الرسم القرآني
- التفاصيل
- المجموعة: تفاصيل
- نشر بتاريخ الأحد, 24 تشرين2/نوفمبر 2013 13:46
- كتب بواسطة: الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي
- الزيارات: 10624
بسم الله الرحمــــــــــــن الرحيم
(اللهم إ نك ترى مكاني وتسمع كلامي ولا يخفى عليك شيء من أمري )
من ثمار إعجاز الترتيل والنور القرآني
قال الني الكريم (زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا ) ومن هذا المنطلق يجدر بي أن أقول :إن التجويد القرآني هو إخراج الحرف من مخرجه بدون غنة وتظهر النون الساكنة أو التنوين بدون غنة إذا وقع بعدها أحد الأحرف الستة الآتية التي تزيد الترتيل نورا وضوءا وإشعاعا وهذه الأحرف هي الهمزة ـ الخاء ـ الهاء ـ العين ـ الغين ـ الحاء وتعرف هذه الأحرف بحروف الحلق.
أحكام الإظهار للنون الساكنة والتنوين بدون غنة
أمثلة توضح المعنى المراد
قال الخالق جل علاه ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) سورة الزلزلة الآية87
تحليل نور النص القرآني
نجد في ( ذرة خيرا ) إظهارا للتنوين بدون غنة لأن الكلمة التي بعدها تبدأ بحرف (الخاء )وهو حرف من حروف الحلق وياتي المعنى عن طريق التصاق (مثقال ذرة )مما يوضح المعنى المراد بأنه حتى مثقال الذرة من الخير ملتصق بالإ نسان ولا ينفصل أبداأما في حالة ( مثقال ذرة شرا ) فنجد أن هناك غنة في التنوين مما يعني وجود مسافة بين مثقال الذرة والشر مما يوحي بإتاحة الفرصة للبشر للتوبة ويؤيد ذلك ما روي من أن هناك ملكين كاتبين كلف أحدهما لكتابة فعل الخير بصورة فورية وكلف الآخر بالإمهال في كتابة الشر
المثال النوري الآخر
قال الخالق جل شأنه ( فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية )تحليل النص القرآني نجد في ( من ثقلت موازينه )غنة للنون في ( من ) مما يوضح تمام المعنى للراحة والطمأنينة التي يتمتع بها حيث يعيش في عيشة راضية أما من خفت موازنه فلا نجد غنة في حرف النون في ( من ) لأن بعدها حرف ( الخاء ) من حروف الحلق أي أن هناك إظهارا والذي يوحي بالسرعة ،وبذلك يتحقق المعنى في سرعة محاسبته وإلقائه في الهاوية .
القرآن المعجز وما ينتج عنه من أحكام
إذاتبت بالتواتر أن القرآن الكريم محفوظ بعناية الله ومحاط بسياج من من نور إعجازي علمت أن ما قاله ربنا حق وأنه جاء بنداء رباني يسمعه جميع المخلوقات من الذرة إلى أكبر مجرة ،وكل ما ظهر إلى هذا الوجود فهو محفوظ بإذن الله جل وعلا وصدق الله العظيم إذ يقول ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحــــــــاـــــفظون) سورة الحجر الآية 9 وهنا أقف أمام كلام ربي بخطين خط التقادم ومعناه أن الزمان كلما مر عليه الزمان قل تطبيقه وخط الحفظ ومعناه أيضا أنه كلما امتد به الزمان اهتم الناس بحفظه سواء كانوا مسلمين أو غيرهم ومن الذين اهتموابحفظ القرآن وهم غير مسلمين أن ألمانيا كتبت القرآن كله في صفحة واحدة قل نظيرها في الزخرفة والجمال لماذا لم يفعلوا هذا مع التوراة أو الإنجيل أو القرآن الجواب إ نه القرآن العظيم والنور الهادي إ لى طريق الحق والواقع ونور يسري في شريان هذا الوجود ،وهذا يهودي أيضا جلس مع الخليفة العباسي هارون الرشيد فجرى الحوار بين الرجلين ،ونظرا لماكان يتمتع به هذا الكتابي من أدب وأخلاق طلب الخليفة العباسي هارون الرشيد من هذ الرجل الدخول في الإ سلام غير أنه لم يكن على استعداد ،حتى يستشير مع الكتب التي تتعلق بهذا الشأن ولما أسلم عاد إلى هارون الرشيد ،ففرح بإسلامه قائلا له ما سبب إسلامك ،فقال يا أمير المومنين لما فارقتك أخذت ثلاث نسخ وهي التوراة والإنجيل والقرآن ،أخذت التوراة وذهبت بها إلى بائع الكتب فلم يقبلها مني ،ثم أعطيته الإنجيل فلم يقبله مني أيضا ولما أعطيته القرآن الكريم أخذه مني ،وهنا علمت عن قناعة بأن هذا الكتاب هو قرآن كريم من رب العالمين ،وهذا غربي أيضا قال لو وجدت هذا الكتاب في الصحراء المترامية الأطراف لقلت من غير نظر إليه إنه كتاب من عند الله ،هذا من جانب إعجاز الحفظ أما من جانب الترتيل ففيه قول ربي جل علاه (ورتل القرآن ترتيلا )سورة المزمل الآية 4 وقال ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ) سورة القيامة الآية 18 وقال النبي الكريم ( إن الله يحب أن يقرأ القرآن كما أنزل ) وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إتقان قراء ة القرآن بنفس الطريقة التي تعلمها من جبريل عليه السلام ،ثم أمر الصحابة أن يهتموا بدراسته وإتقانه ،وبعد مدة صاروا فيه أعلاما وقراء ماهرين منهم على سبيل المثال أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وغيرهم من وجوه النور القرآني المعروفين ،وكان النبي الكريم يحب حفظ القرآن الكريم ويحب من يحفظه وكانت عينا رسول الله تدمع عند سماعه للقرآن الحكيم وفي هذا الشأن قال صلى الله عليه وسلم ( يا أبا هريرة تعلم القرآن وعلمه الناس ولا تزال كذ لك حتى ياتيك الموت ،فإنه إن أتاك الموت وأنت كذلك حجت الملائكة إلى قبرك كما يحج المومنون إلى بيت الله الحرام ) أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه ،وحينما سمع النبي الكريم قراءة القرآن فاضت عيناه بالدموع وكان هذا النور العالي ليس مطلبا سهلا وإنما هوشأن خطير ألح عليه الخالق العظيم بقوله (ورتل القرآن ترتيلا ويضيف محمد مكي ( فإذا اجتمع للمقرئ صحة الدين والسلامة في النقل والفهم في علوم القرآن ،والنفاذ في علوم العربية والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن الكريم كملت حاله وارتفعت سمعته ( حجت الملائكة إلى قبرك ) تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب أباهريرة رضي الله عنه قائلا يا أبا هريرة تعلم القرآن وعلمه الناس تعش كالنور تضيء للخلق ومن هذا المنطلق فإني أتساءل لما رسمت كلمة ( بسم ) حينما نسبت إلى لفظة الجلالة ( الله ) و لماذا رسمت بالألف حينما نسبت إلى ( ربك ) الجواب حذفت الألف من كلمة ( بسم الله ) للدلالة على الوصول إلى الله جل شأنه بأسرع وأقصر الطرق ،فحذف الألف جاء لتقليص المسافة بين العبد وربه لأخذ البركة والفضل منه جل شأنه أما ( باسم ربك ) فيلاحظ هنا أن الألف لا تحذف من اسم الجلالة وذلك نظرا لكلمة ( ربك ) تاتي مشتركة بين الله وعبده كما قال الحق سبحانه ( و قال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك سورة يوسف الآية 42 فعدم حذفها من ( باسم ربك ) جاءت بقصد التسبيح أو القراءة وهي أمور تحتاج إلى التفكير والتدبر والتمهل وحذفت الألف أيضا من لقظة(الله ) للدلالة على خفاء تصرفه وتدبير شؤونه سبحانه.
تشريف الله للوالد والوالدة والوالدات
يتجلى هذا القول الكريم في حذف الألف من كلمة ( الوالد الوالدة ) ( الوالدات ) للدلالة على التصاق الأم بطفلها مدة حياة تربيته حيث لا تنفصل عنه بسبب عطفها وحنانها ،فتعبها من أجل تربية مولودها لا تخفى على أحد ومن هنا جاء حذف الألف للإشارة إلى ما تحمله من أتعاب نفسية وعاطفية لنفسها ووردت كلمة ( بوالدتي ) بحذف الألف في سورة مريم في القرآن للدلالة على التصاق الوالدة بولدها بدافع الحنان والعطف والرحمة أي ليس هناك حاجز بينهما ،إذ هي تباشره في التربية والتنظيف وسهر الليالي ،وممارسة الصبر الطويل أما لفطة ( والد ) فهذه وردت بإثبات الألف نظرا لأن الأب غالبا ما يعيش خارج المنزل بعيدا عن ولده فمراقبته لابنه قليلة بالنسبة لأمه لهذا رسمت الكلمة بإثبات الألف ويتجلى الإعجاز التوقيفي هنا في حذف ألف لفظة (والدة ) وإثبات الألف في كلمة ( والد ) و السر في ذلك عائد إلى ماتتمتع به الأم من عطف وحنان ورحمة ومن هنا التصقت بابنها بحذف الألف دون الأب ،وملخص القول إذا وردت اللفظة بحذف الأ لف ،فذلك راجع إ لى عطف الأم على طفاها وحنانها ،وإذاوردت الكلمة بإثبات الألف فمعناه أن أ الأب لا يزور البيت إلا قليلا بحيث لا يقترب من المطبخ إلا في أوقات قليلة،إذن فالحذف ينسجم مع تربية الأم اتي بدافع المحبة نحو أولادها غير أن الأب فغريزة العمل هي التي تبعده عن عمله وأشغاله عن أطفاله والله أعلى وأعلم.
( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا )
كم من قريب نأى عني فأوجعني وكم عزيز مضى قبلي فأبكاني
المراجـــــــــــــــــــــــــع
التواصل بين إعجاز الرسم التوقيفي والإعجاز العلمي وإعجاز الترتيل للهبطي عبد السلام ص 40
2إعجاز رسم القرآن للأستاذ شملول ص 183
3 مقالات لعبد المجيد العرابلي ص 25
بقلم الدكتور الباحث الشاعر عبد السلام الهبطي الإدريسي
========================================
من إعجاز الرسم القرآني
المذهل
اخـــــــــــترت لك
أقول حين يتكلم القرآن عن قواعد البيت فإن اللفظة ترسم بإثبات الألف أو الألف الصريحة أو الوسطية وللمزيد منالتوضيح قال الرب جل شأنه ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ) للدلالة على عمق هذه القواعد من البيت *قرر الله سبحانه أن ترسم بحذف الألف ولكن حين يتكلم عن القواعد من النساء أي العجائز فإن هذه القواعد ترسم بدون ألف صريحة للدلالة على انكماش النساء في الكبر وقلة حركتهن ونجد هذا في قوله تعالى ( والقواعد من النساء ) سورة النور الآية 60 ومن جانب آخر فإن حذف الألف من كلمات ( يـاموسى يـاـصــلح يــــاــقوم يـــاـــرب ) يوحي لنا بالقرب في الكلمات المذكورة بصورة رأئعة حيث إن حذف الألف هنا يوحي بعدم التوسع في المساحة بين الله و موسى وبين الله وبين الكلمات المذكورة ونجدأن كلمة ( رأى ) وردت مرتين برسم الألف المقصورة للدلالة على الرؤية القلبية ،أما رسمها بالألف الطويلة فإنها تدل على الرؤية المحدودة النافذة ورسمها بالياء فإنها توحي بالرؤية القلبية أما كلمة ( طغا ) بالألف فهي تدل على طغيان الماء المغرق لقوم نوحقال جل علاه ( إنا لما طغا الماء حملنـــــــاـــكم في الجارية ) سورة الحاقة الآية 11 أما رسم طغى بالياء فجاء يشير إلى طغيان فرعون إلى الجهات العرضية والجانبية كما قال رب العزة ( اذهبا إلى فرعون إنه طغى ) وأما رسم هذه الكلمة بالألف فيفيد اتجاه الماء إلى الأعلى بقوته وطغيانه ونجد كلمة ( لصـــــاــحبه ) بدون ألف لتبين المحبة الحقيقية و الا لتصاق الإيماني بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبين الصاحب الكريم أبي بكر الصديق رضي الله عنه وصدق الله العظيم ( إذ يقول لا تحزن إن الله معنا ) سورة التوبة الآية 40 أما كلمة ( و صاحبهما ) فرسمت بالألف لتفيد عدم الالتصاق الإيماني بسبب عدم الدخول أم سعد ابن أبي وقاص في الإسلام ونظرا لبقاء كل منهما في دينه وقفت الألف حاجزا بين الأم وابنها سبحان الله ووردت كلمة ( بسم الله ) في الفاتحة بدون ألف فإنها تفيد طلب الرحمة والأجر والثواب بأسرع وقت وأما ( باسم ربك ) الواردة في سورة العلق فوردت بإثبات الألف للحصول على طلب التسبيح من رب العزة.
النص القرآني الكريم
قال الخالق جل علاه (ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلنــاـــــه في قرار مكين إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القــــــــاـــــدرون )سورة المرسلات الآية 23
التفسير والتوضيح
ألم نخلقكم يا معشر الكفار من ماء ضعيف حقير هو المني وجعلنا هذا الماء المهين في رحم المرأة إلى مقدار من الزمن معلوم عند الله وهو وقت الولادة ( فقدرنا فنعم القــاــدرون ) فقدرنا بمعنى فقدرناه ( نطفة ثم علقة ثم مضغة ) ويكون المعنى نحن قادرون على إعادة الإنسان للحساب ولو كان رمادا فهو تحت قدرتنا ساحة القرآت قرأ نافع والكسائي بالتشديد من التقدير أي فقدرناه نطفة ثم علقة ثم مضغة وقرأ الباقون بالتخفيف من القدرة أن نحن قادرون على إعادة الإنسان للحساب ولو كان رمادا فهو تحت قدرتنا ( يـــــــاـــــأبت افعل ماتومر ) قرأ ابن عامر يـاـــأبت بفتح التاء في القرآن كله وأصلها يــــــــأبتي أبدلت الكسرة فتحة فأصبحت الكلمة يـــــــاـــــأبتي ثم قلبت الياءألفا فحذفت الألف وبقيت الفتحة دالة عليها وقرأ الباقون يـــــــاـــــأبتي حذفت الياء و بقيت الكسرة دالة عليها أو على حذفها و وقف عليها ابن عامر وابن كثير ( كد ) بالهاء الساكنة يـــــــــــأبتاه مثل نعمة ورحمة.
) ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا)
المراجع
1 رسم المصحف والاحتجاج به في القرءاآت للأستاذ الدكتور عبد التاح
2 الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم ص547
3 الحجة في تجويد القرآن للأستاذ محمد الإبراهيمي ص 185
الباحث د الهبطي الإدريسي عبد السلام
===============================================================================
الرسم القرآني من عجائب ملك الله
المقدمة المفسرة للنص (بكسر السين)
إن الحرف الذي يكتبوينطق به يعتبر رسما قياسيا ،وإذا كتب ولم يرسم أغلبه فهذا يعتبر رسما توقيفيا مثال ذلك كلمة (الصلوة ) هذه اللفظة الشريفة رسمت ألفها واوا ،وذلك باعتبار أنها تتضمن أسرارا منها ( الصلاة )التي جاء بها القران للإشارة إلى أن المصلي مع سجوده يكون أقرب مسافة إلى الخالق كماقال جل وعلا (واسجد واقترب ) ومن هذه الأسرار أيضا أن المصلي عند قيامه لصلاته يكون مستقيما في طريق رباني خاشع كما قال الخالق سبحانه (و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ) ،ومن أغرب ما عثرت عليه في رسم كتاب الله قول الحق جل وعلا ( ما ودعك ربك وما قلى ) فعندما انقطع الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره الله بأنه ما تخلى عنه وما تركه فأنزل الله ( ما ودعك ربك وما قلى ) بدون كاف في كلمة قلى وذلك للإشارة إلى أن الخالق جاء برحمة خلقه فأعطى جزءا منها لمحمد رسوله صلى الله عليه وسلم الذي تجلى في حذف ( كاف )كلمة (قلى ) وهذا ما أشار إليه قوله صلى الله (جعل الله الرحمة مائة جزء وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق )
موضوع الدرس
قال الخالق سبحانه ( و ما أرسلنـــــاـــــك إلا رحمة للعـــــاــلمين ) جاءنا النص القرآ ني بمفاجأة حذف الألفين في الكلمتين السابقتين للإشارة إلى أنه ما من كلمة وردت بالحذف أو بغيره إلا ونجد ،أن هناك أسرارا وغرائب لم يوفق الباحث في حل ألغازها أو أسرارها إلا من وهبه الله فتحا ربانيا أو نورا قلبيا يقوده إلى حل هذه الألغاز وقد جاء حذف ألف ( أرسلنــــاــــك ) للإشارة إلى عظمة الخالق بإرساله محمدا صلى الله عليه وسلم إ لى كافة خلقه أما قدرته جل وعلا فتتجلى في هذا الكون العظيم الذي يتألف من أربعمائة بليون مجرة ،وكل مجرة تتألف من مائتي مليار نجم وهنا يفاجئنا العلم بقوله أن الشمس تدور حول المجموعة الشمسية بمقدار مائتين وخمسين كيلومترا في الثانية الواحدة ،ويقول العلماء أيضا أن الشمس تنتهي دورتها حول نفسها في ظرف مائتين وخمسين سنة ضوئية وهناك عدد رهيب من مجرات هذا الكون العظيم منها مجرة السديم ،التي تبعد عن الأرض ب 700000 سنة ضوئية ،وتقدر السنة الضوئية بعشرة آلاف مليار كيلومتر ومن مجرات عظمة هذا الخالق مجرة (أندروميدا )وهي تبعد عن الأرض بمائتي سنة ضوئية وتساوي السنة الضوئية عشرة آلاف مليار كيلومتر ،علما أن البحث العلمي مازال جاريا في هذا الشأن إلى الآن باجتهاد لا يتصور بحيث نسمع كل لحظة أخبارا تنكمش لها القلوب ،وتتحير لها العقول ومن عجائب الرسم القرآني التي حيرت العقول حذف لفظة ( الرحمــاـن )التي تفيد كثرة الخير والرحمة وحضرهذا النور الشريف ليظلل بأجنحة نوره حياة العباد وسعادة البشرية وحلت كلمة (الرحيم ) لإفادة الدوام والاستمرار ،وعليه فيكون معنى اللفظتين (الرحمــاـــن الرحيم )كثرة الخير على العباد واستمراره ،وورد حذف ألف (الرحمـاـان )لإفادة أن سر هذا الكون لا يعلمه إلا الخالق وحده ،وجاء انفراد الألف عن أسرة الحروف لإفادة الوحدانية مع التصرف الكامل المطلق وجاءنا سمو الله وعلوه من ارتفاعه عن أسرة الحروف
أشرف الحروف في القرآن (حرف القاف )
ذكر الله في كلامه سرا من أسرار ه ألا وهو حرف القاف ورد هذا الحرف الشريف في سورة (الشورى) تحت عدد سبع وخمسين مرة ،وذكر في سورة ( ق ) سبعا وخمسين مرة أيضا ومجموع العددين 114 سورة وهو عدد مجموع سور القرآن ( وهو حرف ( ق ) ومن هنا ارتفعت قيمة هذا الحرف بين الحروف ويمتد تشريفه ا بنزوله ا في أول سورة القرآن وجاء إعجاز هذا الحرف الكريم انطلاقا من قوله جل وعلا ( إقرأ باسم ربك الذي خلق ،خلق الانســــــاـــــن من علق ) ونعلم من حرف ( ق ) المقدس انه أتى يعطينا نظرة أزلية عظيمة عن الزياد في هندسة الخالق العظيم عن اتساع ملكه العظيم ،ومن العجيب أننا نجد أمامنا كلمة ( باسم ربك ) بينهما ألف فاصلة بين الباء والسين ،والسر في ذلك أن الألف تتطلب الزيادة في مساحة الدعاء ،كأن الخالق يقول لعبده لا تقنع ياعبدي من التضرع والتقرب إلى خالقك فأنا قريب منك ،أما في كلمة ( بسم الله ) فلا يوجد بين الباءوالسين شيء كأن العبد يقول لربه ياإلهي أنا في حاجة إلى لقائك والتقرب منك ويفيد انكماش المساحة بين الباء والسين باقتراب الحبيب بحبيبه والخالق الرحيم بعبده
امتداد رحمة الخالق انطلاقا من حرف القاف
عندما يقذف الإنسان حيواناته المنوية في الرحم فإنها تقدر بالملايين ،وبنظام عجيب فإنها تأخذ طريقها إلى الرحم وهي تسبح لخالقها العظيم ،والفائز من هذه الحيوانات هو الذي يكون له شرف التلقيح للبويضة المنتظرة ،ولكن لا يكتب التلقيح لهذه البويضة بالحيوان المنوي إلا بعد الطواف بها سبع مرات ،على غرار طواف الملائة بالعرش سبحان الله ،وبعد هذا ينشأ ما يسمى عند العلماء ( بالبيكوجرام )الذي يقدر عند المكتشفين بملايين الملايين ،وهذا العدد يعطين املايين المعلومات التي يتألف منها ملايين الكتب أيضا ،وفي كل كتاب منها آلاف الصفحات ،ومئات السطور،ومن هنا يظهر لنا الذكاء العقلي الذي يستطيع أن يستوعب ( تريليون ) من المعلومات العلمية التي هي في نفس الوقت تستطيع أن تضم خمسة وتسعين كتابا ضخما ،علما أنها إذا صففت في الطريق فإن طول مسافتها يصل إلى أربعمائة وخمسين كيلومترا ،وهذا ما يفسر امتداد رحمة الخالق في امتداد رحمة حرف القاف بالعباد ،والمراد بالرحمة هنا اتساع الكون لتجد المخلوقات الحجم الذي يستوعبها
وصدق العظيم إذ يقول ( إقرأ باسم ربك الذي خلق ،خلق الإنســــــاـــــان منعلق ) ( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين
المصـــــــــــــــــــــــــــــادر
1 التواصل بين إعجاز الرسم التوقيفي والإعجاز العلمي وإعجاز الترتيل ( في طريق الطبع )
2 ديوان الشاعر الباحث د عبد السلام الهبطي الإدريسي في طريق الطبع
3 الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم للدكتور سامح القليني
4 إعجاز رسم القرآن للأستاذ محمد شملول
بقلم الباحث الشاعر(د )عبد السلام الهبطي الإدريسي
درس في الرسم القرآني وإعجازه رقم 13
تحت عنوان
رسم التاء في شعيب وحذفها في قوم صالح
رسمت التاء في قوله جل علاه (وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديـــــاـــــرهم جــــاـــثمين )سورة هود الآية 78 مع التأمل واستعمال الفكر والعقل نجد أن هذه الكلمة جاءت بحذف التاء باعتبار أنها خاصة بثمود وقوم صالح الذين لم يومنوا بمعجزة ناقة الله حيث عقروها وكذبوا صالحا فجاءت الصيحة سريعة عاتية حاسمة بحذف حرف التاء من لفظة (وأخذت )لأن الحذف في الرسم القرآني من وظائفه أنه يفيد السرعة والانكماش ووردت (وأخذت )في قوم شعيب في قوله سبحانه (ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين ءامنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديــــاـــرهم جـــــاـــــــثمين )سورة هود الآية 94 ومن هنا نجد لفظة (وأخذت )قد رسمت بالتاء ولم ترسم في قوم صالح لأن الانتقام جاء سريعا وموجها إليه فقط ولم يعتبروا رسالته معجزةفعاقبهم الله ، أما شعيب فقد بقيت التاء دون حذف أو تغيير والفرق أن الانتقام جاء سريعا في قوم صالح ولم يات في شعيب .
التفسير الفزيائي لكلمتي الصيحة والصاخة
نجد في كلمة ( الصيحة ) وهي الواردة في سورة هود أنها تتضمن الموت الحتمي مع تقطيع الكبد و تمز يق الرئة وتفتيتها ،وقد حدد علم الفزياء أن 200 ( دسبل ) هو المقياس لشدة الصوت قال الحق سبحانه ( وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديـــــاـــــرهم جــــاـــثمين ) هود 78 ومن 200 دسبل إلى 240 دسبل هو تحديد لمرحلة الرجفة الشديدة التي تمزق الأعضاء وسائر ما يحتويه القفص الصدري وفي هذا الشأن قال الحق جل جلاله ( فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في ديــــــاــــــرهم جـاــثمين ) سورة الأعراف 77 حذفت الألف من كلمة ( ديــــــاــــــرهم ) للإشارة إلى أنه علوي لا يعلمه إلا الحق جل علاه وهو في نفس الوقت يدل على الانفراد والوحدانية ويتجلى ذلك في انفصاله عن سائر الحروف ،ومن جانب آخر فإن ارتفاعه يدل على القدرة والبقاء أما كلمة ( جـــــاــــــثمين ) فهي بدورها جاءت حاملة حذف الألف للدلالة على تصرف الخالق جل علاه لا يطلع عليه أحد سواه ومن 250 دسبل فأكثر هي مرحلة الصاخة وهي الصيحة الكبرى قال الحق جل علاه ( فإذا جاءت الصاخة ) سورة عبس الآية 33 والصاخة نفختان عظيمتان الأولى تصعق بقوتها الرهيبة كافة المخلوقات فتموت أما من حيث الرسم القرآني فقد وردت اللفظة بإثبات الألف للدلالة على رؤيتها بالعين ومعرفتها بالحواس كما يقول المراكشي رحمه الله قال الخالق العظيم ( ونفخ في الصور فصعق من في السمــاــــوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ) الزمر الآية 68 ومعنى ( الصاخة ) هي موجة ضغط هائل تهز بقوتها الأرض والجبال قال الحق جل علاه ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) سورة الحاقة الآية 14 وجاءت لفظة الجبال بإثبات الألف للدلالة على أنها ترى وتشاهد بالعين البصرية أما كلمة ( واحدة ) فقد رسمت بحذف الألف للإشارة إلى أن علم الخالق لا يطلع عليه أحد سواه وفيما يرجع إلى النفخة الثانية فهي خاصة ببعث المخلوقات ،وهي تسبب الفزع والذعر وكل ما من شأنه القضاءعلى الحي وقد ورد حذف الألفين في كلمة ( سمـــــــاـــــــوات ) ومن هذا النوع كثير ،وحذفت الأولى وإثباتها في الثانية في قوله تعالى ( فقضاهن سبع سمـــــاـــــوات في يومين )و من إعجاز هذه الآية الكريمة أن الله جل علاه بنى كونه وعالمه على( رقم سبع ) باعتبار أن الخالق العظيم كامل القدرة والقوة وهو منزه عن كل نقص وقد بلغ عدد هذا الرقم ما بين سورة البقرة وسورة النبأ 49 56 آية وهذا الرقم الطويل يقبل القسمة على رقم (7) وسبب ذلك أن الله كامل جل وعلا وما بين السورتين يوجد كذلك رقم (77 ) سورة وهذا الرقم يقبل القسمة ع(7) كذلك ، باعتبار أن الخالق العظيم كامل ومنزه عن كل نقص جل علاه ومن إعجاز رقم 7 نجد ( بسم الله الرحمــــاــــن الرحيم ) وهي أول آية في القرآن وتحتوي على ( أربع كلمات ) ونجد في آخر سورة الناس ثلاث كلمات والمجموع يساوي (7) كلمات وهو قابل للقسمة على ( 7 ) ولو تتبعنا إعجاز رقم ( 7 ) لطال بنا الوقت جدا ومع تأمل قوله جل شأنه ( فقضاهن سبع سمــــاوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها ) سورة فصلت الآية 9 نجد أن القرآن يتعرض لقضية كبرى هي قضية خلق ( السمــــاـــوات ) وتفصيلاته وترتيب هذا الخلق مع مدته وتقدير الأموات في الأرض لهذا نرى القضية تظهر أنها مهمة جدا تحتاج إلى تدبر وتفكر ومن هنا نجد الكلمة رسمت بالرسم الغير العادي أي بوجد ألف صريحة أو ثابتة لتلفت النظر إلى تفصيلات خلق السماوات والأرض حيث جاءت الألف فاصلة للسماوات محددة أن لكل سماء أمرها و كل ما يتعلق بشؤونها والحمد لله رب العالمين
بقلم الشاعر الباحث دعبد السلام الهبطي ا لإدريسي
المراجـــــــــــــــع
إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة ج 2 ص 114
أسرار الرسم القرآني وإعجازه ص 2
درس في الرسم القرآني
تحت عنوان
مساعدة رسم القرآنفي تفسير الكتاب الكريم
بسم الله الرحمـــاــــن الرحيم إن الرسم القرآني هو ما خالف الرسم القياسي في بعض حروفه ،فإذا كتبت كلمة القرآن بإثبات الألف في الرسم الإملائي فإنها ترسم بحذفه في الخط القرآني ،وإذا رسمت لفظة (العـــــــــاـــلمين )بإثبات الألف في الرسم الإملائي فإنها ترسم بحذفه في الخط القرآني وهكذا ،والفرق ، بين الرسمين هو مقيد في الخط القرآني ومطلق في الرسم الإملائي ومعنى التقييد في رسم الكتاب أنه يسير في منهج الرسم الإملائي إلا إذا حكم الوحي الإلهي على كيفية رسم الكلمة بالحذف حينذاك ترسم ، بالحذف وإذا حكم الوحي بالإثبات فإنها تكتب به ،وفي هذا الشأن جاء الحق سبحانه بقوله (وما أرسلنــــــاــــــك إلا رحمة للعـــــــــــــلمين )فحذف ألف لفظة (أرسلنـــــــــــــك )جاء يشير إلى توحيد الحق سبحانه لأن انفراد الألف يدل على أن الله واحد لا شريك له ،ثم من جانب آخر فإن رسم الألف فوق السطر إنه يدل على القدرة الربانية بدليل قوله جل شأنه (يد الله فوق أيديهم )بمعنى قدرة الله فوق قدرتهم ،ووجه آخر فإن رسم الحذف فيه دلالة على أن هناك سرا لايعلمه إلا الله ،وهذا ما يعرف عند علماء الرسم بالسر العلوي فإذا جاء الألف بالإثبات فإنه يعرف بالسر السفلي ،ثم جاء الخالق بقوله (وخشعت الأصوات للرحمـــــــاـــــن فلا تسمع إلا همسا )فأصوات الخلق تنطوي على فهم وإدراك لما تسمعه الخلائق من الرحمان جل شأنه ،ومن هنا رسمت اللفظة بإثبات الألف ،ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول إن المفسر إذا لم يكن عالما وواعيا بعلم الرسم القرآني فإن تفسيره لا يعتبر صحيحا ،وبالتالي فلا يدخل في قائمة المفسرين ،ونجد كلمة (البنـــــــاـــت( وردت بحذف الألف باعتبار أن الله ليس له بنات فاستنكاره لهن جاء سببا لحذفالألف من اللفظة ثم قال الله جل جلاله (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير )سورة لقمان الآية 19 كلمة (الأصوات )هنا وردت بحذف الألف لأنها مستنكرة غير مقبولة وبالتالي فهي عارية عن الأخلاق ولهذا وردت بحذف الألف لتجرد اللفظة عما يقبله العقل .
القرآن و الفيزياء
جاء القرآن يستنكر الأصوات المزعجة للإنسان بقوله ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) سورة لقمان الآية 19 و سبب رفض هذه الأصوات راجع إلى حذف الألف من اللفظة وفي علم الفيزياء نجده يتماشى مع هذا الصوت المزعج ،ومع هذا الكلام المستنكر وردت الكلمة بحذف الألف ،ثم تفاجئنا الآية الكريمة بصوت عذب يعشقه السامع في قوله جل وعلا ( وخشعت الأصوات للرحمــــاــــن فلا تسمع إلا همسا ) سورة طه الآية 108 فالهمس هنا معناه الكلام المقبول الذي لا يؤثر في الأذن وبالتالي فإن هذه الأصوات تخشع للرحمان فلا تسمع إلا كلاما لطيفا تحبه القلوب وترتاح له النفوس ويقابل هذا الصوت المريح علم الفيزياء الذي يفيدنا بما يأتي من 20 دسبل إلى 40 دسبل هو رمز للكلام المطمئن للنفس ،ومن هنا أتت اللفظة بإثبات الألف و الدسبل هنا معناه وحدة قياس الصوت الذي به نعرف المرتفع من الصوت الهابط ،فإذا كان هذا الرقم مرتفعا فمعناه أنك مطالب بخفض الصوت ،وإذا كان منحدرا فمعناه أنك مطالب برفع هذا الصوت الذي يرتاح له السامع وبهذا تتلاحم الخيوط العلمية ويتلذذ كل منها بالآخر.
