أحسن منهم اتقانا لهداالفن,كيعقوب الحضـــرمي مثلا,وبقي  هؤلاءالقراء على الساحة العلمية يعلمون ويحيون هدا  العلم الرفيع,حتى جاء ابن مجاهد المتوفى عام   324هجرية  وجمع هؤلاء الأئمة في كتابه’السبعة ,وفي هدا الشأن قال ابن تيمية رحمهالله’أول من جمع قراءات هؤلاء ,هوالإمام أبوبكر بن مجـــاهد,وكان على رأس المائةالثالثة ببغداد،وكما قلنا سابقاأنه  كان إلى جانب هؤلاء , عدد هائل منالقراء الكبار,قال مكي بن أبي طالب  فيكتابه  الإبانة ، وقد ذكر الناس من الأئمةفي كتبهم,أكثر من سبعين ممن  هو أعلى رتبةوأجل قدرا من هؤلاء السبعة ., غير أن ابن مجاهد  دون في كتابه الدين قبلهم عقله وحده .قال ابن تيمية في كتابه مجموع  الفتاوى ج 13 ص 390   ’لولا أن ابن مجاهد سبقني إلىحمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمي وهو إمام جامع  البصرة ,وإمام قراء البصرة في زمانه ,في رأس المائتين,وبمجيء ابن مجاهدبهؤلاء السبعة ,القراء يكون قد   فتحالطريق   لمجموعة  من المقرئين للتصريح ,بأن ما أتى به ابن مجاهدلا   يختلف في   شيء عن الأحرف السبعة ,غير أن ابن شامة عجلبإبطال ما نطق به أولئك القراء في كتابه ( الوجيز إلى علوم  تتعلق القرءان العزيز) قائلا :’ظن قوم أنالقراءات السبع التي توجد  الآن ,هي التيأرديت في الحديث ,وهذا خلاف إجماع أهل العلم قاطبة ,ومن هذا المنطلق,وجه كثير منالقراء اللوم لابن مجاهد على ما قام به  فيهدا الصد د,وفي    مقدمة هؤلاء أبو العباسبن عمار,الذي  قال:’ليت ابن مجاهد قد  زاد  على هؤلاء القراء السبعة أو نقص منهم ليبعد الناس عن هده الشبهة ,,ومن هناقامت جماعة من العلماء  بالتأليف في هداالشأن ,فألف الأستاذ ابن غلبون الحلبي المتوفى عام 399 هجرية كتاب التذكرة فيالقراءات ألثمان ,وألف أبو معشر الطبري المتوفى عام  478 هجرية 258 كتاب التلخيص فيالقراءات ألثمان ,كما ألف عبد الله بن علي الخياط المتوفى عام 541 هجرية  كتاب الكفاية في القراءاتالست,,علما أن الشيخ ابن مجاهد لم يكن أول من صنف  في علم القراءات ,بل سبقه كثير من القراء بالتأليف في هدا الصدد,وفي  مقد متهم أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفىعام 224 هجرية الذي ألف كتابا وضمنه خمسا وعشرين  قراءة ,بمافيها القراءات التي اختارها ابن مجاهد ,ثم جاء بعدهابن جبير الكوفي المتوفى عام 258 هجرية وسجل في كتابه خمسة قراء فقط ,اختار منكل مصرقارئا,واحدا ,وبعده قام إسماعيل  بن  إسحاق المالكي المتوفى 282 هجرية وألف كتابا بدوره في هدا الصدد  ,وجمع فيه قراءة عشرين اماما ,منهم القراءالسبعة , ثم ظهر الشيخ ابنجرير الطبري المفسر والمؤرخ المتوفـى310هجرية بكتاب دون فيه ما يفوق العشرين قارئا ,ومن خلال ما تقدم ,يتضح أن ابنمجاهد كان مسبوقا بأعمال علمية في جمـع القراءاتوالتأليـف ,مـن طرف طائفة من القراء الدين تقدمواعليـه في هذاالشأن

.

القراءة الشاذة ومساعدتهـا لعلم التفســــــــير

 

ومن   جانب آخر , إذا كانت القر اءة الشاذة  تعتبرخارجة عن إطار القراءةالمتواترة, فإنها مع ذلك تبقى مساعدة لعلم التفسيروالتوضيح ,ورفع الالتباسفي مسائل لا  يرتفعالشك إلا بتدخلها.وعلىسبيل المثال,نجد ابن مسعود يقرأ" أيمانهما  "،بدلا  من"أيديهما "منقولة  سبحانه ) :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) المائدة   40فهده القراءة نجدها قد ساعدتعلى فهم ما يقطع في حد السرقة,وقراءة سعد ابن أبي وقاص’’وان كان رجل يورث كلالةأو امرأة وله أخ أو أخت " بزيادة "من أم "نجدها أيضا قد صرحت بنوعالأخوة في قضيـــــــــة الميراث

 

دور القراءة الشـاذة في توجيـه علم التـاريخ

 

كما تعتبر القراءةالشاذة حجة في التاريخ أيضا, فقراءة علي بن أبي طالب رضي الله   عنه "ألمغلبتالروم"  بنصب الغينبدلامن ضمها "غلبت الروم"الآية 1ـ نجد أن هذه القراءة قد حددت النصر الذي كتب للرومعام 625 هجرية ,وذلك بعد انهزامهم ضدالفرسعام 616 هجرية ,ونظرا لأهميتها ,فقدألف فيها  عدد من العلماء الأكفاء .منهمابن خالويه المتوفى عام370هجرية ,الذي ألف كتابا تحت عنوان"مختصر في شواذ   القرآن "وألف أثير الدين أبو عبد الله"شواذ  القر آن وتاريخالمصاحف "وكما هو معروف أن القراءة المتواترة تخضع لشروط لا بدمن  مراعاتها ,ومع  ذلك نجد أبا بكر بن مقسم قد خرج عنها مكتفيابصحة القراءة التي   تخضع للغة العربيةفقط  ولو خرجت  عن رسم المصحف أو السند ,وكذلك ابن شنبود الذي سار في فلك صديقه المذكور غير أن العلماء منعوهما من ممارسةهذا التصرف الخارج عن شروط القراءةالمتواترة ,ومع أن ابن مجاهد كان صديقالهما في الدراسة على الشيخ ابن شاذان الرازي , لكنه مع دلك انفصل عنهما وانضم الىالمعاقبين للرجلين العالمين بناء على أن القراءة المتواتر ة تبنى على الأخذ بالأثبات  في الأثر, والأصح في النقل .وفي هذا الصدد قال أبو عمر و الدانيالمتوفى عام444 هجرية وأئمة القراء لا يعملون في شيء من حروف القرءان علىالأفشىفي اللغة ( والأقيس في العربية ) بلعلى الأثبت في الأثر ,والأصح في العربية ,واذاثبتت الرواية لا يردها قياسعربية ’ولا فشو لغة ’لأن القراءة سنـةيلزم قبولهـا والمصيراليهـا

 

 

 

صحة القراءات من خلال الأحاديث

 

روى البخاري ومسلم في صححيهما عن ابنعبـــاس ـ رضي الله عنهما أنه قال :قالرسول الله صلى الله عليه وسلم(اقرأني جبريل علىحرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)وروى الترمذي عـــــن أبـــي بنكعب أيضا قال:( لقي رسول الله صلى الله عليهوسلم،جبريل،فقــال يــاجبريلإنـــــي بعثـــت إلـــى أمة أميينفيهم الشيخ الفـــانيوالعجـــوزالكبيرةوالغلام،قال ( فمرهم فليقرءوا القرآنعلـىسبعة أحرف).

 

الحرف ومعناه

يأتي الحرف بمعنى طرفالشيء،ويكون الحرف بمعنى طرف الدين،وفي هذا يقول الله ) ومن الناس من يعبد الله على حرف (سورة الحج الآية:11أي:على طرف منــه ويطلق الحرف أيضا على قراءة من القراءاتالتــي وردت في القرآن وذلك باعتبـار أنها وجه من وجوهالأداء،التي يتلى بها ، ولهذا يقولون حرف ابن كثير أو حرف أبي عمرووالحكمـة من نزول القرآن على سبعة أحرف لحكم وأسرارمنها:التخفيف على الأمـة وتسهيل القراءةعليهــا أما القراءات فهي عبارةعـــن  تلك الأوجهاللغويـة والصوتيـةالتي أباح الله بها قراءة القرآن الكريم تيسيراوتخفيفا على العبـــاد.              

ما يستفاد من تعدد القراءات

تعدد القراءات معناه تعدد الآيات، والإعجاز يكمن في كلآية، ومعنى هذا أن القرآن معجز إذا قرئ بوجه ، ومعجز إذا قرئ بوجهين،ومعجز أيضا إذاقرئ بثلاثة أوجه وبهذه الأوجه يتيسر الأمر للمفسر ويتحكم في مسيرة بحثه.فمثلا قولهتعالى: (والذي قدر فهدى)سورة الأعلىالآية:3  قرئتلفظة (قدر) بفتح الدال دون تشديد لتفيد أن الله قادر على إحياءالموتى   وإماتتهم، و قادر على تكليمالجماد... وقرئت اللفظة أيضا بتشديد الدال )قدر( بمعنى أن الله يقدر الأرزاقويقدر الأعمار وغيرهما فها أنت ترى أن الكلمة تتضمن عدة أحكام وهي كلها تقدم فوائدكثيرة للمفسر، وبالمثال الآتي نزيد في توضيح ما نحن بصدده  في قوله تعال:(وانظر إلى العظــاـم كيف ننشرها) سورة البقرة الآية 258فقرئت كلمة(ننشرها) بكسر الراء من النشوروهوالإحياء،ومعنىالنص بهذه القراءة وانظر إلى عظام حمارك التي قد ابيضت من مرور الزمان عليها وقرئتمن جانب آخر(ننشزها)من  (النشز)وهو الارتفاعومعنىالنص بهذه القراءة،وانظر إلى العظام كيف نرفع بعضها فوق بعض في التركيب للإ حياءوقرئت أيضا ( كيف ننشرها ) بفتح النون وضم الراءعلى معنى ننشرهابضم النون وكسر الراء التي تقدمتفي القراءة الأولى انظر أيها القارئ الكريـم، كيــف يركب الله العظام بعضها فـــوق بعض ،ثم ياتي الله بهذه العظام ليبعث فيها الحياةقصد وقوف صاحبها أمام الحالق جل شأنه،للحساب والجزاءومعلـوم أت النــص يتضمن معجزتين،معجزة التركيب،ومعجزة الإحيـاء

 

 

 

 