المصـــــــادر والمراجع
1 صفوة التفاسير للشيخ الصابوني ج1
2 تفسير النسفي للشيخ محمود النسفي ج1
3 تفسير من نسمات المومنين للشيخ غسان حمدون
بقلم الباحث الشاعر د عبد السلام الهبطي الإدريسي
محاضرة
تحت عنوان
تأملات في إعجاز رسم (رءا( بالألف الطويلة و ( رأى) بالألف المقصورة
مقدمة
يرتبط المومن المسلم بالقرآن أكثر إذا فهمه ،ويكون أقل إذا لم يفهمه ،ويظهر ذلك في أهل اليمن لما أسلموا وفهموا معنى الإسلام بكوا ورحلوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يهللون ويكبرون ويؤذنون ويقرأون القرآن ،كذلك الشأن في الرسم القرآني ،فالقارئ للقرآن الكريم إذا تلا قول الله جل وعلا (ورتل القرآن ترتيلا )وعرف معنى الترتيل وهو الفهم والصوت الحسن يكون قد فهم كلام الله وأداه كما أمر سبحانه ، ،فإذا قرأت الآية الشريفة (وما الله بغــــــاــــفل عما تعملون )وفهمت معناها فأنت مرتل للنص يصلي وراءك العالم والقارئ والطالب ،و يفهم من النص إن الله ليس بغافل عما يعمله الناس ،لكن كيف نتوصل إلى فهم هذه الآية ،إن التنوين الواقع تحت اللام يقرأ ولا يدغم ،لأن ما بعده العين وهي من حروف الحلق ،وكل حرف من حروف الحلق وقع بعد التنوين فإنه يظهر ولا يدغم وهذا الظهور يشير إلى القراءة السريعة دن بط ء ويفهم من هذا أن الله جل وعلا حاضر مع عباده يحرسهم ويدبر شؤونهم ،وهذا عكس ما نجده في قوله جل وعلا (وهم في غفلة معرضون )الأنبياء 1 يلاحظ هنا التنوين في كلمة غفلة وقعت بعدها الميم المدغمة ،والإدغام يقتضي مسافة زمنية ،بمعنى أن البشر غافلون عن ذكر الله وعن مصالح أنفسهم ،ونفس ما ذكر نجده في التوجيه الآتي في قول الحق (كنا في غفلة من هذا )سورة الأنبياء الآية 97
الموضوع
نعيش الآن مع ما يعشقه القلب ،وتحبه النفس ،لأ نه يحرك الضمير بإعجاز ما ينطوي عليه هذا الرسم من أسرار وعجائب وغرائب كما قال الكسائي رحمه الله (في رسم المصحف عجائب وغرائب تحيرت فيها عقول العلماء ،وعجزت عنها آراء الرجال البلغاء ) ومن هذه الأسرار لفظة (رأى ) بالألف المقصورة الواردة في قول الحق جل وعلا (ما كذب الفؤاد ما رأى )سورة النجم الآية 11 والثانية ذكرت في قوله جل ذكره (لقد رأى من آيــــــــاــت ربه الكبرى) سورة النجم الآية 18 فهاتان اللفظتان وردت كل منهما للإشارة إلى أنها جاءت لتوحي إلينا بالرؤية التي لا حدود لها ،وهذه خاصة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه رأى الملكوت ورأى سدرة المنتهى وإ ذا علمنا أن رحلة الرسول الأعظم كانت على ثلاث مراحل ،فقد كان عليه السلام في المرحلة الأولى وهو في طريقه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى يسأل جبريل عن مخلوقات لم يعرفها ، فقد سأله عن شاب من هذا ياجبريل فأجابه إنه الدين الذي ارتضاه الله لك باعتبار أن الرسول صلى الله عليه كان ما زال بشرا وهو تلميذ لهذا الملك العظيم،ولما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في المسجد الأقصى رحل إلى عالم الفضاء بصحبة الأمين جبريل ،وهنا نرى الرسول صلى الله عليه وسلم انخلع من المرحلة البشرية إلى المرحلة الملائكية ،وبذلك أصبح يفسر ما يشاهده في ملكوت الله لنفسه بنفسه دون أن يحتاج إلى جبريل ،باعتبار أنه أصبح ملكا،ولما وصل إلى سدرة المنتهى تركه جبريل عليه السلام قائلا له إنك أصبحت الآن وحدك أتركك لعناية ربك ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل جئت معك وسأبقى معك ،فأجابه ملك الوحي يامحمد إنني لوتقد مت لاحترقت ،وأنت لو تقدت لاخترقت لأنك أصبحت ما فوق عالم الملائكة لأن هذا المكان وهو عالم سدرة المنتهى خاص بك ،وبهذا يكون محمد نال شرف الدنيا بالمرحلة البشرية وشرف عالم الملكوت بالمرحلة الملائكية ومرحلة ما فوق الملائكية ،فانطلق محمد إلى الحضرة الربانية تقوده عناية الخالق جل علاه ،ووجد في انتظاره وساما رفيعا هو وسام فرض الصلوات الخمس بعد ما سمع الله يكلمه من وراء حجاب ،وهنا أقف في وجه من قال إن محمدا زار ربه في المنام فقط ،كلا بل زاه بجسمه البشري، بدليل قوله جل شأنه ( ما زاغ البصر وما طغى ) لأن زيغ البصر وطغيانه لا يكونان إلا في الجسم البشري ،وبذلك يصبح كلام العلماء الذين لا يفكرون لا فائدة منه ،وهنا أنبه أخي القارئ ألعزيز إنني ما أتيت بهذا الكلام المعراجي الشريف إلا لأنه خاضع لكلمتين تتعلقان بالرسم القرآني العظيم هما ( ما كذب الفؤاد ما ( رأى ) و ( لقد رأى من ءايـــــــاـــــت ربه الكبرى ) تأملات في إعجاز الرسم التوقيفي ( رءا ) بالألف الطويلة وردت الألفاظ الآتية لتوحي إلينا في القرآن الكريم بأنها تفيد الرؤية البصرية المحدودة فأنت تنظر إلى الأشياء عن بعد أو عن قرب ولكن نظرك لا يتعدى ما وقفت عنده عيناك لماذا ؟لأنها بشرية ،لأنها لو كانت فؤادية لرأيت بها ما وراء البصرية المحدودة أو بتعبير آخر لظهرت أمامك مساحة لا يعلمها إلا الخالق الكريم و هذه الألفاظ التي ذكرت في القرآن الكريم هي كما يلي أولا ( فلما جن عليه الليل ( رءا ) كوكبا ) سورة الأنعام الآية 76 وذكرت الآية الثانية في قوله جل شأنه ( فلما ( رءا ) القمر بازغا قال هذا ربي ) سورة الأنعام الآية 77 ووردت الثالثة في قوله جل وعلا ( فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم ) سورة هود الآية 70 وذكرت الآية الرابعة في قوله تعالى (( لولا أن ( رءا ) برهــاــــن ربه ) سورة يوسف الآية 24 وذكرت الآية الخامسة في قوله تعالى ( وإذا ( رءا ) الذين ظلموا العذاب ) سورة النحل الآية 85 أما الآية السادسة فقد أتت في قوله جل ذكره ( وإذا ( رءا ) الذين أشركوا شركاءهم ) سورة النحل الآية 86 ووقعت الآية السابعة في قوله سبحانه و ( رءا ) المجرمون النار ) سورة الكهف الآية 53 وذكرت الآية الثامنة في قوله جل وعلا ( إذ رءا ) نارا فقال لأهله امكثوا سورة طه الآية 10 وذكرت الآية التاسعة في قوله جل ذكره ( ولما (رءا ) المومنون الأحزاب ) سورة الأحزاب الآية 23 وما دامت لفظة ( رءأ ) بالألف الطويلة تفيد الرؤية البصرية المحدودة وكلمة ( رأى ) بالألف المقصورة تفيد المشاهدة التي لا حد لها فإننا نعلم من جانب آخر أن هذا القرآن العظيم سيبقى معجزا يتحدى كل من أراد يمس بكرامته كأبي جهل وأبي بن خلف وغيرهما من العقول الأخرى الطائشة والتي رمت بنفسها في الهاوية وكان مصيرها الدمار والهلاككما أنه سيبقى قاهرا ورادعا للمفكر والعالم والفقيه والحافظ و الفيلسوف ، و سيبقى أيضا طول الحقب والأزمان يتحدى كل من ادعى أنه فوق كل علم أو فوق كل عالم أو مكتشف والحمد لله رب العالمين
المراجـــــــــــــــــع
- أسرار الرسم القرآني
-إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة
-رسم المصحف ونقطه
بقلم الباحث الشاعر الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
محاضرة
في علم الرسم القرآني
مقدمــــــــــــــــــــــــة
أنزل الله سبحانه القرآن الكريم بلسان العرب ،لأن كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه ،ومعلوم أن القرآن العظيم ليس أمرا ونهيا وكلمات ومعاني فقط ،بل ورسما أيضا ،كما قال الحق سبحانه ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحــــــاــــفظون ) سورة الحجر الآية 9 وحفظ الله لكتابه يدخل فيه الرسم الذي كتب به كذلك وهنا أحب أن أضيف شيئا أراه يزيد لهذا الرسم جمالا وجلالا ،وهو كتابته بهذا الشكل الذي نراه في المصاحف والنصوص والتراث منذ نزوله على الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الآن ،لأن قراءته بالحذف والإثبات والبدل والزيادة والوصل والفصل يجد فيه القارئ متعة وجلالا باعتباره أنه يمثل تصويره ورسمه بالشكل الأثري الأصيل الذي ينطوي على هذا الوقار والخشوع والإعجاز ،فمثلا عندما تقرأ لفظة ( الــعـــــــــاـــــــلمين ) بحذف الألف فإنه يوحي إليك بأن الخالق العظيم ينفرد بالوحدانية باستقلال الألف عن أسرة الكلمة ،وعندما ترى هذا الألف أيضا وهو فوق مكانه المعهود ،فهذا يدلك أيضا على أن الله جل وعلا قدرته فوق كل قدرة ،كما قال سبحانه ( يد الله فوق أيديهم ) بمعنى قدرة الله فوق قدرتهم ثم من جانب آخر ، أن حذف الكلمة يشير إليك أن علمه جل وعلا لا يطلع عليه أحد ،فهو وحده ينفرد بملكه سبحانه، ونجد الكلمة نفسها أي كلمة ( العـــــــاـــــلمين ) أنها تقرأ بكسر اللام بمعنى أن العلماء هم المختصون بمعرفة ما في هذا الكون ،،لأن العلماء هم المطلعون على أسرار هذا العالم من خفايا وظواهر كونية وعلوم عالية مختلفة ،كعلم الفلك وعلم الجيولوجيا وعلوم البحار والمحيطات وعلم المجرات والأقمار ، وقراءتها بفتح اللام تشير إلى معرفة سائر الناس سواء كان قارئا أو غير قارئ ،فإذا سألت مثلا رجلا من خلق هذا الإنسان ؟يقول لك خلقه الله ،وهكذا
الدخول في علم الرسم التوقيفي
قال سبحانه ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء ي حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ) سورة الشورى الآية 48
تعلـــــــــــــــــيل
زيد حرف الياء بعد الهمزة للدلالة على أن هذا الحجاب هو حجاب العظمة وهو رب العالمين،هذا الحرف الزائد جاء ليوحي إلينا بأن هذا الحجاب هو الذي جعل رسول الله موسى عليه السلام يخر صاعقا حين تجلى ربه للجبل ،وفي ختام هذا النص قال نبي الله موسى ( تبت إليك وأنا أول المومنين ) سورة الأعراف 143 قال عليه السلام أنا أول المومنين ،لكن بعد التأمل نجد أن أكثر الأنبيا ء قد سبقوه إلى هذا الوجود ،الجواب أن سيدنا موسى قال ( أنا أول المومنين الذين لم يستطيعوا رؤيتك )،لأن هذا النبي حين طلب من الله أن يراه أجابه الخالق بأنني سأظهر إلى جبل ،فإن بقي كما كان ،فإنك تستطيع رؤيتي وإن تفتت وأصبح هباء ،فإنك لا تستطيع مشاهدتي ،والهدف من هذا الحوار الشيق المعجز أن الخالق العظيم سلك مع موسى عليه السلام أسلوب الأخلاق ،لأن رسالة الأنبياء جاءت من أجل تحقيق مكارم الأخلاق إلى كافة البشر
النص القرآني الكريم قال الله جل وعلا ( و إذا سألتموهن متـــــــاـــــعا فسءلوهن من وراء حجاب ) سورة الأحزاب الآية 53
تعلــــــــــــــيل
رسمت كلمة ( فسءلوهن بدون ألف بعد الفاء باعتبار أن الهمزة رسمت فوق السطر ،وذلك للإشارة إلى سرعة السؤال في انتظار الجواب لأن الأمر السريع يتطلب الجواب السريع ابتغاء قضاء حاجة السائل ،ورسمت كلمة ( وراء ) بدون ياء ،للإشارة إلى أنه حجاب مادي محسوس يحول دون رؤية النساء وهن
في بيوتهن
إسماعيل الذبيح عليه السلام
إسمــــــاـــــعليل نجل إبراهيم صلى الله عليه وسلم من مادة سمع والسمع هو الاستجابة لما يصله من أمر وعلم فاستجاب لوالده الذي رأى في المنام أنه سيذبح ولده من غير ذنب اقترفه ،وكانت هذه الرؤيا بداية عهد لأمة في أعلى درجات الاستماع لأمر الله جل وعلا ،وقد قدر الله أن ذرية إسماعيل ستظهر أمة تحمل آخر الرسالات للبشرية جمعاء ،ويعتبر إبراهيم عليه السلام أول من ضحى بذبح ولده من غير تردد ،فجاءت ذريته من بعده تحمل هذه الأمانة من بعده .
قول التعليل في الألفاظ القرآنية
وردت كلمة ( كتــــــــاــــــب ) بحذف الألف للإشارة إلى أنه الكتاب المطلق أو الكلي ،فكل كلمات الكتاب ذكرت بحذف الألف في القرآن ،باستثناء أربعة ا لفاظ فقد جاءت بإثبات الألف منها على سبيل المثال قوله تعالى ( لكل أجل كتاب ) فلفظة ( كتاب ) هنا وردت بإثبات الألف للدلالة على أنه جزء من الكتاب المطلق أي ( اللوح المحفوظ ) ووردت لفظة ( إسمـــــاــــــــعيل ) بحذف الألف للإشارة إلى أن أمر الكلمة غيبي لا يعلم سره إلا الله جل شأنه ،وبتعبير آخر فكل ما تعلق بالأمور العلوية فيحذف ألفه ،وكل ما ورد بالأمور السفليه فتثبت ألفه أما كلمة ( صادق ) فقد جاءت بإثبات الألف للإشارة إلى أن الخالق جل وعلا وصف نبيه إسماعيل بالصدق الثابت الذي كان صاحبه لا يعد بوعد إلا وفى به ومن مواعيد هذا الصبر العظيم تسليم نفسه للذبح من طرف أبيه إبراهيم عليه السلام ،،وبعد التأمل نجد أن الله وصف إبنه إسحاق بالنبوة فقط ،أما إسماعيل فقد وصفه بالنبوة والرسالة وهذا تشريف من الله لنبيه عليه السلام ورسمت لفظة ( الصلواة ) بالواو بدل الألف للدلا لة على ما تحمله اللفظة الشريفة من معان سامية وأسرار خافية ،وذلك باعتبار أنها فرضت في السماء ،كما أنها جاءت جامعة لقواعد الإسلام وكتبت كلمة ( الزكواة ) بالواو أيضا بدل الألف للإشارة إلى أنها تتحقق بها سعادة المجتمع ،وتضم أواصر الرحمة بين الأفراد النص القرآني الذي أخذت منه الفاظ الرسم هو ( واذكر في الكتـــــــاــــب إســــــمـــاــــــيل إنه كان ( صادق ) الوعد وكان رسولا نبيـــــــــــــــــءا وكان يامر أهله بالصلواة والزكواة ،وكان عند ربه مرضيا ) سورة مريم الآية 55
المصــــــــــــــــــــــــــــــــــادر
1 أسرار الرسم القرآني
2 صفوة التفاسير مج 2 ص 220
3 الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم للدكتور سامح القليني ج 2 ص74
4 رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية للدكتور غانم قدوري ص 186
بقلم الباحث الشاعر الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
محاضرة في الرسم القرآني
تحت عنوان
صيانة المصحف الكريم والحفاظ على كرامته
مقدمة أنزل الله القرآن الكريم ،لهداية البشر ،وجمعهم على كلمة الحق ،حيث إن في هذا الدستور الرباني يجد المسلمون وغيرهم هداية تقودهم إلى طريق الحق وسبيل الفلاح ،وبهذا النور الخالد يرفع الله شأنهم ويهديهم إلى التآزر والتآخي والسير وراءه ( ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ) سورة البقرة الآية 201 وبما أن رسم القرآن يعتبر جزءا منه ،فقد أشار جل وعلا إليه في قوله (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحــــــاـــفظون )سورة الحجر الآية 9 وهذا الحفظ يشمل القرآن العزيز ورسمه وتعليله
المحاضرة و ما تضمنته من أسرار
القرآن العظيم كلام الخالق جل وعلا نزل به الأمين جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم منجما وتلقته الأمة جيلا بعد جيل إلى وقتنا هذا تلقينا و كتابة ، ونظرا لأهمية هذا الموضوع فقد جاء مفصلا إلى ثلاثة عناصر:
1 تاريخ كتابة المصحف 2 الفرق بين الرسم القرآني والرسم الإملائي 3 التعرض لأسباب الالتزام بالرسم العثماني في كتابة المصحف الكريم
أولا تاريخ كتابة المصحف ، كتب المصحف الكريم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان الرسول الكريم إذا نزل عليه شيء من القرآن الكريم يقوم الصحابة بكتابته بسرعة ،في مكانه وبعد هذا جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم جاء دور الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وقام بنسخه في مصاحف ووزعت على الأقاليم .