تدخل الرسم القرآني في الإعجاز

رسمت لفظة (العظـــاــم) بحــذف الألــف للدلالة على الوحدانية والانفراد ، ورسمت فوق السطر للإ شـارة إلى أن قدرة الله فــوقكـــل قدرة وقـــد تجلت هـذه القدرة كمـا تقدم، فـي الإحياء والتركـيبي لاحظ أن الألف حذفت  من لفظة  (الإنســــاــن) للإ شارة إلى أن خلاياه هي عبارة عن جزء واحد لا انفصال لهذا على الآخر،حيث إن كل جزء ملتصق بغيره، مع العلم أن كل خلية من خلايا الإنسان تعمل وكأنها تعمل في معمل خاص بها، مع أنها مجتمعة في حجم واحد ، ويبلغ عددها ثلاثمائة آلاف مليارخلية، ومن جانب آخر، قرر الخالق سبحانه أن  تكون الخلايا البيضاء حارسة على الخلايا الأخرى، حيث إنها تظل طول النهار منأعلى الإنسان إلى أسفله، ومن أسفله إلى أعلاه، بحثا عما يصيبه من مخلوقات معادية تذهب بحياته، وحذف الألف من لفظة(الإنســاـــن)يشير إلى هذا الضم والالتحام، ويضاف إلى ما تقدمأن جسم الإنسان معجز، فهوينطوي على أسرار لا تحصى ، ولا يدركها العقل البشري ،ومن هنا حذفت الألف أيضا للدلالة علىذلك فحذف الألف إذن يعود إلى أنه معجز منجانب،وإلى الالتصاق والضم من جانب آخر،وفي هذا يقول الدكتور ألان نورس في كتابه (جسم الإنسان)(إن أولئك الذين يدرسون جسم الإنسان، يزداد إيمانهم با لإعجاز، كلما ازداد علمهم به)وعليه، فكما تقدم أنحذف الألف يشير إلى قدرة الخالق المطلقة التي تعتبر فوق كلقدرة، غير أن كلمة (عظامه) وردت بإثبات الألف،حيث خالفت لفظة (العظـــاـــم ) التي ذكرتبحذف الألف بدورها، والعلة في ذلك ـ والله أعلم أن كلمة (العظـــاــــم) كل بمعنى أن جسم الإنسان يتألف منها ولهذا فقد وردت بالإثبات لأن الجزء يرسم بإثبات الألف ،والكل يرسمبحذفه، أما لفظـة ) قــــــاــــدرين ( فيلاحظ أن حذف ألفها يشيرإلى أن قدرة الله مطلقة في حكمه وتصرفه، ولهذارسمت الألف بالحذف للإ شارة إلىذلك وتتجلى قدرته سبحانه في الأسرار التي ذكرت وفي غيرها ممــــــا ينطوي عليه كونهالعظيم .  أمــا كلمة (  بنــانـه)  فقد وردت الألف فيها بالإثبات لماذا ؟لأنها جزء من الإنسان أيضا،فرؤوس أصابعه هي جزء منه،ولهذا رسمت بإثبات الألف،ومعنىالنص الشريف أن الكفار لما كذبوا بالبعث انطلاقا من قولهم أن الله سبحانه لا يستطيع إعادة الموتى إلى الحساب ،رد الله عليهم أنه قادر على إحيائهم برد أرواحهم إليهم ورد ما هو أدق عند الإنسان وهو(بنـانـه)أي: أطراف أنامله ،ولـــهذا رسمـت (بنـانـه) بإثبات الألف للإ شارة إلى قدرة الله التيتتجلى في أطراف الأصابع التي لا تتشابه مطلقا حتى في اليد الواحدةوأن خطوط هذه الأصابع لا تصاببالتلف، فمثلا إذا احترقت أصــابع الإنسـان فإنــها تعــود بمجرد مــا تعود هذه الأصابـــع إلى طبيعتهـــــا.

                                                        

 

 

القراءات  ودورها في استنباط الأحكام

إذا قلت قرآنا وقراءة،فأقول كذلك إنهما مصدران لفعل(  قرأ)ومضارعه (يقرأ)  وأمره  ( قرأ) ويقا ل  قرأ يقرأقراءة،إذاتلا  فهو قارئ أما في الاصطلاح ،فهوعلم بكيفيات أداء  كلمات القرءان من تخفيف وتشديد.وبما أن القرءان نقل إلينا كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ،فإن أوجهه قد نقلت إلينا بدورها كمانطق بها النبي الكريم ،ثم إذا علمنا أن القرءان والقراءات هما بمعنى واحد باعتبارهما مصدرين لفعل قرأ،فإننا نجد الإمام بدرالــــــدين الزركشي  فرق بين كتاب الله والقراءات قائلا: (إن القرءان هو الوحي المنزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ،أما القراءات فهي عبارةعن اختلاف ألفاظ الوحي في الحروف)،وباختلاف أوجهها يظهرالإعجاز وتختلف الأحكام وهكذا نجدالقرء ان معجزافي نظمه ،معجزا في رسمه ،معجزا في قراءته،وحتى امتداده مع الزمان فهو أيضا معجز ،بدليل أن الاهتمام بالحافظة عليه تزدادكلما تقدم به الزمان ،وهنا نجدرجلا ألمانيا كتب القرءان كله في صفحة واحدة بشكل جميل جدا،وذلك ليظهر الخالق لنا أن إعجاز المحافظةعليه بيده،وأن تنفيذ هذه العناية تتجلى في أفرادعباده  سبحانه وتعالى ،فلماذا قام هذاالرجل بكتابة القرءان الكريم ،ولم يكتب   ا لتوراة أو الإنجيل مثلا،وهناك أمم أخرى تفكر في نسخ القرءان  في مصاحف جميلة وممتعة تدل دلالة قاطعة على حفظ الله لهذا الكتاب المعجز،ومن جانب آخر إذا كان للقرآن خط التقادم الذي يتراجع بسببه التطبيق،فإن هناك خطا آخر يزداد بسببه الإعجاز ،كما يقول العلماء والهدف من القراءات القرآنية هو التخفيف على القبائل العربية التي كانت تختلف في لهجاتها،وفي مكة كان الرسول صلى الله عليه وسلم ،يعلم الناس بلغة قريش،لأنه نزل بلهجتها وبعد حصول ا لتعب للنبي صلى الله عليه وسلم،بهذه القراءة لعدد من القبائل خرج عن لغة قريش،وأخذ يعلم كل قوم باللهجة التي تعرفها،وذلك باعتبار أن القرآن نزل ليفهمه العرب لا لينحصر في قبيلة أو قبائل محدودة وفي حدودالماتين للهجرةاشتهرت القراءات في الأمصار الإسلامية ،ففي البصرة قرأ الناس بحرف أبي عمرو،ويعقوب،وبالكوفة كانوا على قراءة حمزة وعاصم،وكانوا بالشام على قراءة ابنعامر،وبقراءة ابنكثير قرأ الناس بمكة وبالمدينة كانوا على قراءة نافع،واستمر القراء على هذا المسار ،حتى ظهر ببغداد الإمام بن مجاهد وحصر لعلم القراءات سبعة قراء، الذين تقدم ذكرهم باستثناءأبي يعقوب،ونظرا للقيمة العلمية لهذا الأخير نجد ابن تيمية يصرح قائـــــلا:(لولا أن ابن مجاهد سبقني إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمي )وسبب قبوله لهؤلاء السبعة ،راجع إلىتوفر كل منهم على الضبط والأمانة وملازمةالقراء، هذا بالإضافة إلى اتفاق الآراء على الأخذ عن كلواحد منهم ،ولصحة هذه القراءات لا بد من توافرها على ثلاثة شروط إذا تحققت كانت متواترة تصح العبادة والعمل بها  وإذا فقدت شرطا واحدا منها كانت شاذة لا تعتبرقراءة،وبالتالي  لا تصح العبادة بها  ومن هذه الشروط 1موافقتها لأحد المصاحف ولو تقديرا 2 موافقتها للعربية ولوبوجه 3 صحة سندها،ومعنى الشرط الأول ثبوت هذه القراءة ولو في بعض المصاحف دون غيرها وذلك كقراءة ابن عامر  (قالوا اتخذ الله ولدا) بغير واو ،ومثل قراءته ( وبالزبر وبالكتاب المنير) بزيادة الباء في الكلمتين ،فهذه القراءة موجودة بالمصحف الشا مي أما معنى ولو تقديراكقراءة ( مــــــــلك يوم الدين)فقد رسمت لفظة(مـــــلك) في جميع المصاحف بدونألف ،وقراءتها بحذفه تحتمله تحقيقا كما هو الشأن في (ملك الناس)وقراءتها بالألفتحتمله تقديرا كما هو الشأن أيضا في(مـــــــلك الناس) ومن جانب آخر ،نعلم أن الفقيه الذي له نظر بعيد في علم الفقه هوالذي له باع طويل في علم القراءات وهذا ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم،بقوله: (لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرءان وجوه اكثيرة ) وعليه فإننا نرى أن من هذه  الوجوه مايساعد المفسر أو الفقيه على استنباط الأحكام التي منهاما أشار إليه سبحانه بقوله: فاعتزلوا النساء في المحيض،ولا تقربوهن حتى يطهرن) سورة البقرة الآية 222 فقراءة حمزة والكسا ئي وشعبة وخلف اللفظة  ( يطهرن) بتشديد الطاء وفتحها وتشديد الهاء وفتحها وسكون الراء تفيد المبالغة في طهر النساء من الحيظ ،مع الاغتسال على اعتبار أن زيادةالمبنى تدل على زيادة المعنى،وقراءة الباقين اللفظة ( يطهرن) بالتخفيف تفيد أنالزوج عليه أن يبقى في بعد عن الزوجة حتى ينقطع الدم،لكن بمجموعالقراءتين التشديد والتخفيف يحصل مراد الله تعالى،وهوانقطاع الدم والاغتسال،ومما يستنبط أيضا من هذه القراءات الدلالة على حكمين شرعيين،ولكن في حالين مختلفين ،ونجدهما في قوله تعالى : ( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين( فقراءة نافع وابن عامر،وحفص والكسائي،ويعقوب  اللفظة ( وأرجلكم) بالنصب تفيد أن العطف على ( أيديكم ) الغسل بالماء،وقراءة الباقين الكلمـــــــــــــة ( وأرجلكم) بالجرتفيد أيضا أن العطف على ) برؤوسكم ) المسح على الرجلين،وقدبين الرسول صلى الله عليهوسلم،أن المسح يكون للابس الخف،وأن الغسل على من لم يلبس الخف،ومن إفادة القراءة أيضا رفع توهم ما ليس مرادا،وذلك مثل قوله تعالى: ( يــــــــأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) سورة الجمعة الايــــــة: 09 فقرأ بعض القراء  (فامضوا  إلى ذكرالله) فقراءة فاسعوايتوهم منها وجوب السرعة ،في المشي إلى صلاة الجمعة ،لكنقراءة (فامضوا ) قد رفعت هذا التوهم باعتبار أن المضي إلى ذكر الله ليس من مدلوله السرعة  وإنماالمشي الطبيعي الذي لا سرعة فيه ولابطء ومن إفادة هذه القراءات ما نقرأه في قوله تعالــــــــى: ( والذي قدر فهدى) سورة الأعلى الآية 3   فقراءة نافع( قدر) بتشديد الدال، تفيد أنالله تعالى قدر الأرزاق على عباده ،وقدر الأجلوالسعادة والشقاء على كل إنسان،وقراءة الباقين بالتخفيف ( قدر) تفيد أن الله قادر على إحياءالموتـى وإمـاتتهم ،وقــادرعلـى أن يحول البحر برا وقـادر   والله تعالـــــى أعلم.

 

 

 

 

دخول القرآن إلى المغرب

عرف المغرب القرآن بدخول الإسلام إلى هذا الجزء من شمال إفريقيا ،ومع هذا النور الإسلامي ، دخل عقبة بن نافع المغرب عام 62 من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ،وعند رجوعه إلى ديار المشرق ،عين جماعة من أصحابه الصالحين الأكفاء لتعليم الناس القرآن الكريم ، وشعائر الإسلام ،يتقدمهم العالم الجليل شاكر بن عبد الله الأردي ،ويعتبر  هذا الرجل هو الذي وضع الحجر الأساسي للمدرسة القرآنية بالمغرب ولما ارتد البربر جاء موسى بن نصير لفتح المغرب  من جديد  لتعليم العقيدة والقرآن الكريم ، ونشر الوعي الإسلامي بنواحي البلاد ،ولكي تتحقق أسس مبادئ الدين ،فقد عين موسى بن نصير جماعة من العلماء والفقهاء ووزعهم على سائر الجهات ،لتثبيت قواعد العقيدة ،وقد كتب النجاح لسياسته ،فما هي إلا فترة قصيرة ،حتى كانت قواعد الإسلام قد استقرت في النفوس ، وثبتت في القلوب ورفرفت راية القرآن في ربوع افريقية ،هذا وتذكر بعض الروايات أن بن زرعة دفين سبتة هو الذي أدخل القرآن إلى المغرب ،غير أن هذه الرواية لا يعتمد عليها نظرا للغموض الذي يكتنفها ،حيث لا نهتدي إلى من هو ابن زرعة ،ولا في أي عهد كان ،وعلى أ ي فكل ما قيل في هذا الشأن ،أنه كان رجلا صالحا لا يعرف إلا طريق الخير ،ومن الممكن أن يكون هذا الرجل هو أحد السبعة  عشر الذين اختارهم موسى بن نصير إلى هذه المهمة ،وما دام في علمنا أن شاكر هو مؤسس المدرسة القرآنية ،فإن موسى بن نصير صاحب البناء النهائي لهذه المدرسة ،ثم إذا كان عمل شاكر قد دفن بسبب عودة البربر إلى كفرهم وضلالهم ،فإن موسى بن نصير يعتبر الفاتح الحقيقي للمغرب الذي انتشرت الكتاتيب القرآنية في عهده ، هذا بالإضافة إلى عمله النير الذي تجلى في بنائه لعدة مساجد للعبادة والصلاة  وبعد هذه الجهود الموفقة شرف القدر المغرب ببعثة عمر بن عبد العزيز التي دخلت الغرب وهي تتألف من عشرة فقهاء ،الذين أسسوا عدة مراكز لقراءة كتاب الله، وتجلى اهتمامهم بها بتوسيعها في كل الجهات المغربية ،وبهذا تعتبر جهود هذا الخليفة الموفق المنطلق الفكري والديني في أقطار المغرب العربي.