وهذه الأحوال الثلاثة تتضح لنا من الحديثين اللذين رواهما الإمام البخاري في صحيحه 1 الحديث الأول ( روى البخاري أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قد أرسل إلى أبي بكر مقتل أهل اليمامة ،فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر رضي الله عنه أن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ،وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء فيذهب كثير من القراء ،وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن ،فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ،ورأيت في ذلك رأي عمر قال زيد قال أبوبكر إنك رجل شاب عاقل و لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن من العسب أي جريد النخل واللخاف حجارة بيض عريضة رقاق وصدور الرجال
الحديث الثاني ( روى البخاري أن حذيفة بن اليمن قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية و أذريبجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القرآن فقال حذيفة لعثمان يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ،فأرسلت بها إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير ،وسعيد بن العاص ،وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة (إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ،رد عثمان الصحف إلى حفصة ،وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا)
اقتبــــــــــــــــــــــــاس
وبهذا نعلم أن القرآن الكريم كتب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على العسب والخاف ،وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه جمعت الصحف ورتبت ،وفي عهد عثمان رضي الله عنه نسخت الصحف في مصاحف متماثلة على لغة قريش ،ووافق الصحابة رضي الله عنهم على هذا الرسم ثم أرسل إلى كل إقليم من الأقاليم الإسلامية مصحفا ولهذا سمي بالرسم العثماني نسبة إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه ،وفي عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان المتوفى عام 86 هجرية (الإقلاب والإدغام والإخفاء ) ثانيا المقارنة بين الرسم العثماني والإملائي هنا نجد المسلمين قد اهتموا برسم المصحف قديما وحديثا وبحث أئمتهم في هذا المجال ،وبينوا ما يحتاج تبيين ( الفرق بين الرسم العثماني والإملائي ) ومن خلال حصر الكلمات التي اختلف فيها الرسم العثماني عن الرسم الإملائي نبسط الكلمات التالية
1 ( ) ـــ ( القرآن إملائي ) ( ) ( الإنسان إ ملائي ) ( يجـــــاـــدل عثماني يجادل إملائي ) (ءايـــاــتي عثماني ) ( آياتي إملائي ) ( الكتـــــــاــــب عثماني ) ( الكتاب إملائي )
الموافقة بين الرسم الإملائي والرسم العثماني
من الكلمات التي وافقت الرسم العثماني الرسم الإملائي هي ( الله إله الرحمـــــــن لكن طـــــــــه هــــذا ذ لـــــــــــــك الذين )
ثالثا أسباب الالتزام بالرسم العثماني أو القرآني
نجد العلماء قد التزموا في القديم والحديث بكتابة المصاحف التي عرف بها في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ، وحكموا في تغييره بالكراهية أو التحريم وذلك للأسباب التالية
1 إن هذا الرسم أمر به الخليفة عثمان بن عفان و وافقه الصحابة ، فهو بمثابة تأييد منهم لهذا الموجه الصالح والمرشد الناجح ،أو هو بمنزلة الإجماع منهم على ذلك
2 إنها سنة متبعة فلا خروج لهم عنها عملا بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين من بعدي )
3- إن التابعين أجمعوا على ذلك الرسم ، و التزموا عدم الخروج عنه إلى وقتنا الحالي
4 - إن الرسم الإملائي قابل للتبديل و التغيير ، بحيث إذا كتب بالطريقة الإملائية يصبح معرضا للتدمير والتشويه
5 - حفظ القرآن الكريم من تلاعب أيدي الخطاطين وغيرهم من الذين لا يحافظون على كرامة وشرف هذا الرسم الجليل
شهادة مستشرق
يقول المستشرق موير ( إن المصحف الذي جمعه عثمان ـ رضي الله عنه ـ قد تواتر انتقاله من يد ليد ،حتى وصل إلينا بدون تحريف ،ولقد حفظ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر ،بل نستطيع أن نقول إنه لم يطرأ عليه أي تغيير في النسخ التي لا حصر لها ،والمتداولة في البلاد الإسلامية الواسعة ،فلم يوجد إلا قرآن واحد لجميع الفرق الإسلامية المتنازعة ـ وهذا الاستعمال الإجماعي لنفس النص المقبول من الجميع حتى اليوم يعد أكبر حجة ودليل على صحة النص المنزل الموجود معنا ) ( أخي الكريم ،أنظر إلى هذا المفكر الغربي الذي فتح قلبه للحق للنطق بالحق ،وأراد أن يترك للإسلام كلمة حق ) والحمد لله رب العالمين .
بقلم الباحث الشاعر الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
المصــــــــــــــادر
1- رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والمصطلحات الحديثة للدكتور شعبان
محمد إسماعيل
2- رسم المصحف ونقطه للدكتور عبد الحي حسين
3- رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية للدكتور غانم قدوري
محاضرة
تحـــــــــــــت عنـــــــــــوان
الرسـم التوقيفي بين الرفض والتــأييد
بسم الله الحمن الرحيم الحمد لله الذي علم بالقلم ،والصلاة والسلام على خير الأنام وعلى آله وأصحابه الفضلاء الكرام ،وبعد لما علمت أن للرسم القرآني أنصارا وهم الجمهور ،ورافضون وهم الواقفون في الطريق قمت بإذن الله بكتابة سطور متواضعة في هذا الشأن ،وبالله أستعين فأقول:
تعرض الرسم التوقيفي في حياته الطويلة لاتجاهين مختلفين وهما الاتجاه الأول وهو رأي الجمهور ،يقول إنه توقيفي ،وحجتهم الكتاب والسنة والإجماع أما الاتجاه الثاني فيصرح بأنه اصطلاحي ،وبعد قراءتي لما ترك الفريقان من نصوص وتعاليق في الموضوع ،وجدت أن الفريق القائل بتوقيف رسم كتاب الله أنه على حق ثابت ،علما أنني لم أنحز إليه باعتبار أنه مذهب الجمهور ،وإنما انضفت إليه لكونه يسير في اتجاه صحيح قائم على أسس ثابتة ودلائل واضحة ،وهذا ما يسمى بمنهاج النقد التاريخي لدى العلماء المسلمين ،ومعناه أنهم لم يقبلوا النصوص دون فحصها بالبراهين ،وبناء على هذا فكل تراث وصل إلينا بهذا المنهاج ،وهو يتعلق بالرسم التوقيفي فقبوله واجب علينا ،لأنه ما وقع بين أيدينا حتى كان قد سلك تحت عدد هائل من العقول الكبيرة التي بارك الله فيها وهيأها لخدمة هذا الرسم بصدق وإخلاص ،وعليه ما دام كتاب الوحي قد دونوا كتاب الله بأمره صلى الله عليه وسلم ،فإني أتساءل لماذا قام المخالفون للرسم القرآني وعارضوا هذا المجهود العظيم الذي يستحيل على يد الإنسان أن تساهم فيه دون تدخل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ،الذي هو في نفس الوقت أمر الخالق سبحانه وتعالى ،ويتأكد قولنا هذا ما نجد فيه من أسرار عجيبة لا يمر بها باحث متأمل إلا ويعتقد اعتقادا أنها من عند الله جل شأنه ،ومن بين نصوص هؤلاء المعارضين ألتي أشبعوها حرية في التعبير وهجوما على رسم كتاب الله وتعليله ،نص بن خلدون الذي جاء فيه ( يقولون في زيادة في ( لاا ذبحنه ) ) أنه تنبيه على الذبح لم يقع ،وفي زيادة اليا ء بأييد أنه تنبيه على كما القدرة الربانية وأمثال ذلك مما لا أصل له إلا التحكم المحض )ويقول أبو العباس المراكشي في تعليل نفس الكلمتين الواردتين في النص السالف الذكر ( زيدت الألف في لفظة ( لأاذبحنه ) للإشارة إلى أن ما يؤخر وهو الموت أشد وأقوى على ما يقدم وهو العذاب أو بعبارة أخرى أن الموت أشد من العذاب وفي كلمة ( بأييد) قال زيدت الياء هنا للدلالة على أن هناك فرقا عظيما بين ( الأيد ) التي هي قوة الخالق وبين الأيدي الخاضعة لهذه القوة التي بها بنى الله السماء وغيرها ،ومن خلال هذا التوجيه يمكن استنتاج أن أبا العباس كان عالما مفكرا استطاع بعلمه أن يكتشف لعلماء العصر أسرارا وعجائب من الرسم التوقيفي لتبقى شاهدة على عظمة كتاب الله ،وبعد ابن خلدون ننتقل إلى الدكتور صبحي الصالح الذي قال بعد قراءته لنصوص تتضمن الرسم القرآني ( لا ريب أن هذا غلوا في تقديس الرسم العثماني ،وتكلفا في الفهم ما بعده تكلف ) و أضاف قائلا ( ومن هذا الغلو والتكلف ما نقله الزركشي في البرهان عن أبي العباس في كتابه (عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل )وهذا أبو بكر الباقلاني أيضا نجد رأيه المعارض للرسم التوقيفي لا يقل في شيء عن الرأيين السابقين يقول ( كل من ادعى أنه يجب على الناس رسم مخصوص وجب عليه أن يقيم الحجة على دعواه ،فإنه ليس في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع ما يدل على ذلك،إذن فالمعارضون بنصوصهم هذه يتبين أنهم لم يحترموا ما صرح به الجمهور الذين يتوفرون على دلائل من الكتاب والسنة والإجماع أما من الكتاب فهو قوله تعالى (علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم ) سورة العلق الآية 54 وحجتهم من السنة أمره صلى الله عليه وسلم لكتاب الوحي بتدوينه على الطريقة المعروفة لدينا اليوم ،بل ورد أنه صلى الله عليه وسلم أمر أحد كتاب الوحي وهو معاوية بكتابة الدستور الذي رسمه لهم وقال ( ألق الدواة وحرف القلم ،وانصب الباء وفرق السين ،ولا تعور الميم ،وحسن الخط ،ومد الرحمـــــــن ،وجود الرحيم وضع قلمك على أذنك اليسرى فإنه أذكر لك ) ودليل الإجماع نصوص الأئمة الأربعة وغيرهم من العلماء المجتهدين،هذه النصوص جاءت تثبت أن الرسم القرآني توقيفي لأنه ما دام معجزا في نظمه ،فإنه لا بد أن يبقى أيضا معجزا في رسمه وتعليله ،ومع جلال هؤلاء الأئمة وفهمهم لكتاب الله ورسمه ،وقدرتهم الكبيرة على استيعاب ما يتضمن هذا الكتاب الخالد من أسرار وإعجاز فإننا مع ذلك نجد صبحي الصالح ينفي عنهم القول بتوقيف الرسم القرآني بقوله ( ولكن أحدا من هؤلاء الأئمة لم يقل إن هذا الرسم توقيفي ولا سر أزلي ،وإنما في التزامه ضربا من اتحاد الكلمة واعتصام الأمة لشعار واحد واصطلاح واحد )كما نجده يؤيد الباقلاني بتأييد ما بعده تأييد فيقول ( وأن رأي القاضي أبا بكر الباقلاني لجدير أ أن يوخذ به ،و وهو حجة ظاهرة ،ونظر بعيد ،فهو لم يخلط بين عاطفة الإجلال للسلف ،وبين التماس البرهان على قضية دينية تتعلق برسم كتاب الله ،أما الذين ذهبوا إلى أن الرسم القرآني توقيفي أزلي فقد احتكموا في ذلك إلي عواطفهم ،واستسلموا استسلاما إلى مذاويقهم ومواجيدهم والأذواق نسبية لا دخل لها في الدين ،ولا يستنبط منها حقيقة شرعية ،ونحن و هذه الآراء التي تقف في وجه الرسم القرآني ،وتعارض في جهود الأئمة والعلماء الذين سهروا على محافظة هذا الرسم الخالد وصيانته ،فإننا سنبقى وراء ما قال به الجمهور ،لأنهم ينطلقون من الحق ،والحق يعلو ولا يعلى عليه ،ومن وراء هؤلاء المحافظين لرسم كتاب الله وتعليله الإمام بدر الدين الزركشي الي جاء في قوله ( و اعلم أن الخط جرى على وجوه فيها ما زيد على اللفظ ،ومنها ما نقص ،وذلك لحكم خفية وأسرار إلهية ) وهذا القاضي عياض نجده بدوره أيضا يصدر حكمه بالكفر على كل من غير من رسم كتاب الله فقال ( أجمع المسلمون أن من نقص منه حرفا قاصدا لذلك أو بدله بحرف آخر مكانه أو زاد فيه حرفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه ،وأجمع على أنه من القرآن عامدا لكل هذا أنه كافر ) وبعد هذه النصوص التي تقر بالرسم التوقيفي فإني أضيف إلى رأي الجمهور أن هذا الرسم هو من أمر الله ،وليس من إنتاج الإنسان كما يدعي الرافضون ،لأن الإنسان مهما بلغ من سمو الفكر ،فإنه لا يستطيع أن يقوم بهذا العمل الخارج عن نطاقه ،بحذف حرف من القرآن أو إثبات ألف منه أو زيادة ياء أو واو أو فصل أو وصل أو تبديل أو مد التاء أو قبضها أو غير ذلك مما هو خارج عن دائرة حدوده ،فمثلا إذا قال الحق سبحانه ( رب اغفر لي ) فطلب المغفرة من الله واضح للداعي في الظاهر ،لكن ما يستفاد من باطن المقطع القرآني لا يظهر إلا بالتعليل ،وكيفة ذلك أن الياء حذفت من كلمة ( رب ) للإشارة إلى أن نداء العبد قريب من الله جل وعلا ،أما حذف الياء من آخر اللفظة فقد ورد للدلالة على أن الله سبحانه يكون قريبا منا عند الدعاء أكثر من أنفسنا ،إذن من خلال اللفظة المذكورة التي أفادتنا بما تتضمنه من أسرار أقول وبإيمان صادق أن الرسم القرآني هو من أمر الله ،وأن حذف الضميرين من كلمة ( رب )هو من تدبير الخالق جل شأنه وليس من غيره ،إذ لو كان من غيره جلت قدرته ،ما رأينا منه هذه الأسرار التي لا تزيد القارئ العاقل إلا إيما نا بتوقيف هذا الرسم القرآني الخالد ورحم الله الشيخ عبد العزيز الدباغ إذ يقول ( ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولو شعرة واحدة ،وإنما هو توقيف إلهي وهو الذي أمرهم يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها لأسرار لا تهتدي إليها العقول ،وهو سر من الأسرار خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية ،وكما أن نظم القرآن معجز ،فرسمه أيضا معجز ،وأنسب آية تقال في هذا الموضوع كرد على الرافضين قوله تعالى ( وكأين من آية في السمــــاـــوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ) سورة يوسف الآية 105
المصـــــــــــــــــادر
1- مناهل العرفان ج1 ص382
2- كتاب إيقاظ الأعلام ص13
3- مباحث في علوم القرآن ص278
4- عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل ص 56
5- البرهان في علوم القرآن ج1 ص380
6- الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص101
7- كتاب مروج الذهب ج2 ص 36
بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
الرسم القرآني و إعجازه
تعريف لفظة الإعجاز
الإعجاز كلمة مشتقة من إثبات العجز ،وهو الضعف الذي يصيب الإنسان يقال :عجز الرجل عن مقاومة شئ أي :أنه لم يقدر عليه ،وإعجــاز القرآن الكريم معناه عجز الناس أن ياتوا بشئ من مثله ،وتعرف المعجزة بأنهـــا الأمر الخارق للعادة الذي من المستحيل أن يعارضـــــــه إنس أو جن يقول الحق سبحانه :( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن ياتوا بمـثل هذا القرآن لا ياتون بمثله ولو كان بعضـهم لبعض ظهيرا ) الإسراء 8 8 .