مصحف عقبة بن نافع الفهري

إن أول مصحف عرفه المغرب هو مصحف عقبة بن نافع الفهري الذي فتح المغرب في أول الأمر ،وقد بقي هذا المصحف الشريف متداولا بين ملوك المغرب يتوارثونه بينهم إلى أن وقع في أيدي الأشراف العلويين ،الذين منهم انتقل إلى الملوك العلويين حيث بعث به السلطان المولى عبد الله ،إلى الحرم النبوي الشريف في جملة مصاحف ،وفي ظروف غامضة لا علم لنا بها ،نعلم أن أحد المصاحف العثمانية انتقل إلى الأندلس ،علما أن هذا المصحف ظل بجامع قرطبة إلى أتى به الخليفة الموحدي عبد المومن بن علي إلى مراكش عاصمة ملكه ،سنة 552 من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ،ثم وقع هذا المصحف الشريف في حوزة بني عبد الواد،ملوك تلمسان ،غير أن أبا الحسن المريني قد استرجعه منهم ونظرا لإيمان هذا السلطان،فقد قام وكتب ثلاثة مصاحف بخط يده ،ووجهها إلى المساجد الثلاثة ( المسجد الحرام ،والمسجد النبوي ،والمسجد  الأقصى ) ومنذ أوائل العصر الموحدي بدأ المصحف المغربي يتطور في خطه ورسمه وقراءته، ثم ظهر وقف العلامة أبي جمعة الهبطي ـ رضي الله عنه ـالذي أصبح هو الطابع الرسمي لمصحف المغرب لحد الآن بعد كفاح  من أجل تحقيق هذا الوقف .

الهمز وتخفيفه 

إذا كان الواو أو الياء زائدتين مثل "قروء" أو "خطيئة" فإن الهمزة تبدل واوا وتدغم الأولى في الثانية مثل" قروء" فتصبح الكلمة هكذا "قرو" بواو مشددة وتبدل كذلك الهمزة ياء من كلمة "خطيئة" ،وتدغم الياءالأولى في الثانية فتصبح "خطية" ،بياء مشددة .وللتوصل إلى الحرف الزائد من الكلمتين يقال " قروء "على وزن " فعول " الهمزة لام الفعل والواو قبلها زائدة ليست بلام ولا عين ولا فاء ، وأن "هنيئا" ،وزنه " فعيل " الهمزة لام الفعل والياء قبلها زائدة ليست بلام ولا عين ولا فاء ،ومثله لفظة  " النسيء"  فإن كان الساكن الذي وقع قبل الهمزة المتحركة حرف لين أو حرف مد ولين غير الزائدتين ،كان لك في الهمزة في التخفيف وجهان ،وهو الأحسن أن تلقي حركة الهمزة والثاني أن تبدل مع الواو   واوا وتدغم الأول في الثاني ، ومع الياء ياء وتدغم الأول في الثاني ،وذلك مثل " سيئت " وسوء ،إن شئت قلت ’سيت  بفتح الياء المخففة " وسو " بضمتين فوق الواو بالتخفيف فيهما ،وإن شئت قلت " سيت " بتشديد الياء " وسو" تبدل الهمزة واوا وتدغمها في الثانية وكذلك في حرفي اللين " سوءة "ـ" وهيئة " لك إلقاء الحركة وهو الأحسن " سوة "و"هية " بالفتح والتخفيف فيهما ولك الإبدال و الإدغام على التشبيه  بالزائد و" سوة " و" هية " بتشديد الواو والياء .وإن كان الساكن الذي قبل الهمزة ليس بحرف مد ولين ،ألقيت عليه حركة الهمزة في التخفيف ،ولا يجوز غير ذلك مثل " المسألة " المشأمة " القرءان" فتقرأ" المسلة "و " المشمة " ،"والقران " فتلقي حركة الهمزة  على الساكن قبلها استخفافا .إذا وقعت الهمزة المتطرفة قبلها ألف وأبدلت منها ألف حذفت إحدى الألفين لالتقاء الساكنين ،مثل أولياء أنبياء فإنها تبدل في  الوقف من الهمزة ألفا لانفتاح ما قبلها ،فإذا قدرت أن الألف الأولى هي المحذوفة وهو الأصل وقفت بغير مد لأن التي كان فيها المد قد حذفت ،وإذا قدرت أن الألف الثانية التي هي بدل من الهمزة ،هي المحذوفة وقفت بالمد لأن التي كان فيها المد لم تحذف فبقيت ممدودة على أصلها .

الائمة القراء السبعة

بسم الله الر حمـاــن الرحيم

إياك نسأل العصمة والتوفيق ، و نستهديه قصد الطريق بمنه ولطفه الأئمة القراء السبعة وهم :عبد الله بن كثير المكي، ونافع بن أبي نعيم المدني ، وعبد الله بن عامر الشامي، وأبو عمرو بن العلاء البصري، وعاصم وحمزة، والكسائي. والرواة المشهورون عن هؤلاء السبعة أربعة عشر رجلافروى عن ابن كثير اثنان هما: 1ـ البزي 2ـ  قنبل وروى عن نافع اثنان كذلك هما :1ـ ورشوقالون أما ابن عامر فقد روى عنهابن ذكوانوهشام، وروى عن أبي عمرو 1ـ أبو عمر الدوريوأبو شعيب السوسي ، وروى عن عاصم اثنان هما: 1ـ أبو بكروحفص،كما روى عن حمزةخلفوخلاد، وروى عن الكسائيأبو الحارثوأبو عمر و الدوري ويطلق على ابن كثير ونافع بالحرميين، ويطلق على ابن كثير وابن عامر بالابنين، وإذا قلت :الأبوان :فهما :أبو عمرو وأبو بكر وإذا قلت النحويان :فهما :أبو عمرو والكسائي أما الكوفيون فهم :1ـ عاصم 2ـ وحمزة 3ـ والكسائي .وأبدأ بالإمام نافع ـ رضي الله عنه فأقول :نفع هو أبو رويم نافع بن عبد الرحمان بن أبي نعيم الليثي أصله من أصفهان وهو من علماء الطبقة الرابعة ،وكان لونه شديد السواد قال في حقه الإمام أنس "ت 179 هجريه " "كان نافع إمام الناس في القراءة " ـ معرفة القراء الكبار ج 12 ص9 ،وكان نافع إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك ،فقيل له يا أبا رويم أتطيب كلما قعدت تقرأ؟ قال" ما أمس  طيبا ،ولكني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في " بالشد وفتح الياء فمن ذلك  أصبحت أشم من في هذه الرائحة وقد ولد نافع سنة 70 هجرية ،وكان رحمه الله صاحب أخلاق فاضلة قال في حقه ابن معين "كان نافع ثقة " وقال عنه أبو حاتم "كان نافع صدوقا "   شيوخ الإمام نافع.   

اتفقت المصادر كلها  على أن الإمام نافعا قرأ على سبعين من التابعين منهم :1ـ أبو جعفر يزيد بن القعقاع " ت128هجرية "2  ـ عبد الرحمان بن هرمز " ت117 هجرية " 3ـ شيبة بن نصاح القاضي " ت 130هجرية " 4ـ يزيد بن رومان " ت 120 هجرية " 5 مسلم بن جندب الهزلي " ت130 هجرية " وقد أخذ هؤلاء الخمسة القراءات على ثلاثة من الصحابة وهم :1ـ أبو هريرة ـ رضي الله عنه " ت59 هجرية " 2ـ عبد الله بن عباس بن عبد المطلب "ت68 هجرية " 3ـعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي " ت 78 هجرية " وقد قرأ هؤلاء الثلاثة عن : أبي بن كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأمين جبريل عليه السلام يتضح مما تقدم ،أن قراءة الإمام نافع صحيحة ومتصلة السند بالرسول صلى الله عليه وسلم.

الامام العالم ابو محمد قاسم بن قرة الرعيني الشاطبي

بسم الله الر حمـاــن الرحيم

 

إياك نسأل العصمة والتوفيق ، و نستهديه قصد الطريق بمنه ولطفه الأئمة القراء السبعة وهم :عبد الله بن كثير المكي، ونافع بن أبي نعيم المدني ، وعبد الله بن عامر الشامي، وأبو عمرو بن العلاء البصري، وعاصم وحمزة، والكسائي. والرواة المشهورون عن هؤلاء السبعة أربعة عشر رجلافروى عن ابن كثير اثنان هما: 1ـ البزي 2ـ  قنبل وروى عن نافع اثنان كذلك هما :1ـ ورشوقالون أما ابن عامر فقد روى عنهابن ذكوانوهشام، وروى عن أبي عمرو 1ـ أبو عمر الدوريوأبو شعيب السوسي ، وروى عن عاصم اثنان هما: 1ـ أبو بكروحفص،كما روى عن حمزةخلفوخلاد، وروى عن الكسائيأبو الحارثوأبو عمر و الدوري ويطلق على ابن كثير ونافع بالحرميين، ويطلق على ابن كثير وابن عامر بالابنين، وإذا قلت :الأبوان :فهما :أبو عمرو وأبو بكر وإذا قلت النحويان :فهما :أبو عمرو والكسائي أما الكوفيون فهم :1ـ عاصم 2ـ وحمزة 3ـ والكسائي .وأبدأ بالإمام نافع ـ رضي الله عنه فأقول :نفع هو أبو رويم نافع بن عبد الرحمان بن أبي نعيم الليثي أصله من أصفهان وهو من علماء الطبقة الرابعة ،وكان لونه شديد السواد قال في حقه الإمام أنس "ت 179 هجريه " "كان نافع إمام الناس في القراءة " ـ معرفة القراء الكبار ج 12 ص9 ،وكان نافع إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك ،فقيل له يا أبا رويم أتطيب كلما قعدت تقرأ؟ قال" ما أمس  طيبا ،ولكني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في " بالشد وفتح الياء فمن ذلك  أصبحت أشم من في هذه الرائحة وقد ولد نافع سنة 70 هجرية ،وكان رحمه الله صاحب أخلاق فاضلة قال في حقه ابن معين "كان نافع ثقة " وقال عنه أبو حاتم "كان نافع صدوقا "   شيوخ الإمام نافع.   

اتفقت المصادر كلها  على أن الإمام نافعاقرأ على سبعين من التابعين منهم :1ـ أبو جعفر يزيد بن القعقاع " ت 128 هجرية "2  ـ عبد الرحمان بن هرمز " ت117 هجرية " 3ـ شيبة بن نصاح القاضي " ت 130هجرية " 4ـ يزيد بن رومان " ت 120 هجرية " 5 مسلم بن جندب الهزلي " ت130 هجرية " وقد أخذ هؤلاء الخمسة القراءات على ثلاثة من الصحابة وهم :1ـ أبو هريرة ـ رضي الله عنه " ت59 هجرية " 2ـ عبد الله بن عباس بن عبد المطلب "ت68 هجرية " 3ـعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي " ت 78 هجرية " وقد قرأ هؤلاء الثلاثة عن : أبي بن كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأمين جبريل عليه السلام يتضح مما تقدم ،أن قراءة الإمام نافع صحيحة ومتصلة السند بالرسول صلى الله عليه وسلم.