التعريف بالمعجزة
لكل رسول معجزة قد فارقته بموته ،غيرأن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم ،فهي باقية وخالدة ،لأنها القرآن الكريم الذي هو منهج هذا الكون ، ودستور البشرية ، مع العلم أن معجزة كل رسول هي فعل ، وفعل الله من الممكن أن ينتهي بعد أن يفعله الخالق تعالى ، فمعجزة موسى قد انتهت بمجردما عــــــبر موسى البحر مع قومه ، والنار لما هـــــيئت لإبراهــــــيم أصبحت بردا وسلاما عليه بنداء القرآن الكريم " يـاـنار كوني بردا وســـــــلـــ'ــــما على إبر'هــيم "سورةالأنبياء الآية 68 أما معجزة الرسول الكريم،فهي عين المنهج لتبقى هذه المعجزة في المنهج، ويبقى المنهج محروسا بالمعجزة،والإعجاز معناه إثبات العجز، وإذا تحقق ظهرت قدرة المعجز وهو الخالق تعالى ومن إعجاز الرسم القرآني رسمه ألتوقيفي ، الذي جاء مخالفا للرسم القياسي في بعض حروفه، للدلالة على أنهناك أسرارا تحت هذه المخالفة، فمثلا كلمة" الصلـــــــــــــــواة "لم ترسم بالألف كما هو معروف في الرسم القياسي، بل رسمت بالواو بدلا من الألف، للدلالة على أن "الصــــــــــلواة " لها قيمة عالية عند اللهب اعتبار أنها ذكرت كعنوان للعبادة، ومن جانب آخر أنها وردت للإ شارة إلى أنها تمثل أعظم ركن في الإسلام ،ويتجلى ذلك في كونها أنها تحتضن الصوم الذي يتجلى في الانقطاع عن الكلام، والحج الذي يتمثل في توجه المصلي نحو القبلة، والزكاة التي تظهر في النوافل، التي تأتي بعد العبادة المفروضة، ومن هذا المنطلق نعلم أن ما رسمت به لفظة" الصلـــــــــــــــواة "وهو الواو له شأن عظيم،لأنه يشير إلى أن المحافظ عليها يأتي يوم القيامة وهو مرفوع الرأس، والخارج عن أوامرها ونواهيها يحضر يوم الجزاء وهو مقهور،أما إذا أضيفت كلمة الصلاة إلى ضمير الجمع،أو ضمير المتكلم،فإنها تخرج عنالكلية إلى الجزئية، فلفظتا "صلاتهم "و"صلاتي "مثلا نجد كل واحدة منهم اقد خرجت عن اللفظ العام، أو المطلق ومن هنا ندرك السر في رسم "الصلـــــــــــــــواة "بالواو الذي يدل على عموميتها وخطورتها من حيث الامتثال لما تضمنته من إرشادات ومواعظ من أجل تغيير سلوك الفرد وإصلاحه،وكذلك الشأن في كلمة "الزكـــواة "فرسمها بالواو بدل الألفجاء ينوب عن قدرها الرفيع لدى الخالق جلت قدرته، وذلك باعتبار أنها حق الله يعطى لفقرائه المحرومين من نعمة الدنيا، كذلك عندما نتأمل في لفظة" بأييكم المفتون" بسورة القلم الآية 4نجد الياء الثانية قد أضيفت إلى الياء الأصلية التي هي جزء من الكلمة الشريفة ،لا تقرأ، ولكنها تشير إلى سر يتجلى في أن الكفار رموا النبي صلى الله عليه وسلم ، بأوصاف لا تليق به ، كقولهم مثلا إنه ساحر مثلا،فرد الله عليهم بأنهم يوم الجزاء يظهر المفتون من غيره ، وبذلك يجازى كل عنيد بما يستحقه من ألوان العذاب ، كذلك إذا تأملنا في كلمــــــــــة ( تفتــــــــؤا ) بسورة يوسف نجد أن الهمزة رسمت على الواو ، والقاعدة تقتضي أن ترسم على الألف، فما هو السر في ذلك؟ إذن ، إنها رسمت بهذا الشكل للإ شارة إلى أن سيدنا يعقوب كان يكثر من البكاء على ولده يوسف عليه السلام ،الذي كان يحبه لاعتبارات شتى ،منها جماله وصغره ،وما كان يرى فيه من إرهاصات النبوة ، ومن جانب آخر،إذا كان الإنسان يقوم بأعمال صالحة ،ولكنه في نفس الوقت يبطلها بأعمال مضادة ، فإنه لا ينتفع بها ولم تحقق له شيئا يذكر،كذلك المشركون لما قاموا ضد تبليغ رسالة النبي الكريم ،فإنهم لم يستطيعوا أن يحققوا أهدافهم الباطلة ، وهذا ما نلمسه في حذف الألف من لفظة ) سعو (الواردة في سورة سبأ الآية 3 والتي تشير إلى أن سعي الكفار ضد تحقيق الدعوة النبوية كان باطلا ، ما دام قائما على أسس عدائية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي يعتبر أعــــدل حاكم عرفته البشرية ونلمس كذلك إعجاز الرسم ألتوقيفي واضحا في كلمة ) سيــءــاتهم( الواردة في قوله تعالى) فأولـئك يبدل الله سيــءــاتهم حسنـ'ــــت ( سورة الفرقان الآية 25 هذه الكلمة رسمت همزتها بدون ياء ، وذلك من أجل إثبات الألف الذي يدل علىأن الأمور السفلية هي من اختصاص العقل ،إذ أن) سيــءــاتهم (من الأشياء المحسوسة يدركها الإنسان ،ولكن لو رسمت الهمزة على الياء لحذفت الألف ، و بذلك تصبح لفظة السيئات من الأمور العلوية ولكن هذا الأمر لم يكن ما دامت اللفظة بإثبات الألف ،التي كانت السبب في إ سقاط الياء لتبقى كلمة السيئات في نطاق المحسوسات ،وعلة ذلك ،أن ما يدرك بالعقل، فهو من الجانب السفلي ،وما لا يفهمه العقلأ و يدركه ،فهو من الجانب العلوي،ورسمت) السيـــءـات (بإثبات الألف للدلالة على أنها لا تلتصق بالإنسان في حينها،وإنما يمكن أن يغفرها الله بعد التوبة ،أما كلمـــة )حسنــ'ـــت ) فقد رسمت بحذف الألف للإشارة إلى التصاق هذه الحسنات بصاحبها بمجرد ما يقوم بها.وما دمنا مع إثباتا لألف في لفظة ) سيــءــاتهم( التـــــي رسمت بإثبات الألف فإنني أقف هنا مع كلمة )الألواح) التي رسمت بإثبات الألف باعتبار فصلها عن كلمة أخرى من جنسها ، فالألف هنا لها دور الفصل واستقلال كل كلمة عن مثلها فوردت الأولىفي قوله تعالى) :وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء ) سورة الأعراف الآية 145 وذكرت الثانية في قوله تعالى) :وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه )ســــورة الأعرافالآيـة 150 أما الثالثة فقـد وردتفي قوله سبحانه) :ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة(سورةالأعراف الآية 154 .
الرسم القرآني وأسراره وعجائبه
المصحف الذي يقرأه المسلمون اليوم ،هو الذي اطمأن إليه عثمان وارتضاه لأن يكون مصحف هذه الأمة علما أن الأصل في المكتوب أن يكون موافقا تمام الموافقة للمنطوق من غير زيادة ولا نقص ولا تبديل ولا تغيير ،غير أن المصاحف العثمانية نجدها قد أهملت جانب هذا الأصل وخضعت لما نزل به القرآن الكريم ،وذلك لأغراض شتى لايعرفها إلا من هداه الله ووسع أفقه وفتح عقله للخوض في اكتشاف ما هو كامن في القرآن الكريم ،من أسرار وخفايا ومزايا ،وقد وضع العلماء قواعد خارجة عن الرسم القياسي وحصروها في ست قواعد وهي 1ـ الحذف مثل (العـــــــــاــــــلمين ) ـ (الرحمــــــاــــن )2ـ قاعدة الزيادة مثل (بأيــــيكم المفتون )3ـ قاعدة الهمز مثل (أيوب ) (لؤلؤ ) 4ـ قاعدة البدل مثل (الصلواة)ـ (الزكواة ) 5ـ قاعدة الوصل والفصل مثل (واعلموا أنما غنمتم ) ـ في ما اشتهت انفسهم ) 6ـ قاعدة ما فيه قراءتان فيرسم على إحداهما ـ أخي القارئ الكريم إنني قد اكتفيت ببسط هذه القواعد الموجزة جدا لإلقاء الضوء عليها فقط ،أما شرحها بالتفصيل فستعرفه لاحقا إن شاء الله سبحانه .
العلماء الذين ألفوا في علم الرسم القرآني
ومن العلماء الذين ألفوا في علم الرسم التوقيفي 1ـ الإمام أبو عمرو الداني الذي أفاد الناس بمؤلفه ( كتاب المقنع )ـ2 أبو العباس المراكشي المغربي الذي فاجأأصحاب هذا الفن بكتاب (عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل ـ 3 ـ الإمام عبد الواحد بن عاشر الذي ظهر للقراء بكتاب ( فتح المنان شرح مورد الظمآن )ـ 4 الإمام العلامة المارغيني ألف كتابا أسماه مورد الظمآن ـ 5فتح المنان شرح مورد الظمآن قام بتحقيقه الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
ـ من أسرار الرسم القرآنـــــــــــــــــــــــــــــــي
لقد بذل علماء الرسم التوقيفي جهود ا مشكورة في هذا الشأن ،محاولين بذلك استخراج ما هو خفي في بطون أمهات الكتب ،بالإضافة إلى ما تنطوي عليه مواهبهم وأفكارهم ،ومن المعلوم أن الرسم القرآني توقيفي من الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كتب أمامه من طرف الصحابة وفي مقدمتهم زيد بن ثابت رضي الله عنه ،وما دام نظم هذا القرآن معجزا فلا بد أن يكون رسمه أيضا معجزا ،يتجلى لنا هذا القول في سر زيادة الياء في ( بأيــيكم ) وبزيادة الألف في لفظة (سعوا ) بعد الواو بسورة الحج ،وبدون زيادة هذه الألف في لفظة ( سعو) بسورة سبأ، وترسم كلمة ( عتوا ) بالألف حيث وردت ولا نجدها مرسومة في سورة الفرقان ،ونجد هذه الألف زيدت في لفظة ( ءامنوا ) وإسقاطها من ألفاظ ( باءو ) و( جاءو ) و ( فاءو ) ، وترسم كلمة ( سراجا ) بحذف الراء في سورة الفرقان ،وإثباتها في غير هذا الموضع مطلقا ونجد كلمة ( الميعــــــاـــد) بحذف الألف أيضا وإثباتها مطلقا في أماكن أخرى وترسم الألف بعد الواو في كلمة (يعفوا الذي ) ولا تكتب في كلمة ( يعفو عنهم ) في سورة النساء،ولماذا ترسم كلمة ( قرءانا ) بحذف الألف في سورتي يوسف والزخرف وترسم اللفظة نفسها بإثبات الألف حيث وردت ،كل هذا يشهد أن لهذا الرسم عجائب يستحيل على كل من يتعا طى هذا العلم العظيم الوصول إليه ،لأنه نور، ونور الله لا يدرك إلا بالفتح الرباني ،كما أنه لا يمس بسوء ،لأنه محروس بعناية الله ،بدليل أن ألمانيا قام وكتب القرآن كله برسمه وقواعده وقضاياه في صفحة واحدة تزينها ألوان مختلفة ،وأشكال هندسية رائعة.
الرسم القرآني محفوظ بعناية الله
والغريب في الأمر أنه لم يفعل هذا مع الإنجيل أو التوراة أو غيرهما ،وهذا ما يؤكد لنا أن ما قاله الخالق سبحانه هو محفوف بعنايته وحفظه ،ثم إذا كان حفظ كتاب الله يأتيه من غير المسلمين ،فما ذا يقول علماؤه ،وهم جنود الله لقرآنه ورسمه ،وقد جاء في الحديث أن الإمام أشهب قال سئل مالك هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس ،من الهجاء فقال ( لا، إلا على الكتبة الأولى ) رواه الداني في المقنع ودون شك أن رسم كتاب الله سيبقى محفوظا في أرجاء العالم برسمه وقرائه ،وصدق الله العظيم إذ يقول ( إنا نحن نزلنا الذكر ،وإنا له لحــــــــــفظون ) سورة الحجر الآية 9 .
رسم لفظة ( رحمت ) بتاء مبسوطة أو مفتوحة
تمهيـــــــــــــــــــد
حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كلها رحمة فأخلاقه رحمة ،وسلوكه رحمة وسنته رحمة ،والنظر إلى وجهه الكريم رحمة ،وصدق الله العظيم إذ يقول ( وما أرسلنـــــــــــك إلا رحمة للعـــــــــــــلمين ) سورة الأنبياء 107 ورحم الله الشاعر المدافع عن الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت إذ يقو ل :
وأجمل منك لم تر قط عيني وأكـمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيـــــب كأنك قد خـلقت كما تشاء
ونظرا لقيمة( رحمة ) الله الرفيعة في القرآن ،فقد ورد ذكرها ثلاثا وعشرين وثلاثمائة ورد من هذا العدد ثمان مرات بصيغة الماضي ( رحم )،وذكر منه بصيغة المضارع ( يرحم ) خمس عشرة مرة ،ومن هذا العدد أيضا جاء بصيغة الأمر ( ارحم ) خمس مرات ووجد من هذا العدد أيضا سبعا وخمسين مرة أما كلمة ( الرحيم ) فقد حصر عددها في مائة وخمس عشرة مرة وذكرت لفظة ( أرحام ) اثني عشرة مرة في القرآن الكريم ووردت لفظة ( مرحمة ) مرة واحدة و( رحماء ) مرة، وكلمة ( رحما )مرة واحدة أيضا.
بين تعليل الرسم التوقيفي ،وإعجاز فواتح السور
أكثر العلماء يتجاهلون علم الرسم القرآني كالباقلاني وابن خلدون مثلا ،يقول هؤلاء الناس ،إن الصحابة الذين كانوا يكتبون الوحي ،كانوا لا يتقنون الكتابة ،ولذلك جاءت كتابة القرآن بحروف مختلفة ،حيث نجد الكلمة تارة تكتب بإثبات الألف ،وتارة ترسم بحذفها ،ومرة تكتب اللفظة بزيادة الياء مثل ( بأييكم ) وتارة تنقل بحذفها ،فلو كانوا يعرفون الكتابة لما كتب القرآن بهذا الشكل ،وقد غاب عنهم قوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر ،وإنا له لحــــــــاــفظون ) الحجر الآية 9 والحفظ هنا يشمل النظم والرسم معا ،فكما أن تعليل فواتح السور لا طريق لفهمه عندهم ،باعتبار أنه سر من أسرار الله سبحانه ،فكذلك تعليل الرسم القرآني ،بمعنى أن حروف القرآن ظاهرة فيه ـولكن الوصول إلى أسرارها الله أعلم بمراد ذلك ،ومن هذا المنطلق جئت بتعليل فواتح السو ر لفهم رسم كتاب الله على ضوئها ،وبالتالي لفتح الطريق أمام الذين غابت عنهم هذه الأسرار ،ورغم تقديس هذه الحروف المقطعة ،فإن المجتهدين ، قالوا في تفسيرها أن ( ألم ) في أول سورة البقرة معناها ( أنا الله الملك ) وقالوا في ( ألم ) في سورة آل عمران معناها ( أنا الله المجيد ) ووصل اجتهادهم إلى ( المص ) فقالوا معناه ( أنا الله المقتدر الصادق ) وجاءوا بتفسيرهم لكلمة ( ألر ) فقالوا معناها ( أنا الله المحيي المميت الرازق ) وفسروا ( كهيعص بأن معناها ( أنا الله الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد ) واجتهدوا في تفسير لفظة ( طه ) فقالوا معناه ( يا طالب الحق الهادي إليه ) وقالوا في تفسير كلمة ( يس ) معناه ( يا أيها السامع للوحي والقرآن الحكيم ) وقالوا مجتهدين في تفسير ( ص ) بأن معناها عين تنبع من تحت العرش وهي التي توضأ منها النبي صلى الله عليه وسلم ،ويعتبر تفسير فواتح السور نجاحا لتعليل رسم القرآن الذي وقف مدة في انتظار موافقة تعليل هذه الفواتح لهذا التعليل الخطي القرآني.