 

رد على من يدعي التفوق في علم   الرسم القرآني

علم الرسم القرآني علم عظيم ،يمتاز بقوة الأسراروالعجائب غير أن المشتغلين به ما زالوا في بداية الطريق ،وما داموا لم يغيروا اتجاها جديدا للبحث عن أسراره ،فإنهم سيبقون متأخرين بجهلهم لرسم كتاب الله ،ومع الأسف أنهم يدعون الفهم أكثر من غيرهم ،وبذلك سقطوا في الهاوية وبقوا بدون فهم ،كما قال أحد المتخصصين في علم التجويد والقراءات إن رسم القرآن يستحيل تعليله فلما سمعت هذا القول ،أصبت باندهاش غريب كيف بعالم متخصص يقول بهذا الكلام ،ويمكن أن نريح العقل بأن رسم الكتاب العزيز لا يمكن أن يوهب إلا لمن فتح الله قلبه لهذا العمل الجليل قال الإمام الكسا ئي في هذا الشأن (في رسم القرآن عجائب وغرائب تحيرت فيها عقول العلماء ،وعجزت عنها آراء الرجال البلغاء ) ،وفي هذا الشأن أيضا قال العلامة أبو العباس المراكشي (الرسم القرآني رمز لا يحل إلا بامتلاك مفاتحه وعندها تتبدد الشكوك حوله وتتلاشى كل التهم التي وجهت إليه ) ، ومن هذا المنطلق أوجه كلامي المتواضع هذا إلى كل الذين يدعون أنهم يملكون المعرفة بهذا الرسم فأقول لهم إنهم لم يستطيعوا الوصول إلى الإحاطة به مهما اجتهدوا وبالغوا في هذا الاجتهاد و الاطلاع على هذا البحرالمليء بالأسرار الذي خاض فيه الكثيرون وما عرفوا منه إلا القليل جدا ،والغريب في الأمر أنني قرأت رجلا يرفع من شأن امرأة فهم منها أنها تقترب من نهر النيل وأنها امرأة تشرب علم الرسم القرآني ،ولا عجب في ذلك ما دام عقلها صديقا لجهلها ،ولكن مع غرورها يمكن لها أن تقول إنها عالمة بكل شيء أما رافع شأنها فهو مسكين في علم الرسم ،والمسكين هوالذي لا خبرة له بحذف الألف أو بإثباته ، فكيف به أن يكون عالما بعلم الرسم،إن كتاب مورد الظمآن للعلامة الخراز يتضمن مآت الأبيات في علم يتعلق برسم كتاب الله وهو علم رفيع المستوى جدا ،وشراحه مختلفون ،فمنهم من فهمه ،ببصيرته وعقله ،ومنهم من تطفل عليه ببلادته ،ومنهم من عالجه بطريقه غبية ، ومنهم من أنكره ، بقي لي أن أنصح كل من كذب على كتاب (فتح المنان )العملاق أن يراجع نفسه ،ويعترف بخطئه وأن يكون على علم بأنه لا يستطيع أن يفهم حتى الباء المتصلة بالسين ،وأختم كلامي هذا قائلا لأعزائي القراء أن فهم الرسم القرآني صعب جدا بل مستحيل على كل مغرور أن يشرب من بحره ، ثم اعلم أخي القارئ الكريم إن نظم الخراز بناه على ثلاثة أركان ، الركن الأول يتعلق بالرسم القرآني ،والركن الثاني تعرض فيه للمصادر ،وتعلق الركن ا لثالث بالمصطلحات التي تلخص منهجية قوله وكل ركن يحتاج إلى علم غزير ،هذا مع تضلعه في علوم العربية والبلاغة والأصول والقراءات وعلم التجويد ،وغيرها مما يصب في هذا الفن .

 

 

الموســوعـة القـرآنـيـة

 

بسم الله الرحمــــــــــــن الرحيم

 

أنزل الله القرآن العظيم هداية للبشر ورحمة بخلقه ،ومن فضل هذه الرحمـــــة أن الناس كانوا في ضلال وطغيان ،وظلام وعصيان ،فجاءت رحمته لـــهداية الناس إلى طريق الحق وسبيل الرشاد ،فعرفو ا السبيل المستقيم بأخلاق القرآن ،وفهموا معنى الحياة ،وبذلك انفتحت بصائرهم وتنورت أفكارهم ،وقضي على الانـــحلال الخلقي الذي كان هو السائد ،وأصبح التيسير في كل الأمور هو الرائد ،وبــــــهذا الفضل العظيم الذي صبه الخالق العظيم على عباده انفتحت القلوب واستبشـــرت النفوس ،فتحولت بذلك من الخمول والملل إلى النظر في كتاب ربهم ودستــــــور إلههم بالتأمل والفهم لاستنباط الأحكام والشرائع والقضايا والفتاوى وغيــــر ذلك مما تتحلى به خزائن هذا الكتاب العجيب ،وبهذا الانفتاح العقلي اتجهت العقول من التأمل والنظر إلى البحث والتأليف ،فمنهم من اشتغل بالتأليف في الـــــرسم ،ومنهم من ألف في الناسخ والمنسوخ ،ومنهم من ألف    في علم القراءات ومنهم من ألف في علم التجويد ،ومنهم من ألف في غير ها ومن جانب آخر نقول بحق إن المصحف الكريم هو أساس معرفة هذا الكون ،لأن منه نستطيع أن نكتشـــــف أسرارا عظيمة تكمن بين ثناياه ، و لا يفهم إلا من خلال ما يشير إليه كتاب ربـنا العظيم ،علما أن القرآن الكريم ليس كتاب علم فقط ،ولكنه كتاب إرشاد وتوجيه ،ومـع ذلك ما من شيء في الكون نعرفه إلا ويكون القرآن قد أشار إليه ،ويستحيل عـلى التفسير العلمي مواجهة حل المسائل العلمية وحده د ون تدخل القرآن الذي سبـق خلق هذا الكون ،فمثلا إذا علمنا أن إنزال المطر من السماء أتى لإحيـاء الأرض والنباتات ، فإ نه مع هذا لا بد من إضافة شيء إلى هذا المطر لأن الـــزرق لا ينحصر في المطر وحده فقط ،بل لا بد من إضافةأشياء أخرى مهمة جدا وهـــي تتمثل في إنزال الرحمة من السماء وإنزال الأسمدة لتقوية الأرض والأكســــجين والنتروجين وغير ذلك مما يحتاج إليه هذا الكون للمحافظة على توازنه ،ثـم إن هذه الموسوعة تتضمن علوما هامة كعلوم التفسير والقراءات وعلم التجويــــــــد والأصول والإعجاز العلمي ،ومع هذا بذلت جهودا للمحافظة على أصــالة هذه العلوم ،وقد كنت شديد الحرص على نظافة قولي من الإطناب والزيادة دون فائدة ،وإذا أخطأت وهذا غذا ء كل كاتب أرجو من عزيزي وأخي القارئ أن يسامحني ،ورحم الله عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ الذي أفادنا بهذا الكلام قائلا ( رحم الله رجلا أهدى إلي عيوب نفسي ) وأثناء عملي هذا كنت جادا في إضــــــافة ما يحتاج إلى إضافة ، من ذلك مثلا قوله تعالى ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يـــــــره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) سورة الزلزلة هنا نجد الخاء وهي من حــروف الحلق وقعت بعد التنوين ،وعند التأمل نجد أنه لا مساحة بينهما بل هما ملتصـقان تماما ،وهذا ما يفسر لنا أن صاحب الخير يسجل له من طرف الملائكة حـالا لأن الخير لا يفارق صاحبه ،وهذا بخلاف قوله جل وعلا ( ذرة شرا يره ) وهنــا نجد بعد التنوين حرف الشين وهو من حروف الإخفاء وعلى هذا نرى أن بين التنوين والشين مسافة وبعدا ويفهم من هذا الإجراء ،أن مرتكب الشر يعطيه الله بـــــــعدا زمنيا لمراجعة نفسه ،وبعد الفترة المعينة له من الله تعالى ولم يعد إلى طــــــريق الحق والصواب حينذاك يامر الله سبحانه الملائكة بتسجيل ذنوبه التي ارتكبـــها .

 

 

 

القراءات القرآنية وأنواعها

 

لكي تكون الأمور واضحة أرى أنه لا بد من التعرض لبعض مزايا هذا الرسم الذي خدم القراءات وأعانها في ميادين كثيرة 1ـ إذا قرئت الكلمة بوجهين ،فإنها ترسم بصورة تحتمل هاتين القراءتين أو أكثر 2ـ في كثير من المواضع يحتمل الرسم القرآني أكثر من قراءة واحدة ،وبضياع هذا الرسم تضيع هذه القراءات 3ـ إذا لم يلتزم الناس بالنص الذي كتب بالرسم القرآني ،فإنه يضيع وتضيع معه أحكامه التي يتضمنها النص الكريم 4ـ إن الرسم القرآني يتضمن أسرارا عجيبة ،فإذا لم يكتب القرآن بهذا الرسم فإن هذه الأسرار تضيع ،ومن جانب آخر إن القراءات التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعود إلى ثلاثة أوجه 1ـ ما فيه قراءتان ورسم على إحداهما مثل كلمة (الصرا ط)ولفظة (المصيطرون)فرسمت هاتاتن الكلمتان بالصاد ،وقرئت بالسين ،فمن قرأ بالسين فيكون قد اتبع الأصل ،ومن قرأ بالصاد فيكون قد اتبعرسم المصحف 2ـ ما فيه قراءتان ورسم برسم واحد يحتمل قراءتين مثل (فتبينوا ) قرئت (فتثبتوا )بالتاء ،وقرئت (فتبينوا ) بالياء ومثل (اثم كبير ) قرئت (كثير )بالثاء وقرئت بالباء ،والسبب في هذين القراءتين وغيرهما أنه راجع إلى خلو المصحف من النقط والشكل ،وهما قراءتان صحيحتان مرويتان عن ر رسول الله عليه وسلم ،والرسم القرآني يحتملهما تحقيقا ،والجدير بالذكر أن قراءة الكلمة تكون محتملة لأحد القراءتين تحقيقا ،والثانية تكون تقديرا ،فقد قرئت لفظة (ملك ) في جميج المصاحف بدون مد أو بدون ألف فتكون قراءة الحذف متفقة مع الرسم تحقيقا أما قراءة (مـــــــــاـــــلك)بالمد فتكون محتملة للرسم تقديرا كما في قوله تعالى(مـــا ـلك   الملك) سورة آل عمران الآية 26 ـ 3ـ إذا كانت الكلمة مشتملة على الزيادة أو النقص ،فهنا لا يمكن أن تكتب في المصحف الواحد مرتين ،وذلك فرارا من الخلط والتغيير ،وهذا النوع كتب في كل مصحف حسب ما يقرأبه أهل البلد الذي أرسل إليه هذا النوع في المصحف الكريم ،وبهذا تكون المصاحف كلها مشتملة على ما صح نقله ولم تنسخ تلاوته ،كما قال الحق سبحانه (وأوصى بها إبرا هيم بنيه ،ويعقوب ) البقرة 122ـ قرأ نافع وابن عامر (وأوصى )وهي مرسومة بهذا الشكل في مصحف أهل الشام والمدينة ،ورسمت في مصاحف المدن الأخرى (ووصى بها إبراهيم بنيه )

 

منهجية بحثي في الأطروحة

 

 

نظرا للاهتمام الكبير الذي وجهه أسلافي وأجدادي رحمهم الله للقرآن وعلومـــه ورسمـــه وتعليلـــه وفـــن القراءات ،لم أجد إلا السير وراءهم بأطروحتي هذه ،وهي تحت عنوان ( الشرح والتعليـل لقواعــد الرســـم القرآني الجليل على ضوء ما ورد فيها من قراءات التنزيل ) وبعد إجراء المناقشة منحتني اللجنة ( دكتـوراة الدولة ) من شعبة الدراسات الإسلامية ـ بميزة حسن جدا ـ ومع هذه الجهود الموفقة بإذن الله سبحانــه أرجو أن يضم نفعها إلى ما قدمه السلف الصالح قصد بناء صرح تراث أمتنا الخالد ،كما أرجو من ربــي جــــل شأنه أن يكون هذا المجهود امتدادا لما تركه أئمة وعلماء هذا الوطن من علوم وفنون وقراءات من أجـــــل إثراء خزاناتنا المغربية ،هذا وللرسم القرآني ست قواعد ،وهي الحذف ،والزيادة و الهمز والبدل والوصــل والفصل ،وما فيه قراءتان فيرسم على إحداهما ،وقد خصصت للحذف ثلاثــة مباحــث ،ضـــمنت المبحــث الأول حذف الألف ،وهو ثلاثة أنواع ،حذف إشارة ،وهو ما أشير به إلى بعض القـراءات كمــا فــي قولـــه تعالى ( وما يخـــــــاـــدعون إلا أنفسهم ) سورة البقرة الآية 9 فقد جاء الحذ ف للإشارة بقــراءة الوجـــهين 2ـ حذف اختصار ،وهو ما لا يكتب بكلمة دون نظائرها ،كحذف الألف فـــي كلمـــة ( يحكمـــــــــاـــان ) سورة الأنبياء الآية 77 و( لاوليـــــــــــاـــان ) المائدة الآية 109 وكلمة ( الرحمــــــــاــــان ) الفاتـحة 1 3ـ حــذف اقتصار ،وهو ما يختص بكلمة دون نظائرها كحذف الألف في كلمة ( الكــــاـــفر لمن عقبى الــدار) ســـورة الرعد الآية 43 المبحث الثالث فقد تعرضت فيه لحذف الواو ،وذلك مثل ( يوم يدع الداعي إلى شـيء نكر ) سورة القمر الآية 6 وقد ضمنت المبحث الثالث لحذف الياء وذلـك مـــثل( لئن أخــرتــن (ي) إلـــى يـــوم القيـــــاـــــــمة ) سورة الإسراء الآية 62 وقد أدرجت للزيادة ثلاثـة مبــــاحث أيضا ـالمبـــحث الأول تعلــق بزيادة الألف ،وذلك مثل لفظة (مائة ) وردت هذه الكلمة في القرآن ثمان مرات منها الآية 259 من سـورة البقرة وكلمة ( لأاذبحنه بدارة فوق الألف )،وقد زيدت هذه اللفظة للدلالة على أن الذبح هو أشد مـن العــــذاب ،وذكرت في المبحث الثاني زيادة الياء مثل ( وإيتاء (ي ) و تلقاء (ي) و( نبإ (ي ) ،وقد تعرضت في المـــبحث الثالث لزيادة الواو ،وذلك مثل ( أولوا ) سورة الأحزاب الآية 6 ـأما الهمز ة فقــــد أدرجت تحتــها مبحثيـــن ضمنت المبحث الأول التعريف بالهمز،وهو مصدر بمعنى الضغط والدفع ،ويستعمل مصدرا أيضا بمعنى النطق بالهمز ،فيقال همزت الكلمة إذا نطقت فيها بهمزة ( دليل الحيران للشيخ المارغيني ) 154 وذكرت في المبحث الثاني أنواع الهمز ومنها على سبيل المثال الهمزة المبتدأة وهي التي تقع في أول الكلمة ســواء كانت مضمومة مثل ( أولائك ) سورة البقرة الآية 5ـ أو مكسورة مثل ( إياك ) سورة الفاتحة الآية 5ـ ومنــها ما إذا كانت ساكنة ،فإنها ترسم بحرف حركة ما قبلها على الألف في وسط الكلمة مثل ( البـــأساء ) ســـورة البقرة الآية 177ـ ومن أنواع الهمز أيضا ،أنها تكتب في وسط الكلمة على الألف إذا كانت مسبوقة بفتــحة مثل (سأصرف ) سورة الأعراف الآية 146 ـ ثم ترضت للوصل والفصل بستة مباحـــث المبـــحث الأول ضمنته وصل لفظة (بيس )بكلمة (ما ) كما في قوله تعالى ( بيسما خلفتموني من بعدي ) سورة الأعــــراف الآية 150 ووصل كلمة ( أن ) بلفظة (ما ) إذا وقعت بعد لفظة (غنمتم ) كما في قوله تعالى ( واعلموا أن ما غنمتم من شيء ) سورة الأنفال الآية 41 وأما المبحث الثاني فقد تعرضت فيه لوصل كلمة ( أين ) بـلفـظـة ( ما ) وقد ضمنت المبحث الثالث فصل كلمة ( في ) عن لفظة ( ما ) كما في قوله تعالى ( فــي مــــا اشتـــهت أنفسهم خـــــلدون ) سورة الأنبياء الآية 102 والعلة في هذا الفصل أنه راجع إلى أن شهوات الناس اختلفــت ،فوقع الفصل للدلالة على ذلك ،كما فصلت كلمة ( إن ) عن لفظة ( مـا ) في قــوله تعــالى ( إن مــا توعـدون ءلات) سورة الأنعام الآية 135 ـ والسبب في فصل حرف التوكيد عن (ما) إن هذا الأخير وقع على شيء مفصل ،فمنه ما هو خير موعود به لأهل الخير ،ومنه ما هو شر موعود به لأهل الشر ،وقد تحدثــــت في المبحث الرابع عن فصل كلمة (كل)عن لفظة (ما)كما في قوله تعالى ( كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها ) سورة النساء الآية 90 ـ وأما المبحث الخامس فقد ذكرت فيه وصل كلمة (كي) بلفظة ( لا ) كما في قولــــه تعالى ( لكيلا تاسوا على ما فاتكم) سورة الحديد الآية 22ـ وختمت المبحث الســـــــــادس بالحديث عن فصل كلمة ( أن ) عن لفظة (ما) ثم تحدثت عن ( البدل ) في ثلاثة مباحث ،تعرضت في المبحث الأول عن الألف التي أبدلت واوا مثل كلمة (الصلواة) و ( الزكواة ) و ( الغدواة ) فقد كتبت هذه الألفاظ بالواو بدل الألف لتعظيم شأنها والرفع من مكانتها وذلك أن ( الصلواة ) و ( الزكواة ) هما عمود ا لإسلام وأما ( الغدواة ) فالواو فيها يرمز إلى أنها قاعدة الأزمــــان ،ومبدأ تصرف الإنسان ،وأما المبحث الثاني فقد ضمنته هاء التأنيث التي كتبت تاء مثل ( رحمة ) و ( نعمة ) وتكلمت في المبحث الثالث عن كلمة (سنة) التي رسمت تاء بدورها فقد كتبت هاؤها بالتــــاء للإشارة إلى الإهلاك والانتقام وذلك كما في قوله جل شأنه ( فقد مضت سنت الاولين ) سورة الأنفال الآية 38 وكتبت مبسوطة أيضا في قوله سبحانه ( فهل ينظرون إلا سنت الاولين ،فلن تجد لسنت الله تبديلا ،ولن تجـــد لسنت الله تحويلا ) سورة فاطر الآية 44ـ كما كتبت أيضا بالتاء المبسوطة في قوله سبحانه ( فلم يك ينفعهــــــم إيمــــاـنهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده) سورة غافر الآية 85 والعلة في رسم هذه الهاء تاء أنها بمعنى الإهلاك والانتقام كما أشير سابقا (عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل ) ص 111ـ وختمــــــت القاعدة السادسة بالتحدث عما فيه قراءتان فيرسم على إحداهما ،وذلك مثل قوله تعالى ( اهدنا الصــــــــــراط المستقيم ) سورة الفاتحة الآية 5 فقد قرئت بالسين والصاد لأنها رسمت على إحداهما وهو وهو الصــــاد في جميع المصاحف

المصادر

- فتح المنان شرح مورد الظمآن في رسم أحرف القرآن للعلامة ابن عاشر بتحقيق الدكتور الهبطي الادريسي عبد السلام

- الشرح والتعليل لقواعد الرسم القرآني الجليل على ضوء ما ورد فيها من قراءات التنزيل للمؤلف الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي

- دليل الحيران على مورد الظمآن للشيخ المارغني

- القراء و القراءات بالمغرب للأستاد سعيد أعراب

 

القراءات القرآنية وأنواعها

 

 

لكي تكون الأمور واضحة أرى أنه لا بد من التعرض لبعض مزايا هذا الرسم الذي خدم القراءات وأعانها في ميادين كثيرة 1ـ إذا قرئت الكلمة بوجهين ،فإنها ترسم بصورة تحتمل هاتين القراءتين أو أكثر 2ـ في كثير من المواضع يحتمل الرسم القرآني أكثر من قراءة واحدة ،وبضياع هذا الرسم تضيع هذه القراءات 3ـ إذا لم يلتزم الناس بالنص الذي كتب بالرسم القرآني ،فإنه يضيع وتضيع معه أحكامه التي يتضمنها النص الكريم 4ـ إن الرسم القرآني يتضمن أسرارا عجيبة ،فإذا لم يكتب القرآن بهذا الرسم فإن هذه الأسرار تضيع ،ومن جانب آخر إن القراءات التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعود إلى ثلاثة أوجه 1ـ ما فيه قراءتان ورسم على إحداهما مثل كلمة (الصرا ط)ولفظة (المصيطرون)فرسمت هاتاتن الكلمتان بالصاد ،وقرئت بالسين ،فمن قرأ بالسين فيكون قد اتبع الأصل ،ومن قرأ بالصاد فيكون قد اتبعرسم المصحف 2ـ ما فيه قراءتان ورسم برسم واحد يحتمل قراءتين مثل (فتبينوا ) قرئت (فتثبتوا )بالتاء ،وقرئت (فتبينوا ) بالياء ومثل (اثم كبير ) قرئت (كثير )بالثاء وقرئت بالباء ،والسبب في هذين القراءتين وغيرهما أنه راجع إلى خلو المصحف من النقط والشكل ،وهما قراءتان صحيحتان مرويتان عن ر رسول الله عليه وسلم ،والرسم القرآني يحتملهما تحقيقا ،والجدير بالذكر أن قراءة الكلمة تكون محتملة لأحد القراءتين تحقيقا ،والثانية تكون تقديرا ،فقد قرئت لفظة (ملك ) في جميج المصاحف بدون مد أو بدون ألف فتكون قراءة الحذف متفقة مع الرسم تحقيقا أما قراءة (مـــــــــاـــــلك)بالمد فتكون محتملة للرسم تقديرا كما في قوله تعالى(مـــا ـلك   الملك) سورة آل عمران الآية 26 ـ 3ـ إذا كانت الكلمة مشتملة على الزيادة أو النقص ،فهنا لا يمكن أن تكتب في المصحف الواحد مرتين ،وذلك فرارا من الخلط والتغيير ،وهذا النوع كتب في كل مصحف حسب ما يقرأبه أهل البلد الذي أرسل إليه هذا النوع في المصحف الكريم ،وبهذا تكون المصاحف كلها مشتملة على ما صح نقله ولم تنسخ تلاوته ،كما قال الحق سبحانه (وأوصى بها إبرا هيم بنيه ،ويعقوب ) البقرة 122ـ قرأ نافع وابن عامر (وأوصى )وهي مرسومة بهذا الشكل في مصحف أهل الشام والمدينة ،ورسمت في مصاحف المدن الأخرى (ووصى بها إبراهيم بنيه )

 

 

القراءات القرآنية وأنواعها

 

 

لكي تكون الأمور واضحة أرى أنه لا بد من التعرض لبعض مزايا هذا الرسم الذي خدم القراءات وأعانها في ميادين كثيرة 1ـ إذا قرئت الكلمة بوجهين ،فإنها ترسم بصورة تحتمل هاتين القراءتين أو أكثر 2ـ في كثير من المواضع يحتمل الرسم القرآني أكثر من قراءة واحدة ،وبضياع هذا الرسم تضيع هذه القراءات 3ـ إذا لم يلتزم الناس بالنص الذي كتب بالرسم القرآني ،فإنه يضيع وتضيع معه أحكامه التي يتضمنها النص الكريم 4ـ إن الرسم القرآني يتضمن أسرارا عجيبة ،فإذا لم يكتب القرآن بهذا الرسم فإن هذه الأسرار تضيع ،ومن جانب آخر إن القراءات التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعود إلى ثلاثة أوجه 1ـ ما فيه قراءتان ورسم على إحداهما مثل كلمة (الصرا ط)ولفظة (المصيطرون)فرسمت هاتاتن الكلمتان بالصاد ،وقرئت بالسين ،فمن قرأ بالسين فيكون قد اتبع الأصل ،ومن قرأ بالصاد فيكون قد اتبعرسم المصحف 2ـ ما فيه قراءتان ورسم برسم واحد يحتمل قراءتين مثل (فتبينوا ) قرئت (فتثبتوا )بالتاء ،وقرئت (فتبينوا ) بالياء ومثل (اثم كبير ) قرئت (كثير )بالثاء وقرئت بالباء ،والسبب في هذين القراءتين وغيرهما أنه راجع إلى خلو المصحف من النقط والشكل ،وهما قراءتان صحيحتان مرويتان عن ر رسول الله عليه وسلم ،والرسم القرآني يحتملهما تحقيقا ،والجدير بالذكر أن قراءة الكلمة تكون محتملة لأحد القراءتين تحقيقا ،والثانية تكون تقديرا ،فقد قرئت لفظة (ملك ) في جميج المصاحف بدون مد أو بدون ألف فتكون قراءة الحذف متفقة مع الرسم تحقيقا أما قراءة (مـــــــــاـــــلك)بالمد فتكون محتملة للرسم تقديرا كما في قوله تعالى(مـــا ـلك   الملك) سورة آل عمران الآية 26 ـ 3ـ إذا كانت الكلمة مشتملة على الزيادة أو النقص ،فهنا لا يمكن أن تكتب في المصحف الواحد مرتين ،وذلك فرارا من الخلط والتغيير ،وهذا النوع كتب في كل مصحف حسب ما يقرأبه أهل البلد الذي أرسل إليه هذا النوع في المصحف الكريم ،وبهذا تكون المصاحف كلها مشتملة على ما صح نقله ولم تنسخ تلاوته ،كما قال الحق سبحانه (وأوصى بها إبرا هيم بنيه ،ويعقوب ) البقرة 122ـ قرأ نافع وابن عامر (وأوصى )وهي مرسومة بهذا الشكل في مصحف أهل الشام والمدينة ،ورسمت في مصاحف المدن الأخرى (ووصى بها إبراهيم بنيه ).

 

 

تتمة شرح منظومة القراء و القراءات

 

 

كما هو معلوم أن القرآن نزل بلغة قريش ،غير أنه استعمل ألفاظا لثلاث قبائل هي قبيلة أنمار ،وقبيلة غسان ،وقبيلة بني حنيفة

 

قبيلــــــــة أنمــــــــار

 

 

تنتمي هذه القبيلة إلى تهامة باتفاق الباحثين ،لكنهم اختلفوا في أصلها ،فمنهم من قال إنها من كهلان ،ومنهم قال إنها عدنانية ،وقد جاء القرآن الكريم بثلاث كلمات من هذه القبيلة وهي لفظة (طائر)الواردة في قوله تعالى (وكل إنسان ألزمنـــاــه (طـــــاـــــئره) في عنفه ونخرج له يوم القيــاــــــــمة كتـــاـــــــبا يلقيــــه منشورا ) الإسراء 13 ـ اللفظة الثانية (منساته )وردت هذه الكلمة في قوله تعالى (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل (منساته ) ومعنى الكلمة (العصا ) ومن ألفاظ قبيلة أنمار ما ذكر في قول الحق جل وعلا (وأغطش) ليلها وأخرج ضحيها ) النازعات الآية 29 ومعناها بلغة أنمارأظلم.

 

                         

 

قبيلـــــــة غســـــــــان

 

 

هذه القبيلة من سلالة عربية يمنية الأصل وقد استوطنت شرقي الأردن ،وأشهر ملوكها الحارث بن جبلة ،وقد أفادنا المؤرخون بأن أفراد قبيلة غسان كانوا يعبدون ( مناة ) مع أنهم كانوا على دين النصرانية ومن كلماتها التي استعملها القرآن

 

 

 

بيـــــــــــــــــــــــــــس

 

 

ومن كلمات قبيلة غسان لفظة (بيس ) وقد ذكرت في القرآن الكريم في قوله سبحانه (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب ( بيس) بما كانوا يفسقون )الأعراف 165 ومعنى الكلمة (شديد )وهو من البؤس ولهذه اللفظة ثلاثة عشر وجها منها كلمة (بئيس )بفتح الباء وكسر الهمزة وياء ساكنة وهي قراءة زيد بن ثابت وبعض قراء البصرة ومكة.

 

ســـــــــــــــــــــــــي ء

 

 

ومن ألفاظ قبيلة غسان كلمة (ســـــــــــــيء ) وهي الواردة في قول الحق سبحانه (ولما جاءت رسلنا لوطا (ســـــــــــيء )بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب )سورة هود الآية  77

 

 

لهجــة قبيلة بني حنيفـــة

 

من هذه القبيلة نأخذكلمة (العقود) وهي التي ذكرت في قول الحق جل وعلا (يـــــــاــــأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الآنعــــــاـــــــم ) سورة المائدة الآية 2 ومن هذه القبيلة أيضا نجد لفظة (الرهب )الواردة في قول الحق سبحانه (واضمم إليك جناحك من (الرهب )فذانك برهــاـنـاــن من ربك إلى فرعون وملائه ،‘إنهم كانوا قوما فـــــاــــــسقين )سورة القصص الآية 32

 

تحبرون

 

توجيه الألفاظ القرآنية الواردة في النظم

 

 

ومن ألفاظ قبيلة بني حنيفة كلمة (تحبرون ) وقد ذكرت هذه اللفظة في قوله تعالى (ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ) سورة الزخرف الآية 70 ومعنى هذه الكلمة (تنعمون )

 

 

توجيه الألفاظ القرآنية الواردة في النظم

 

 

قال الحق سبحانه (وكذالك نصرف الايــــــاــــات وليقولوا درست )سورة الأنعام الآية 105 ــ قرأ ابن كثير وأبو عمرو (دارست ) بألف بعد الدال وسكون السين وفتح التاء بألف المفاعلة من الجانبين بمعنى وليقولوا درست أهل الكتب السابقة كاليهود والنصارى ودارسوك من المدارسة بمعنى ذاكرتهم وذاكروك بدليل قوله سبحانه (وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ،)سورة الفرقان 4

 

وقرأ ابن عامر ويعقوب (درست )بحذف الألف وهي التي بعد الدال وفتح السين وسكون التاء على وزن فعلت بسكون التاء بمعنى أن هذه الآيات التي جئتنا بها يامحمد قد قدمت وبليت ومضت عليها دهور ،وهي من أساطير الأولين بدليل قوله تعالى (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا )سورة الفرقان الآية 5 وقرأالباقون بفتح الفاء وإسكان السين وفتح التاء ،وذلك على إسناد الفعل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فالتاء للخطاب وذلك بمعنى أن الله سبحانه أخبر عن الكفار أنهم قالوا للنبي الكريم هذه الآيات التي جئتنا بها أنك درست وحفظت كتب الأمم السابقة بدليل قوله تعالى (وإذا قيل لهم ما ذا أنزل ربكم، قالوا أساطير الأولين ) سورة النحل الآية 4  

 

سورة الإسراء

 

وردت لفظة (يلقاه )الواردة في قوله تعالى (ونخرج له يوم القيــــــــاــــــمة كتـــــــاـــــــبا يلقاه منشورا( سورة الإسراء الآية 13 قراءات قرأ أبو جعفر (ويخرج ) بياء مضمومة وراء مفتوحة على أنه مضارع (أخرج )الرباعي مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو يعود على( طـــــاـــــــئره )الذي تقدم وقر أ يعقوب (ويخرج )بالياء المفتوحة وراء مضمومة (يخرج) وهو مضارع الفعل الثلاثي مبني للمعلوم وفاعله يعود على طـــــــاــــئره و(كتـــــاــــــبا )حال )وقرأ الباقون نخرج بالنون المضمومة وراء مكسورة وهو مضارع (أخرج )الرباعي مبني للمعلوم وفاعله ضمير مستتر تقديره نحن لفظة (يلقاه ) ذكرت هذه الكلمة في قوله تعالى (ونخرج له يوم القيامة كتــــــــاـــــبا يلقاه منشورا)سورة الإسراء 13. قراءاتقرأ ابن عامر وأبو جعفر( يلقاه )بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف على أنه مضارع (لقى ) مضعف العين مبني للمجهول وفاعله ضمير تقديره هو يعود على الإنسان الذي تقدم وقرأ الباقون ( يلقاه ) بفتح الياء وتخفيف القاف وسكون اللام على أنه مضارع ( لقي ) الثلاثي وفاعله ضمير مستتر يعود على صاحب الكتاب الذي تقدم والهاء في ( يلقاه ) مفعول به لفظة ( أزالهما ) وردت هذه الكلمة في قوله تعالى ( فأزلهما الشيطــــــــاـــــــــن عنها فأخرجهما مما كانا فيه ) سورة البقرة الآية 36     قرأ حمزة ( فأزالهما ) بألف بعد الزاي ولام مخففة كما أشرت إليها في منظومتي السالفة الذكر،بمعنى نحاهما وأبعدهما عن نعيم الجنة كقول إنسان ( فأزال زيد عمروا ) عن مكانه إذا نحاه عنه وأبعده وقرأ الباقون ( فأزلهما ) بحذف الألف ولام مشددة من ( الزلل ) كقولك ( أزلهما ) بمعنى أوقعهما الشيطان في الزلة بفتح الزاي والمراد هنا المعصية وهي أكلهما من الشجرة و من الغريب أن أزالهما لم يقرأ بها إلا حمزة وحده والحمد لله رب العالمين.

 

.

 

المصـــــــــــــــادر

 

 

* المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة للدكتور محمد سالم ص 36

 

* الكشف عن وجوه القراءات لمحمد مكي

 

* اتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر للشيخ أحمد بن محمد البنا

 

* النشر في القراءات العشر للشيخ ابن الجزري

 

* القراء والقراءات بالمغرب للأستاذ سعيد أعراب

 

 

 

محاضرة تحت

عنوان

تأثير القراءات في تطور النحو العربي

تمهيد

 

 

إن المصحف الشريف المتداول اليوم في أقطار العالمين الإسلامي والعربي يستند إلى أربع روايات هي الأكثر شهرة ورفعة لدى علماء القراءات  وفي مقدمتها قراءة حفص التي يقرأبها أهل مصر وشرق إفريقيا وغيرهما من البلدان الأخرى ،ويقرأ برواية ورش شمال إفريقيا  ووسطها وغربها ،ورواية قالون يتلو بها معظم أهل ليبيا وموريتانيا ،وبعض سكان تونس والجزائر ،أما رواية الدوري فيقرأ بها أكثر أهل السودان والأمر الذي يستوقفنا من هذ ا كله هو ما حدث سنة ثلاثين للهجرة ،ففي هذه السنة كان حذيفة بن اليمان المتوفى سنة 36 هجرية يعالج ما رآه من  تناحر أهل الشام وأهل العراق ،وما كان عليه جنوده من تطاحن بأذربيجان وأرمينية حتى أدى بهم هذا الأمر  إلى خلافات كان يلاحظها كل فريق لدى قراءة الفريق الآخر من القرآن الكريم ،فلم ير بدا  من الذهاب إلى عثمان بن عفان ليصور له خطورة الموقف بين القراء وقد طلب من عثمان أن يضع حدا لتلك الخلافات ،والجدير بالذكر نجد أن كتب التاريخ والمؤلفات في علوم القراءات تكاد تجمع على أن تلك الخلافات بين القراءات راجعة إلى اختلاف نسخ المصاحف التي كان يقرأ بها قراء الأمصار مثل مصحف أبي بن كعب الذي كان يقرأ به أهل دمشق ،ومصحف المقداد بن عمرو  الذي كان يقرأ به أهل حمص ،ومصحف عبد الله بن مسعود الذي كان يقرأبه أهل الكوفة ،ومصحف أبي موسى الأشعري الذي كان  يقرأ به أصحاب البصرة

 

 

 

أمثلة  تطبيقية لهذا التطور

 

 