التاء المبسوطة رحمـــــــــــــــــــة وبشرى
بسطت التاء بعد أن طال عمرها وهي مقفلة ثم جاءت البشرى والأفراح لسيدنا إبراهيم عليه السلام وزوجه بقوله سبحانه ( قالوا أتعجبين من أمر الله ،( رحمت ) الله وبركــــــاـته عليكم أهل البيت ،إنه حميد مجيد ) سورة هود الآية 73 و تا تي الرحمة مفتوحة استجابة لدعاء زكرياء عليه السلام يقول الخالق جل وعلا ( ذكر ( رحمت ) ربك عبده زكرياء ) سورة مريم الآية ـ2 وتستمر الحياة بهذه الرحمة بتاء مبسوطة لتشير ألى خير الله العظيم والرحمة المبشرة لسقي الأرض بغيث ينفع الخلق والعباد فجاء قول الله بهذه الرحمة بقوله ( فانظر إلى أثر ( رحمت ) الله كيف يحيي الارض بعد موتها ،إن ذلك لمحيي الموتى ،وهو على كل شيء قدير ) سورة الروم الآية 49 وها هي رحمته تعالى قد بسطت في وجه عباده المحسنبن بقوله ( إن ( رحمت ) الله قريب من المحسنين ) سورة الأعراف الآية 56 بمعنى أن الله قريب من المحسنين ،وأن رحمته قريبة من المحسنين ،لأن الإحسان ، بالناس يقتضي قرب الرب من عبده ،فلو قال الرب ( إن رحمة الله قريبة من المحسنين ) لم يدل قربه تعالى منهم .
الرحمة المدخرة المقفلة
وردت ( رحمة ) مقفلة مدخرة لأنها ( رحمة ) واسعة مخزونة عند الله لأصحابها الذين كتب الله أن يكونوا من أهلها ،وفي هذا الشأن قال الخالق سبحانه ( قل لو انتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الانفاق ،وكان الانســـــــــــاــن قتورا ) سورة الإسراء الآية 10 ويفهم من هذا القول أن رحمة الله إذا كانت مخزونة مدخرة فترسم تاء مربوطة غير مفتوحة لأنها تنتظر أصحابها في الجنة وذكرت لفظة ( رحمة ) في قول الحق سبحانه ( خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب ) سورة ص الآية 9 رسمت بهذا الشكل للدلالة على أنها رحمة مدخرة عند الله بدليل ( خزائن رحمة ربك ) والشيء المخزون مدخر محفوظ كما تقدم ،وقبضت تاء ( الرحمة ) أيضا للإشارة إلى أنها رحمة مرجوة تفتح للسائل كما هي مرسومة في الآية الكريمة ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ،وهب لنا من لدنك (رحمة )،إنك أنت الوهاب ) سورة آل عمران الآية 8 ثم إن ( الرحمة ) إذا كانت موعودا بها ومنتظرة ،فإنها تكتب بتاء مربوطة كما نعلم ذلك في قوله تعالى ( فأما الذين ءامنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما ) النساء الآية 175 وتقبض تاء الرحمة أيضا إذا كانت خالدة في دار النعيم ومقر الخلود ،كما في قوله تعالى ( وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم خــــــــــــــلدون ) آل عمران الآية 107 .
المصادر والمراجــــــــــــــع
القرءات ـ أحكامها ومصدرها للدكتور شعبان محمد إسماعيل ص84
ـ محاضــــــــــــرات في علوم القرآن للدكتور غانم قدوري ص83
ـ مجلة الفرقان ـ عدد ممتاز رمضــــــــــــــــان 1429هـ ص 38
ـ رسم المصــــــــــــــــــــــحف ونقطه للدكتور الفرماوي ص377
ـ دليل الحيران للشيخ المــــــــــــــــــــــــارغني التونسي ص 24
بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
محاضرة
تحت عنوان
التدبر وإعجاز التلاوة
مقدمــــــــة
قال الخالق جل وعلا ( أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب أقفالها ) محمد 24 أم هنا بمعنى( بل ) أي انتقال من عدم التدبر إلى ظلمة القلوب وقسوتها حتى تدخل في طريق الانحراف وتصبح كأنها مكبلة بالأقفال ،فلا ينفذ إليها نور الإيمان قال الإمام الرازي ( إن القلب خلق للمعرفة فإذا لم تكن فيه المعرفة فكأنه غير موجود ) من هذا المنطلق ينبغي للمثقف أن يتأمل في عمله ليجد التوفيق أمامه فمثلا إذا وضع بين يديه قوله تعالى ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) الزلزلة 7 إن حرف الخاء من كلمة ( خيرا ) من حروف الحلق يقرأ مباشرة أي ليس بين التنوين والخاء فرق بالمرة ، و مع هذه التلاوة أسرار لا يهتدي إليها المتأمل إلا بعد استعمال جهوده بمعنى أن المرء إذا فعل خيرا فإن الله يكافئه ،على عمله بالخير ويدخل في سجل حسناته ،وحرف الشين من كلمة ( شرا ) فإنه من حروف الإخفاء ،وعلى هذا إذا وقع بعد التنوين فإنه يقرأ بالإخفاء ،بمعنى أن الله يمهل العبد ليراجع نفسه ،فإذا تاب فإن الله يكافئه على حسناته ،أما إذا لم يتب فإن الملائكة تكتب عليه ما ارتكبه من السيآت وفي هذا الصدد يقول الحق سبحانه ( و إن عليكم لحــاــــــــفظين كراما كــــــــاـــتبين يعلمون ما تفعلون ) سورة الانفطار الآية 11 وفي كلمة ( يعلمون ) تفيد المهلة للتوبة ،فلو قال ( يعملون ) لم تكن هناك مهلة ، وبهذ ا تتحقق رحمة الله على عباده.
من فوائد ترتيل القرآن الكريم
و مما تقدم يظهر أن القرآن الكريم كتاب معجز ،ومن إعجازه تجويد حروفه ومعرفة وقوفه يقول الحق سبحانه ( ورتل القرآن ترتيلا ) سورة المزمل الآية 4 و كلمة الترتيل هنا تفيد التوكيد ،بمعنى أن الله سبحانه يؤكد أن قراءة القرآن لا بد أن تؤدى بالترتيل ،حتى أن الرسول جعل الرجل الذي لا يجود القرآن فاسقا ،وفي هذا الشأن قال المحققون ( لا تجوز صلاة الرجل المتقن خلف رجل غير متقن ) بدليل أن الناس إذا صلوا وراء إمام لا يشد كلمة ( إياك ) فإن صلاتهم لا تجوز لأنها بمعنى الشمس والله أعلم إن المد في القراءة القرآنية يعتبر ظاهرة من ظواهر زيادة الحروف التي وردت للدلالة على زيادة المعنى ،ومن هذا المنطلق يتضح من هذا المد أنه لم يات عبثا ،وإنما ورد للدلالة على شيء غير عادي ،ومما يا تي يتبين ما نحن بصدده ،قال الحق سبحانه ( فإذا جاءت الطامة الكبرى ) سورة النازعات الآية 43 فالمد هنا جاء يوحي إلينا بأن هناك أمرا عجيبا ومذهلا لا بد أن نكون منه على حذر وهو الاستعداد لليوم الآخر ،لأن الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى ،وكذلك الشأن في قول الحق سبحانه ( والسماء بناء ) البقرة 22 فقد جاء التعبير القرآني يشير إلى شيء غير عادي يتجلى في أن المد في كلمة ( بناء ) يصور لنا هذا الملك العظيم من كونه جل شأنه وهو الظاهر في بناء السماء ،وإذا قارنا بين كلمتي ( القارعة و الطامة ) فإننا نجد لفظة القارعة تعطينا جرسا مهولا ومخيفا بدون مد ،أما كلمة الطامة فإنها تبعث فينا الشعور بعظمة الخالق بسبب هذا المد ، لذا رسمت بهذا الشكل على اعتبار أن الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى وحينما نقرأ سورة الكافرون نجد ( ما تعبدون ،وكذلك ما عبدتم ) بدون مد على لفظة ما تعبدون وما عبدتم ،وذلك للإشارة إلى تحقير ما يعبده الكفار وما يعتزون به ،لكن إذا نظرنا إلى ( ما أعبد ) وقد تكررت مرتين ،نجد أن المد هنا جاء للدلالة على ما يعبده محمد صلى الله عليه وسلم وهو دين الإسلام ،كذلك حينما نجد أمامنا مد الصلة الطويلة وهو المد الذي يتولد من هاء الضمير تقع بعد كسر أو ضم بعدهما همز نجد أن هذه الضمة الطويلة تدل على عظمة الخالق سبحانه في قوله جل شأنه ( إذ قال له ( ربه أسلم ) سورة البقرة الآية 121 ،وذلك باعتبار أن الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى.
إعجاز التلاوة في القرآن الكريم
ونعيش الآن لحظات مع المد اللازم المشار إليه في قوله سبحانه ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) سورة الفاتحة الآية 7 فكلمة ( الضالين ) يلاحظ هنا أنها وردت للدلالة على الكثرة وهم النصارى أما لفظة ( المغضوب عليهم ) وهم اليهود لا نجد مدا فيها ،وذلك للإشارة إلى قلتهم وعدم كثرتهم ،ونجد كذلك ( يرضه لكم ) الواردة في قوله جل شأنه ( و إن تشكروا يرضه لكم ) الزمر الآية 7 وردت اللفظة هنا بدون صلة وذلك للدلالة على رضا الله عن شكر عبده ،ونجد كذلك كلمة ( المصيطرون ) الواردة في النص التالي ( أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون ) الطور الآية 3 و نجد ( بمصيطر ) المبثوثة فيما ياتي ( لست عليهم بمصيطر ) سورة الغاشية الآية 22 فقد رسمت الكلمتان بالصاد للإشارة إلى التحكم والسيطرة والاستعلاء أما حرف السين فهو مهموس ولذلك فلا يؤدي ما أداه حرف الصاد أما كلمة ( خلق ) الواردة في قوله سبحانه ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ،خلق الانســـــــــاــــن من علق ) فالنص هنا يتضمن حرفا من حروف القلقلة ،وبالتالي فهو يعطينا معنا واسعا لخلق الله بمعنى أنه لا توجد حدود للخلق ،وكذلك الشأن في كلمة (علق )، فإنها تدل على الأعداد الكبير ة العالقة من مني الذكر.
تلقيح بويضة المرأة بالحيوان المنوي
و قبل التلقيح فإن هذا الحيوان الذكري يطوف سبع مرات بالبويضة على غرار سائر المخلوقات التي بدأ الخالق إيجادها بالذرة وهي أصغر الكائنات إلى المجرة وهي أكبر هذه المخلوقات ،علما أن هذا العنصر الملقح الخيالي ينطوي على ستة وثلاثين مليارا معلومة فإذا نقلت هذه المعلومات المذهلة إلى الكتب ،فإنها تحتاج إلى عشرين مجموعة علمية ضخمة ،وكل مجموعة تحتاج إلى أربعة وعشرين مجلدا ،وكل مجلد يحتاج إلى ألف صفحة ،وكل صفحة تحتاج إلى خمسمائة سطر سبحان الله ونعود مرة أخرى إلى فضاء إعجاز التلاوة ،ونبدأ بإدغام المتماثلين الوارد في قول الحق سبحانه ( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) سورة النساء الآية 78 يلاحظ هنا أن الكاف الساكنة الأولى قد أدغمت في الكاف المتحركة الثانية ،وبذلك أصبحت حرفا واحدا مشددا يقرأ هكذا ( يدركم ) بحرف واحد فنتج عن هذا الإدغام سرعة الموت الذي لا مفر منه ، فكأن هذا التقليص يأمر بتعجيل الموت والفناء وباختصار فإن كل حرف رسم بزيادة ،فإنه يؤدي إلى معنى ،وبالمثل فكل حرف كتب بنقص فإنه يعطينا معنى آخر ،وهكذا فكل حروف التلاوة تبقى قابلة للعطاء سواء رسمت بالنقص أو بالزيادة وهذا هو معنى إعجاز التلاوة .
المصـــــــــــــــــادر
ــ رسم المصحف وضبطه ــ للدكتور شعبان ص 114
ــ إعجاز القرآن و إعجاز التلاوة للأستاذ شملول ص 30
ــ أسرار الرسم القرآني ص 33
بقلم الدكتور الشيخ الهبطي الادريسي
محاضرة
تحت عنوان
التاء المقبوضة والمبسوطة
في الرسم القرآني
مقدمة
الرسم القرآني هو ما خالف الرسم العادي أو الإملائي بحروف عينها المهتمون بهذا الشأن ،من ذلك مثلا حذف الألف في قوله سبحانه (ألر تلك آيـــات الكتـــــــاـــب المبين ،إنا أنزلنـــــاــــه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون )سورة يوسف الآية 2 فالألف المحذوفة هنا جاء ت للإشارة إلى أن الضمير في( أنزلنـــاـــه )يعود إلى كتاب الحق سبحانه أو الكتاب المطلق أو الكتاب الكلي ،لأنه لاعلم لأحد به إلا هو جل وعلا وما دام الإنسان يجهل سر هذا الحذف فهو إذن من الأمور العلوية ،وكمثال آخر على حذف الألف ما نراه في قوله جل شأنه (بسم الله ) حذفت الألف هنا بعد الباء لسر عجيب ،فكأن القرآن يقول لنا إذا أردتم شيئا فاطلبوه بسرعة ،وهذا ما يشير إليه حذف الألف الذي يقلص المسافة لتحقيق الطلب ،،لكن إذا وقعت الألف بعد الباء ،فهنا ينقلب الأمر ويصبح دالا على الزيادة في المساحة للذكر والتسبيح وهكذا نجد كل حرف من الرسم التوقيفي ،يؤدي معني خفيا يحتاج إلى من يكتشفه ،بصبر طويل فمثلا كلمة (رحمت ) الواردة في قول الله سبحانه (أهم يقسمون رحمت ربك )سورة الزخرف الآية 31 رسمت بتاء مفتوحة وهي بمعنى محمد صلى الله عليه وسلم وتاتي بمعنى (أمطار الخير ) النازلة من السماء أيضا .وهناك أسرار أخرى في انتظار من يكتشفها ،ومن مؤلفات هذا العلم المقنع لأبي عمرو الداني ،(ت سنة 444هـ) و(عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل )لأبي العباس المراكشي الشهير بابن البناء و(مرشد الحيران إلى معرفة ما يجب اتباعه في رسم القرآن )،ومن الذين تحدثو ا عن هذا الرسم ووضعوا له قواعد بأسلوب واضح ومنطق مفهوم الزركشي في كتابه (البرهان في علوم القرآن والسيوطي في كتابه (الإتقان ) وهو كتاب يعتبر من المصادر الصحيحة ،ولا يمكن لأي باحث أن يستغني عنه .
موضوع الدرس
التـــــــــــــــــــاء المبسوطة
بعث الله محمدا رحمة للبشرية ،وهي أنفس هدية خلقها الله للمسلمين تجلت في قيادته لخلق الله ولأمته ،وبدون هدا الرسول يعيش المرء شقيا لا يعرف استقرارا أو راحة ،ومن هذا المنطلق رسمت كلمة (رحمت ) بتاء مبسوطة كبشرى لسيدنا إبراهيم وزوجته بالمولود الجديد وهو سيدنا إسمـــــــاــــــعيل وإلى هذا أشار القرآن الكريم (قالوا أتعجبين من أمر الله ،(رحمت )الله وبركــــــاــــــته عليكم أهل البيت ،إنه حميد مجيد )سورة هود الآية 73 ورسمت التاء مفتوحة أيضا استجابة لدعاء زكرياء الذي طلب منالله أن يرزقه الله بمولود جديد ليجد راحة بوجوده، كما وجدها إبراهيم عليه السلام في إسماعيل وتتجلى هذه الاستجابة لزكرياء في قوله تعالى (ذكر رحمت ربك عبده زكرياء إذنادى ربه نداء خفيا ) سورة مريم الآية 2 ،وبعد ما بشر الله إبراهيم وزكرياء بالمولودين نجده جل شأنه يبشر عباده بسقي الأرض بعد جفافها ،وبإحيائها بعد موتها ،ويشاء الله أن ياتي هذا التبشير بتاء مفتوحة كرمز لفتح باب الخير والرزق في وجه عباده ،وفي هذا الشأن قال الخالق العظيم (فانظر إلى أثر رحمت الله كيف يحيي الأرض بعد موتها ،إن ذلك لمحيي الموتى ،وهو على كل شيء قدير سورة الروم الآية 49 ،فرسم التاء مبسوطة هنا جاءت تشير إلى فتح أبواب الرزق في دنيا الخلق عامة لأنه من نـــــــــوع العطاءات الربوبية ،وهي لعامة البشر دون استثناء ،وهاهو جل وعلا نجده يطلب من الناس أن يستمروا إليه بالدعاء حتى لا تنقطع عنهم الرحمة ،وتضيق بهم السبل قائلا لهم ( وادعوه خوفا وطمعا ،إن ( رحـمــــــــت ) الله قريب من المحسنين ) سورة الأعراف الآية 56 بمعنى أن الخير جله للمحسنين ،ومن هنا رسمت التاء مبسوطة كرمز لفتح باب رحمته على الناس ولكي يفهم النص على حقيقته تكتب الجملة على هذه الصيغة (إن الله قريب من المحسنين ،وأن رحمة الله قريبة من المحسنين )،لأن الإحسان بالناس يقتضي قرب الرب من عباده.