القراءة المشهور ة ــ قال الحق سبحانه (فشهــــــاــــدة أحدهم أربع شهــــاـــــــــد ا ت )قرأ حمزة والكسائي وخلف برفع أربع ،وقرأعاصم ونافع وابن عامر وأبوعمرو وابن كثير بنصب اللفظة المذكورة وهي (أربع )وفي هذه الحال تعرب (شهادة )بوجهين   1ـ أنها خبرا لمبتدأ محذوف أي ( فالواجب شهادةأنها مبتدأ،والخبر محذوف أي (فعليهم شهادة أحد هم ) ــ وجاء في قراء أخرى (قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني )سورة الشعراء الآية 13ـ قرأ يعقوب وحده بنصب الفعلين (يضيق وينطلق ) وقرأ الباقون أي القراء السابقون برفع كل من الفعلين( يضيق وينطلق ) ورفع الفعل (يضيق )على الإستئناف كأنه قال (وأنا يضيق صدري ) أما قراءة النصب فهي بالعطف على الفعل المنصوب في الآية المذكورة (أن يكذبون )  وهذا نص شريف  آخر ،هو (ولسليمــــــــــاــــــــــــن الريح  )سورة سبأالآية 12 قرأ الإمام عاصم برفع الكلمة وقرأ باقي القراء بالنصب على تأويل (وسخرنا لسليمـاــن الريح ) أما قراءة الرفع فهي على أن الريح مبتدأ خبره (لسليمـــــــاــــــن ) وقال الحق سبحانه (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ) ــ قرأابن كثير وأبو عمر و ويعقوب برفع لفظة (يوم )وقرأ الباقون بنصبها، وتعليل رفع ميم (يوم)فعلى تقدير (هو يوم ) أما نصب يوم ،فهو على وجوه 1 ـ على تقدير أعني 2 ـ يريدون على تقدير يجازون وقال جل وعلا (بل هو قرءان مجيد في لوح محفوظ )سورة البروج الآية 22 قرأ الجمهور بجر لفظة (محفوظ )وقرأنافع وحده برفع الكلمة ــ فجر كلمة محفوظ يعود إلى أنها نعت لكلمة (لوحوأما الرفع فيعود إلى أنها نعت للفظة (قرآن ) ومن النصوص التي تتعلق بتأثير القراءات في الدرس النحوي قوله تعالى (وامرأته حمالة الحطب )قرأ عاصم وحده بنصب (حمالة ) ،وقرأ الباقون برفع اللفظة المذكورة ،ويتضح حكم الرفع أنه ورد على وجهين الوجه الأول ـ نعت لامرأة ،والوجه الثاني أنه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير (هي حمالة الحطب )وفي نص ( جيدها حبل مبتدأ وخبر في موضع الحال ونصب (حمالة )فهو على الحال وحكم الحال أنه دائما يكون في محل نصب ومن هذه النصوص أيضا قوله تعالى (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء )سورة البقرة الآية 284ـــ القراءات قرأ ابن عامر وعاصم وأبو جعفر ويعقوب برفع الفعلين (يغفر ) و (يعذب ) وقرأالباقون بالجزم أي (يغفر ويعذب )وقراءة الرفع تكون على الاستئناف بالفاء بعد تمام الجواب ،أي( فهو يغفر) أما قراءة جزم الفعلين فيكون بالعطف على جواب الشرط ،وأما قراءة النصب فهي على اعتبار الفاء   للسببية لأن جواب الشرط قد ذكر.

 

 

القراءات في خدمة النحو العربي ولكن الطبري أنكر البعض منها

 

 

بعض ما أنكره الطبري يتضح مما يأتي (وكذلك نصرف الآيـــــــاـــــت وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون )سورة الأنعام الآية 105 ـــ قرأ بالتواتر ابن كثير وأبوا عمرو (دارست )بألف صريحة بعد الدال مع سكون وفتح التاء على وزن (  قابلت ) بمعنى (دارست ) أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ودارسوك أي ذاكرتهم وذاكروك أو  ناقشتهم وناقشوك أو قلت لهم ما كان في ذاكرتك ،وقالوالك ما كان في ذا كرتهم وفي هذا الشأن قال الحق سبحانه (وأعانه عليه قوم ءاخرون )سورة الفرقان الآية 4 وهم الكفار والمنافقون  وقرأ بالتواترابن عامر ويعقوب  (درست )بألف محذوفة وبفتح السين وبتاء التأنيث الساكنة على وزن (ضربت )أي أن كلمة  (درست ) بليت وتلاشت ،بمعنى أن الكفار قالوا  للنبي صلى الله عليه وسلم لقد مضت على دعوتك دهور  وقرون وكانت من أساطير الأولين فأحييتها وجمعتها وجئتنا بها ،اعلم أن ما نسمعه منك هو  من خرافات لم نعترف بها ولم يدخل في أدمغتنا ،وقرأ الباقون بالتواتر (درست ) بغير ألف وسكون السين وفتح التاء أي أنك تعلمت وحفظت وأتقنت أخبار الأولين وقلت لنا ما أخبرتنا به ،لكن الطبري رحمه الله يرد هذه القراءات إلى عقله وحده دون غيره ،قال إن لفظة (درست ) بفتح التاء وسكون السين  هي القراءة الصحيحة وأبعد ما عداها مع العلم أن قراءة (  دارست) بفتح التاء و(درست ) بسكونها تعتبر لدى القراء أنها متواترة نزلت مع القرآن الكريم ،ولا مدخل للطبري أوغيره فيها

 

 

 

أخي العزيز وصديقي الحبيب

 

 

هذه كلمات في القراءات جئت بها إ ليك لتعلم دورها في خدمة العلوم النحوية ، ولتعرف من جانب آخر أن ما نزل مع القرآن لا بد أن يبقى مؤثرا في كل ما يدور في فلك العلوم القرآنية والإسلامية ـ شكرا لك  أخي الكريم  ودام لك التوفيق .

 

 

المصادر

 

 

 

ـ دفاع عن القراءات المتواتر ة ـ ص70ـ

ـ رسم  المصحف والاحتجاج به في القراءات ص91  ـ

ـ أثر القراءات القرآنية في تطور الدرس النحوي ص 73ـ

 

 

بقلم الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي

 

محاضرة

تحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت

عنــــــــــــــــــــــــوان

القراءات وإعانتها بالرسم القرءاني

 

 

 

الرسم القرآني هو علم يبحث فيه عن عوارض المصاحف العثمانية من حذف وإثبات و همز و وصل وفصل ،وما ورد بالحذف من هذا التعريف يقسم إلى ثلاثة أنواع ، 1ـ حذف اختصار وهو ما يشير إلى حذف كلمة واحدة وما يأتي على نمطها يحذف ألفه مثل ( العــــــــاــــلمين ) و ( الكــــــاـــــفرون ) و( الكــــاــــفرين ) 2ـ حذف اقتصار وهو ما اقتصر فيه على كلمة واحدة،مثل حذف الألف من كلمة( الميعـــــــاــــد) الواقعة في سورة الأنفال 3 ـ حذف إشارة وهو ما يشير إلى بعض القراءات مثل ( سراجا ) الواقعة في سورة الفرقان الآية 61 ـ فقد قرئت هذه اللفظة ( سرجا بضم السين بمعنى الكواكب ،وقرئت ( سراجا ) بكسر السين بمعنى الشمس ومع قراءة الكلمة بالوجهين المذكورين ،نعلم أنها تساعد المفسر على مهمته ،فهو إذا لم يستعن بهذه القراءات ،فإن تفسيره يبقى غير كامل ،وكمثال على ذلك ما نقرؤه في قوله تعالى ( و الذي قدر فهدى ) فقد قرئت اللفظة بفتح الدال من غير تشديد ،بمعنى أن الله قادر على إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم ، ،،وقادر على حرق المحيطات والبحار بعد تفكك الهيدروجين والأكسجين عن بعضهما وقادر على تنظيم الخلائق للحساب والجزاء ،وقرئت الكلمة السابقة ( قدر ) بتشديد الدال ، بمعنى أن الله قدر الأرزاق على الخلق ،وقدر الآجال ،وقدر حساب الميت في قبره ،ومن خلال ما تقدم نفهم أن الرسم القرآني يعتبر ركنا أساسيا في خلق القراءات ،مثل ( يخــــــاـــــدعون الله ) بسورة البقرة فقد وردت هذه اللفظة بحذف الألف لقراءة الكلمة بالوجهين ( يخـــــــــاـــــــدعون ،ويخدعون ) فالمفسر يستفيد من قراءة يخــــــــــاـــــــدعون أن المخادعة تكون من اليهود والمسلمين معا ،إذ كل من الفرقين يخدع الجانب الآخر ،ويستفيد المفسر من قراءة الكلمة ( يخدعون ) أن اليهود هم الذين يتطاولون على المسلمين ويتعدون عليهم ،وعليه يتضح مما تقدم أن الرسم التوقيفي يفتح الباب لقراءة اللفظة القرآنية بعدة أوجه ،وهكذا نجد القراءات تساعد مفسر القرآن على القيام بوظيفته ،كما نجد الرسم القرآني يفتح الطريق لقراءة الكلمة بوجه أو وجهين أو ثلاثة أوجه لتكامل الوحدة الأساسية لتفسير كلام الله سبحانه.

 

 

قراءات

 

 

القراءات هي تلك الألفاظ اللغوية والصوتية التي جاءت تيسيرا وتخفيفا على الناس ،فالعربي كان لا يعرف إلا لهجته التي كان يتقنها بالسليقة ،لكن لما نزل القرآن الكريم فاجأ اسلوبه العظيم لغة قريش ،ولكي يتكيف هذا العربي مع القرآن الكريم ،كان لا بد من معلم ومرشد يوحى إليه من الخالق العظيم ،وفعلا شرع الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمهم بلغة قريش ،لكن الرسول الكريم كان يجد صعوبة في تعليمهم بلغتهم والتخلي عن لهجتهم المعتادة ،وهنا أمر الله جل وعلا جبريل عليه السلام بأن يقول للرسول صلى الله عليه وسلم إن ربك يقول لك ( أقرئ كل قوم بلغتهم وبعد الأمر الإلهي شرع النبي صلى الله عليه وسلم يعلم كل قبيلة باللهجة التي يعرفونها ،فكان مثلا يعلمهم ( عتى عين ) بالعين وهي لهجة بني أسد بدل ( حتى حين ) بالحاء وهي لغة قريش وكان يعلمهم (تسود وجوه) بكسر التاء وهي لهجة هذيل بدل ( تسود وجوه ) بفتح التاء وهي لغة قريش وبعد ما ساير القرآن لهجة كل قبيلة ظهرت الأوجه القرآنية ،وبهذا أصبح القوم يقرأون بوجه ابن عامر بالشام ،وبوجه نافع بالمدينة ،وبوجه ابن كثير بمكة ،وبوجه حمزة والكسائي بالكوفة ،وبوجه أبي عمرو بالبصرة ،وفي هذه الفترة ظهرت القراءات من بابها الواسع ،فظهر معها ابن مجاهد، كقائد كبير في هذا العلم، ولما علم بازدهار القراءات،قام وعين سبعة قراء عرفوا بالأخلاق والعلم والنزاهة ،ومن جانب آخر فإن الرسم القرآني لم يرسم بنقط أو شكل ،وإنما بقي مدة طويلة وهو مجرد عن النقط والشكل ،لماذا ؟لتبقى اللفظة مفتوحة لقراءتها بعدة وجوه فمثلا نجد الكلمة الشريفة ( فتثبتوا ) رسمت في المصحف مجردة تماما عن النقط لتبقى صالحة لقراءة ( فتبينوا )أو( فتثبتوا ) ورسمت كلمة ( كبيرا ) في المصحف كذلك بدون نقط بالمرة لتقرأ( كبيرا ) أو ( كثيرا )

 

 

نصـــــــــــــــوص

 

 

النص الأول

 

 

 

قال الله جل وعلا ( و أنفقوا مما رزقنـــــــاـــــــكم من قبل أن ياتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصــــــاــــــلحين ) سورة ا لمنا فقون   الآية 10 ـ

 

 

الإعـــــــــــــــــــــــراب

 

 

( و أنفقوا ) فعل أمر مبني على حذف النون والواو في محل رفع فاعل ( مما ) أصلها ( من ما فمن حرف جر ،وما اسم موصول مجرور ( رزقنــــــــاـكم ) فعل ماض وفاعل ومفعول أي أن الكلمة مركبة من ( رزق ) فعل و( نا )فاعل و( ك ) مفعول به والميم حرف يدل على الجماعة والجملة صلة الموصول ( من قبل جار و مجرور ) متعلقان بجملة ( أنفقوا ) ـ أن حرف مصدر ونصب ( يأتي ) فعل مضارع منصوب بأن ( أحدكم ) مفعول به ( الموت ) فاعل مرفوع بالضمة ( فيقول ) الفاء للسببية ( يقول ) فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية .

 

 

تحليل النص القرآني

 

 

يفهم من النص القرآني أن الله جل وعلا أمر الناس بالإنفاق من الزكوات وغيرها من أنواع الصدقات وأوجه البر والخير لتكون ذخرا لهم يوم القيامة قبل إتيان الموت وهو الحد الذي يقف فيه كل شيء ،وبذلك يندم المرء ويصبح من الخاسرين،وهنا ينقلب الإنسان يمينا وشمالا ويقول يا ليتني لو أخرني الله إلى أجل قريب لأتدارك ما فاتني وأكون من الناس الصالحين .

 

 

النص القرآني الثاني

 

 

يقول الله جل وعلا ( ولن يوخر الله نفسا إذا جاء أجلها ،والله خبير بما تعملون ) سورة المنافقون الآية 11 ـ

 

 

إعراب النص

 

 

   ( و لن ) حرف نفي ونصب واستقبال ( يؤخر ) فعل مضارع منصوب بلن ( الله ) اسم جلالة فاعل ( نفسا ) مفعول به ( إذا ) ظرف ( جاء ) فعل ماض ( أجلها فاعل ( و الله ) مبتدأ ( خبير ) خبر المبتدأ ( بما ) الباء حرف جر وما اسم موصول ،والجار والمجرور يتعلقان بخبر ( تعملون ) صلة الموصول

 

 

التفســــــــــــــــــــــــير

 

 

 

هذه الآية متصلة اتصالا وثيقا بالآية السابقة ،فعندما يطلب المسلم من الخالق العظيم أن يوسع في أجله ،ليتقرب إليه بالتوبة وفعل الخير نجد الآية تنص على أن الله لن يمهل نفسا عن الموت لحظة إذا حل وقت أجلها ،ولهذا فعلى الإنسان أن يبادر إلى فعل الخير لينقذه من حساب الله وعذابه

 

 

النص القرآني الثالث

 

 

قال الحق سبحانه ( يـــــــاـــأيها الذين ءامنوا كونوا أنصارا لله ) سورة الصف الآية14

 

 

إعراب كلمات النص القرآني

  

 

 

يا حرف نداء ( أيها ) منادى ( الذين ) بدل ( ءامنوا ) صلة الموصول ( كونوا ) فعل أمر ناقص واسمه ضمير هو الواو

 

 

 

قراءات

 

 

 

( أنصارا لله ) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ( أنصارا ) ( لله ) جار و مجرور واللام هنا جاءت لتقوي الفعل ،والجار و المجرور يتعلقان ( بأنصار ا ) و قرأ الباقون ( أنصار ) بدون تنوين مضاف إلى لفظ الجلالة ( الله ) بدون لام الجر

 

 

 

تحليل النص القرآني

 

 

 

يأمر الله المسلمين بالتعاون فيما بينهم على نصرة دين الحق كما كان الحواريون ينصرون نبيهم سيدنا عيسى عليه السلام حين أرسله الله إليهم فقال لهم وكانوا اثني عشر رجلا من ينصرني في سبيل الله فأجابه الحواريون نحن أنصارك على دين الله وشريعة الحق ،فآمنت طائفة من بني إسرائل وكفرت طائفة وبعد اقتتال الطائفتين المومنة والكافرة ،كان النصر للفريق المومن بالله وانهزم الجانب الكافر وانتهت المعركة برفع راية أصحاب الحق فأصبحوا ظاهرين بعد تقويتهم بالله

 

 

 

المصادر و المراجع

 

 

 

 

1ـ المستنير في تخريج القراءت العشر   للدكتور محمد سالم ج3ـ ص234 ـ

2ـ الكشف عن وجوه القراءات السبع       بتحقيق محيي الدين ج الثاني

3ـ المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة للدكتور محيسن

4ـ إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر للشيخ أحمد بن محمد البنا

5ـ النحو الوافي   المجلد الثاني للدكتور عباس حسن ص 532  

 

 

 

 

 

 

بقلم الدكتور الباحث عبد السلام الهبطي الادريسي

 

 

 

 

محاضرة في أ لأ داء الصوتي

تحت عنوان

مآخذ على بعض القراء في الوقف

 

 

 

مقدمـــــــــــــــــــة

 

 

 

كان المفسرون الأولون يهتمون بتوسعهم في علم التفسير ،لأن قصدهم من ذلك هو المحافظة على الثروة العلمية ،غير أن هذا العمل لم يرق علماء العصر ،وذلك باعتبار اختلاف المستويين ،فالأولون كان هدفهم التحصيل وجمع العلوم على اختلاف أشكالها ،فالإمام الزهري رحمه الله ما أصبح بحرا في علوم عصره إلا لكونه كان يهتم بكل شاردة وواردة في حياته العلمية ،أما رفقاؤه فكانوا لا يهتمون إلا بالحلال والحرام ،ولذلك تفوق عليهم ،غير أن العلماء الذين جاؤوا بعدهم كانوا لا يسيرون في هذا الطريق ،بل كانوا يميلون إلى العلم الميسر وكل ما من شأنه أن يروق القراء والعلماء ،وهذا ما نلمسه في عصرنا الحالي ،فالقارئ عند ما يدخل إلى المكتبة تراه بمجرد ما ينظر إلى الكتاب فإنك تجده يرده إلى صاحبه بسرعة ويأخذ كتابا آخر ،والسبب في ذلك راجع   إلى تعقيده وعدم فهمه ، ومن هنا نجد علماء العصر لا يميلون إلى كتب الأولين الضخمة والمؤلفات الكبيرة العالية ،وذلك بسبب عدم الكفاءة العلمية التي كانت متوفرة في القديم ،لهذا نجد الناس اليوم يحبون العلوم الميسرة والأفكار الواضحة التي يجدون فيها راحتهم ومتعتهم.

 

 

 

الشروع في الموضوع

 

 

 

علم الأداء الصوتي هو علم الوقف والابتداء ،وهو عند العلماء والقراء علم رفيع المستوى وذلك باعتبار أنه علم الخشوع والتأمل والتفكر ،فقراءة القرآن هي قراءة تعبد و تعلم وتعليم ومن هذا المنطلق نجد عاشق القرآن وحبيبه يعيش في جو الرحمة والتدبر مع الخالق الكريم ومن هنا نشأت الرغبة في حفظه وصهر الليالي من أجل تحصيله ،وبقي عشاق كلام الحبيب يتعاملون معه بالقراءة والخشوع والتدبر حتى برز حفاظ القرآن ومرتلوه والساهرون عليه فظهر منهم مع هذا النور علماء أكفاء وقراء وأصحاب القراءات والتفسير والبلاغة والعربية ونظرا لارتفاع شأن هذه الاتجاهات العلمية فقد ظهرت فيها مؤلفات كثيرة وهي ذات شأن بالغ الأهمية ،منها على سبيل المثال ( منار الهدى في بيان الوقف والابتداء للأستاذ الأشموني ،ومنها أيضا ( الوقف والابتداء ) لأبي بكر الأنباري ، وتجدر الإشارة إلى أن مواضع الوقف والابتداء ترتبط ارتباطا وثيقا بعلم النحو وعلوم العربية ،وعلة ذلك أن القراء المتقدمين كانوا كلهم من علماء النحو مثل العالم أبي الأسود الدؤلي ،وابن أبي أسحاق الحضرمي ،وأبي عمرو بن العلاء ،والإمام الكسائي وغيرهم من علماء القراءات وإذا علمنا أن العلماء يتسابقون إلى البحث والتفتيش عن كل ما يشفي الغليل من علوم وبحوث ،فإننا نجد علماء القراءات قد اجتهدوا في محاولة وضع قواعد عامة للوقف والابتداء ،وكان اجتهادهم موفقا يوافق سموهم في البحث وحب الاستطلاع ،فقالوا مثلا كل كلمة تعلقت بما بعدها بحيث أصبح ما بعدها متمما لمعناها لا يمكن الوقف عليها ،مثل المضاف والمضاف إليه والمنعوت دون نعته ،والشرط دون جوابه ،والمؤكد دون توكيده ،ومع الأسف نجد قراء العصر لا يعتمدون إلا على جمال الصوت دون أن يوجهوا اهتمامهم لعلم النحو الذي يحارب الغموض والالتباس وهذا ما نقرؤه في قوله جل وعلا ( كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ) سورة البقرة الآية 183 وصل لفظة ( تتقون ) بما بعدها وهي ( أياما معدودات )،وبهذا يصبح الصوم هو المحافظة على أيام معدودات لا غير وهي ( أيام رمضان ) وهذا الوقف غير معتبر لدى أهل هذا العلم وهو وقف قبيح جدا ولو وقف على لفظة ( تتقون ) لكان أفضل بكثير ،ولكن الإعجاب بالنفس وحب الظهور دفعه للخروج عن الصواب ونجد القارئ الذي يحب الظهور يقف على كلمة ( تمشي ) وبعدها وقف على لفظة ( استحياء ) و هو وقف مرفوض من القارئ ،لأن الوقف هنا يتعلق بالقول لا بالمشي ،والصواب أن المشي يتعلق بالاستحياء لا بالقول ،فكان على القارئ أن يقف على ( تمشي على استحياء ) و بذلك يكون وقفه هنا كافيا ثم يبدأ قائلا ( إن أبي يدعوك ).

 

 

 

مراتب القراءة والتجويد

 

 

 

التجويد من حيث التلفظ به مفهوم ، فهو لفظ مشتق من فعل جود الشيء إذا حسنه ولكن من حيث معا نيه وما ينطوي عليه من أسرار فهو يتطلب الفهم والتدبر وإتقان العمل ليكون جاذبا للقارئ المتعطش للعلم والمعرفة ،ورحم الله العلامة المحقق ابن الجزر ي الذي يظهر من خلال عمله أنه كان عالما متقنا وباحثا كبيرا ،وقد أفاد رحمه الله الجمهور بما ياتي       من لم يجود القرآن آثم :

 

 

 

لأنه به الـــــــــكتاب أنــزلا       وهكذا منه إلينـــا وصلا

وهو أيضــــا حلية التـلاوة       وزينــــة الأداء والقراءة

وهو إعطاء الحروف حقها       من صفة لها ومستحقهـا

وليس بيه وبــــــــين تركه       إلا رياضــــة امرئ بفكــه

 

 

 

وتتجلى هذه المراتب 1ـ الترتيل 2 ـ التحقيق ـ 3 الحدر ـ 4 التدوير والمقصود من هذا الترتيب تحسين الصوت وتجويده بقدر الاستطاعة دون الإخلال بكرامة القرآن 1 الترتيل هو مصدر من رتل فلان كلامه إذا قرأه على مكث ،ولا يخفى أن قراءة القرآن بتؤدة وترسل هو توقير لكلام الله كما قال العلماء 2 التحقيق هو أيضا مصدر من حقق القارئ القرآن تحقيقا إذا قرأه باطمئنان ،من غير تكلف أو تعب ومشقة في المدود والغنن وغيرها الحدر هو أيضا عبارة عن الإسراع في القراءة مع المحافظة على تطبيق القواعد التجويدية ،علما أن هذه المرتبة لا تستعمل إلا للاستظهار 4 التدوير وهو التوسط بين مرتبتين هما الترتيل والحدر .

 

 

 

القراءات التي يقرأ بها أهل المغرب

 

 

 

من المعلوم أن القرآن الكريم أنزل على سبعة أحرف تيسيرا وتسهيلا على المسلمين ،ومن بين هذه الأحرف السبعة القراءات السبع أو العشر المعروفة وقد أنعم الخالق جل وعلا على أهل المغرب أن يقرأوا برواية ورش عن نافع بن أبي نعيم المدني من طريق أبي يعقوب الأزرق المدني ،وعليه فإذا كان المغاربة يقرأون برواية ورش عن نافع ،فمن هو هذا الرجل ،الجواب هو أبو رويم نافع بن عبد الرحمان بن أبي نعيم الليثي ، ،وكان ذا لون أسود ،قال مالك في حقه ت 179 هـ ( مالك إمام الناس في القراءة ) وكما قال العلماء إن رائحة طيبة كانت تخرج من فيه ،وشمها منه خلق كثير ،وقد عرف عند العلماء أنه كا ن( ثقة ) كما قال عنه أهل العلم ومن شيوخ الإمام نافع أبو جعفر يزيد بن القعقاع ت 128 هــ ومن شيوخه أيضا عبد الرحمــــــــن بن هرمز ت 117 هـ ومن شيوخ هذا العالم الجليل أيضا شيبة بن نصاح القاضي ت 130 هـ وقد قرأ هؤلاء الثلاثة على أبي هريرة ت 59 هـ وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب ،ت 68 هـ وعبد الله بن عياش ت 78 هـ وقد قرأ هؤلاء الثلاثة أيضا على أبي بن كعب ت 30 هـ وأبي هذا قرأ على الرسول صلى الله عليه وسلم عن الأمين جبريل عليه السلام.

 

 

 

المصادر والمراجع

 

 

 

1 المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة     للدكتور محمد سالم ص 18

2 تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين           للعلامة أبي الحسن علي بن محمد ص 120

3 الكشف عن وجوه القراءات السبع         لأبي محمد مكي   ص79

4 التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو الداني      ص 55

 

 

 

بقلم الدكتور الباحث عبد السلام الهبطي الإدريسي