التاء المقبوضة
تقدم أن (رحمت )الله رسمت بالتاء المبسوطة للإسراع بإعطائها للخلق ومنهم الأنبياء وهناك شكل آخر يرسم بالتاء المقبوضة للدلالة على أنها الرحمة المخزونة غير المبذولة بمعنى أنها ما زالت في انتظر أمر ربها ،وهي رحمة واسعة مدخرة حتى ياتي أجل التبشير بها في اليوم المحدد لها ،وفي هذا الشأن يقول الخالق العظيم (قل لو أنكم تملكون خزائن (رحمة )ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق )سورة الإسراء الآية 100 ووردت التاء مقبوضة أيضا في قوله سبحانه (أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب )سورة ص الآية 8 رسمت (الرحمة ) هنا بالتاء المقفلة باعتبار أنها مدخرة عند الله سبحانه ،والشيء المخزون مدخر محفوظ ،حتى يأتي أجله كماقال الخالق العظيم (لكل أجل كتاب )سورة الرعد الآية 38 يلاحظ هنا أن لفظة (كتاب ) رسمت بإثبات الألف للدلالة على أنه بعض من الكتاب الكلي أو المطلق علما أن (الكتـــــاــــــب )المطلق ذكربحذف الألف في القرآن كله باستثناء أربع كلمات ،منها الكلمة المذكورة ورسمت تاء(رحمة )بالقبض أيضا لأنها رحمة مرجوة ومطلوبة والشيء المرجو عزيز وسيبقى مدخرا لم يفتح للسائل بابه حتى ياتي أجله ،وإلى هذا يشير الخالق العظيم (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة ،إنك أنت الوهاب ) آل عمران،الآية 8 وترسم مقبوضة أيضا إذا كانت هذه الرحمة موعود بها ومستقبلية كما نجد ذلك في قول الله جل جلاله (فأما الذين ءامنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما ) سورة النساء الآية 174 ،كما نجد رحمة الله ترسم مقبوضة أيضا إذا كان هؤلاء الناس من الصنف الذين كتب الله في قلوبهم (الرحمة )قبل أن يخلدوا فيها ،وهذا ما أشار إليه قوله سبحانه بقوله (وأما الذين ابيضـــــت وجوههم ففي (رحمة) الله ،هم فيها خـــــاــــــــلدون )آل عمران الآية 107 وترسم (رحمـــــــــة ) مقبوضة أيضا إذا كان الناس من صنف الضالين الذين يئسوا من رحمة الله،فهـــــــــــــؤلاء الكفارابتعدوا عنها بسبب المناكر التي ارتكبوها والفواحش التي مارسوها ،لهذا أغلقـــــــت أبوابها في وجوههم ،و أصبحوا ليس لهم نصيب منها ،وهذا ما أشار إليه قول الخـــــــالق العظيم (ومن يقنط من( رحمة ) ربه إلا الضالون ) سورة الحـــجرالآية 56 .
المصــــــــــــــــــادر
ـ البرهان في علوم القرآن للزركشي
ـ المقنع في علم الرسم القرآني لأبي عمر الداني
ـ الإتقان في علوم القرآن للسيوطي
ـ فتح المنان لعبد الواحد ابن عاشر بتحقيق دالهبطي
بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
محاضرة في علم الرسم القرآني
تحت عنوان
حذف الألف و وظائفه في
استنباط الأحكام والتفسيرو الإعجاز
مقدمــــــــــــــــــــــة
الرسم القرآني نور من الله أنزله الله على قلب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لهداية البشر من جهة ، وللانتفاع من أحكامه وتشريعاته وحكمه من جهة ثانية ،إذ هو الرائد للمسلمين وللبشرية ،فالقرآن الكريم هو بمثابة الروح للجسد ،وتستحيل الحياة بدونه ،وصدق الله العظيم إذ يقول ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلــــام ) سورة المائدة الآية 16
تحليل (بسم الله الرحمـــــــاـــــــــن الرحيم )
بسم الله اسم مشتق من السمو بمعنى الرفعة ،وحذفت الألف من بسم للإشارة إلى أن العبد في حاجة إلى التقرب إلى الله جل وعلا لأن كما هو معروف في الرسم القرآني أن الحذف من الكلمة يقرب العبد من الله جل وعلا فكلمة ( بسم ) معناها أن المسلم في حاجة إلى التقرب إلى خالقه سبحانه للاستعانة به وللمزيد من الإلحاح في الطلب ،وهذا بخلاف( باسم ) ربك فالألف هنا جاءت للمزيد من المساحة حتى يتسنى للعبد أن يكثر من رجاء الله سبحانه ،ومعنى ( الله ) الإله حذفت منه الهمزة لكثرة استعمال الاسم الشريف ،أما ( الرحمــــــاــــن ) فهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة التي هي للمومن والكافر ،وأما الرحيم فهو ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين .
حذف الألف وتعليله من كلمة ( الرحمــــاــــن )
حذف ألف اللفظة نزل مع القرآن العظيم وهو يحمل أسرارا من هذا الكون ،ويساعد من يتعاطى تفسير كتاب الله بنوعيه المجسم والمرتل ،ومن أسرار هذا الكنز المقدس ،إشارته إلى رحمة الله جل وعلا حيث قال ( وما أرسلنـــــاـــــك إلا رحمة للعــــــاـــــلمين ) سورة الأنبياء الآية 107 ،ويفيدنا البحث العلمي في هذا المجال أن صلة الرحم مشتقة من الرحمة و في هذا الصدد قال الخالق الأعظم ( خلقتك بيدي ،وقربتك مني وشققت لك اسما من اسمي ،وعزتي وجلالي لأصلن من وصلك و لأقطعن من قطعك ،إن رحمتي سبقت غضبي ) رواه الحكيم عن ابن عباس ،ومن رفع ألف ( الرحمــــــاـــــــن ) فوق اللفظة جاءت قدرة الله تتجلى في إعادة الموتى من قبورهم ،وقادر على إخراجهم منها ،وقادر على ضم الأرض إلى السماء ،و قادر على ضم السماء إلى الأرض وقادر أيضا على طي السماء كما يطوى الكتاب ،كل هذا راجع إلى هذه المساحة الكونية العظيمة التي تديرها قدرته جل وعلا كما قال ربنا الأعظم ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب ) سورة الأنبياء الآية 104 ومن إعجاز رفع الألف فوق أحرف الكلمة أنه يوحي إلينا أن الخالق تعالى لا يعلم بما يديره في كونه إلا هو جلت قدرته ،كما أن حذف الألف من كلمة ( الرحمـــــاــــــن ) جاء يكشف عن وحدانية الله جل وعلا وأنه ينفرد بهذا الكون دون سواه .
حذف الألف من لفظة (الإنســـــاـــــــن )
قال العلماء إن (الإنســـــاــــن يفسر بالنسيان ،وفي هذا الصدد قال العلامة ابن منظور عن ابن عباس (إنما سمي الإنسان إنسانا لأن الله عهد إلى آدم فنسي بدليل قوله جل وعلا ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجدله عزما ) سورة طه الآية 11 ،وبهذا المعنى قال الكوفيون أنه مشتق من النسيان ،وقد ذكر الله الإنسان في القرآن حيث قال ( إنا خلقنا الانســــــــــــــاــــــــن من نطفة أمشاج نبتليه فجعلنـــــــاـــــــه سميعا بصيرا ) سورة الإنسان الآية 2 وقال جل شأنه ( و لقد خلقنا الانســــــاــــــن من سلـــاـــــلــــة من طين ) سورة المومنون الآية 12 أما حذف الإلف من كلمة ( الإنســـــاـــــن ) فله عدة وجوه منها انفراد الله بالوحدانية والبقاء والدوام ومنها إظهار رحمته على عباده كلما تعدد الحذف من الكلمات ، ويشير حذف الألف من كلمة ( الإنســـــــاــــان ) أيضا إلى البقاء الدال على الحراسة التي تشد في هذه المساحات الرهيبة من ملكه العظيم الذي لا ساحل له ،وهكذا كلما تابعنا الرسم القرآني نجد الإنســـــاــــــن بحذف الألف أنه يشير إلى أنه يعتبر من أعقد المخلوقات على وجه الأرض ،فجسد هذا المخلوق العجيب يضم تريليونات الخلايا ،وكل خلية هي أشبه بجهاز كومبيوتر الذي لا نظير له في الدقة ،ومن الغريب أن هذه الخلايا تعمل بالتناسق والتناغم،بحيث لا يوجد فيها خلل أو اضطراب وهذا من رحمة الله بنا ،وكلما تطورهذا العلم الذي بين أيدي العلماء كشف لنا حقائق جديدة تثبت عظمة هذا القرآن الذي أنزله الله إلى أهل الأرض ليوحي إلينا أن ما في هذا الكون أتى يحمل الصدق ويطرد الكذب والبهتان عن هذا القرآن العظيم ،ومن جانب آخر إذا تأملنا في الرسم القرآني نجده معجزة ضخمة بحيث لا تنتهي عجائبه ،ومن هذه الغرائب حذف الألف ومنها إثباته ومنها الوصل كما في قوله جل وعلا ( بيسما خلفتموني من بعدي ) الواقعة بسورة الأعراف الآية 145 ،ومنها سلاسل من هذا النوع أيضا ،ومنها الإعجاز العددي الذي يدمر كل كلام جاء يقف في طريق هذا الإعجاز العظيم ،وكمثال على ذلك إن ( بسم الله الرحمــــاـــــــن الرحيم )تتألف من أربع كلمات ،وهي أول آية في القرآن الكريم ،وآخر آية من سورة الناس هي ( من الجنة والناس ) وهي تتألف من ثلاث كلمات وبجمع العدد الأول إلى العدد الثاني يصبح معنا سبع كلمات،وبقسمة هذا العدد على سبعة لم يبق منه شيء وهكذا نجد القرآن الكريم مسلحا بأسلحة فتاكة يدافع بها عن نفسه ومنها الإعجاز العددي الذي يقضي على سائر الأفكار المريضة التي يتعرض لها هذا القرآن الكريم إنه محروس برسمه ،ومحروس بنظمه وبإعجاز عدده وفي هذا الشأن قال الخالق تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحــــــاــــفظون ) سورة الحجر الآية 9 وحفظه يشمل الرسم التوقيفي وسائر الأسلحة الدفاعية المذكورة .
حذف الألف من قوله تعالى (والنجم والشجر يسجدان )
قال علماء التفسير ( النجم ) هنا هو ما بسط على الأرض وانتشر عليها ،وقال فرد من هؤلاء العلماء ( النجم ) هو نبات الأ رض ،أما ( الشجر) فقالوا في تفسيره هو كل شيء قام على ساق ،وقالوا المراد بالشجر هو شجر الأرض الذي يغطي بعضا منها قليلا كان أو كثيرا أما رأيي الخالي من هذه التأويلات فهو الشجر الذي ينبت على الأرض ويتغذى من ترابها وقال العلماء المشهور ـ والله أعلم ـ أن المراد بالنجم هو نجم السماء عند الإطلاق كما في قوله جل وعلا ( و النجم إذا هوى ) سورة النجم الآية رقم 1 وكما في قوله سبحانه ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) سورة الواقعة الآية 75 يقول العلماء ( أما كيفية السجود من النجم ومن الشجر هو الذي يعلمهما سبحانه وتعالى ) أما رأيي فهو يخالف قولهم بكل شجاعة واطمئنان فقول الحق جل وعلا ( و النجم والشجر يسجدان ) فحذف الألف هنا جاء يشير إلى السجود والخضوع والتذلل لكل من الكلمتين ( النجم والشجر ) و في قاموس العلم أن كل خلية من خلايا الشجر تصدر ترددات صوتية غير مسموعة ولو ترجمت هذه الترددات لعلمنا أنها تسبح لخالقها الأعظم وفي هذا الشأن يقول ربنا الكريم ( ألم تر أن الله يسجد له من في السمـــــاــــــوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب ) إلخ سورة الحج الآية 18 وبعد فها أ نت ترى أيها الأخ العزيز أن كل ما في الآية بما فيها ( النجوم والشجر ) كل ذلك يسبح للخالق العظيم ويتذلل له وبذلك لم يبق أي مجال للتأويل الفارغ والأفكار التي لا طائل تحتها فسامح الله علماءنا مع الدعاء لهم بالرحمة ،ومع هذا العلم فنجد أن كل النباتات تملك مركزا للتحكم الذي يوزع الأوامر على هذه المخلوقات النباتية ،وأن كل شجرة تتوفر على وسائل الدفاع عن نفسها ومعرفة الخطر وابتكار الوسائل لحماية أغصانها وأوراقها ،وما دامت هذه الوسائل التي تتمتع بها هذه النباتات فما المانع من قيامها بالتسبيح لخالقها العظيم ،ومن قدرة الله أنها تتمتع بجهاز المناعة كالإنسان تماما ، وبهذا تستطيع أن تتغلب على سائر الأمراض ومقاومتها ،وهي في نفس الوقت كائنات حية ومخلوقات تستطيع التوصل إلى معرفة خالقها بعقلها لممارسة تسبيحها للخالق الأعظم ( اللهم اغفر لنا وارحمنا وبارك لنا في عمرنا آمين ).
المصــــــــــــــادر والمراجع
1 ـ التواصل بين إعجاز الرسم التوقيفي والإعجاز العلمي وإعجاز الترتيل للدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي ص86
2 ـ كتاب التوحيد للأستاذ عبد المجيد ص 208
3 ـ الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم للدكتور سامح القليني ج2 ص121 4 ـ مزايا الرسم التوقيفي للدكتور طه عابدين ص21
5 ـ عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل للأستاذ أحمد المراكشي ص72
6 ـإعجاز رسم القرآن للأستاذ محمد شملول ص157
بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
محاضرة
في علم الرسم القرآني
تحت عنوان
(التاء المقبوضة والمفتوحة )
تمهيد
نزل الرسم التوقيفي من أجل تعليل هذا الكتاب الخالد ،وتوضيح ما يحتاج إلى تفسير وبدون تعليل هذا الرسم فإن مضامينه ستبقى غامضة دون فهم أوتبيين مثال ذلك يقول الخالق العظيم جل وعلا ( يخــــاــدعون الله والذين ءامنوا ) سورة البقرة الآية 8 هذه ألف المفاعلة يدخل فيها اليهود والمشركو ن ، فالمخادعة هنا وردت من الجانبين ،و مراد الله لا يتم إلا بهما معا ،فالكفار لما نقضوا العهد قام المومنون للرد على هؤلاء اليهود بكل قوة ،أما الكفار فجاء ردهم باطلا ،وهذا ما أطلق الله عليه بالمرض كما قال سبحانه ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) سورة البقرة الآية 10 وهكذا جاء رسم القرآن كمساعد قوي ومفسر عظيم لكتاب الله تعالى ،ولا أبالغ إذا قلت إن مفسر القرآن إذا لم يكن على اطلاع واسع بهذا العلم الجليل فإن تفسيره سيبقى غير مقنع .
الموضوع
إن الجنة إذا دخلها صاحبها وشاهد أشياء منها ولم يشاهد أشياء أخرى ،فهذه تمثلها التاء الربوطة ،فهي كإناء ترى بعض ما فيه ولكنك لا ترى البعض الآخر فالجنة فيها قصور ،ترى غرفا منها ولكنك لا ترى الغرف الأخرى ،أما صاحب الجنة من الدرجة العليا فصاحبها حينما يدخلها فإنه يرى كل شيءلأنها في قمة الجنان فهذه تمثلها التاء المفتوحة أو المبسوطة ،لأنها مبتسمة لكل من تمتع بها وذلك باعتبار أنها رحمة من الله لخلقه هذه الرحمة التي فتحت تاؤها في وجه سيدنا زكرياء الذي بشره الله بسيدنا يحيى عليه السلام في قول الحق جل شأنه ( بسم الله الرحمـــــاــن الرحيم كهيعص ذكر( رحمت ) ربك عبده زكرياء إذنادى ربه نداء خفيا ) سورة مريم الآية 2 وجاء ذكر الله بالنداء الخفي لأن جميع العباد كانوا يتوجهون إليه بهذا الدعاء السري وأفادنا العلماء بمقياس فيزيائي أطلقوا عليه ( دسبل ) وهورمز لصوت مثلا ( من 1 إلى 10 صوت لا يسمع مثل صوت النمل ومن ( 10 إلى 20 ) صوت يشرف على السمع ،ومقابله من القرآن الكريم ( الركز ) كما قال جل وعلا ( أو تسمع لهم ركزا ) سورة طه وفي حصة لاحقة سنعيش مع درس موسع إن شاء الله وبقيت الرحمة مقبوضة سنين طويلة حتى جاء خبر سار من السماء يحمل تبشيرا لسيدنا إبراهيم بازدياد مولود هو إسحاق عليه السلام فقال الله في هذا الشأن ( قالوا أتعجبن من أمر الله ،( رحمت ) الله وبركــــاـــته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) سورة هود الآية 73 فالرحمة هنا رسمت بتاء مبسوطة لأنها فتحت كبشرى لهذا النبي الكريم ،ومن العجيب أن عمره هذا كان قد بلغ 120 سنة وعمر زوجته كان قد جاوز 96 سنة ولا يخفى عن أحد أن ما للتضرع من مزايا وحكم بالغة ،لهذا فقد أمر الله عباده أن يتوجهوا إليه جل شأنه بالتقرب والتضرع والخوف منه لتحقق الاستجابة فقال الخالق جل وعلا ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا ،إن ( رحمت ) الله قريب من المحسنين ) سورة الأعراف الآية 56 يلاحظ هنا أن ( رحمة ) الله رسمت بالتاء المفتوحة التي وردت استجابة لعباده الذين خافوا منه وتقربوا إليه جل وعلا ،فرحمة الله أمر قريب من المحسنين ،ورحته سبحانه قريبة من عباده الصالحين ورسمت التاء مقبوضة أيضا لعدم نزول أمطار الرحمة ،وفي انتظارها كثر الرجاء والطمع حتى جاد الخالق على عباده برحمته المفتوحة وخيراته العظيمة بقوله ( فانظر إلى أثر( رحمت ) الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى ،وهو على كل شيء قدير ) سورة الروم الآية 50 وتبسط التاء أيضا في وجه العباد ما داموا يقومون بالأعمال الصالحة والتحركات المباركة النافعة ،فالله جل وعلا لا يبخل على الناس إذا توجهوا إليه بجهادهم ورجائهم منه جل شأنه أن يرحمهم بخيراته وفضله وفي هذا الشأن قال الحق سبحانه ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجـــــــــــاــــهدوا في سبيل الله أولـــــاـــــئك يرجون ( رحمت ) الله والله غفور رحيم ) سورة البقرة الآية 216 فهذه الكلمة الشريفة وردت مفتوحة كجزاء من الله على عباده الذين وهبوا حياتهم لإعلاء كلمة الحق وترسم التاء مبسوطة أيضا في كتابه العظيم إذا كانت بمعنى النبوة ،فالرسول الكريم هو نفسه رحمة كما قال سبحانه ( وما أرسلنــــاــــــك إلا رحمة للعــــاـلمين ) سورة الأنبياء الآية 107 فالرسول صلى الله عليه وسلم جاء رحمة للخلق دون استثناء ،فلم يبعث لمنطقة دون أخرى ،لهذا فتحت تاء هذه اللفظة ،وفي هذا الصدد قال الله سبحانه ( أهم يقسمون ( رحمت ) نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ،ورفعنا بعضهم فوق بعض درجــــاــت ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ،( و رحمت ) ربك خير مما يجمعون ) سورة الزخرف الآية 32
جانب التاءالمقبوضة
وترسم تاء ( رحمة ) مقبوضة إذا كانت مدخرة ومخزونة ،فهي رحمة واسعة ولكن الخالق جل وعلا وضعها في مكانها المعين إلى حين الحاجة إليها وهذا ما أشار إليه قوله جل وعلا ( قل لو أنتم تملكون خزائن ( رحمة ) ربي إذا لأمستكم خشية الانفاق ،وكان الإنســـــــاـــن قتورا ) سورة الإسراء الآية 100 و ترسم مقبوضة أيضا إذا وردت مدخرة ومخزونة عند الخالق سبحانه ،بدليل ( خزائن ) المشار إليها في نفس الآية ،فرحمة الله الواسعة احتضنتها لفظة ( خزائن ) و قررسبحانه أن تبقى مدخرة تحت عناية الخالق إلى وقت الحاجة إليهاورغم اتساع هذا الكون الفسيح ،فإن عباد الله لا يستفيدون من رحمته العامة إلا جزءا واحدا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( جعل الله الرحمة مائة جزء وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق ) رواه مسلم وغير ه ووردت كلمة ( رحمة ) بالتاء المقبوضة أيضا في قوله جل وعلا ( أم عندهم خزائن رحمةربك العزيز الوهاب ) سورة ص الآية 9 فهذه الكلمة جاءت تحمل إلينا فضائل الله في هذه الخزائن التي هي كنزمن كنوز الجنة المنتظرة ،وهي مخزونة في عالم الغيب حتى تفتح لأصحابها و قد رحمنا الخالق من جانب آخر أنه جل شأنه قررأن ترسم كلمة ( رحمة ) بالتاء المربوطة أيضا في قوله تعالى ( أمن هو قـــــــاــنت ءاناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو ( رحمة ) ربه ) سورة الزمر الآية 10 رسمت التاء بهذا الشكل ،لأن صاحبها كان مومنا قانتا لله ساجدا وقائما ،فجاءت مدخرة ومخزونة يراها من جاهد من أجل التمتع بها علما أن التاءالمقبوضة لا تفتح إلا إذا كان هناك دافع لفتحها كالرجاء والخوف وطلب البشرى من الله جل وعلا هذا إذا لم تكن مخزونة ،على أن الرسم القرآني نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم بدون نقط أو شكل مدة من الزمان فكلمة ( فتبينوا ) كانت مجردة عن كل نقط ،ولماجاء أهل القرآن ووضعوا النقط على الحروف أصبحت الكلمة تقرأ هكذا ( فتبينوا وتقرأ كذلك فتثبتوا ) وتستمر لفظة ( رحمة ) مقبوضة باعتبار أن أصحابها لم يخرجوا منها فهم فيها خالدون قال الحق جل وعلا ( وأما الذين ابيضت وجوههم ففي (رحمة ) الله هم فيها خــــــــــــلدون ) سورة آل عمران الآية 107 قال الدكتور الهبطي في هذا الشأن:
وتعليل رسم الله جاءنا حامــــــلا عجائـب في القرآن تبدوا كمــا ترى
وقد جاءنا للكشف عن كل حكمة تقرر أو تعطـــــي الطريق المؤثـرا
كما جاء في القرآن يبد و مساعدا لكل التباس في القراءة جـــــــاهرا
كلفظة لم تخضع لنقط برسمــها فتتلــــــــــى بوجــهين وتتلى بأكثرا
بقلم الشاعر الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
المصادر
التواصل بين إعجاز الرسم التوقيفي والإعجاز العلمي وإعجاز الترتيل للدكتور الهبطي
الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم ج3 للدكتور سامح القليني ص 241
مزايا الرسم القرآني وفوائده من إعداد الدكتور طه
محاضرة
في علم الرسم القرآني
تحت عنوان
(التاء المقبوضة والمفتوحة )
تمهيد
نزل الرسم التوقيفي من أجل تعليل هذا الكتاب الخالد ،وتوضيح ما يحتاج إلى تفسير وبدون تعليل هذا الرسم فإن مضامينه ستبقى غامضة دون فهم أوتبيين مثال ذلك يقول الخالق العظيم جل وعلا (يخــــاــدعون الله والذين ءامنوا ) سورة البقرة الآية 8 هذه ألف المفاعلة يدخل فيها اليهود والمشركو ن ، فالمخادعة هنا وردت من الجانبين ،و مراد الله لا يتم إلا بهما معا ،فالكفار لما نقضوا العهد قام المومنون للرد على هؤلاء اليهود بكل قوة ،أما الكفار فجاء ردهم باطلا ،وهذا ما أطلق الله عليه بالمرض كما قال سبحانه (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا )سورة البقرة الآية 10 وهكذا جاء رسم القرآن كمساعد قوي ومفسر عظيم لكتاب الله تعالى ،ولا أبالغ إذا قلت إن مفسر القرآن إذا لم يكن على اطلاع واسع بهذا العلم الجليل فإن تفسيره سيبقى غير مقنع.
الموضوع
إن الجنة إذا دخلها صاحبها وشاهد أشياء منها ولم يشاهد أشياء أخرى ،فهذه تمثلها التاء الربوطة ،فهي كإناء ترى بعض ما فيه ولكنك لا ترى البعض الآخر فالجنة فيها قصور ،ترى غرفا منها ولكنك لا ترى الغرف الأخرى ،أما صاحب الجنة من الدرجة العليا فصاحبها حينما يدخلها فإنه يرى كل شيءلأنها في قمة الجنان فهذه تمثلها التاء المفتوحة أو المبسوطة ،لأنها مبتسمة لكل من تمتع بها وذلك باعتبار أنها رحمة من الله لخلقه هذه الرحمة التي فتحت تاؤها في وجه سيدنا زكرياء الذي بشره الله بسيدنا يحيى عليه السلام في قول الحق جل شأنه (بسم الله الرحمـــــاــن الرحيم كهيعص ذكر( رحمت )ربك عبده زكرياء إذنادى ربه نداء خفيا ) سورة مريم الآية 2 وجاء ذكر الله بالنداء الخفي لأن جميع العباد كانوا يتوجهون إليه بهذا الدعاء السري وأفادنا العلماء بمقياس فيزيائي أطلقوا عليه (دسبل )وهورمز لصوت مثلا (من 1 إلى 10 صوت لا يسمع مثل صوت النمل ومن (10 إلى 20 ) صوت يشرف على السمع ،ومقابله من القرآن الكريم (الركز )كما قال جل وعلا (أو تسمع لهم ركزا )سورة طه وفي حصة لاحقة سنعيش مع درس موسع إن شاء الله وبقيت الرحمة مقبوضة سنين طويلة حتى جاء خبر سار من السماء يحمل تبشيرا لسيدنا إبراهيم بازدياد مولود هو إسحاق عليه السلام فقال الله في هذا الشأن (قالوا أتعجبن من أمر الله ،(رحمت ) الله وبركــــاـــته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد )سورة هود الآية 73 فالرحمة هنا رسمت بتاء مبسوطة لأنها فتحت كبشرى لهذا النبي الكريم ،ومن العجيب أن عمره هذا كان قد بلغ 120 سنة وعمر زوجته كان قد جاوز 96 سنة ولا يخفى عن أحد أن ما للتضرع من مزايا وحكم بالغة ،لهذا فقد أمر الله عباده أن يتوجهوا إليه جل شأنه بالتقرب والتضرع والخوف منه لتحقق الاستجابة فقال الخالق جل وعلا (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا ،إن (رحمت) الله قريب من المحسنين )سورة الأعراف الآية 56 يلاحظ هنا أن ( رحمة )الله رسمت بالتاء المفتوحة التي وردت استجابة لعباده الذين خافوا منه وتقربوا إليه جل وعلا ،فرحمة الله أمر قريب من المحسنين ،ورحته سبحانه قريبة من عباده الصالحين ورسمت التاء مقبوضة أيضا لعدم نزول أمطار الرحمة ،وفي انتظارها كثر الرجاء والطمع حتى جاد الخالق على عباده برحمته المفتوحة وخيراته العظيمة بقوله (فانظر إلى أثر( رحمت ) الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى ،وهو على كل شيء قدير )سورة الروم الآية 50 وتبسط التاء أيضا في وجه العباد ما داموا يقومون بالأعمال الصالحة والتحركات المباركة النافعة ،فالله جل وعلا لا يبخل على الناس إذا توجهوا إليه بجهادهم ورجائهم منه جل شأنه أن يرحمهم بخيراته وفضله وفي هذا الشأن قال الحق سبحانه (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجـــــــــــاــــهدوا في سبيل الله أولـــــاـــــئك يرجون (رحمت ) الله والله غفور رحيم ) سورة البقرة الآية 216 فهذه الكلمة الشريفة وردت مفتوحة كجزاء من الله على عباده الذين وهبوا حياتهم لإعلاء كلمة الحق وترسم التاء مبسوطة أيضا في كتابه العظيم إذا كانت بمعنى النبوة ،فالرسول الكريم هو نفسه رحمة كما قال سبحانه (وما أرسلنــــاــــــك إلا رحمة للعــــاـلمين( سورة الأنبياء الآية 107 فالرسول صلى الله عليه وسلم جاء رحمة للخلق دون استثناء ،فلم يبعث لمنطقة دون أخرى ،لهذا فتحت تاء هذه اللفظة ،وفي هذا الصدد قال الله سبحانه (أهم يقسمون (رحمت )نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ،ورفعنا بعضهم فوق بعض درجــــاــت ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ،(ورحمت) ربك خير مما يجمعون ) سورة الزخرف الآية 32
جانب التاءالمقبوضة
وترسم تاء (رحمة)مقبوضة إذا كانت مدخرة ومخزونة ،فهي رحمة واسعة ولكن الخالق جل وعلا وضعها في مكانها المعين إلى حين الحاجة إليها وهذا ما أشار إليه قوله جل وعلا (قل لو أنتم تملكون خزائن (رحمة )ربي إذا لأمستكم خشية الانفاق ،وكان الإنســـــــاـــن قتورا )سورة الإسراء الآية 100 وترسم مقبوضة أيضا إذا وردت مدخرة ومخزونة عند الخالق سبحانه ،بدليل (خزائن )المشار إليها في نفس الآية ،فرحمة الله الواسعة احتضنتها لفظة (خزائن )و قررسبحانه أن تبقى مدخرة تحت عناية الخالق إلى وقت الحاجة إليهاورغم اتساع هذا الكون الفسيح ،فإن عباد الله لا يستفيدون من رحمته العامة إلا جزءا واحدا قال النبي صلى الله عليه وسلم (جعل الله الرحمة مائة جزء وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق رواه مسلم وغير ه ووردت كلمة (رحمة) بالتاء المقبوضة أيضا في قوله جل وعلا (أم عندهم خزائن رحمةربك العزيز الوهاب )سورة ص الآية 9 فهذه الكلمة جاءت تحمل إلينا فضائل الله في هذه الخزائن التي هي كنزمن كنوز الجنة المنتظرة ،وهي مخزونة في عالم الغيب حتى تفتح لأصحابها و قد رحمنا الخالق من جانب آخر أنه جل شأنه قررأن ترسم كلمة (رحمة) بالتاء المربوطة أيضا في قوله تعالى (أمن هو قـــــــاــنت ءاناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو (رحمة ) ربه سورة الزمر الآية 10 رسمت التاء بهذا الشكل ،لأن صاحبها كان مومنا قانتا لله ساجدا وقائما ،فجاءت مدخرة ومخزونة يراها من جاهد من أجل التمتع بها علما أن التاءالمقبوضة لا تفتح إلا إذا كان هناك دافع لفتحها كالرجاء والخوف وطلب البشرى من الله جل وعلا هذا إذا لم تكن مخزونة ،على أن الرسم القرآني نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم بدون نقط أو شكل مدة من الزمان فكلمة (فتبينوا ) كانت مجردة عن كل نقط ،ولماجاء أهل القرآن ووضعوا النقط على الحروف أصبحت الكلمة تقرأ هكذا (فتبينوا وتقرأ كذلك فتثبتوا) وتستمر لفظة (رحمة ) مقبوضة باعتبار أن أصحابها لم يخرجوا منها فهم فيها خالدون قال الحق جل وعلا (وأما الذين ابيضت وجوههم ففي( رحمة ) الله هم فيها خــــــاــــــلدون ) سورة آل عمران الآية 107 .
قال الدكتور الهبطي في هذا الشأن
وتعليل رسم الله جاءنا حامــــــلا عجائب في القرآن تبدوا كما ترى
وقد جاءنا للكشف عن كل حكمـة تقرر أو تعطــي الطريق المؤثـرا
كما جاء في القرآن يبد و مساعدا لكل التباس في القراءة جـــاهرا
كلفظة لم تخضع لنقط برسمــــها فتتلـــــــى بوجهين وتتلى بأكثرا
المصــــــــــــــــــادر
التواصل بين إعجاز الرسم التوقيفي والإعجاز العلمي وإعجاز الترتيل للدكتور الهبطي
الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم ج 3 للدكتور سامح القليني ص 241
مزايا الرسم القرآني وفوائده من إعداد الدكتور طه
بقلم الشاعر الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي