العبادات

محاضرة تحت عنوان

شعيرة الصوم وعبقرية محمد

 

 

 

قال الحق جل جلاله ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) تقرر هذه الآية الكريمة أن الصيام لم يكتب على المسلمين فحسب ،بل كتب كذلك على الذين من قبلهم من قبلهم ومن أنواع ما يكون إمساكا عن الأكل والشرب والاتصال الجنسي والعمل والكلام ولعل الامتناع عن الكلام هو أغرب أنواع الصيام جميعها و لكنه مع غرابته يعتبر مقررا في كثير من الديانات فقد جاء مقررا في الديانة اليهودية بدليل قوله تعالى حاكيا ما قاله عيسى وهو في المهد لأمه جاء في ها الشأن ( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) فكان صيامها يتمثل إذن في مجرد الإمساك من الكلام ولذلك اقتصرت مع قومها على لغة الإشارة وهذا ما أتت به قومها تحمله ( قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا اأ خت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا )أي أنها لم تتكلم محافظة على صومها ،واكتفت بأن أشارت ‘ إلى قومها أن يتفاهموا مع وليدها ،وكانت ديانة مريم وفومها حينئذ هي الديانة اليهودية وهذا النوع من الصوم وهو الصمت عن الكلام مقررا كذلك في الديانة المسيحية فطائفة الكاثوليك تعتبره فرضا على رجال الدين في بعض الأحوال ومستحبا لمن عداهم وكانت فرقة يطلق عليها (الترابيست) من أشد فرق الكاثوليك التزاما لهذا النوع من الصوم حتى لقد فرضته على أتباعها مدى الحياة فكانوا يعتزلون العالم في مهاجر يقيمون صائمين صامتين عن الكلام حتى الموت وقد أنشئت هذه الفرقة حوالي القرن الثاني عشر وظلت قائمة حتى القرن التاسع عشر الميلادي وقد عرف العرب في جاهليتهم هذا النوع من الصوم ومارسوه وكان يطلق عليه عندهم اسم   (الضرس ) بفتح الضاد وسكون الراء وتقول المعجمات العربية في شرح هذه الكلمة إنه صمت يوم إلى الليل وقد كان من أشد عشائر العرب محافظة على هذا النوع من الصوم عشائر الحمس وهي عشائر من قريش وكنانة وجديلة ومن تابعهم على ملتهم في الجاهلية وقد ظل بعض أفراد من عشائر الحمس يمارسون هذا النوع من الصوم حتى بعد الإسلام ،فقد روى البخاري في صحيحه في باب أيام الجاهلية أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه أنه دخل مرة على امرأة من الحمس يقال لها زينب فوجدها لا تتكلم ولما سأل عنها قيل له إنها حجت مصمتة أي حجت وهي صائمة عن الكلام ولم تنته بعد صيامها فقال لها تكلمي إن هذا  عمل لا يصح هذا من عمل الجاهلية وقد اعتمد العلامة قدامة الحنبلي في كتابه المغني على هذا الحديث فقرر أن الإسلام يحرم هذا النوع من الصيام وهو صيام الصمت وعشائر الحمس التي كانت التي كانت من أشد عشائر العرب محافظة على هذا النوع من الصوم وكانت لها بجانب ذلك طقوس دينية غريبة يمتازون بها عمن عداهم من العرب هذا ومن أغرب أنواع الصيام التي كانت منتشرة عندهم صيامهم الامتناع عن الأعمال جميعها أو معظمها أو بعضها وهذا النوع من الصيام مع غرابته مقرر كذلك في كثير من الديانات وخاصة في الديانات البرهيمية والجنية والبوذية ومعظم أنواع الصيام تقتضي القطع عن المأكولات والمشروبات وهي في ذلك تنقسم قسمين فمنها المطلق الذي لا يتحقق إلا بالامتناع عن بعض أنواع المأكولات والمشروبات دون بعض ويدخل في النوع المقيد ومن أنوع الصيام ما يعرف عند المسلمين بصوم رمضان وقد يرتبط الصيام في بعض الديانات بطقوس غريبة فمن ذلك ما يفعله اليهود إذ يلتزمون وهم واقفون في الشمس فقد روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قام يخطب الناس فرأى رجلا واقفا في الشمس من دون الناس أجمعين ولما سأل عنه قيل له هذا أبو إسرائيل يؤدي صومه صامتا واقفا في الشمس فلا يتكلم ولا يقعد ولا يستظل .

 

 

أجود الأجواد :

 

عن أنس رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ألا أخبركم عن أجود الأجواد قالوا بلى يا رسول الله قال (الله أجود الأجواد وأنا أجود ولد آدم وأجودهم بعدي رجل علم علما فنشره فهذا يبعث يوم القيامة أمة وحده ورجل جاد بنفسه في سبيل الله حتى قتل )

 

 

سيد الخلق :

 

 

الرسو ل عليه السلام يعتبر قمة في الكرم والجود ويعتبر أيضا قمة في السخاء وأكثر في شهر رمضان والرسول هو عجيبة من عجائب الكون وهو رسول يتلقى الوحي من السماء ليريط الأرض بالسماء بأعظم رباط وأشرف صلة والرسول صلى الله عليه رجل سياسة يقيم للإسلام دولة من فتات متناثر وسط صحراء تموج بالكفر موجا فإذا هي بناء شامخ لا يطاوله بناء في فترة لا تساوي في حساب الزمن شيئا على الإطلاق والرسول العبقري العظيم رجل حرب يضع الخطط ويقود الجيوش بنفسه بل إذا حمي الوطيس واشتدت المعارك وفر الأبطال والشجعان وقف على ظهر دابته لينادي على الجميع بأعلى صوته (يقول أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)والنبي العظيم رب أسرة تحتاج إ لى كثير من نفقات الوقت والفكر والتربية والني العظيم رجل إنساني من طراز فريد خلقه الله ليمسح دموع البائسين والنبي العظيم رجل عبادة قام بين يدي الله حتى تورمت قدماه فلما قيل له ( أو لا يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال قولته الجميلة (أفلا أكون عبدا شكورا ) والنبي العظيم رجل دعوة أخذت عرقه ووقته وفكره وروحه قال له ربه (يــا أيها المدثر قم فأنذر)فقام الحبيب ولم يذق طعم الراحة حتى لقي ربه جل علاه وأختم قولي هذا بكلام رجل مفكر غربي يدعى (ستوبارت ) قال هذا العالم ( إنه لا يوجد مثال واحد في التاريخ الإنساني بأكمله يقارب شخصية محمد ) وقال عالم آخرجاءنا باسم مدهش (هو برنار د شو الفيلسوف الإنكليزي المشهور (لقد كان دين محمد موضع تقدير سام لما ينطوي عليه من حيوية مدهشة ،وإ نه الدين الوحيد الذي له ملكة الهضم لأطوار الحياة المختلفة وأرى واجبا أن يدعى محمد منقذ ا لإنسانية وأن رجلا كشاكلته إ ذا تولى زعامة العالم الحديث لنجح في حل مشكلاته و هذا هرقل الروم يجيب على رسا لة محمد العظيم قائلا ( من هرقل الروم إ لى أحمد الذي بشر به عيسى إنه قد جاءني كتابك مع رسولك وإني أشهد أنك رسول الله أجدك عندنا في الإنجيل وبشر بك عيسى بن مريم ودعوت الروم أن يومنوا بك ولو أطعوني لكان خيرا لهم وددت أن أكون عندك لأخدمك وأغسل يديك ) وهذا عالم آخر تأثر جدا بالقرآن ورمى ثيابه على قلوب المومنين هذا العالم اسمه الكونت دي كاستري قال (شعرت بأن قلبي ينكسر بين أضلعي وارتعشت مني العظام وذلك عند ما سمعت ( صوت الله وأقوله المقدسة )

 

 

المراجع

 

 

ـ الدروس الحسنية   وزرة الأوقاف والشؤون الإسلامية     الصيام في الإسلام والشرائع السابقة ص 267

ــ التاريخ العام   للأستا ذ سعد زغلول ص19

ــ روح الصيام للدكتور عبد العزيز مصطفى ص صيامك في رمضان ص 13

 

 

 

(ربنا لا تواخذنا إن نسينا أ و أخطأنا )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كيفية صلاة العيدين

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه

 

 

 

 

أما بعد أخي المسلم وصديقي المومن اعلم أن صلاة العيد ركعتان ويدخل وقتها بعد ارتفاع الشمس قدر رمح وحدده العلماء بزوال حمرتها وينتهي وقتها بزوال الشمس ،وأما هيئتها فيكبر في الركعة الأولى سبعا من غير تكبيرة الإحرام ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة الأعلى أو سورة (ق )وفي الركعة الثانية يكبر خمسا ويقرأ بسورة الغاشية أو بسورة القمر وبعد الصلاة يخطب الإمام خطبة يذكر فيها الناس ويعظهم والدليل على ذلك ما روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدي رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى أول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقول مقابل الناس ،والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم ,إن كان يريد أن يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف بقراءة هذه المفاتيح النورانية الصحية التي تدفعك إلى عالم القوة والحيوية والنشاط واعلم أنك مع توكلك على الله فإنك ستجد راحة في جسمك وصيانة في بدن جسمك مع الزيادة في القدرة على التركيز وفي نفس الوقت لا شك أن سعادتك فهي ظاهرة بقراءة القران وبترتيل كلام الخالق جل علاه وأشير هنا إ لى أن التوتر العصبي فهو تحت الانفتاح والبشاشة والضحك والسرور وتباد ل الأفكار المشرقة النيرة التي تقوى بالانشراح والسعادة أما الوقاية فهي تابعة

 

 

 

عيد الأضحى والرسول العظيم حاضرفي قلوب المصلين وحبيب الله موجود في ضمائر المعجبين وقائد الخلق يهيمن بدعواته على الراكعين الساجدين إنه رسول الله عجيبة من عجائب الكون وآية من آياته ،وهو رسول يتلقى الوحي من السماء ليربط الأرض بالسماء بأعظم رباط وأشرف صلة إن رسول الله رجل سياسة يقيم للإسلام دولة من فتات متناثر وسط صحراء تموج بالكفر موجا فإذا هي بناء شامخ لا يطاوله بناء في فترة لا تساوي في حساب الزمن شيئا على الإطلاق والرسول صلى الله عليه وسلم وهو رجل حرب يضع الخطط ويقود الجيوش بنفسه والرسول الكريم رب أسرة تحتاج إلى كثير من نفقات الوقت والفكر والتربية والنبي صلى الله عليه وسلم رجل إنساني من طراز فريد كأنه ما خلق إلا ليمسح دموع البائسين وليذهب آلام البائسين والرسول الكريم رجل عبادة قام بين يدي الله حتى تورمت قدماه فلما قيل له (أولم يغفر الله لك ما تقدم من ذ نبك وما تأخر قال قولته الجميلة ( أفلا أكون عبدا شكورا ) والرسول الحبيب رجل دعوة أخذت عرقه ووقته وفكره وروحه وفي هذا الشأن قال له ربه ( يا أيها المدثر قم فأنذر ) المدثر 21 فقام ولم يذق طعم الراحة حتى لقي ربه جل علاه فالرسول العظيم ما تعلقت به قلوب أصحابه إلا لأنه قدوة لسائر الخلق يود راية التضحية والفداء وفي كل ذلك كنت عظيما في الصبر والإنسانية كنت حبيا للفقراء كنت تحب وتبكي للباكين عليك فصلى الله عليك يامن قلت أنا أجود الأجودين وأجودهم من علم علما فنشره فكنت أمة للخلق.

 

 

 

سامحني ياكريم وسامح من تكرم علي وعلى أولادي بالخير المتواصل آمين يارب العالمين وإذا نظرنا إلى قلوب أهل الكتاب وجدنا أن السم يعشش في قلوبهم ويبني الأحقاد ضمائرهم فقد عرف هذا جنكزخا ن الصيني كان شديد التعذيب للجيش فقدقتل 18 مليون في الصين وحدها طمعا في حمل لقب البطولة والشجاعة والهدف هو إضعاف إرادة عدوه لتشجيع أفراد قبائله وهذا المريشال كيتال عذب أسراه بالحديد والنار ،وهذا ديغول الفرنسي كان مع جيشه سريع الغضب وتعذيب المعارضين وهذا أ لان بروك كان قائد الجيش البريطاني في الحرب الهتليريةكان سريع الغضب يثور بسرعة،وعندما يهاجم الجنود بأقواله كان يترك فيهم أثرا وحشيا غبر أن النبي الحبيب كان على العكس من ذلك فكان أبعد الناس للإبرياء وكان أقرب الناس رحمة بهم والعفو عنهم فكان صلى الله عليه وسلم رغم جهاده النفسي في تربية المؤمنين ومعاناته في تلقي الوحي من رب العالمين وصبره على استفزاز المعارضين في مكة طيلة ثلاث عشرة سنة ورغم قيادته المباشرة وغبر المباشرة لمجموعة ضخمة من المعارك والسرايا ومتاعبه المستمرة في تنظيم هيكل الدولة الإسلامية كل هذا لم يفارق عمله بل فضله على راحته وعلى القيام بجولة سياسية أو نزهة استجماميه أو غير ذلك ومع هذا كله كان مثاليا في البطولة والشجاعة .

 

 

 

المراجـــــــــــــــــــــــــــــــــع

 

 

 

1 منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري

 

2 الإنسان بعد الموت للعلامة علي حسن ص 50

 

3 درة الناصحين في الوعظ والإرشاد للأستاذ عثمان

 

4 نهاية العالم للدكتور محمد العريفي ص 87

 

=================================================================================

 

 

بقلم الباحث دعبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

 

 

الحج والعمرة والحكمة فيهما

 

 

1ــ حكمهما

 

 

الحج فريضة على كل مسلم ومسلمة لمن استطاع إليه سبيلا قال جل علاه (ولله على الناس حج البت إليه سبيلا )سورة آل عمران الآية 97 وأضاف الرسول الكريم قائلا (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ،وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ) وقد فرض مرة واحدة في العمر لقوله صلى الله عليه وسلم ( الحج مرة فمن زاد فهو تطوع )غير أنه يستحب تكراره كل خمسة أعوام أما العمرة فهي سنة واجبة لقوله جل شأنه (وأتموا الحج والعمرة لله )سورة البقرة 196 وقوله صلى الله عليه وسلم (حج عن أبيك واعتمر )لمن سأله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن ) معنى الظعن الرحلة والانتقال من مكان إلى آخر وحكمتها في الحج والعمرة تطهير النفس من آثار الذنوب لتصبح أهلا لكرامة الله تعالى في   الدار الأخرة لقوله صلى الله عليه وسلم (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه )رواه الإمام أحمد .

 

 

شروط وجـــــــوب الـــــــــحج

 

 

يشترط لوجوب الحج والعمرة على المسلم الشروط الآتية

 

 

1ــ الإسلام فلا يطالب غير المسلم بحج ولا عمرة ولا بغيرهما من أنواع العبادات إذ الإيمان شرط في صحة الأعمال وقبولها

2 العقل إذ لا تكليف على المجانين

3ــ البلوغ إذ لا تكليف على الصبي حتى يبلغ لقوله صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم

-4الاستطاعة وهي الزاد والراحلة لقوله جل علاه (من استطاع إليه سبيلا( سورة آل عمران الآية 97 فالفقير الذي لا مال لديه ينفقه على نفسه أثناء حجه وعلى عياله إن كان له عيال حين يتركهم وراءه لا يجب عليه حج ولا عمرة وكذا من وجد مالا لنفقته ونفقة عياله ولكن لم يجدعلى ما يركبه وهو لا يقوى على المشي أو وجد ولكن الطريق غير مأمون بحيث يخاف فيه على نفسه أ وماله فإنه لا يجب عليه الحج ولا العمرة لعدم استطاعته.

 

 

العمرة سنة مؤكدة تنيرطريق الحق

 

 

العمرة

 

تطرح العمرة وهي سنة مؤكدة أفادنا بها سيد الخلق وهي زيارة الكعبة والطواف حولها والسعي بين الصفا والمروة وغير ذلك من الأعمال قال قائد الخلق وسيد البشر (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما (

 

أعمال العمرة

 

 

وهي الإحرام والطواف والسعي بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير والترتيب ويشترط ويندب لكل ركن من هذه الأركان ما يشترط ويندب لنظيره في الحج وميقات الإحرام هو ميقات الحج وتجوز العمرة في أي وقت من أوقات السنة ،ومن أفضل أوقاتها شهر رمضان قال القائد الهادي الكريم (عمرة في رمضان تعدل حجة ) متفق عليه ويباح في العمرة ما يباح في الحج ويحظر فيها ما يحظرفيه وتفسد العمرة بما يفسد به الحج في الأمور المشتركة بينهما صفة العمرة إذا وصلت إلى الميقات فاغتسل وتطيب إذا تيسر لك ذلك ثم البس ثياب الإحرام إزارا ورداء والأفضل أن يكونا أبيضين والمرأة تلبس ما تشاء من الثياب غير متبرجة بزينة ثم تنوي الإحرام بالعمرة وتقول (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك )فإذا وصلت إلى مكة فطف بالكعبة سبعة أشواط تبتدئ من الحجر الأسود مكبرا وتنتهي إليه وتذكر الله ثم تصلي خلف مقام إبراهيم إن تيسر وإلا ففي أي مكان من المسجد ثم اخرج إلى الصفاواصعد عليه مستقبلا الكعبة واحمد الله وكبر ثلاثا

رافعا يديك وادع الله ثم انزل فاسع سعي العمرة سبع مرات تسرع في سعيك بين العلمين الأخضرين وتمشي المشي المعتاد قبلهما وبعدهما ثم تصعد على المروة وتحمد الله زيارة المدينة والمسجد النبوي الشريف .

يستحب للحاج أن يزور مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فالمسجد النبوي من أشرف بقاع الأرض قال صلى الله عليه وسلم ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام )متفق عليه وآداب زيارة المسجد النبوي هي :

 

1 الاغتسال قبل دخول المدينة ولبس أنظف الثياب 2 يدخل برجله اليمنى ويقول ( أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم بسم الله اللهم صل على محمد وآله وسلم اللهم اغفرلي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك )3 أن يصلي في الروضة الشريفة ( ما بين المنبر وقبر النبي صلى الله عليه وسلم ) تحية المسجد فإن لم يتيسر له ذلك صلى في أي مكان بالمسجد 4 يذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول بأدب وخفض صوت السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يتحول قليلا إلى اليمين ليقف أمام قبر أبي بكر رضي الله عنه فيسلم عليه ويدعو له بالمغفرة والرحمة ثم يتحول قليلا مرة أخرى إلى اليمين ليقف أمام قبر عمر رضي الله عنه فيسلم عليه ويدعو له بالمغفرة والرحمة 5 أن يتجنب الزائر التمسح بالقبر ورفع الصوت 6 و يستحب للحاج أن يزور البقيع ويسلم على الصحابة الكرام والشهداء ويدعو بما كان يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند زيارة القبور قائلا (السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إنشاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية رواه الإمام أحمد .

 

 

( ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا آمين )

 

المراجع

 

 

1- العبادات موسوعة الأسرة المسلمة ص 187

2- ثقافة الحج عبادة وأخلا ق فن وانضباط ص 47

3- منهاج المسلم للأستاذ أبي بكر 233

4- درة الناصحين

 

 

بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي

  

================================================================================

 

الحج نور والمتأمل في أسراره مكرم مأجور

 

 

 

1 الحج في اللغة القصد وفي الشرع التعبد لله بأداء المناسك في مكان مخصوص في وقت مخصوص على ما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 

2 حكم الحج وفضله

 

 

ـ حكم الحج

 

 

ـ الحج أحد أركان الإسلام وفروضه العظام لقوله صلى الله عليه وسلم (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ،ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )سورة آل عمران الآية 97ونفس الموضوع يقول الحق جل علاه (وأتموا الحج والعمرة لله )سورة البقرة الآية 196 وجاء الحديث يتمم ما يتعلق بالسياق (بني الإسلام على خمس )وقد أجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع مرة واحدة في العمر.

 

فضله ورد في فضل الحج أحاديث كثيرة منها

 

حديث أبي هريرة رضي الله عنه (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) أخرجه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)أخرجه البخاري

 

ــ هل بجب الحج في العمر أكثر من مرة

 

لا يجب الحجفي العمر إلا مرة واحدة وما زاد على ذلك فهو تطوع لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا)فقال رجل أكل عام الله يا رسول الله؟ فقال (لو قلت نعم لوجبت ،ولما استطعتم )ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلاحجة واحدة ،وقد أجمع العلماء على أن الحج لا يجب على المستطيع إلا مرة واحدة ،وعليه أن يبادر بأدائه إذا تحققت شروطه ،ويأثم بتأخيره لغير عذر لقوله صلى الله عليه وسلم ( تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ) رواه أحمد وفي الحديث ( من استطاع الحج فلم يحج فليمت إن شاء يهوديا ،وإن نصرانيا ) أنظر نيل الأوطار .

 

 

ــ شروط الحـــــــــــج

 

 

يشترط لوجوب الحج خمسة شروط

 

 

1ــ الإسلام فلا يجب الحج على الكافر ولا يصح منه لأن الإسلام شرط في حال جنونه 2 العقل شرط للتكليف والمجنون ليس من أهل التكليف، ومرفوع عنه القلم حتى يفيق كما في حديث على رضي الله عنه قال ( رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق) رواه أبو داود

 

3- البلوغ فلا يجب الحج على الصبي لأنه ليس من أهل التكليف ومرفوع عنه القلم حتى يبلغ جاء في هذا الشأن رفع القلم عن ثلاثة، لكن لو حج فحجه صحيح، وينوي له وليه إذا لم يكن مميزا، ولا يكفيه عن حجة الإسلام كما بين ذلك أهل العلم لما رواه ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة رفعت صبيا فقالت يا رسول الله ألهذا حج؟ قال (نعم ولك أجر) رواه مسلم ولقوله صلى الله عليه وسلم ( أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى) رواه الشافعي في مسنده والبيهقي.

 

4- الحرية فلا يجب الحج على العبد لأنه مملوك لا يملك شيئا لكن لو حج صح حجه إن كان بإذن سيده وقد أجمع أهل العلم على أن المملوك إذا حج في حال رقه ثم أعتق فعليه حجة الإسلام إذا وجد إلى ذلك سبيلا ولا يجزئ عنه ما حج في حال رقه لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الماضي ذكره ( وأيما عبد ثم عتق فعليه حجة أخرى.

 

5-الاستطاعةلقوله صلى الله عليه وسلم ( و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) سورة آل عمران الآية 97 فغير المستطيع ماليا بأن كان لا يملك زادا يكفيه ويكفي من يعوله أو كان لا يملك راحلة توصله إلى مكة وترده أو بدنيا بأن كان شيخا كبيرا أو مريضا لا يتمكن من الركوب وتحمل مشاق السفر أو كان الطريق إلى الحج غير آمن كان به قطاع طرق أو وباء أو غير ذلك مما يخاف الحاج معه على نفسه وماله فإنه لا يجب عليه الحج حتى يستطيع وقد قال تعالى ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) سورة البقرة الآية 286 والاستطاعة من الوسع الذي ذكره الله ومن وجود الاستطاعة في حج المرأة وجود الذي يرافقها في سفر الحج لأنه لا يجوز لها السفر للحج ولا لغيره بدون محرم لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة تومن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إ لا ومعها أبوها أو ابنها أ وزوجها أو أخوها أو ذو محرم منها ) رواه مسلم ولقوله صلى الله عليه وسلم الذي قال ( إن امراتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا ( انطلق فحج معها ) فإذا حجت بدون محرم فحجها صحيح وتكون آثمة.

 

 

 

أركـــــان الحــــــــــــج

 

1ــ أركان الحج

 

ـ الإحرام

 

وهو نية الدخول في نسك الحج أو العمرة أوهما معا والأنساكثلاثة أنواع

 

ــ القران وهو أن يحرم المسلم من ميقاته بالحج والعمرة معا ويقول عند التلبية لبيك بحج وعمرة

 

ــ التمتع وهو أن يعتمر المسلم في أشهر الحج أولا ثم يتحلل منها ثم يحرم بالحج ويحج قبل أن يعود إلى بلده في عامه ذلك الذي اعتمر فيه

 

ــ الإفراد وهو أن يحرم المسلم من ميثاقه بالحج وحده ويقول في التلبية (لبيك بحج ) ولا يجوز لأهل الحرم أن يحرموا إحرام قران أو تمتع وأفضل الثلاثة التمتع ثم الإفراد ثم القران.

 

 

آداب الإحــــــــــــــــــــــرام

 

 

للإحــــــــــــرام آداب منها

 

 

   1الغسل يستحب لمن نوى الإحرام أن يغتسل غسلا للنظافة

 

   2قص شعر الرأس وقص الشارب وحلق العانة والإبط وقص الأظافر

 

3عدم لبس المخيط وذلك للذكر ويلبس ملابس الإحرام وهما الرداء ولإزار والرداء يكون على الظهر والصدر والكتفين والإزار يغطى من السرة إلى الركبة وإحرام المرأة في وجهها ،فلا تغطيه وعليها أن تستر وجهها عند مرور الرجال.

 

4التطيب في البدن قبل الإحرام

 

5التلبية وتبدأعقب الصلاة أو بعد ما يستوي على راحلته ويجدد التلبية عند كل هبوط وصعود ويستمر في التلبية حتى يبدأ الرمي لجمرة العقبة يوم العيد فعندها تنقطع التلبية

 

 

ما يباح للمحرم

 

 

1الاغتسال وتغيير الرداء والإزار ،ويجوز للمرأة أن تفك ضفائرها وتمتشط إذا لم يترتب على ذلك سقوط شيء مما في رأسها كالشعر مثلا

 

2 أن تلبس المرأة الخفين

 

3 أن يستظل المحرم بمظلة أو خيمة أو سقف

 

4 قتل ما يِؤذي الإنسان قال صلى الله عليه وسلم (خمس من الدواب من قتلهن وهو محرم فلا جناح عليه العقرب والفأرة والكلب العقور والغراب والحدأة) متفـق عليه يتبع

 

 

 

(ربنا أفرغ علينا صبرا ) (ربنا لا تواخذ نا إن نسينا أو أخطأنا )

 

 

 

المراجــــــــــــــــــــــــع

 

 

 

الفقه الميسر ـ إعداد نخبة من العلماء ص162

 

ـ درة الناصحين في الوعظ والإرشاد للإستاد عثمان بن حسن ص 304

 

ـ منهاج المسلم للأستاذ أبو بكر ص225

 

العبادات موسوعة الأسرة المسلمة 170

 

 

 

بقلم د الهبطي الادريسي عبد السلام

 

 

 

فكم من ســـليم مات من غير علة     وكم من سقيم عاش حينا من الدهر

    ================================================================

محاضرة تحت عنوان

ليلة القدر ليلة الرحمة والعطف والمحبة والسلام

 

 

 

قال الخالق العظيم ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ،وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ) سورة القدر .لماذا سميت هذه الليلة ، بليلة القدر ؟ ( ج )   إن هذا الكلام الرباني الذي ينبع نوره من السماء هو حديث عن ليلة العظمة والشرف فمثلا يقال فلان ذو قدر أي له منزلة وشرف وسميت بذلك لأمور منها :

لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر بواسطة ملك ذي قدر على رسول الله ذي قدر لأمة ذات قدر أو يكون المعنى أنه أتى فيها بفعل الطاعات والخير والنور السماوي الذي خلقه الله لإضاءة جوانب هذا الكون وأركان هذا العالم الرهيب الذي سقاه الله بالتسامح والفضل والبركات وقال أهل العلم ( إن ليلة القدر ) يعني ليلة الضيق وبهذا المعنى يأتي التوضيح بقوله جل علاه ( ومن قدر عليه رزقه ) سورة الطلاق الآية 7 أي ضيق وسميت بذلك لأن الأرض تضيق بها الملائكة النازلة إليها في تلك الليلة ونزول الملائكة خير وبركة وفي الحديث الشريف الذي أخرجه أبو داود عن أبي هريرة عن النبي الأكرم قال ( وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى ) رواه أحمد عن قتادة وقيل المراد بها التعظيم كما قال جل علاه ( و ما قدروا الله حق قدره سورة ) الأنعام الآية 9 و قيل ( ليلة القدر ) أي ليلة التقدير ) و سميت بذلك لما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال يقدر ليلها ويقضي ما يكون في تلك السنة من مطر ورزق وإحياء وإماتة إلى السنة القابلة كما قال جل شأنه ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها بفرق كل أمر حكيم ) سورة الدخان الآية 3 والمراد من التقدير إظهاره عز وجل ذلك للملائكة عليهم السلام المأمورين بالحوادث الكونية المعينين بشؤون الخلق وهكذا يكون تقديره تعالى لجميع الأشياء أزلي قبل خلق السماوات والأرض إذ ليس هناك ما يمنع أن يكون معنى ليلة القدر متضمنا لكل هذه المعاني ،فهي الليلة ذات الشرف والقدر لما حدث فيها من تنزل القرآن الكريم ومن تنزل الأكرمين ولما يظهر الله فيها لملائكته ما قدره في شأن العباد أجمعين لعامهم الجديد وحينما نقرأ قوله سبحانه ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) نعلم أن الأمن والسلام يحل في هذه الليلة بالمؤمنين العابدين الأبرار ومن هذه الآية الشريفة يستفاد أنها بعيدة من كل سوء ومكروه وأن الشيطان لا يستطيع أن ،يمسها أو أن يحوم حولها وفي هذه الليلة المقدسة أيضا تتنزل الملائكة لتسلم على أهل الإيمان والخير و الرحمة .

 

 

من فضائل ليلة القدر

 

 

كما تقدم أن في هذه الليلة تظهر الأنوار وتشرق شمس المحبة على عالم القلوب وترفرف أجنحة الرحمة داخل خلايا المومنين ويركع المحسنون في عالم صوم رمضن الحبيب ويقوم المومن بالركوع والسجود بالبكاء في محارب الخشوع وفي هذه الأجواء تظهر أنوار السعادة التي خيمت على القلوب وسكنت أفئدة الكرماء المحسنين وفي ليلة القدر العظيمة تحتفل الملائكة بما يحصل لآهل الأرض والسماء من ثواب وفضائل إنها ألوان الرحمة نزلت تغطي الأرض والسماء بألوان خضراء تشير إلى جنة النعيم إنها جاءت تتحرك جهة طرق الرحمات وسبل البركات إنها ليلة كريمة توجتها ملائكة الله بالتشريف والتكريم والتكبير وعززتها بأنواع الخير والفضل ليلة القدر غريبة في الزمان والمكان قريبة من غرف الجنان وغرف الخالق والرحمان إنها البقاء والدوام وفي هذه الليلة تكتب فيها المقادير وهي الليلة التي أنزل الله بها القرآن على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنامحمد صلى الله عليه وسلم ليترقب أن تصادف في الليالي (21 ـ 23 ــ و25 ـ 27 ـ 29) ـ من شهر رمضان وقد وصفها الخالق جل علاه بأنها ليلة مباركة في قوله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ) وأنه يقضى فيها ما يكون خلال العام وقد ثبت علميا أن الأرض ينزل عليها في اليوم الواحد من 10 آلاف إلى 20 ألف شهاب من العشاء إلى الفجر غير أن ليلة القدر لا ينزل أي شعاع .

 

 

عيد الفطر والاحتفال به

 

 

 

يحتفل الناس بفرحة عيد الفطر الكريم وهي قليلة في الزمان كبيرة في القلوب إنها الأيام التي يحتفل فيها المسلون ويظهرون فيها الفرح والسرور و التهاني فيما بينهم ويعتبر عيد الفطر السعيد جائزة صيام شهر كامل وهو شهر رمضان المبارك ويحمد المسلمون الله ويشكرونه بفوزهم بهذا الشهر السعيد الذي يتمتعون فيه برفع راية القلوب وتحريك شعائر النفوس وهذه السنة الكريمة هي سنة مؤكدة عند المالكية والشافعية وواجبة عند الحنفية وفرض كفاية عند الحنابلة

 

 

 

دعـــــــــــــــاء

 

 

 

اللهم إنا نتوسل إليك في هذه الليلة العظيمة باسمك الواحد الأحد الفرد الصمد وباسمك الأعظم أن تتقبل صيامنا وقيامنا وصلاتنا وصالح أعمالنا ونسألك أن تفرج عنا وتعافنا وتعفو عنا اللهم بلغنا ليلة القدر ولا تحرمنا بركاتها واجعل لنا فيها دعوة لا ترد وبابا إلى الجنة لا يسد واكتبنا من عتقائك من النار ووالدينا ومن تحب اللهم يا رازق السائلين يا رحيم المساكين و يا ذا القوة المتين و يا خير الناصرين يا ولي المؤمنين يا غياث المستغيثين ‘ اياك نعبد وإياك نستعين

 

.

(ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا) آمين يارب العلمين

 

 

بقلم الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

المراجــــــــع

 

 

 

1-العلاج بالدعاء للأســــــــــــتاذ محمد علي

2-المنبر الرحيب للواعظ والخطيب   للأستاذ حسن السبيكي ص 654

3-منهاج المـــــــــــــسلم للأستاذ أبو بكر جابر الجزائري ص218

 

==============================================================

مــحــــــــاضرة

تــــــحــــت عنوان

الصوم و اختلاف الأديان

ومنافعه للصحة والإنسان

 

 

 

 

لقد جاءت الدراسات الاجتماعية الحديثة مصدقة ومفسرة لما يقرره القرآن الكريم ومنه الآية الكريمة الآتية (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فقد دلت هذه الدراسات على أن عبادة الصوم لم يخل منها دين من الأديان ،ومن أنواع الصوم ما يكون إمساكا عن الأكل والشرب والاتصال الجنسي والعمل والكلام ويعتبر أغرب أنواع الصيام ما ورد مقررا في الديانة اليهودية بدليل قول الحق جل شأنه حاكيا ما قاله عيسى وهو في المهد لأمه ( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) فكا ن صيامها يتمثل إذن في مجرد الإمساك عن الكلام ولذلك اقتصرت في تفاهما مع قومها على لغة الإشارة بدليل قوله جل علاه ( فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت امك بغيا فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) أي أنها لم تتكلم محافظة على صومها ،واكتفت بأن أشارت إلى قومها أن يتفاهموا مع وليدها ،وكانت ديانة مريم وقومها حينئذ في الديانة اليهودية وهذا النوع من الصوم وهو الصمت عن الكلام مقرر كذلك في الديانة المسيحية وقد عرف العرب في جاهليتهم هذا النوع من الصوم ومارسوه وكان يطلق عليه عندهم اسم ( الضرس ) بفتح الضاد وسكون الراء وتشرح هذه الكلمة بالصمت إلى الليل وقد كان من أشد عشائر العرب محافظة على هذا النوع من الصوم طوائف من قريش وكنانة ومن قلد ملتهم في الجاهلية وقد ظل بعض أفراد القبائل يمارسون هذا النوع من الصوم حتى بعد الإسلام فقد روى الإمام البخاري في صحيحه في باب أيام الجاهلية أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه دخل مرة على امرأة يقال لها زينب فوجدها لا تتكلم ولما سأل عنها قيل له إنها حجت مصمتة أي حجت وهي صائمة عن الكلام فقال لها تكلمي إن هذا لا يصح ،هذا من عمل الجاهلية وقد اعتمد العلامة ابن قدامة الحنبلي في كتابه المغني على هذا الحديث فقرر أن الإسلام يحرم هذا النوع من الصيام ومن أغرب هذا النوع من الصيام الامتناع عن الأعمال جميعها أو بعضها أو معظمها وهذا النوع من الصيام مع غرابته مقرر كذلك في كثير من الديانات البرهمية والجينية والبوذية ويمكن أن يعد من هذا النوع ما تقرره الشريعة اليهودية إذ تحرم على اليهود مزاولة الأعمال يوم السبت من كل أسبوع ويقول سفر اللاويين وسفر التكوين وهم من الأسفار الخمسة التي يزعم اليهود أنها التوراة التي أنزلها الله على موسى يقول هذان السفران في تعليل هذا النوع من الصوم إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع وكان يوم السبت وقد رد القرآن الكريم على زعمهم ( و لقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ) أي لم يمسسنا تعب حتى نحتاج إلى الراحة ومن الأنواع الغريبة في الصوم ما يسير عليه بعض الغلاة من المتصوفين والرهبان إذ يلتزمون الصوم طول حياتهم بقصد إذلال الجسم وتعذيبه لكي تصفو الروح في نظرهم وقد نهى الإسلام عن ذلك نهيا باتا واعتبره غلوا في الدين.

 

 

فضل الصيام

 

 

 

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جل شأنه ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي و أنا أجزي به والصيام جنة فإ ذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم مرتين والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه ) رواه أحمد ومسلم والنسائي وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفغني فيه ويقول القرآن ( منعته النوم باليل فشفعني فيه فيشفعان رواه أحمد بسند صحيح وعن أبي أمامة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت مرني بعمل يدخلني الجنة قال عليك بالصوم فإنه لا عدل له ) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إل باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا ) رواه الجماعة إلا أبا داود وعن سهل بن سعد ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن للجنة بابا يقال له الريان ،يقال يوم القيامة أين الصائمون فإذا دخل أحدهم أغلق ذلك الباب ) رواه البخاري ومسلم ،وفي هذا الشهر الكريم أنزل الله فيه القرآن الذي هو ركن من أركان الإسلام وفي هذا الشهر المبارك العظيم قرر الخالق الرحيم أن تكون فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ويعتبر هذا الشهر الفضيل أيضا أنه شهر المغفرة والثواب وشهر التوبة والرجوع إلى محاسبة النفس والسماح بسفك الدموع والعبرات في ليالي هذا الشهر العزيز الذي تكرم الله علينا به وبفضائله ليكون لنا رحمة وبركة وخيرا و عونا.

 

 

رمضان شهرالصحة والقوة

 

 

قال العلامة هو لبروك بعد بحث طويل في الصوم ( إن الصوم ليس بلعبة سحرية عابرة بل هو اليقين والضمان الوحيد من أجل صحة أفضل )ومضى هذا الباحث قائلا ( إن الصوم يحسن وظيفة الهضم ويفتح الذهن ويقوي الإدراك ويرفع من المستوى الصحي العام فالصوم يساعد على اكتساب صحة أفضل ،وخلال هذا الصوم يقوم الجسد بتذويب الزوائد الموجودة في الأنسجة ،كما يساعد الصوم الجسد على تصفية أعضائه والتخلص من الزوائد والسموم والمواد الرديئة التي تؤثر عليه لو بقيت فيه لمدة طويلة وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (صوموا تصحوا ) أخي الكريم إن شهر رمضان فيه تظهر حياة جديدة وتعيش بضوء جديد وطقوس تبعث في الجسم الراحة والرحمة وفي هذا الشهر تغيب مخلوقات غريبة ضارة للجسم ،وتلوح فيه الراحة و الشفاء وفي هذا الشهر الكريم تفر منه الهموم والأحزان أخي المومن إن رمضان الحبيب رائد للمؤمنين و قائد للأولياء الصالحين وقد جاء ت لإنارة القلوب ومسحها من تراكم الأمراض والهموم وإدخالها في محارب العبادة والتسبيح والوقوف في عالم التأمل والخشوع ،وكم من عيون طاهرة سالت منها دموع الرحمة والمحبة ،وكم من قلوب وجهها أصحابها إلى المساكين لزرع بذور الرحمة والرأفة والميل إلى قلوب المنكوبين والضعفاء المحرومين وفي هذا الشأن قال النبي العظيم ( يا عائشة لا تردي المسكين ولو بشق تمرة يا عائشة قربي المساكين فإن الله يقربك يوم القيامة )وهذا النبي الكريم كان يفتخر بأيوب يوم القيامة بكرمه على المحتاجين ،وكانت زوجة أيوب عليه السلام تبيع جزءا من شعرها إكراما لأيوب الذي رده الفقر إلى حالة تسيل معها الدموع علما أنه كان أغنى الخلق في حياته الدكتور الهبطي.

 

 

 

الحكمة من صيام الأيام البيض

 

 

ثلاثة أيام البيض (13ـ 14 15) وقال صلى الله عليه وسلم هي كصوم الدهر وقد كشف العلم الحديث بعض جوانب الإعجاز العلمي في هذ الحديث الشريف يقول الدكتور ( ليبر ) عالم النفس ب ( ميامي ) في امريكا قال هناك علاقة قوية بين العدوان البشري والدورة القمرية وشح العالم ( ليبر ) نظريته قائلا ( إن جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من80 بالمائة من الماء والباقي هو من المواد الصلبة ثم يعتقد بأن الجاذبية القمرية التي تسبب المد والجزر في البحار والمحيطات عندما يكون القمر بدرا وكذلك يبلغ مداه في السلوك الإنساني عند اكتمال القمر في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر ولاحظ هذا العالم أن بجاذبية القمر ترتفع حينها نسبة الجرائم ومن هنا تأتي الحكمة من صيام هذه الأيام لتهذيب النفس وكبح جماحها في مواجهة المد البيولوجي (الطبيعي الإنساني فيحفظها الصوم مما يسيء إليها أو لغيرها وهذا من فوائد الصيام كما جاء في الحديث .

 

 

( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا )

 

 

المراجع

 

 

1ـ العبادات موسوعة الأسرة المسلمة ص 155

2ـ فقه السنة للأستاذ سابق ج1ـ ص   651

3 ـ درة الناصحين للأستاذ عثمان بن علي ص15

4 ــ الدروس الحسنية   وزارة الأوقاف ص 269

الأ ستاذ منير أنت وأولادك تحية مباركة

 

 

بقلم الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي

 

=================================

مـــحاضــــرة غـــــنية بالمعجزات

 

تحت عنوان الإسراء من بيت الله الـــحرام إلى المسجد الاقصى

 

 

 

 

 

تحي الأمة الإسلامية ذكرى الإسراء ء والمعراج خلال ساعات من عمرها وهي الليلة المعجزة التي أسري فيها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من بيت الله الحرام إلى بيت المقدس وبعد هذا الدعاء ( اللهم ارحمني إذا يئس مني الطبيب وبكى علي الحبيب وفارقني القريب والغريب وارتحل البكاء والنحيب ) أقول يعد الإسراء والمعراج أكبر المعجزات الحسية التي حدثت مع الرسول صلى الله عليه وسلم والإسراء هي الليلة التي أسرى بها الله تعالى بنبيه من مكة المكرمة إلى بيت المقدس بروحه وجسده معا راكبا على دابة البراق بصحبةجبريل عليه السلام وهناك صلى إماما بالأنبياء أما المعراج فهو رحلة كانت بعد الأسراء ومن جملة هذه المعجزة أنها تأتي على ثلاثة أ نواع ويظهر النوع الأولأنها تمثل الرحلة البشرية وخلالها كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل جبريل عليه السلام عن كل ما كان لا يعرفه في هذا الكون فقد سأله عن شاب رآه فقال ‘إنها الدنيا التي بين يديك يامحمد ،وفي المرحلة البشرية الثانية ابتعد هذا الملك عن الرسول الكريم ،وهنا أخذ النبي يفسر لنفسه بنفسه دون أن يسأله عما لا يعرفه عن مخلوقات هذا الكون ومنها الجنة والنار وغيرهما وكان النبي الكريم يصعد كلما وجد الأمر بيد الخالق سبحانه ،وقد رجح العلماء أن ليلة الإسراء والمعراج كانت ليلة السابع والعشرين من شهر رجب في العام العاشر من البعثة النبوية أي قبل الهجرة من مكة إلى المدينة بنحو ثلاث سنوات.

 

 

 

انطلاق رحلة الحزن

 

 

 

 

 

بدأت رحلة الإسراء والمعراج في عام الحزن بعد ما فقد النبي الكريم محمد زوجته خديجة وعمه أبا طالب اللذين كانا يؤانسانه ويؤازرانه وقد ضاقت الأرض بالنبي الحبيب نظرا لما لاقاه من تكذيب وسوء التصرف من طرف المشركين وفي هذا الجو المذموم توكل النبي العظيم على الخالق ربه وقصد الطائف و معه خالقه وعزيمته وإيمانه بربه غير أن المشركين طردوه وسلطوا عليه صبيانهم وغلمانهم يرمونه بالحجارة وعرف محنا لا تطاق سالت معها الدماء من قدمه الشريف فركن إلى شجرة ودعا ربه قائلا ( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري ‘ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي   أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الكلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله ) .

 

 

 

 

إكرام الله لنبيه

 

 

 

 

بعد قطع المرحلة البشرية الثالثة جاء الأمر الإلهي برفع محمد إلى السماوات للقاء الملك الحبيب جبريل ،بسدرة المنتهى التي انطلق منها وأمامه سبعون ألف ملك على صورته قال محمد العظيم صلى الله عليه وسلم فعانقني جبريل وقبلني وقال سر يا حبيب فسرت مع ملائكة الرحمان وهم يعظمونني ويكرمونني حتى اخترقت سبعين ألف حجاب من لون أبيض حتى وصلت إلى حجاب الفردانية وإذا بالنداء من قبل الله جل شأنه ( ارفعوا الحجب التي بيني وبين حبيبي محمد فرفعت حجب لا يعلمها إلا الله فرأيت مائة ألف صف من الملائكة قياما لا يركعون و مائة ألف صف من الملائكة ركوعا لا يسجدون ومائة ألف صف سجودا لا يجلسون ولا يرفعون رؤوسهم إلى يوم القيامة وبينما أنا أتفكر وقد أخذتني الهيبة مما رأيت فنوديت أحمد أدن مني فخطوت خطوة مسيرة خمسمائة عام فقيل لي يا أحمد لا تخف ولا تحزن فسكن قلبي ثم أخذ الرفرف يعلو بي حتى قربني من حضرة سيدي ومولاي فأبصرت أمرا عظيما لا تناله الأوهام ولا تبلغه الخواطر سبحانه وتعالى مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فدنوت من ربي حتى صرت منه كقاب قوسين أو أدنى فوضع سبحانه وتعالى يده بين كتفي ولم يد محسوسة كيد المخلوقين بل يد قدرة وإرادة فوجدت بردها على كبدي فذهب عني كل ما كنت أجده وأورثني علم الأولين والآخرين فأخذني عند ذلك الثبات والسكون فظننت أن من في السماوات والأرض قد ماتوا إلا أنا لا أسمع هناك حسا ولا حركة ثم رجع إلى عقلي فنوديت يا أحمد أدن مني فقلت يا إلهي وسيدي ومولاي أنت السلام ومنك السلام فناداني ثانيا أدن مني فدنوت منه فقال وعليك السلام فألهمني ربي فقلت التحيات لله والصلوات والطيبات فقال تعالى السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين الصالحين فقالت الملأئكة من ورائنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال تعالى وأنا أشهد أن محمدا عبدي ورسولي فمن أحبك فقد أحببته ومن كذبك فقد باء بغضبي قلت يا رب أين أنا فقال أنت على بساط الإنس ( فرجعت وهممت أن أخلع نعلي فناداني ربي ) دس على بساطنا فقد اصطفيناك هل تراني بعينيك فقلت سبحانك لا تدركك الأبصار ولا تحويك الأقطار وأنت الواحد القهار إلهي وسيدي غشني بصري نورك وبهاؤك وجلالك فلا أراك إلا بقلبي .

 

 

 

 

1- المراجع عالم الفكر المجلد الثاني عشر يناير

 

2- كتاب الوفا ة للعلامة عبد الرحمان

 

3- الإنسان بعد الموت للأستاذ علي حسن

 

4- ديوان الشاعر عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

5- الدروس الحسنية   وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

 

 

 

 

 

 

بقلم الباحث الشاعر د عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العبادات طريق الرحمة والنـو

 

 

مقدمة خلق الله الإنسان لعبادته وطاعته قال جل علاه ( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) سورة الذاريات الآية 56 وأمره بإخلاص العبادة له فقال سبحانه ( وما أمروا إلاليعبدواالله مخلصين له الدين حنفاء ) سورة البينة الآية 5 والإسلام بناء شامخ الأركان قوي الأسس يقوم على أعمدة تحميه من الضعف وتحافظ عليه من الانهيار ،وهذه الأعمدة هي أركان الإسلام الخمسة التي لا يتم إسلام المرء إلا بها فقد قال صلى الله عليه وسلم ( بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله ،وأن محمدا رسول الله ،وإقام الصلاة وإيتاء الزكا ة وحج البيت وضوم رمضان ) متفق عليه فهذه العبادة مفروضة على كل من نطق بالشهادة أو على كل مسلم فإن أداها كاملة كان من أهل الخير أو من عالم السعادة علما أن العبادة ليست مجرد حركات وسكنات يقوم بها المرء ولا هي كلمات تقال أو ينطق بها إنما هي كلمات مقدسة ،يشعر الإنسان عند أدائها بتوافق القلب مع أفعال الجوارح ويجب على المسلم أن يعيش مع العبادة مظهرا وجوهرا أو شكلا وحقيقة فالعبادات الإسلامية تربية روحية وجسدية ولن توتى العبادة ثمارها إلا إذا توافقت كل هذه الجوانب وسوف نعرض من هذا الكتاب العبادات التي شرعها الإسلام لنتعرف على جوهرها وحقيقتها حتى نعبد ربنا على علم وبينة مهتدين في ذلك بأفعال نبينا صلى الله عليه وسلم ومن خلال ما تقدم نعلم بإذن الخالق العظيم أن سائر الأنبياء قاموا بجد لخدمة الرسالات السماوية فقاموا جميعا بنظرواحد واتجاه واحد وغرضهم من هذا كله هو التحامهم بالتأمل في ملكوت الرب الكريم طلبا للقيادة الكونية التي تقع تحت المراقبة العظيمة للخالق وهنا أرى موسى عليه السلام وقد ناجى ربه قائلا سيدي ومولاي ( من يقود لك ملكك العظيم فرد الخالق جل علاه ياموسى خذ إناء من تراب واملأه ماء وضعه في يدك وأنت قائم ولا تنم ) ،لكن نبي الله موسى لم بصبر على الإناء الذي يوجد بيده فسقط القدح منه وتكسر ،وهنا نطق الرب الكريم بلسان قدرته ياموسى ( والذي نفسي بيده لو سقط الإناء المعلق في الفضاء لانقلبت السماوات على الأرض ،ومن هنا لا نوم لي حفاظا على تسيير ملكي الذي وسع كرسيه السماوات والأرض).

 

 

الــــــــــــعبـــــــــــادة

 

 

العبادة هي الحكمة التي خلق الله الإنسان من أجلها ،فما أعظمها من حكمة وما أجلها من غاية وفي هذا الشأن أكرمنا الله ( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون )سورة الذاريات االآية 56 ولما كان وجود الإنسان في هذه الحياة من أجل أن يكون عبدا لله ،كانت العبادة هي الدعوة التي نادى بها كل نبي قومه قال الخالق الكريم ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن أعبدوا الله )سورة النحل الآية 36 وقال جل شأنه ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون )سورة الأنبياء الآية 25  وقال سبحانه ( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ) سورة المومنون الآية 23 ويكرمنا الرب العظيم بهذا الوسام الرباني الجليل فقال ( وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ) سورة العنكبوت الآية 16 وقال الحبيب جل جلاله ( وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ) سورة الأعراف الآية 65 وقال سبحانه ( وإلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ) سورة الأعراف الآية 73 وقال المسيح عليه السلام ( يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم ) سورة المائدة الآية 72 علما أن عبادة الله هي أعظم منزلة يتطلع إليها الإنسان في هذا الوجود فقد وصف الله بها أكرم خلقه وهم الأنبياء كما كانت أعظم كلمة يقولها كل نبي عن نفسه وفي هذا الشأن جاءنا الحبيب العظيم قائلا ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ) سورة الصافات الآية 71

 

 

من اجتهادي في الموضوع

 

 

بعد سرد الآيات والأحكام التي أخذت مما تقدم نستطيع أن نستنبط أن حياة الإنسان مبنية على عبادة الله والتقرب إليه بالدرجة الأولى فبكاء المرء وهو نائم فهذا عندالله عابد والمفكر إذا رفع يديه إ لى السماء فهو عند الله عابد ،والرجل في الطريق ينظر يمينا وشمالافي ملكوت الله وفي كونه العظيم فهو عند الله عابد والإنسان يبكي من أجل مرض أخيه فهو عابد عند الله ،والرجل يساعد أخاه المريض في الطريق أو في غيره فهو عابد والقائم في الليل يفكر في خلق الله فهو عابد والمتصدق على الفقير أو المسكين فهو عند الله عابد وقارئ القرآن في الليل أو في الفجر فهوعند الله عابد والمسافر من أجل زيارة مسكين في الطريق فهو عابد والمبتسم في وجه أخيه فهو عابد والقائم مع عجوز في الطريق أو في أي مكان كان فهو عند الله عابد ومن زعماء العابدين ، ومجود القرآن عابد لربه والناظر في السماء هو عابد والماشي مع عجوز لقضاء أشغالها فهو عند الله ساجد وجماعة من الرحماء هم عابدون والناظر إلى أبيه أو أمه هوعا بد وراكع والمتأمل في النجوم فهذا عند الله ساجد ،ورحيم ابن السبيل هو كريم وعابد والأرملة الباكية هي عابدة بدموعها على فقد زوجها والمسلم الذي يفكر في إصلاح مجتمعه هو إمام العابدين والصابر على فقد ما نزل به من مصائب هو عابد

 

 

خصائص العبادة الصحيحة

 

 

هي أن تكون موافقة للسنة الشريفة فقد سئل الفضيل بن عياض عن معنى قوله تعالى ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) سورة الملك الآية 2   فقال أحسن العمل أخلصه 2 توفر الإخلاص لله سبحانه فالإخلاص هو رأس العبادات ،وميزان قبول الأعمال قال الحق جل شأنه ( وما أمروا إلا ليعبدا الله مخلصي له الدين حنفاء ) سورة البينة الآية 5 وقال صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ،فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إ ليه )يبقى لنا القول على المسلم أن ينقي قلبه من الرياء وأن يجعل عباد ته لله وحده قال الحق جل شأنه (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا سورة الكهف الآية 11 فما أسعد الإنسان عندما يتمكن الإخلاص لله من قلبه وعلى المسلم أن يكثر من العبادة والأشتغال بها ،فهو كلما أكثر منها كان النجاح ناصرا له يسير أمامه وخلفه وفاتحا ذراعيه لحياته

 

 

العباداتقال الخالق جل علاه ( فلا رفث ولافسوق ولا جال في الحج ) ومعنى هذا أن ( الرفث) فيه إشارة إلى قهر القوة الشهوانية ومعنى (الفسوق )فيه إشارة إلى قهر القوة الغضبية التي ينشأ عنها التمرد والطغيان ومعنى ( الجدال ) فيه إشارة إلى القوة الوهمية التي تدفع المرء إ لى الجدال والمنازعة في ذات الخالق وأفعاله وأحكامه وصفاته ومعلوم أن منشأ الشر والجدال هو أخطر من الرفث والفسوق ، وإذا كان الرفث عبارة عن قضاء الشهوة فإن الجدال جاء يحرك دواخل الإنسان ومشاعره ومن هنا جاءت العبادة للقضاء على الفسوق والرفث والفجور حتى لا تصبح نفسه خاضعة لارتكاب الجرائم كلها وأقول في عمر:

 

                          

اللهم احفظنا من الأعداء ولا تجعلنا فريسة للظالمين (ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا )

بقلم الباحث الشاعر الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

محاضرة

 

متمــــــــــــــــــــــــــــيزة

 

تحــــــــــت عنوان

 

صــــــــــــــــــلاة الجمـــــــــــــــــعة وراء المذياع

 

 

 

 

صلاة الجمعة خلف المذياع هي صلاة ربحت وسام القبول ما دامت تؤدي دورها في الميدان الاجتماعي وما دام العلماء والمحققو ن يسعون ورء الرفع من انتشارها في المناطق الإسلامية ،وقد أعطى الله لهذا الميدان عالما مجتهدا عكف على الاجتهاد في حفظ السنة والدقة في استنباط الأحكام وقد حقق الباحثون من جهودهم أن المقصود من الجمعة هو سماع الخطبة من المذياع وبهذه الوسيلة تكون صلاة الجمعة قد تحققت وظهرت إلى الميدان ،وقال الإمام الغماري وهو مومن من تحقيق اجتهاده وعلمه أن كثيرا من الباحثين سيقابلون هذا الكتاب بالإنكار لا لشيءإلا لأنه صدمهم فيما ألفوه واعتادوه والناس أعداء ما جهلوا أو لأنهم لا يرضون القول الحق أما أهل العلم المنصفون فيتقبلونه بقبول حسن ويرون فيه بحثا مركزا بالدليل ويذكرون قول ابن مالك (وإذا كانت العلوم منحا إلهية ومواهب اختصاصية فغير مستبعد أن يدخر الله لبعض المتأخرين ما عسر فهمه على كثير من المتقدمين )بل سيرون في المؤلف الجديد ما يراه الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها )والمراد بالتجديد في هذا الحديث كما هو معلوم استخراج الأحكام واستنباط الأحاديث المتجددة من الكتاب والسنة وقواعد الشريعة وليس المراد به تجديد الملحدين الذين يريدون التخلص من الدين وفرائضه وأحكامه وآدابه باسم التجديد فإن هذا نكبة على الدين ومدعاة إلى تقويض دعائمه فكل يوم نسمع من هذا التجديد ألوانا تؤلم القلب وتجرح الصدر وتدمي الكبد وآخر ما سمعناه من هذا التجديد الممقوت الدعوة إلى تلحين القرآن الكريم وقراءته على أصول الغناء بالآلات الموسيقية المعروفة ،بل سمعنا والأسف ملءقلوبنا أن ملحنا لحن سورة البقرة على العود وأسمعنا بعض خواص أصحابه فما ذا أعد الله لهؤلاء العابثين إنه سبحانه المنفرد بذلك الحكم الذي ترك فيهم أمراضا قلبية مؤسفة ستبقى تلعنهم إلى يوم لا ينفع فيه أي شيء إلا صوت الحق

 

 

 

الدكتور الهبطي ونصيبه من العطاء العلمي

 

 

 

باجتهادي المتواضع أرى تحصيل المراد الذي أسعى من أجل تحقيقه فإذا قلت الاجتهاد فإني أريد تجديد عملي والخروج به من هذا الانكماش الذي أصاب هذا العصرالذي لم ينج منه أحد إلا من كانت بصيرته في طبق النور وحياته في خير ورحمة ومن المؤسف أن علماء اليوم لا يرون التقدم إلا في التزويق وتزيين الأفكار بالأساليب النائية عن الهدف المطلوب إن هؤلاء العلماء لا يهمهم العلم الأصيل أو القواعد التي استنبطوها من العلم الأصيل الذي عرفه أجدادنا العلماء الكبار إنهم يرونه في أوراق الناس الذين بذلوا جهودا كان لها الأثر الكبير في ترك ما نعتز به ونفتخر بما هو موجود في بطون الكتب العالية والأفكار الصافية ،وبالتأمل قليلا نحد أن علم الساعة أصيب بمرض خطيرألا وهو علم نقد الأخلاق الذي جرد عن الاتجاهات المستقيمة ومن هنا برز العلم المنحرف وأصبح أبناء العصر يرون أن استقرار الحياة لا ينطوي تحت الأفكار الملتوية والتسابق نحو تأليف يدعو إلى الكفر والإلحاد ومن هنا تسابق الناس إلى جهود مغشوشة دفعتهم إلى الوراء وبناء على ما تقدم نجد أن هناك فرقا كبيرا بين العلم لذي يبصر الناس بما يفعلون والعلم لذي يرد المجتمع إلى التضليل والبحث عن تآليف منحرفة كما نعلم اليوم مما لا نرى فيه ما يرد الناس إلى تآليف تسير في طريق خدمة العلم ككتاب الإقناع مثلا الذي رفضه العلماء السطحيون والذين يجدون راحتهم في طعن التجديد وما جادت به الأفكار المسايرة للعصر

 

                                           لم يبق دين سوى التقليد منتشرا          ولا امرؤ لكتاب الله ينتصـــر

 

                                           فقمت تنشر علما صالحا حسنـــا         قوامه الهدى والقرآن والخبر

 

                                           حتـــى ملأت بلاد الله في عــــدد           من السنين علوما كلها أثــــر

 

                                           وكيف والقدوة الصديــق ناقشهم         فهذه حجج التقليد تحتــــــضر

 

                                           أدامــــك الله للإ سلام حتــى نرى          كل البــــلاد به تسمو وتفتخر

 

 

 

وبعد هذا يظهر لي أن علم الأخلاق أصبح يقل ويتراجع إلى الوراء بسبب علم الملحدين الذين وقفوا له في طريق إحيائه والاهتمام به ،إذن فعلم الجهل نجده يزيد ويتسع لحظة بعد لحظة ،إذ لولا علم القرآن أو النور الرباني لأصبح شأن هذا التنزيل لا يشع نوره ،ولكن الخالق جل علاه قدر لكل مخلوق شأنه فهويزيد ويتقدم بفضله حسب مشيأته وهذا ما يذكرني بعالم مسلم طلب من يهودي أن يسلم فرد اليهودي سيدي فأنا اليوم غير مستعد فقام اليهودي وأخذ كتاب التوراة وكتاب الإنجيل والقرآن فأحذ الكتب الثلاثة وعرضها على المشتري ،فلم يأخذ منه إلا القرآن وترك الإنجيل والتوراة ،فذهب المسلم إلى العالم الذي طلب منه الدخول في الإسلام فكان رد اليهودي قائلا سيدي ذهبت بالإنجيل للمشتري فلم يأخذه مني وذهبت بالإنجيل فلم يبع بدوره ،لكن لما عرضت كتاب القرآن وجدت المشتري فعلمت أن الخالق جل شأنه دائما مع أرباب الحق فأسلمت وقد وجدت أيضا في الصحراء كتابا فتأمت في شأنه فألهمني ربي النطق بالصدق فقلت لووجد هذا الكتاب في الصحراء لقلت إنه القرآن العظيم.

 

 

 

 

أخـــــــــــــــــــــــــــــي من قال إن الصلاة لا تصح وراء المذياع فهو غبي ما زال يعيش في عالم الجهل ويتحرك في كون خال من أصحاب الحق والمنطق اسمع سيدي ،فما دام المرء يتمتع بما يصل إلى أذنه من آلة المذياع التي تنقل صوت الإمام العالم العارف المنطقي الذي يعتبر صاحب خبرة واسعة وميدان فكري مبني على معارف القرآن وآيات الأحكام ونصوص الحق وميدان الجمال والجلال ،فما ذا إذن بعد هذا النور إنه انطلاق الرحمة والخير والفضل ليسمح لهذا الرائد وهذا الإمام البحر الزاخر الذي استطاع أن يفتح للإسلام والمسلمين معابر الانغلاق.

 

 

سيدي إن العلم لا ينال بالحوار الميت ،وإنما ينال بالعلم الذي ينار بالدلائل القرآنية والأحاديث الربانية إن علماءنا أخذوا العلم بالتواضع والمناقشة البناءة ولم يأخذوه بحب الظهور والشهرة الفارغة من الأخلاق وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت   فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ورحم الله العالم سعد زغلول الذي قال ( نحن لسنا محتاجين لكثير من العلم ولكننا محتاجون لكثير من الأخلاق الفاضلة ) إن الحوار الفارغ لا يعطي نتيجة ولهذا أوصي من أراد أن يكون ذا علم صحيح وفهم دقيق أن يقرأ المصادرالمأخوذ ة من صدور الرجال ،وقد ألم بي الأ سف ولم أجد له مكانا لأفرغه فيه من قال إن الصلاة لا تجوز وراء المذياع إن المذياع لا يصلي وإنا يصلي الناطق باسم هذا المذياع إلى أين ومتى وهذا التأخر في أعناقنا إلى ومتى وهذا الجمود يقودنا إلى طريق مسدود أنظر أخي العزيز نحن كنا علماء في القرون الوسطى وتعلم منا الغرب في ثلاثة مراكز وهي 1 الحروب الصليبية 2 و جزيرة صقلية 3 الأندلس قال أحد علماء الغرب للملك هشام بالأندلس ( من ملك بريطانيا إلى هشام عظيم الأندلس السلام عليكم ورحمة الله   وبعد سيد ي العظيم أخبركم أن بنتي في الطريق إ ليكم للإ ستفادة من بحر علومكم التي تحيط بمملكتكم مع العلم أنها تحمل إليكم هدايا أرجو أن تتقبلوها مني فأجابه ملك الأندلس قائلا من ملك مملكة الأندلس إلي حاكم بريطنيا السلام على من الهدى وبعد أخبركم أن ابنتي تحمل هدية إليكم وأرجو أن تكون بين أيديكم ونحن سعداء بتقبلها منا الإمضاء هشام عظيم الأندلس ونحن مع الأ سف تركنا ماعلمناه للغرب وأخذنا ما هم في غنى عنه واكتفينا بالصلاة خلف المذياع لاحول ولا قوة إلا بالله

 

 

 

                               بكيت على ديني ولم يبق ســــــيد         يعلم ما يبقى مـن النور يجمع

 

                               أرى العلم قد ضاع وضاع رجالــه       ولم يبق إلاالجهل يدمي يقطـع

 

 

 

(ربنا لا واخذنا إن نسينا أو أخطأنا )آمين

 

 

 

المصــــــــــــادر

 

 

 

1 الإقناع بصحة صلاة الجمعة في المنزل خلف المذياع ص 11

 

2 المنبر الرحيب للواعظ والخطيب ص 415 للإستاذ حسن السبيكي

 

بقلم الباحث الشاعر الدكتور عبد السلام الهبطي الإدرسي

 

ضع هذه المحاضرة المتواضعة في خانة العبادات

 

 

 

 

 

 

 

 

====================================

 

محاضرة في فضائل شهر رمضان

تحـــــــــــــــت عنوان

ليلة القدر وأيام الرحمة

أخي العزيز عيدك وعيد إخواني المسلمين مبارك سعيد

 

 

أكرم الله المسلمين بليلة القدر فجعلها في الجزاء خيرا من ألف شهر ومقابل هذا العدد الشريف جزاء العباد بكثير من الثواب والأجر ،وقد شرفها الله جل شأنه أن الملائكة تتنزل فيها وهي كلها خير ورحمة وسلام حتى مطلع الفجر ومع هذه السطور الهادية إلى طريق الرشاد نجد أن الخالق العظيم قد أخفى عن عباده مسائل نورانية تدعو إلى التأمل ومراجعة صحف الحياة ونجد في نفس الوقت أن الله حل شأنه قد أخفى كذلك الصلاة التي تشير إلى القيمة العالية لرسمها بالواو كما أنه قد أخفى سبحانه اسمه الأعظم حتى يبقى سرا من أسراره للدخول إلى معرفة قدرته جل علاه ،هذا بالإضافة إلى إخفاء الله سبحانه ساعة الجمعة التي يلبي الله فيها كل من دعاه ،وأخفى الحياة ،فجعل خير الأعمال أحسنها وخير الأعمار خواتمها وأخفى الله جل علاه الولي الرفيع الصالح الذي جاء الله منوها به ورافعا من قدره فقال (من عادى لي وليا فقذ آذنته بالحرب )هذا وأن أعمال المومن تتحقق مع الجماعة ورحم الله ا لإمام مسلم حيث قال (إذا صلى العبد العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ،ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله )ومما جاء بتنويه العابد الصالح أنه كان يعتمد على العصا من طول القيام ومن ديننا الكامل أن العبد إ ذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة

حكم عيد الفطر

 

حكم عيد الفطر أنه سنة مؤكدة عند جميع الفقهاء وتجب على كل من تجب عليه صلاة الجمعة ويبدأ وقتها بمقدار ارتفاع الشمس قدر رمح وينتهي قبل زوال الشمس وتكون صلاة العيد بلا أذان ولا إقامة بل يقف الإمام وينوي الصلاة والمصلون خلفه كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن لا أذان لصلاة يوم الفطر ،ويبدأ صلاته بالتكبير فيكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام ويقرأ الإمام في الركعة الأولى بسورة الأعلى ويقرأ في الركعة الثانية بسورة الغاشية وبهذا العمل تبدأ خطبة العيد

 

ورحمتي وسعت كل شيء

 

في هذا الشهر المشرق بأنوار الرحمات تكثر قراءة القرآن الكريم وتلاوة الذكر الحكيم ويتسابق المؤمنون إلى المساجد وهم حاملون أوسمة التوفيق والفلاح ،ومن مظاهر هذا الشهر الشريف ما يظهر أمام العباد و المؤمنين من خيرات وفضائل في اللوحة النورانية الآتية وفي شهر رمضان تكثر قراءة القرآن وتلاوة الذكر الحكيم و المؤمنون يتسابقون إلى المساجد وهم حاملون أوسمة التوفيق والفلاح ،ومن عظمة هذا الشهر الناجح نرى رجال الإيمان يجددون إسلامهم بفعل الخيرات ويتصدقون بسخائهم المعهود على الطبقة المنكوبة والمحرومة الذين حبسهم القدر عن الزحف نحو الأمام علما أن المومن الكامل نجد وجهه يشع بالنور بالعطف على اليتامى والأرامل والمساكين وهو بهذا يسلك مسلك المومن بامتياز وهو يتمتع بهذا العقد الفريد (عبدي أخرجتك من العدم إ لى الوجود ،وجعلت لك السمع والبصر والقلب والعقل ،ويضيف خالقنا العظيم (عبدي أسترك ولا تخشاني أذكرك وأنت تنساني أستحيي منك وأنت لا تستحيي مني) ونجد الخالق جل علاه يضيف قائلا (عبدي فمن أعظم مني جودا ،ومن ذا الذي يقرع ببابي فلم أفتح له أبخيل أنا فيبخل علي عبدي ) إن رمضان شهر الجود والرحمة شهر الخير والبر و الاحسان إ نه شهر التكريم وتلاوة القرآن ،شهر النور والتقرب إلى رب العباد إن رمضان حبيب الفضل والبر والرحمة ،ونظر لقيمتها فقد تكررت في القرآن ما يشفي القلوب ويحيي النفوس وقد تكررت اللفظة المذكورة في مواضيع شتى منها ما ورد بصيغة الماضي مثل ( رحم ) ومنها ما ورد بصيغة المضارع مثل ( يرحم ) ومنها ما اتى بصيغة ( الأمر مثل ( إرحم ) ومنها ما ذكر بصيغة إ فعل مثل أرحم ) ومنها ما ورد بصيغة ( الرحمـــاـن ) ومنها ما ورد بصيغة ( فعيل ) مثل رحيم ) ومنها ما تكرر بصيغة ( فعلة ) مثل ( رحمة ) و يسرني اختيار كلمة ( الرمـــــاــــن من هذه الكلمات ،نظرا لاحتوائها على عدة معجزات ،فقد وردت اللفظة بحذف الألف للدلالة على الوحدانية والانفراد ،ومن جانب آخر أتت للإشارة إلى أن الخالق لا يعلم أحد سره إلا هو جل علاه ،ومن جانب ثان جاء هذا الحذف وكأنه يتكلم بلسان الحال قائلا لك يا عبد الله إن الله أحد وليس واحدا وذلك أن كلمة ( واحد) تقبل التثنية فيقال مثلا ( اثنان )ومن هنا أتى خطاب الله للرسول الكريم بأحد ) بدل ( واحد ) لأن عظمة الله تظهر في الوحدانية والاعتزاز إذ لو كان التعدد لما استقام هذا الكون الذي أبدعه هذا الصانع جلت عظمته

 

نزول التشريف من الله للوالدين

 

 

فضائل عيد الفطر السعيد كثيرة ،وهي تتفاوت فيما بينها من حيث التأثير في النفوس وجمال المظهر ولهذا نرى الناس يتهافتون على شراء الملابس وهم في عيدهم يأكلون ويشربون ويلعبون ويضحكون وفي هذا الشأن قال الرسول صلى الله عليه وسلم (أوصيكم بالشباب خيرا فإنهم أرق أفئدة واسترسل النبي الكريم قائلا (لقد بعثني الله بالحنفية السمحة فقد حالفني الشباب وخالفني الشيوخ ) ومن هنا جاء الأمر للشباب بالاهتمام بالوالدين والمحافظة على احترامهما فقال الله في حقهما (أن اشكر لي ولوالديك )والشكر هنا يفسر بمعنى المادة والرعاية وأبدأ1ـ بلطف وإحسان 2 النهوض لهما إ ذا دخلا عليه 3تقبيل يديهما صباحا ومساء وفي المناسبات 4 المحافظة على سمعتهما وشرفهما ومالهما 5 إكرامهما وإعطاؤهما كل ما يطلبان 6 مشاورتهما في كل الأعمال والأمور 7 الإكثار من الدعاء والاستغفار لهما 8 إذا كان عندهما ضيف فالجلوس بقرب الباب 9 العمل على ما يسرهما 10 عدم رفع الصوت عاليا أمامهما 11 عدم مقاطعتهما أثناء الكلام 12 عدم إزعاجهما إذا كانا نائمين 13 عدم تفضيل الزوجة والولد عليهما 14 عد م لومهما إذا عملا عملا لا يعجبك 15 عدم الضحك بحضرتهما إذا لم يكن ثمة موجب للضحك 16 عدم تناول الطعام مما يليهما 17 عدم مد اليد إلى الطعام قبلهما 18 عدم النوم والاضطجاع وهما جالسان إلا إذا أذنا بذلك 19 عدم مد الرجلين أمامهما 20 عدم الدخول قبلهما أو المشي أمامهما 21 تلبية ندائهما بسرعة في حال ندائهما 22 إكرام أصحابهما في حياتهما وبعد موتهما 23 عدم مصاحبة إنسان غير بار بوالديه 24 الدعاء لهما ولا سيما بعد الموت فإنهما ينتفعان به والإكثار من قوله تعالى ( رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )

 

المصادر

 

1 تربية الأولاد في الإسلام   للأستاذ عبد الله ناصح علوان

2 درة الناصحين في الوعظ والإرشاد   للإستاذ عثمان بن حسن ص136

3 منهاج المسلم للإستاذ     أبوبكر الجابري ص183

 

(ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا )آمين

 

بقلم الباحث الشاعر دعبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضرة تحت عنوان

 

رمضان شهر النور والرجوع إلى الله

 

 

 

مقدمة

 

 

أهلا وسهلا بك ياسيد الشهور إنك في كل سنة تطل علينا وأنوار الهداية والتوفيق تراقبنا وتنظر إلينا باعتزاز كبير،وقمرالخير والفضل يواكب مسيرة حاتنا، وشمس التوفيق يسير بجانبنا، فهنيئا لنا بعالم طال انتظارنا إليه، وهنيئا لنا بشهرنعيش في ضيافته ونحن مكرمون ننتظرك وكأنك حبيبنا بل أبونا الغالي الأصيل إننا نحس بحب عميق وعطف صادق نحن سعداء بحضورك معنا ودموع شوقنا إليك تزداد كلما اقتربت منا إنك حاضر في قلوبنا وساكن في جوارحنا فمرحبا بك وأهلا وسهلا بوجودك

 

 

 

شهر عزيز جاءنا وقلوبـــــنا       بالنور تسمـــــــو وتحيا وتركع

 

لشهر حبيب جاء عزا مكرما       ونحن مع الترتيل نبكي ونضرع

 

 

 

الدرس المتواضع

 

 

 

بحلول شهر رمضان الغالي الكريم أرى نورهذا الهلال العظيم يخيم على القلوب ويزرع فيهم الحماسة الإيمانية والتربية الربانية إنه شهر ينفرد بالتأثير والإصلاح ، في قلوب الناس ،وينعزل في محراب الإيمان ،إنه شهر التلاوة والترتيل ،شهر القراءة ومحاسبة الضميرشهر التجويد والتدريب على الصوت الحسن إنه شهر القيام والترتيل والتراويح والبكاء ومحاسبة الضمير والجوارح إنه شهر زراعة التربية المشرقة بين الأفراد ،وفي هذا الشهر الفريد من نوعه نجد الناس في المساجد ،فهذا يرتل وهذا يبكي متأثرا بصوته الغالي،وهذا يبشر الناس بتلحينه ويغرد بجمال صوته والعاشقون لهذا التغريد يتسابقون ،منهم من يركع وهو يبكي ومنهم من يسجد وهو يغرد كالطائر ،ومنهم من يسعى إلى ربط الخلق بصوته ومنهم من يجود وهو يحاسب نفسه ،ومنهم من يقرأ وهو غائب في عالم الحس الرباني بسبب محبته لكلام الخالق العظيم ،إن شهر رمضان شهر الرحمة والصفاء شهر الزحف نحو النور والخير والبركة إننا في انتظار وصولك إلينا ونحن نقلب أفئدتنا يمينا وشمالا عن استقرارك للحصول على الرحمة النفسية ياشهر رمضان ياموسم الراحة والفضل ،بوجودك يارمضان يغيب الحقد والحسد والبغض والنميمة ،ويعود التوافق والتلاؤم والتآزر والتآخي وصدق العظيم إذ يقول (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )إن وجودك ياشهر الفضل يجعلنا نحس بأن هذا الشهر هو خير ورحمة وبركة ومودة ووظيفتك مع هذا النور الرباني يجعلنا نشعر بأنك أعظم فترة في تاريخ هذا الكون الذي جاء يجمع هذه الأمة بعد تفرقها وتمزقها في عصور خلت وأعصر مضت جئتنا يارمضان لتعلمنا كيف نصلي وكيف نصوم وكيف نركع كم من صائم يظهر بعيدا عن هذه المسيرة الرمضانية لكن بوجودك ياحبيب النفوس عرفنا أنك أستاذ الرحمة أرسلك الله لعباده قصد التوحيد والتآزر وإبعاد الخلق عن الضلال والكفر والحقد والإلحاد تحركت نحونا يارمضان لنعيش جوا حبيبا وفضاء طاهرا إذ فيك يارمضان يكثر المؤمنون في المساجد على الترتيل والبكاء والدموع وفيك أيها الكريم الحبيب تتلى آيات القرآن وترتل سور علاج النفوس لتعود إلى رحمة القلوب ،إن القرآن الكريم نور أتى لعلاج القلوب لتعود إلى سعادتها

 

 

تضرع وتقرب ومحاسبة النفس

 

 

 

أخي الكريم إن الصوم في هذا الشهر العزيز يجعلنا نحس ونشعر بأن حياتنا في طريق الزوال والفناء ،وأن هذا الكون يسير كما شاء الله ومع هذ ه المسيرة الربانية نجد كلا من العباد يعمل لحياته ما يشاء ،فمنهم العابد ومنهم الباكي على ما فاته من حظ الآخرة ومنهم من يلهو في هذه الدنيا وكأنه غير موجود في هذا العالم ومنهم من يعبد عبادة المنافق ومنهم من يعبد عبادة المومن الزاهد الذي يرى أن هذه الدنيا ماضية ،وأن هذا العالم في طريق الزوال والتدميرومنهم من يصوم ويعبد ويتقرب إلى مولاه ،ومن العباد من يبيت قائما ساجدا وعابدا يراجع نفسه ويحاسبها ،أخي العزيز ومنا من يعيش مع الفقراءوالمساكين والأرملة وابن السبيلأخي العزيز ليس كل منا يصلي كما هو المطلوب إن المصلي هو كما يريد الله جل علاه هو من لم يتكبر على عباده ولم يبت مصرا على معصيته ،فمن كان على هذا الشكل قال الخالق في حقه (ذلك نوره كنور الشمس أكلؤه بعزتي وأستحفظه ملائكتي وأجعل له في الظلمة نورا(

 

 

 

المصــــــــــــــــــــــــــادر

 

 

رحلة إلى الدار الآخرة للإستاذ محمود المصري ص

 

منهاج المسلم               أبوبكر جابر الجزائري ص

 

الفقه الميسر         نخبة من العلماء ص

 

 

بقلم الباحث الشاعر د عبد السلام

 

 

معلومات بارزة من نصيب شعبان

تحت عنوان

فضائل شهر شعبان

 

 

مقدمة

 

 

شهر شعبان نور من أنوار الخير والرحمة أكرم الله به عباده الأخيار والمؤمنين الأطهار إن شهر شعبان شهر الجود والفضل والرحمة والبركة والتطوع شهر شعبان فيه يظهر العطف والرحمة والإنسانية،شهر شعبان شهر التدريب على المحبة وحب الخير، شهر شعبان شهر تدريب القلوب على الرأفة والشفقة في شهر شعبان يتحول الناس من البخل إلى الكرم، ومن التنافر إلى التآخي ومن المحبة الصادقة إلى الرحمة الصافية وفي شعبان الأبرك تتوحد الضمائر وتسير في خندق واحد نحو اتجاه الرحمة مقر المحبة والتآزر

 

 

شهر شعبان المبارك

 

 

شهر شعبان هو الشهر الثامن من شهور السنة الهجرية التي جاءت تزرع في قلوب العباد هداية ورحمة وأمنا وسمي شهر شعبان بهذا الاسم لأن العرب كانوا يتشعبون فيه بالأرض أي ينشرون فيها بحثا عن الماء وقيل إنهم يتشعبون في الغارات كما قال ابن حجر رحمه الله (سمي شعبان في طلب المياه أو الغارات بعد أن يخرج شهر رجب وقد أفاد سيد الخلق العباد بهذا الاسم أنهم تشعبوا فيه أي تفرقوا في طلب العلم ،وسمي أيضا هذا الشهر بشعبان لتشعب القبائل العربية وافتراقها للحرب بعد قعودها عنها في شهر رجب حيث كانت محرمة عليهم قيمة شهر رجب من خلال المراجع شهر شعبان يعتبر من الأشهرالتي تحتل مكانة عظيمة في الإسلام حيث إن فيه تقبل الأعمال الشريفة وتزكيها النفوس الطاهرة الكريمة ومن الجدير بالذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم فيه أكثر من غيره ورحم الله عائشة التي تقول في هذا الصدد (كان صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ،ويفطر حتى نقول لا يصوم فما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان أحداث مهمة وقعت في شعبان من أهم ما وقع في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم 1 تحويل القبلة في شهر شعبان من بيت المقدس إلى الكعبة بعد 16 شهرا ،كما تم فرض صوم رمضان سنة 2 هجرية ،وحدثت غزوة بني المصطلق في شعبان عام 5 هجرية وهذه الغزوة وإن لم تكن طويلة إلا أنها أحدثت البلبلة والاضطراب في المجتمع الإسلامي وحولت مجرى الحياة العادية إلى حياة غير مستقرة

 

مواليد شهر شعبان

 

 

من مواليد شهر شعبان مولد الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير وهو أول مولد في الإسلام في 2 من شعبان سنة 624 ميلادية ،ومن مواليد شهر شعبان أيضا مولد العالم الكبير أبي الفضل عياض بن موسى الحصبي السبتي المعروف بالقاضي عياض الذي قالوا عنه (لولا عياض ما عرف المغرب )وهذا الرجل العلامة يعتبر من أئمة العلماء الكبار في القرنين الخامس والسادس الهجريين وللقاضي عياض الكبير مؤلفات معروفة في الحديث ،ومن أشهرها (مشارق الأنوار )و(الإلماع )ومن الذين ظهروا في شهر شعبان العالم الجليل شهاب الدين محمد الألوسي أحد أئمة العلم في القرن الثالث الهجري ،وصاحب التفسير المعروف ب(روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني )

 

 

نصف شعبان ليلة محو الذنوب

 

 

ورد في الحديث أن الخالق جل علاه أنه يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ،ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه )رواه الإمام أحمد في مسنده وبحسب إجماع المفسرين فإن معنى للكافرين أي يمهلهم لعلهم يرجعون ويدعون أهل الحقد لحقدهم حتى يدعوه أي أن أهل الحقد والكراهية لا يغفر لهم حتى يتركوا حقدهم ويطهروا قلوبهم فهم محرومون من المغفرة ليلة النصف من شعبان وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل ليلة النصف من شعبان بالقول (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله جل شأنه ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا ،فيقول ألا من مستغفر فأغفرله ألا من مسترزق فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر ،ومن فضائل ليلة النصف من شعبان وفقا لأحاديث منسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثرمن عدد شعر الغنم )رواه الترمذي وصححه الألباني

 

 

من الفضائل العظيمة لشهر شعبان

 

 

ومن فضائل هذا الشهر العظيم أنه شهركريم لكن يغفل الناس عنه ،وهذا هو الأرجح لحديث أسامة والذي فيه (ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان )رواه النسائي انظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425 وقال سلمة بن سهل كان يقال لشهر شعبان (شهر القراء )وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء وكان عمرو بن قيس إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن

 

 

فضل ليلة النصف من شعبان

 

 

فضل شهر شعبان لا يقتصر على ما ذكر سابقا فحسب وإنما في هذا الشهر ليلة عظيمة وهي ليلة منتصف الشهر حيث فيها يطلع الله تعالى إلى خلقه ويغفر لهم جميعا عدا المشرك حتى يوحد الله جل جلاله والمشاحن أي المخاصم حتى ينهي الخصومة مع من تخاصم معه وجاء في قول النبي الكريم ( إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ) وهذه الليلة العظيمة تعد فرصة ذهبية لمن أراد مغفرة الخالق ولمن أراد الدخول للجنة التي أعدها الله تعالى لعباده هذا وإن المغفرة تكون لمن يجتهد بالتوبة ويتجنب المعاصي وهذا اليوم لا يوجد فيه سند عن النبي عن صيامه أو قيامه ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم

 

المصــــــــــــــــــــــــــادر

 

 

1 منهاج المسلم عقائد وآداب وأخلاق ــ لأبي بكر جابر الجزائري ص211

2 المنبر الرحيب للواعظ والخطيب ص 336 للشيخ حسن السبيكي

3 الأحاديث القدسية   من أصح كتب الحديث ص

 

 

(اللهم زين أعمالنا وأبعد عنا أخطاءنا ونبهنا إلى عيوبنا ) آمين

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضرة

 

تحت عنوان

 

رحمة العيد مع المجاهد والشهيد

 

 

 

 

المومن الصالح هو يبكي قلبه قبل أن تبكي عيناه ،وهو الذي ينظر بعين الرحمة إلى كل من عاش بعيدا عن نعم الدنيا ،وهو الذي يوجه قلبه إلى الحمد العميق والشكر الكريم المشرق إن المومن الصحيح هو الذي انغمس في ملذات العبادة بالليل والناس نيام ،هو الذي يختار الركوع والسجود وينظر إلى ربه بقلبه الذي لا يفارق ذكر الله ،ولا يفارق النظر بقلبه إلى قدرة الله وعظمته ،إن المومن السعيد هو الذي إذا رأى مسكينا انكمش نشاطه وتقلصت أضلاعه وارتجفت أوصاله ،إن العبد الكريم لدى الخالق جل علاه هو الذي لا ينام والناس نيام ،إن العبد القريب من الله هو الذي إذا رأى مسكينا بكى ،وإذا شاهد فقيرا بكى وإذا رفع يديه إلى السماء بكى ،وإذا فكر في الاخرة بكى ،وإذا تحرك يمينا وشمالا ،إن المومن الذي يحبه الله هو الذي يحب الله بقلبه ،وهو الذي لا يفارق التأمل في ملكوت الله ،هو الذي يعيش مع الله ،إن المومن هو الذي إذا رأى أي مخلوق في السماء تحير قلبه وارتعدت جوارحه ،إن المومن هو الذي ينظر بقلب الإيمان في خلق الله وملكوته

.

 

النظر في خلق الله زيادة في الإيمان

 

 

 

من دلائل عظمة المولى سبحانه ما نشاهده في هذه الرقعة العظيمة والشفق الرهيب من عجائب وغرائب في هذا ألكون العظيم الذي قهر كل جبار وزعزع كل عنيد ،وجذب إليه المتكبرين والمتجبرين حيث تاهوا مع هذه العظمة الإلهية والعالم الملكوتي،ولما وصلوا مع ركوعهم إلى الاعتراف بهذه العظمة الربانية انحنت رؤوسهم إلى الاعتراف برائد هذا الكون وآمنت جبابرة هذه الدنيا وركعت صناديد هذا العالم،ولم يبق أمامهم سوى الإيمان وهنا انقشع الحق وابتعد الباطل ،ورجعت كلمة العظمة التي تجلت في الجبال والأنهار والأشجار والبحيرات وعظمة البحارالتي توجد تحتها النيران ولا تنطفئ ،سبحان الله قال الخالق سبحانه ( و لو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله )من هنا ذابت عقول العظماء والكفار في ملكوت الله ،ورجعوا إلى طريق الحق ، وعاد الجميع إلى التآزر ،وبذلك انطلق نور الإيمان يسري في القلوب كما تسري الآجال في الأعمار ،ومن هنا خرج المومن الزاهد إلى حياة الزهد والركوع للخالق جلت عظمته ،وبذلك أصبح يسهر الليل ويبيت عابدا باكيا ،إن السعيد العزيز هو الذي يعطف ويرحم،وينظر إلى قلب المحتاج بفؤاد سخي وقلب كريم قال النبي صلى الله عيه وسلم قولا طاهرا لا شك أنه سيزرع فينا تربية السخاء والتدريب على الفضل والإحسان ورحم الله من قال ( تستر بالسخاء فكل عيب   يغطيه كما قيل السخــــــاء ) ،وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها يدربها على الخير والرحمة والفضل والنعمة (ياعائشة ارحم المسكين ولو بشق تمرة )ومضى قائلا (ياعائشة لا تردي المساكين وقربيهم فإن الله يقربك يوم القيامه ) إن السعيد هو الذي ينام على جنبه الأيمن وهو يتأمل في مصير الضعفاء والبؤساء يتأمل بقلبه الرحيم في المحرومين من عيد النحر ،إنه عيد يدفع الغني إلى التحلي بالكرم والتزين بفضائل السخاء ،ومن لم يجد ما يتكرم به فالنية الصادقة تنوب عنه في هذا الفعل الكريم ،كما ينوب عنه النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام بنحر أضحية فإ نها تغطي بأجرها أمة هذا الرسول الأعظم ونيابة عن أتباعه عليه السلام ،وهذا ما يذكرنا بالخليفة عمر بن عبد العزيز ،لما شاهد أولاده يلعبون وهم محرومو ن من متطلبات عيد الأضحى السعيد قصد بيت المال لكن المدير لم يدفع له ما طلب ،فرجع قائلا لأولاده عليكم بالصبر ياأبنائي،فعما قريب تكون عناية الله معكم بأفراح عيدكم وتبادل الزيارات

 

 

مرض كورونا أو الطاعون

 

 

 

تكلمت عن مرض الطاعون أو كورونا من الناحية العلمية سابقا،وتكلمت عنه من الجانب الشعري الوجداني ،ويهمنا الآن كيفية التعامل مع أي مرض كان يسلط على ساعة العصر ثبت في الحديث أن (النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس أدار وجهه وغطى أنفه وفمه بكفيه أو بطرف ثوبه )وكان الصحابة رضوان الله عليهم يفعلون مثل ذلك وروى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب في قضية الطاعون ( أنهم لما قصدوا الشام ووصلوا إلى مكان يدعى ( الجابية ) بلغهم أن به موتا عظيما ووباء ذريعا فافترق الناس فرقتين فقال بعضهم لا ندخل على الوباء فنكون قد سرنا في طريق التهلكة والموت وقالت طائفة أخرى بل ندخل ونتوكل ولا نهرب من قدر الله تعالى ولا نفر من الموت ،وجاء في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( فر من المجذوم كما تفر من الأسد ) وأ حسن ما يقال في هذا الشأن ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم فأدخله في القصعة ثم قال ( كل باسم الله ثقة بالله وتوكلا عليه )

 

 

استنتاج

 

 

يستفاد مما تقدم أن على الإنسان أن يكون على حذر دائما باستمرار كي يبقى مصونا بإذن الله جل علاه كما ينبغي لهذا الإنسان أن يكون ذا صلة بربه لتقاد قافلة حياته بسلام اللهم نور هذا الكون بنور المتقين ،وزك حياتهم بشمس الطائعين اللهم انظر إلينا برحمتك وأحي غربتنا بدعاء ملائتك اللهم لا تتركنا فريسة للظالمين آمين

 

 

كيفية صلاة العيد بالمنزل

 

 

 

بسم الله الحمان الرحيم أقول باعتزاز إن عيد الأضحى يعتبر لدى المسلمين من أغلى أيام تشرق فيه الشمس ،وهو يوم عظيم يتوجه فيه المسلم بعينه وبصيرته إلى ربه قائلا ( اللهم نور هذا الكون بنور المتقين وزك حياتهم بشمس الطائعين ،اللهم انظر إلينا في هذا العيد برحمتك ،وأحي غربتنا بدعا ملائتك ،ولا تتركنا فريسة للظالمين ) آمينإن صلاة عيد الأضحى سنة مؤكدة ويستحب أن تكون في جماعة مع الإمام سواء كانت في المسجد أو في الخلاء ،فإذا وجد مانع من اجتماع الناس كما هو الحال الآن من انتشار الوباء القاتل الذي يتعذر إقامة تكبيرات العيد بصورة عادية كما لو كانت صلاة العيد في المساجد وفاجأنا أهل الفقه والعلم بطريقة صلاة العيد في البيت بأنها تكون بنفس صفة صلاة العيد المعتادة حيث يصلي المسلم ركعتين بسبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام في الأولى قبل القراءة ،وخمس تكبيرات في الثانية بعد تكبيرة القيام قبل القراءة ،ثم يجلس للتشهد ويسلم مع العلم أنه لا خطبة بعد أداء الصلاة ويبدأ وقت صلاة العيد من وقت ارتفاع الشمس أي بعد شروقها بحوالي ثلث الساعة ويمتد إلى زوال الشمس أي قبيل وقت الظهر

 

.

 

ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين

 

 

المصـــــــــــــــادر

 

 

 

1  الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان     للشيخ ابن تيمية ص 75

 

2 منهاج المسلم عقائد وآداب وأخلاق وعبادات و معاملات للأستاذ جابر الجزائري ص239

 

3 الرحيق المختوم للشيخ صفي الرحمان ص 368

 

 

 

بقلم الباحث د الدكتورعبدالسلام الهبطيالإدريسي

 

 

============================

محاضرة في تفسير سورة الروم

عدد آياتها ستون

تحت عنوان

الحرب بين الروم والفرس

 

 

من مضامين السورة

 

 

ابتدأت السورة الكريمة بالتنبؤ عن حدث غيبي هام وهو انتصار الروم على الفرس وكان هذا بعد بضع سنين وهو ما بين الثلاث إلى التسع وهنا جاءتنا السورة الكريمة ببعض المشاهد الكونية والدلائل الغيبية التي ظهرت في كثير من المواقف الدالة على قدرة الله وعظمته ،ثم أتتنا السورة الكريمة ببعض الأمثلة للتفريق والتمييز بين من يعبد الرحمان وبين من يعبد الأوثان وختمت السورة بالحديث عن كفار قريش بعد مشاهدتهم لما جرى في هذا الكون من آيات تشهد على عظمة هذا الخالق العظيم ،ورغم هذه البراهين الدالة على عظمة الله جل علاه ،فإنهم مع ذلك لا يتعظون ولا يسمعون ولا يبصرون حتى كأنهم موتى ،وكل هذا جاء لتسلية الرسول الكريم الذي يلقاه من أذى المشركين.

 

 

النص القرآني الكريم

 

 

بسم الله الرحمـــــــــن الرحيم

 

 

( ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ،لله الأمر من قبل ومن بعد ،ويومئذ يفرح المومنؤن بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ،وعد الله لا يخلف الله وعده ،ولكن أكثر الناس لا يعلمون ،يعلمون ظـــــــاهرا من الحيواة الدنيا وهم عن الآخرة هم غــاــفلون ،أولو يتفكروا في أنفسهم ما خلق السمـــــــاـــــوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثير من الناس بلقائ ربهم لكـــــــاـفرون ،أو لم يسيروا فينظروا كيف كان عــــاـــقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالينـــــاـــت فما كان الله ليظلمهم ،ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) سورة الروم الآيات (1ــ9)

 

 

اللغة القرآنية

 

 

يغلبون) يهزمون ويقهرون ــــ ( أثاروا الأرض ) حرثوها وقلبوها للزراعة ( السوأى ) تأنيث الأ سوأ و هو ا لأقبح ـ والسوأى العقوبة المتناهية في السوء ( يحبرون يفرحون يقال حبره إذا سره سرورا تهلل له وجهه وظهر عليه أثره قال الجوهري الحبور السرورــــــ ويحبرون ينعمون ويسرون (عشيا العشي من صلاة المغرب إلى العتمة ( تظهرون ) تدخلون وقت الظهير

 

 

إعجاز سورة الروم وسورة البقرة ،وآل عمران والسجدة ،والعنكبوت ولقمان

 

 

قال العلماء في تفسير ( ألم ) الهمزة بمعنى ( أنا ) و اللام بمعنى ( الله ) وقالوا في تفسير الميم بمعنى عليم ـ وقالوا في تفسير آخر أن ( الهمزة ) بمعنى نشأة الكون وفسروا ( اللام ) بمعنى الشرائع والأوامر وفسروا الميم بنهاية الكون.

 

 

معجزة فواتح السور

 

سورة الروم التي تشارك في بناء رقم سبعة

 

 

من عظمة الخالق أنه بنى كونه على رقم سبعة ،وبما أن سورة الروم تدخل في تركيب الأرقام الآتية فسورة البقرة رقمها 286 آية وسورة آل عمران رقمها 200 آية وسورة العنكبوت تحمل رقم 69 آية وسورة الروم تحمل 60 آية وسورة لقمان تحمل رقم 34 آية وسورة السجدة تحمل 30 آية ومجموع فواتح هذه السور 669 آية ومع إجراء عملية القسمة نجد رقم 97 وهو عدد لم يبق منه شيء لماذا لأن الخالق كامل فجاء الرقم كاملا للدلالة على كمال قدرته سبحانه جل علاه

 

 

الحرب بين الروم والفرس

 

 

 

قال الخالق العظيم ( ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) الروم الآية 4 نزلت هذه الآيات عندما هزمت الروم في حربها ضد الفرس ،وكان ذلك في أوائل عصر النبوة ،فقد أخبر القرآن بمفاجآت تقع في المستقبل ،وقد تحقق ذلك بالفعل ،كما صرح القرآن بذلك ،وقد تحدث القرآن الكريم عن أمر غيبي مستقبلي لم يستطع أحد في ذلك الزمان أن يكذب وقوعه بقي الأمر على ما هو عليه حتى وقعت معركة بين الروم والفرس، فقد خسرت الروم في هذه المعركة خسائر قل نظير لها في ذلك الوقت ،حيث لم يكن أحد يتوقع أن تصل هذه الأمور إلى هذا المستوى ، وفي أقل من عشر سنوات قدر الله ما لم في الحسبان حيث وقعت معارك حاسمة بين الروم والفرس فانقلبت موازين القوى بشكل مفاجئ لمصلحة الروم بالنصر الكبير على الفرس حيث فتحت الطرق لاسترداد أراضيهم التي استولى عليها الفرس وتحقق ما أخبر به القرآن من قبل ،وكان ذلك سببا في إسلام كثير من غير المسلمين الذين عاصروا تلك الأحداث مع العلم أنهم كانوا يترقبون تحقق هذه النبوءة القرآنية التي تعد من الآيات والدلائل الواضحة على صدق محمد الرسول صلى الله عليه وسلم ،وأنه رسول الله حقا ،كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم ،باعتبارهم أهل الأوثان ،وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس على اعتبار أنهم كانوا من أهل الكتاب

 

 

تفسير النص القرآني

 

 

( ألم ) الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن ( غلبت الوم في أدنى الأرض ) أي هزم جيش الروم في أقرب أرضهم إلى فارس ( وهم من بعد غلبهم سيغلبون ) بمعنى أنهم بعد انهزامهم وغلبة فارس لهم إنهم بإذن الله سيغلبون الفرس وينتصرون عليهم وهذا من صدق الرسول لرسالته ( في بضع سنين ) بمعنى في فترة لا تتجاوز بضعة أعوام ،والبضع ما بين الثلاث إلى التسع قال المحققون من أهل التفسير ( كان بين فارس والروم عداوة فغلبت فارس الروم ففرح المشركون بانتصارهم على الروم لأن أهل فارس كانوا مجوسا ولم يكن لهم كتاب ،والروم أصحاب كتاب فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد قليل سيكتب النصر للروم ،وهذا ما أشار إليه قوله جل علاه ( وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) وقد التقى الجيشان وبعد مدة من الحرب كتب النصر للروم على فارس وفرح المسلمون ،وبهذا الانتصار تعرف حقيقة الرسالة وكان خبر هذا الانتصار معروفا وقد تقق بعد قليل ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) بمعنى أن لله عز وجل الأمر أولا و آخرا من قبل الغلبة ومن بعد الغلبة ،فكل ذلك بأمر الله وإرادته ، (ويومئذ يفرح المومنون بنصر الله ) بمعنى ويوم يهزم الروم الفرس ويتغلبون عليهم يفرح المومنون بهذا النصر لأهل الكتاب على المجوس لأنهم أقرب إلى المومنين من المجوس ( ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ) بمعنى ينصر من يشاء من عباده وهو العزيز بانتقامه من أعدائه ( وعد الله لا يخلف الله وعده ) بمعنى أن وعد الله مؤكد فلا يمكن أن يتخلف لأن وعده حق وكلامه صدق ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) أي لا يعلمون ذلك لجهلهم وعدم تفكرهم ( يعلمون ظاهران الحياة الدنيا ) بمعنى يعلمون أمور الدنيا ومصالحها وما يحتاجون إليه فيها من أمور الحياة كالزراعة والتجارة ونحو ذلك ( وهم عن الآخرة هم غافلون ) بمعنى وهم عمي عن أمر الآخرة ساهون غافلون عن التفكر فيها والعمل لها ويفهم من لفظة ( ظاهرا ) أنهم كانوا مشتغلين بالقشور ولم يعرفوا اللباب فكأن علومهم إنما هي علوم بهائم ( أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى ) بمعنى أو لم يتفكروا بعقولهم فيعلموا أن الله العظيم الجليل ما خلق السماوات والأرض عبثا وإنما خلقهما بالحكمة البالغة لإقامة الحق لوقت ينتهيان إليه وهو يوم القيامة ( وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون ) بمعنى وأن أكثر الناس منكرون جاحدون للبعث والجزاء ( أو لم يسيرا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ) بمعنى أولم يسافروا فينظروا مصارع الأمم قبلهم كيف أهلكوا بتكذيبهم رسلهم فيعتبروا ( كانوا أشد منهم قوة ) بمعنى كانوا أقوى منهم أجسادا وأكثر أموالا وأولادا ( وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها ) بمعنى حرثوا الأرض للزراعة وحفروها لاستخراج المعادن وعمروها بالأبنية المشيدة والصناعات الفريدة أكثر مما عمرها هؤلاء قال العلامة البيضاوي وفي الآية تهكم بأهل مكة من حيث إنهم مغترون بالدنيا مفتخرون بها وهم أضعف حالا فيها ( وجاءتهم رسلهم بالبينات ) بمعنى جاءتهم الرسل بالمعجزات الواضحات والآيات البينات فكذبوهم ( فما كان الله ليظلمهم ) بمعنى فما كان الله ليهلكهم بغير جرم ( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) بمعنى ولكن ظلموا أنفسهم بالكفر والتكذيب فاستحقوا الهلاك والدمار

 

 

المصادر

 

 

1 صفوة التفاسير للأستاذ محمد علي الصابوني مج 2 ص 471

2 الجامع لأحكام القرآن للعلامةالقرطبي مج 7 ص 501

3 تفسير القرآن العظيم للعلامة ابن كثير مج 3 ص 673

 

 

( ربنا أفرغ علينا صبرا ) و نبهنا إلى أخطائنا وعيوبنا آمين

 

 

بقلم الباحث د الهبطي الادريسي عبد السلام

 

 

 

عيد الفطر و ليلة القدر

 

 

 

مقدمة

 

 

 

أجمل ما يحلو للمومن ،أن يرى نفسه مع خالقه في عالم التأمل والتدبر وقراءة القرآن الكريم قال النبي الأكرم ،صلى الله عليه وسلم (أعطوا لأعينكم حظها ،قالوا وما حظها يا رسول الله قال النظر في المصحف ، والتدبر في القرآن والاعتبار عند عجائبه )،وما أحلى أيام هذا الشهر الفضيل ونحن في سكرات التلذذ باحتفالنا في شهر رمضان الذي نراه يزورنا في كل سنة ،فمرحبا بك يا رمز أخلاقنا وأهلا وسهلا جئتنا ومعك بركات ،وزرتنا وأنت حامل كنوز الرحمات وشرفتنا وأنت حامل فضائل الخيرات ،وهنا يظهر التلذذ بحلاوة الحياة ،وبهذا التدبر نرى قدرة الله تتجلى في ،حياتنا وتحركاتنا ،إذن قدرة الله هي الساهرة على كل ما نراه وما نحسه وما نشعر به ، وطبعا حياتنا مع إلهنا ،تتحقق بصفاء القلوب وبراءة الأيدي ،فهذا سيدنا موسى عليه السلام ناجى ربه قائلا يا رب (من هم الذين تظلهم تحت عرشك ) فكان جواب الله يا موسى (هم البريئة أيديهم ،الطاهرة قلوبهم )

 

 

 

الإ عجاز العددي لآيات ليلة القدر

 

 

 

 

روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال سورة القدر يوجد فيها ثلاثون كلمة ،وأنها تقع في رتبة (السابع والعشرين )وورد عنه أيضا (إن كلمة ليلة القدر مكونة من (تسعة حروف )وتكررت هذه الحروف ثلاث مرات ،فيكون الحاصل سبعة وعشرين ،علما أن قوله هذا هو من اجتهاده فقط ولكنه في رأيي اجتهاد صحيح لا غبار عليه ،ثم إن عدد آيات سورة القدر5 وترتيبها في المصحف هو 97 هي معظم الليالي العشر الأخيرة من رمضان و هي التي يكون فيها الأجر مكثفا ،ومن جانب آخر نجد عدد حروف السورة 114 وهو نفس عدد سور القرآن الكريم ،وكأن الله يخبرنا أن سور القرآن الذي بدأنزوله في هذه الليلة الشريفة سيكون هو نفسه عدد حروف سورة القدر

 

 

 

ليلة القدر المباركة

 

 

 

 

قدمت الإعجاز العددي على ليلة القدر الشريفة للاطلاع عليها وعلى أسرارها للمزيد من الإيمان بالله جل شأنه ،وليلة القدر هي من العشر الأواخرمن شهر رمضان الكريم وشهر الفضل والخير والنماء ،وسميت بهذا الاسم لأن فيها تقدر أرزاق العباد وتوزع فيها الخيرات على الخلق والعباد ،كما سميت بليلة القدر لأنها ذات نعم ورزق ورفعة وقد وصى بها النبي الرحيم بالاهتمام بها في العشر الأواخر كما قال صلى الله (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ) ومن علامات هذه الليلة الكريمة أنها ليلة ضياء وسكينة ونور ويستحب فيها الصلاة بخشوع وحتى الدموع والجدير بالذكر أن ليلة القدر فيها توزع الأرزاق على الخلق مع تقدير الآجال في الليلة التي نزل فيها القرآن على قلب نبي خير الخلقومن أحب الأعمال إلى الله في هذه الليلة السعيدة أدعية رفيعة مستحبة اخترت منها دعاء مؤثر ا ونصه (ياإله العالمين يامجيب دعوة المضطرين ،يامن لا يزداد على السؤال إلا كرما وجودا وعلى كثرة الإلحاح إلا تفضلا وإحسانا نسألك مسألة المساكين ،ونبتهل إليك ياربنا ابتهال الخاضع المذنب الذليل ندعوك من خضعت لك رقبته وذل لك جسمه ورغم لك أنفه ،وفاضت لك عيناه يامن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء عمن ناداه اللهم هؤلاء عبادك ،قد نصبوا وجوههم إليك ورفعوا أكف الضراعة إليك في هذه الليلة المباركة اللهم فأعطهم سؤلهم ولا تخيب رجاءناورجاءهم ولا تزدنا خائبين برحمتك ياأرحم الراحمين ) وتعد ليلة القدر من أفضل الليالي في الإسلام على الإطلاق لأن العمل فيها خير من ألف شهر وفي هذا الشأن قال جل علاه (إنا أنزلنــــاــه في ليلة مبــاـــــركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم ) وقال خالقنا العظيم (ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلــاــــم هي حتى مطلع الفجر )وقال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم (من قام ليلة القدر إبمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )ومعلوم أن هذه الليلة المباركة تكون بالصلاة والعبادة والخشوع والتضرع إلى الخالق العظيم وقالت عائشة رضي الله عنها (كان الرسول الكريم إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد بتشديد الدال وشد المئزر ) ومن الجدير بالذكر أنه ثبت علميا لدى وكالة (ناسا )الفضائية أنه ينزل على الأرض يوميا أو في اليوم الواحد ما بين 10إلى 20 ألف شهاب غير أن ليلة القدر قد اكتشفت بها وكالة (ناسا )أنه لا ينزل بها شهاب وهذا ما اكتشفه القرآن منذ آلاف السنين بدليل قوله جل علاه (سلــــــاـــــــــم هي حتى مطلع الفجر )بمعنى أن الوقت في هذه الليلة الكريمة يمر بسلام فهو محفوظ من كل شيء يصيب هذا الكون

 

 

 

عيد الفطر السعيد

 

 

 

 

 

عيد الفرح والنور ،عيد السرور وجمع الشمل ،عيد الاستقرار والمحبة ع الرحمة والفضل والإحسان عيد الزيارات والتقارب ، إنه   يوم زرع العطف في القلوب يوم التآزر والتلاقح ،إنه عيد التلاحم وإحياء الذكريات الغائبة ،إنه عيد المسح والتشطيب على الحقد الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ،إنه عيد إحياء النفوس التي قتلتها الغربة والهجر والنسيان ،فأهلا وسهلا بك ياعيد انشراح الصدور ،أهلا برجوعك لإحياء نفوسنا بالقرآن والذكر والتسبيح أهلا بك لإدخال السعادة إلى كل خلية من خلايانا ،مرحبا بك فهذا منزلك ونحن أهلك وأقاربك ،لقد عدت إلينا وقلوبنا تفيض فرحا واستبشارا ،ففي هذا اليوم نرى أطفالنا وأولادنا يلعبون ويمرحون ،ويفرغون ما في قلوبهم من ملل وقنوط ،ويكنسون ما في قلوبهم من مخلفات مريضة لم يستفيدوا منها إلا ما يؤخرهم فكريا واجتماعيا وأخلاقيا ،إنه العيد لإعادة الصحة والحيوية وطرد الهموم والأحقاد ،إنه يوم لاجتماع الأخ بأخيه والصديق بصديقه ،إنه يوم التلاقح والتآزر بين الأهل والأحباب ،فهنيئا لكل أب زار ابنه وأقاربه ،وهنيئا لكل زوج زار زوجته ثم هنيئا لكل ضعيف عاد إلى أبيه وقلبه يلهج عطفا وحنانا وهنيئا لكل أسرة كانت في ديار الغربة فأنعم الله عليها بنعمة الزيارة وإحياء صلة الرحم

 

 

 

زكاة الفطر

 

 

 

زكاة الفطر هي صدقة تجب بالفطر في شهر رمضان وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنها سبب وجوبها أما حكمة مشروعيتها فهي طهرة (بضم الطاء )من اللغو والرفث وطعمة للمساكين بمعنى أن من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ،ومن أداها بعد الزكاة فهي صدقة من الصدقات ومعنى (طهرة )أي أنها تطهير لصائم رمضان أما الرفث فتفسيره كما قال ابن الأثير الرفث هنا هو( الفحش ) ومعنى تفسير قوله (طعمة ) بضم الطاء هوالطعام الذي يوكل أما معنى (من أداها قبل الصلاة )أي قبل العيد (فهي زكاة مقبولة )ويكون معنى (صدقة من الصدقات ) يعني الذي يتصدق بها في سائر الأوقات أما وقت وجوبها هو غروب الشمس من آخر يوم من رمضان ،فمثلا من تزوج أو ولد له ولد أو أسلم قبل غروب الشمس فعليه الفطرة ،وإن كان بعد الغروب لم تلزمه ومن مات بعد غروب ليلة الفطر فعليه صدقة الفطر

 

 

 

صلاة العيد في المنزل

 

 

 

 

نظرا لهذا الوباء الذي وقف في طريق أداء الصلاة فقد قال علماء الأمة أنه يجوز صلاة عيد الفطر المبارك في البيوت بالكيفية التي تصلى بها صلاة العيد ،وذلك لوجود العذر المانع من إقامتها في المسجد أو الخلاء ،ويجوز أيضا أن يصليها الرجل جماعة بأهل بيته ،كما يجوز للمسلم أن يؤديها منفردا ،وذلك باعتبارأن ديننا الحنيف يسعى دائما إلى حفظ النفوس ووقايتها من الأخطار والأضرار ومن جانب آخر أن علماء الأمة بينوا أنه لا خطبة لصلاة العيد ،فإن صلى الرجل بأهل بيته فيقتصر على الصلاة دون الخطبة وتكون الصلاة في البيت بركعتين ،وبالتكبيرات الزوائد،وعدد التكبيرات الزوائد سبع في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام ،وخمس في الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام ،علما أن صلاة العيد هو وقت صلاة الضحى ،يبدأمن بعد شروق الشمس بثلث ساعة ويمتد إلى قبيل أذان الظهر بثلث ساعة ،فإن دخل وقت الظهر فلا تصلى لأن وقتها قد فات

 

 

 

 

( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين

 

 

 

المصــــــــــــــــــــــــادر

 

 

 

 

1 ـ منهاج المسلم  لأبي بكر الجزائري ص183

 

2 ــ المنبر الرحيب للواعظ والخطيب ـــ للأستاذ حسن السبيكي 656

 

3 درة الناصحين في الوعظ والإرشاد   لعثما ن حسن الشاكر ص 299

 

 

 

 

بقلم الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضرة

تحت

عنــــــوان

 

رمضان رحمة وشفاء من كل  داء

 

 

 

المقدمة

 

 

 منذ ظهور الإنسان على هذه الأرض وهو يقود عجلة التحرك ويبحث عن حياة أفضل ،تليق بما يراه صالحا لمسيرة حياته ،ونظرا لشغفه بحب حياته ،فقد كان يرى وباستمرار أنه  ما  زال ،في حاجة إلى الرفع من مستوى هذه الحياة ،ومع مرور عجلة   طموحه توجه بعقله إلى ما يروقه ويفتخر به غير أن كفة ميزانه كانت تنزلق  به إلى منحدر ،لكنه استطاع أن يتغلب عليها بكده واجتهاده وانفتاحه على ما يحيط به ،خصوصا لما علم أن الفلاح في الحياة يعود إلى الاتحاد وجمع الكلمة والبعد عن الزيغ والاندفاع نحو الهاوية  وفي هذا الصدد قال الخالق العظيم ( واعتصموا بحبل الله جميعا ،ولا تفرقوا ،واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )يفيدنا هذا النص الشريف أن التقدم في الحياة يكمن في جمع الشمل وهذا ما أشار إليه حذف الألف من لفظة (إخوانا ) إلى الاتحاد بعد البعد والشتات.

 

 

الصبر في رمضان يقوي الإيمان

 

 

كل عام وأنتم بخير ،ها هو شهر رمضان الفضيل قد حل ضيفا علينا وفرحنا به وابتهجنا ،لكن صاعقة (كورونا) قد حملت لنا معها أحزانا ودموعا ،وتركت الناس كأنهم سكارى وما هم بسكارى كما قال ربنا العظيم ،سبحان الله فما من يوم يمر بحياتنا إلا ونسمع بانتقال الخلق إلى العالم الآخر وما من ساعة نعيش بين أحضانها إ إلا ويصلنا خبر مؤلم مفاده أن عددا من البشر قد فارق الدنيا أو نسمع بانتقال أسرة قضى عليها   وباء (كورونا )وشطب عليها ،فتحولت حياة البشر بذلك  من خير إلى شر ومن نعيم إلى جحيم،ومن فرح إلى سرور ومن استقرار إلى فتن ،غير أن رحمة الله كانت وما زالت مع العباد تدخل عليهم الاستقرار والسرور ،وتفيض على قلوبهم نعم السعادة ،وعلى أفئدتهم الصبر والقناعة وصدق الله العظيم إذ يقول (ورحمتي وسعت كل شيء )

 

 

الفوائد الصحية للصيام

 

 

 

من رحمة الله بعباده نجد أنه أعطى فضل الصيام كهداية قوية للجسد وكراحة للقلب والجسم البشري من الطعام والشراب المستمر إذ أن مدة الطعام ودورة الهضم تستغرق حوالي ست ساعات ،فعندما تظل المعدة والأمعاء خاوية لأكثر من عشر ساعات هنا تصبح المعدة  مهيأة بعد ذلك للهضم بعد هذه الفترة ،فالنبي صلى الله عليه وسلم نجده قد أوصى بالإفطار على تمر أو ماء لماذا لأن السكريات تعطي طاقة ونشاطا للجسد والدورة الدموية قال العلماء ومن الأفضل ألا يتناول المسلم الطعام مباشرة بعد شرب الماء ،لماذا ؟لأن المعدة تكون في حالة استرخاء بسبب الصيام ،فالطعام المباشر هنا من الراجح أنه يسبب عسر الهضم

 

 

تعابير رمضانية تنير قلبك

 

 

أخي في هذا الشهر الكريم حاول أن تجاهد نفسك قدر استطاعتك واغسل قلبك قبل جسدك ولسانك قبل يديك ،واحذر أن تكون من أولائك الذين لا ينالون من  صيامهم إلا الجوع والعطش  أخي الكريم في رمضان سارع إلى الخيرات وابتعد عن الحرام وفارق الغيبة حتى لا تفطر على لحم أخيك ،غير اتجاهك وارفع رأسك إلى خالقك وابك ، وأنزل دموعك على صدرك واجعل منها حوض التوبة ، فالله معك ،وهو ليس بغافل عما تعمل ( وإن عليكم لحفاظين   كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) سورة الانفطارالآية 11 فهنا يظهر الإعجاز القرآني شامخا فلم  يقل الله جل علاه ( يفعلون ) ولكنه قال  ( يعلمون ) ليعطي مهلة للإنسان لمحاسبة نفسه ،فإن هو تاب وتغير عقله ،فهنا يقول الله للملك اكتب توفيقه في عمله ،وإن هو استمر في عصيانه فإن التعبير يبقى كماكان.  أخي الكريم في هذا الشهر العظيم يتحول المسلم إلى كتلة من نور وشعاع يشع به على الناس بالخير وعظيم النعمأخي المومن في هذا الشهر الفريد من نوعه نعيش مع ليلة شرفها الخالق جل علاه ،وذلك باعتبار أنها ليلة خير من ألف شهر حيث تنزل الملائكة إلى بيوت الله والمساجد المنور ة، لذكر الله وتسبيحه حتى  لحظات الفراق مع صلاة الفجر، حيث يقع التوديع وفراق الملائكة للمصين وعباد الله المومنين الذين تقاطرت الدموع من أعينهم بفراق جنود الله الذين نوروا بيو ت الله بذكر الخالق العظيم ،فهنيئا لكل مومن سقطت دموعه  على صدره  في ليلة القدر ورحمة  وبركة لكل من روى ثوبه بمياه عينيه ،أخي العزيز إنها لحظات الخشوع والدموع ولحظات التوبة وطلب المغفرة . أخي وصديقي أسأل الله العلي القدير لي ولك ولسائر الأوفياء الأتقياء الذين إن غابوا لم يفتقدوا وإن حضروا لم يعرفوا مزيدا من التقرب إلى خالق العباد  ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم  ) سورة الشعراء الآية 89

 

 

الشهد اء كمايراهم المفتون 

 

 

أفتى الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتا ء المصرية قائلا من قاتل في معركة شريفة فمات فهو شهيد ،ومنها شهيد الدنيا وهو الذي دخل المعركة ولكنه كان لا يرجو وجه الله ،فهذا محكوم عليه بأنه شهيد، وجاء من دار الإفتاء المصرية أن من توفي بسبب مرض (كورونا ) فهذا يعتبر شهيدا كما صرح بذلك العلماء وقال الفقهاء إن الشهيد الكامل هو المسلم المكلف الذي قتله أهل الحرب أو قطاع الطرق ،فهذا كما قال أهل

العلم  يكفن ويصلى عليه ولا يغسل ويدفن بثيابه ودمه وقال العلماء إن الغريق والحريق والغريب ومن مات في سبيل  طلب العلم قالوا إن هؤلاء يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم وقال صلى الله عليه (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) متفق عليه  وقال صلى الله عليه وسلم (من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في (الطاعون )  فهو شهيد  ومن مات في البطن فهو شهيد ) ثم إن الموت بسبب (فيروس كورونا يدخل تحت اسم الطاعون ) وهو بهذا يصبح في زمرة الشهداء اللهم اجعلنا من  عبادك الصالحين آمين

 

 

 

 

(ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا )

 

 

 

المصـــــــــــــــــــــــادر

 

 

1 الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان    لابن تيمية ص8

2 الخوف من سوء الخاتمة للشيخ محمود المصر ي ص 49

3 غرائب الفتاوى للأستاذ   أشرف

 

 

بقلم الباحث الشاعر دعبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الحمــــن الرحيم

 

محاضرة في العبادات

 

تحت عنوان

 

المسلمون و عيد الأضحى

 

 

 

 

يعيش المسلمون في العاشر من ذي الحجة في كل مكان وفي كل الأرجاء يبتسمون ويضحكون بحلول عيد الأضحى المبارك الذي فيه ترق القلوب وتنزل الرحمة وتتراحم الخلائق ،وفي هذا اليوم تنشرح الأفئدة بما يمطره الله على عباده من تكريم وتشريف ،وفي هذا اليوم الغالي يلتقي فيه الولد بأبيه والأخ بأخيه والصديق بصديقه والخليل بخليله والحبيب بحبيبه ،وفي هذا اليوم تمتلئ القلوببرحمة الخالق و تطرد الأحقاد ،وتمسح الضغائن وتفتح أبواب المحبة وتكثر الزيارات وتتزين لوحة الكون بالعز وفتح باب التسامح والصدق والصفاء وفي هذا اليوم العاشر من ذي الحجة تذبح فيه الضحايا وفيه يوسع الله على الفقراء والأرامل واليتامى فهنيئا لمن أطعم اليوم جائعا وهنيئا لمن كسا عاريا وهنيئا لمن واسا مكلوما وهنيئا لمن عاد مريضا وصدق الله العظيم إذ يقول (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )إعلم أخي ألعزيز قال الرسول صلى الله عليه وسلم(إن المومن يؤجر في كل شيء حتى اللقمة يرفعها إلى امرأته )أخي المومن فتش عن ضعفاء العيد سل عن حاجاتهم ،بادر إلى إدخال السرور إلى قلوبهم أخي المسلم تذكر صبيحة العيد وأنت تقبل أولادك ،تذكر الضعفاء الذين تمتلئ صدورهم بالدموع وقلوبهم بالألم أيها الأخ الكريم اذبح ضحيتك باسم الله بعد صلاة العيد فمن ذبحها قبل صلاة العيد ،فهي شاة لا تجزئ والأفضل الانتظار حتي ينتهي الإمام من الخطبتين ،واعلم أخي المومن وصديقي المسلم أن الذبح يمتد وقته إلى آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر ،ثم اعلم أيضا أن السنة أن يأكل الرجل من أضحيته ويتصدق ويتكرم قال الخالق العظيم (فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرها لكم لعلكم تشكرون )سورة الحج   أخي الكريم لك أن تتزود منها وتدخر قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم (كلوا وتزودوا وادخروا )رواه الشيخان ،واعلم أخي المومن الأفضل لك أن تتولى ذبح أضحيتك بنفسك هذا إن كنت تحسن الذبح ،وإن كنت لا تحسنه فيكفي أن تذبح أمامك ،وعند الذبح يقول الذابح (بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك وإليك ويكفي أن يكتفي الذابح بنيته ،ولكن إذا نطق بلسانه أفضل ،اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإذا عجزت عن شراء الأضحية فإن الرسول الكريم قد قام بذبح كبشين أملحين أقرنين أحدهما عن نفسه ،والثاني عن أمته ،ويجوز الذبح ليلا ونهارا لكن في النهار أفضل فهذا سيدنا إبراهيم الخليل لم ير بإذن الله إلا أن يقوم بذبح ولده إسماعيل فداء لخالقه الأعظم فقال (يـــــاـابـــني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يــــاـأبت إفعل ما تومر ستجدني إن شاء الله من الصـاـبرين فلما أسلما وتله للجبين ونـــــاـدينـــاـــه أن يـــــــاـإبراهيم قد صدقت الرءيا إنا كذالك نجزي المحسنين ،إن هذا لهو البلــــــاــــــؤا المبين وفدينــــــاـــــه بذبح عظيم )سورة الصافات الآية 107 أخي الكريم هذا هو عيد الأضحى المبارك وعيد الشعور بالعطف نحو الآخر إنه العيد الذي تنجلي فيه الأخوة والرحمة ويمحو الله فيه السيآت ،وفيه يحس المحسن أن البخل قد انهزم وولى، والشح قد أقبروغاب ،وحل محله الكرم والسخاء تستر بالسخاء فكل عيب   يغطيه كما قيل السخاء فهنيئا لمن أطعم اليوم جائعا وهنيئا لمن كسا عاريا وهنيئالمن واسى مكلوما وهنيئا لمن عاد مريضا وصدق ربي إذ يقول (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ،ثم توفى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون )سورة البقرة هذا هو عيد النحر عيد التكريم ،عيد الجمال والجلال والتمام والكمال والربط والاتصال ،أخي الشقيق في يومك هذا يحلو لك أن تفتش عن الضعفاء لتشاركهم أفراحهم ، وأحزانهم ،بادر إلى إدخال السرور إلى قلوبهم ،أخي العزيز تذكر صبيحة العيد وأنت تلعب مع أولادك ،تذك المجتمع المنكوب الذي يذوب بكاء وحسرة من شدة الفقر والبؤس والحرمان ،تذكر اليتامى الذين لا يجدون صبيحة العيد حنان الأب ،تذكر الأيامى اللواتي فقدن ابتسامة الزوج ،تذكر الآباء والأمهات المنكوبين الذين حفرت الدموع في صدورهم مجا ري لم تجد طريقا للوقوف أخي الكريم عش مع الذين حرمهم القدر من راحة الحياة ولحظات السعادة ،ولا تتلذذ بفراشك الوثير وظلك الظليل عش مع إخوانك المحرومين من لقمة الطعام ،عش مع إخوانك الذين يفترشون الغبراء ويلتحفون حرارة الحرمان اقتد بقول الحق جل شأنه (والمومنون والمومنــــــــاــــت بعضهم أولياء بعض ) أخي المومن كنا قبل ( لا إله إلا الله )أمة لا تعرف إلا الضلال والبهتان أمة لاتعرف إلا القتل وسفك الدماء أمة لا تفارق السجود للحجر أمة يقتل يعضها بعضا لكن لما جاء الخالق العظيم بقانون السماء وهو القرآن وأنزله على سيد الخلق وقنديل البشر أصبح الكون مشرفا بهداية هذا الكتاب العزيز وصدق الله العظيم إذ يقول ( هو الدي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم ءايـاته ويزكيهم ويعلمهم الكتـــــــاــــــب والحكمة وإن ،كانوا من قبل لفي ضلــاـــــل مبين ) سورة الجمعة أخي العزيز ردد معي هذا الكلام الجليل 'اللهم يا رب لك الحمد بالإيمان ،ولك الحمد بالإسلام ،ولك الحمد بالقرآن ،عز جاهك وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك ،والحمد لله رب العالمين '

 

 

 

 

المصـــــــــــــــــــادر

 

 

 

 

1ـ روائع البيان تفسير آيات الأحكام للشيخ الصابوني ص237

 

2ــ العرف الناشر في الفقه المالكي للأستاذ المختار بن العربي ص332

 

3ــ مناسك الحج للأستاذ   محمد الخطيب ص 5

 

4- أحكام الحج والعمرة للعلامة الدكتور طنطاوي

 

 

 

( ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشد ا)

 

 

 

بقلم الباحث الشاعر دعبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

 

 

 

درس في العبادات

تحت عنوان

رمضان هدية الرحمان

 

 

 

لقد  عدت إلينا يانور الشهور ،جئت إلينا تحمل معك فضائل عظيمة وشمائل كريمة وخصال سعيدة مضيئة ،لقد اعتدت أن تودعنا كل سنة ،وتتركنا ودموعنا تسيل من الأعين ،وقلوبنا تتألم بغيابك عن ساحة الخير والرحمة والعطف لقد جئتنا اليوم كما ودعتنا بالأمس مع بقاء المحبة تخيم على القلوب والحنان يهمين على النفوس،ودعتناياشهر الرحمة ،وتركتنا نحمد الله بقراءة القرآن في انتظار عودتك إلينا ،إنك يارمضان في كل قلب تعطر الأجواء وترحم القلوب الهشة البعيدة عن ذكر الكريم ،وكلما ابتعدت عنا بالزمان  نقترب منك بقراءة القرآن إنك يارمضان بحضورك إلى جانبنا نزداد خشوعا ونفيض محبة إليك ،ماذا نصنع إذا ابتعدت عنا وفارقتنا ،ياشهر الرحمة نستطيع أن نصبر على فراقك بقراءة القرآن ،كما قال الله جل علاه (أشراف أمتي حملة القرآن ) البخاري ـ وقال النبي الكريم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه )قراءة القرآن  جميلة وعبادة في آن واحد ، ولكن قراته تكون أروع وأفضل إذا قرأه المومن في هذا الشهر العظيم في شهر التلاوة والعبادة ،في شهر القيام والتوبة في شهر الندم والبكاء في شهر محاسبة النفس ،وفي هذا الشهر الطاهر تطهر النفوس وتنفتح القلوب لكل مسكين ،ويتحقق  العطف والإحسان على اليتامى والمساكين والمحتاجين ،كما أن في هذا الشهر تمتلئ المساجد بالمومنين وتكثر قراءة القرآن والتراويح ،وتتغير أصوات القراء بالترقيق والتجميل ، ،وفي هذا الشهر الوردي الجميل تغني القلوب بالمسرات والأفراح وتدخل الملائكة إلى المساجد  لتزكي هذه اللقاءات الروحانية في بيوت الله ومواطن الذكر والتهليل وتتلطف الأجواء بإعطاء نفس الخير والبركة لكل قديم و جديد  وهنا تظهر كواكب النصر وتعطير النفوس بأغلى كلمة في الوجود وأحلى لفظة في الكون ،وهي (لا إله إلا الله الأحد محمد رسول الله الأحمد )،وفي هذا الشهر المبارك تغني القلوب بالأفراح والتهليل  وتتعطر فضاءات الكون بالذاكرين الله كثيرا والذاكرات ،وتنقلب الحياة من الجفاف إلى حب الفقراء والضعفاء وهنا تنقشع شمس التآلف والترابط بين الخلق ويظهر الانسجام يسري في النفوس كما تجري الآجال في العمار وصايا نافعة ومؤثرة أخي  القارئ الكريم لا تكن ممن أتاه الموت قال مثل ما قاله الذين ذمهم الله في كتابه بقوله (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون )سورة المومنون الآية 99 أخي القارئ الكريم إبدأمن الآن واعمل صالحا ،واستدرك ما فات من عمرك   أخي القارئ الكريم كلنا أصحاب ذنوب وخطايا وليس منا من هو معصوم عن الزلل والخطأ لكن خيرنا من يسارع إلى التوبة ويبادر إلى العودة أخي القارئ الكريم حاسب نفسك قبل أن تحاسب ،وراجع أمرك واستفد من لحظات حياتك فإنها أيام قلائل وساعات معدودةاللهم أغثنا بالعلم وزينا بالحلم وأكرمنا بالتقوى وجملنا بالعافية ،اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ،وفهمنا في الدين يارب العالمين ـ اللهم وفقنا لأحسن الأقوال واهدنا لخير الأعمال

آمين والحمد لله رب العالمين

 

 

بقلم د الباحث الشاعر عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

المصادر : من فضل العبد الضعيف 

 

 

 

محـــــــــــاضرة  

 

تحــــــــــت عنـــــــــــــــــوان

 

احتفــــــــــــال المسلـــــــــــــــــــــمين بعيد الأضحى

 

 

 

 

 

يبدأ الاحتفال بعيد الأضحى المبارك بأداء صلاة العيد في فجر اليوم الأول له ويستمر الاحتفال بهذا العيد لمدة ثلاثة أيام على عكس عيد الفطر ،الذي يستمر ليوم واحد فقط ،ومن الممكن أن تؤدى صلاة عيد الأضحى في المساجد أو خارجها ،ثم يذهب المسلمون بعد الصلاة لتقديم الأضاحي لربهم تطبيقا للآية القرآنية التي نزلت في سورة الكوثر في القرآن الكريم ( إنا أعطينـــــــاـــك الكوثر ،فصل لربك وانحر ،إن شانئك هو الابتر ) سورة الكوثر الآيتان ( 1 ـــ 2 ) و تتميز أيام العيد بأداء الصلوات وذكر الله تعالى وزيارة الأقارب ولبس الأثواب الجديدة ومساعدة الفقراء والمساكين الذين تخلى عنهم الزمان وعضهم بأنياب الفقر ،وتركهم للهموم والشتات والحرمان ،هذا ويجب ذبح الأضحية في يوم العيد الموافق للعاشر من ذي الحجة واليوم الحادي عشر والثاني عشر منه ،وبهذه الطريقة المباركة يتقبلها الخالق العظيم كأضحية للعيد ،وينتهي وقت ذبح الأضحية في يوم عيد النحر مع غروب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة وعيد الأضحى هو عيد المسلمين الكبير ،والذي يكون في اليوم التالي لوقفة عرفة أي مع انتهاء الحجاج من تأدية مناسك الحج في بيت الله الحرام ،هذا ويعتبر عيد الأضحى ذكرى فداء سيدنا إسماعيل ،حيث يتقرب المسلمون إلى الله جل وعلا بذبح الأضاحي من الأنعام أي من الأغنام والإبل والبقر وتوزيعها على الأقارب و الفقراء ،هذا بالإضافة إلى العبادات الأخرى في هذه الأيام المباركة مثل صلاة العيد ،وذكر الله والتزاور وصلة الرحم والصدقة وغيرها من ألوان البر والإحسان ،ومع هذا الجو الكريم تتزين هذه الأيام بالمحبة والعطف والفرح ،وتغمر البهجة والسعادة قلوب الصغار والكبار ويمتد حبل التهاني بالناس بعد الانتهاء من صلاة عيد الأضحى الكريم ،وهنا يلاحظ أن العطف يقوى والمحبة تزداد وتبادل جميل العبارات تتكاثر مثل تقبل الله منا ومنكم الطاعات ،وكل عام وأنتم بخير وفي هذا اليوم السعيد يبدأ التكبير والتهليل من يوم عرفة بعد صلاة الفجر مباشرة ،ويستمر إلى ما بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق ( الثالث عشر ) من ذي الحجة وعيد الأضحى هو أحد العيدين المعترف بهما عند المسلمين ،ولهذا العيد أهمية كبرى عند الناس وكل من آمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،فهو ذكرى نبي الله إبراهيم عليه السلام عندما حلم بأنه يضحي بابنه إسماعيل ،فما كان من هذا النبي العظيم إلا أن لبى نداء خالقه بذبح ابنه العظيم ،و هنا جاءه الخالق جل وعلى بكبش من الجنة بقوله سبحانه ( وفدينــــــاــــه بذبح عظيم ) سورة الصافات الآية 107 فسمي بعيد الأضحى وفي نفس الوقت جاء المسلمون بتقديم الأضاحي لوجه الله جل شأنه بكل ما ينفعهم في الدارين فإذا جاء أمر الاتحاد والتقارب و التآخي بين الناس فإننا نجد في كلمة الحج بين الألف واللام والحاء والجيم كنوزا نلتقط منها ما يدخل بنا في عالم الصفاء والمحبة وجمع الشتات ،لأن في مدرسة الحج يتعلم الحاج المساواة بين الناس جميعا لا تفضيل بينهم في الأنساب والأعراق والمناصب حيث نجد في ديننا الرفيع أنه لا فضل لأبيض على أسود ولا لغني على فقير ولا لصحيح على سقيم ،فالله جل شأنه لم يجعل من الحج شعيرة للتعبد فحسب ولكنه جعل منه مناسبة يجتمع فيها المسلمون من كل فج عميق ليكتشفوا عظمة الإسلام الذي جمع بين سائر الأجناس والألوان وهكذا نجده يضم بين بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وأبي ذر وغيرهم ويظهر إيمان الإنسان بالذهاب إلى الديار المقدسة من أجل طلب التوبة والمغفرة ،وقيام الليل والبكاء والتضرع ورفع الأعين إلى الله والسماء ،كل ذلك من أجل رجوع هذا الحاج إلى منزله وهو مزود بالتقوى ووسام الشرف والاعتبار من خالق العباد

 

 

 

 

 

عبادة الله شاملة وجامعة

 

 

 

 

 

 

خلق الله الإنسان لعبادة خالقه قال الحق جل جلاله ( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) سورة الذاريات الآية 56 ومن عظمة هذا الدين أن الله جعل هذه العبادة شاملة قال الخالق جل شأنه ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العــــــــــــلمين ) سورة الأنعام الآية 163 فلم يكتف الخالق تعالى بالصلاة والنسك كشعائر تعبدية ،وإنما جعل الحياة كلها عبادة بل جعل الله حتى الممات عبادة ،وهذه العبادة هي عبارة عن الخضوع والتذلل ،وفي غير هذا التعريف اللغوي هي ( اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ،فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة الكفار والمنافقين والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والدعاء والذكر والقراءة وهكذا نرى كل ما تقدم ذكره فإنه يعتبر في دين الإسلام عبادة تدفع المومن إلى ساحة التقرب إلى الله يسجد فيها ويركع إلى الله جل وعلا )

 

 

 

 

العبادة ركن رهيب ورفيع المستوى

 

 

 

 

 

 

والعبادة نظرا لقيمتها فإنها جاءت لمصلحة الخلق ،وهي تنحصر في القوة الشهوانية والقوة الغضبية والقوة الوهمية ،علما أن هذه القوى الثائرة لا يقمعها إلا هذه العبادات ،فالرفث فيه إشارة إلى قهر القوة الشهوانية و(الفسوق )يشير إلى قهر القوة الغضبية التي ينشأ عنها التمرد والطغيان ،وفي لفظ الجدال نجده يشير إلى قهر القوة الوهمية التي تدفع بالمرء إلى المنازعة والجدال في ذات الخالق وأحكامه وصفاته وأفعاله علما أ ن منشأ الشر عن حد آخره جاء محصورا في هذه الأمور الثلاثة ، و من هنا ظهر امتياز العبادات لدفع هذا

 

الشر الذي يتجلى في الرفث و الفسوق ، ومن جانب آخر إذا كان الرفث والفسوق عبارة عن قضاء الشهوة ،فإن الجدال أتى يحرك دواخل هذا الإنسان ومشاعره حتى تصبح نفسه خاضعة لكل أنواع الجرائم ختام البحث المتواضع وأختم بحثي بهذا النص القرآني الكريم بقول إبراهيم لولده سيدنا إسماعيل (يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى )سورة الصافات بين لي ياولدي ما الذي ترى هل تصبر لأمر الله أو تسأل العفو قبل الفعل ويعتبر هذا امتحانا من إبراهيم لولده ،هل يجيبه بالسمع والطاعة أم لا فأجابه سيدنا إسماعيل بالطاعة واللين وحسن الجواب بقوله (يــــــــاـــــأبت افعل ما تومر ،ستجدني إن شاء الله من الـــــــصــــــاــــــــبرين )سورة الصافات فلما سمع إبراهيم كلام ولده عرف أن ربه الخالق العظيم استجاب دعاءه حين طلب ربه بقوله (رب هب لي من الصـــــــــــاـــــــلحين )فحمد إبراهيم ربه كثيرا وبعد هذا قال إسماعيل لوالده( ياأبت أوصيك بأشياء تتعلق بالصبر ،توكل على ربك ياأبي واربط يدي كي لا أضطرب فأوذيك واجعل وجهي على الأرض حتى لا تنظر إلى وجهي ، وأبعد ثيابك حتى لا يتلطخ عليها شيء من دمي وتراه أمي فتحزن ، أبي أسرع با لسكين على حلقي ليكون أهون ،فإن الموت شديد ولا تذهب بقميصي إلى أمي حتى لا تفزع وسلم عليها وأمرها بالصبر على أمر الله ولا تخبرها على ذبحي كما لا تخبرها كيف ربطت يدي ولا تأمر الصبيان بالدخول على أمي كي لا يتجدد حزنها علي وإذا رأيت غلاما مثلي فلا تنظر إليه حتى لا تصاب بالجزع أو الحزن ،وهنا تحرك العطف وا شتد حب الأب لابنه فقال نعم العبد أنت ياولدي (  

 

 

        

 

(ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين

 

 

 

 

 

بقلم الباحث الشاعر د. عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

 

 

المصـــــــــــــــــــــــــادر

 

 

 

 

 

1- الحج إلى مكة     ص 28

 

2- روائع البيان   تفسير آيات الأحكام من القرآن الكريم ص   237

 

3- درة الناصحين في الوعظ والإرشاد للأستاذ حسن بن عثمان ص 199

 

4- ثقافة الحج عبادة وأخلاق فن وانضباط للدكتور مصطفى العزوزي   ص 18

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحج ودلالات الإحرام

 

 

 

تمهيد

 

 

 

 

 

قبل الإحرام كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين قبل الإحرام لربط الصلة بين العبد وخالقه ،وهاتان الركعتان هما بمثابة شكر لله جل وعلا وفي نفس الوقت تعتبران بمثابة مفتاح الدخول على الله والركعتان هما خضوع لله ، لتجديد العلاقة الروحيه مع الرب العظيم ،ومن خلال هاتين الركعتين يستحضر الحاج معاني الصلة برب المومنين ،وهنا ترتفع معنويات هذا الحاج ويتجدد إيمانه .إن الحاج القوي بإيمانه الجسمي والروحي يستطيع أن يتغلب على القيام بفرائض الحج وواجباته وركوعه وسجوده وتقربه إلى خالقه ،إنه رحلة إيمانية وسباق روحي يجد فيهما الحاج الراحة النفسية والمتعة الربانية لتكون الخاتمة كوسام يتمتع به يوم القيامة أمام خالقه .

 

 

 

 

تفسير كلمة الإحرام

 

 

 

 

يفسر الإحرام من ناحية الشرع بمعنى الدخول في الحج أو العمرة ،ويعتبر الخطوة الأولى ونقطة الانطلاق في أعمال الحاج والاستعداد لمباشرة مناسكه ومن معاني الحاج أنه يدل على مبد أ المساواة بين الحجاج انطلاقا من لبس ثوب الإحرام الذي يدل على المساواة بين الغني والفقير والأبيض والأسود والعربي والعجمي ،وبإيجاز بين العباد كلهم ،ومهما اختلف الحجاج في عباداتهم وتقاليدهم فإنهم يدخلون في ثوبين أبيضين في إزار ورداء ،ثم إن لباس الحجاج للثوب الأبيض يدل على المساواة والوحدة والإخاء ،كما يدل الإحرام على وحدة مصير الحجاج وهو الموت واجتماعهم أمام الخالق من دون استثناء يستوي في ذلك الغني والفقير والعظيم والفقير والأبيض والأسود والصغير والكبير والرجل والمرأة ،الكل يقوده القدر للحضور أمام الخالق للحساب والجزاء إن ثوب الإحرام وقت إحرامه يتذكر لبس كفنه وأنه سيعيش لحظات رهيبة بزي مخالف لثوب الآخرة ،فهذا الثوب الأبيض الخالي من الزخرفة والتزويق فإنه يذكر المسلم عموما وفي نفس الوقت يذكر الحاج خصوصا بحقيقة الموت والبعث والفناء والبعث والنشور ،إنه ثوب يشبه الإحرام تماما وهو الثوب الذي يكفن به الموتى ويدخل به إلى القبر والحفرة الأخيرة التي لا يجد فيها إلا ما يؤلمه أو يسره ،إن لباس الإحرام يربط الحاج بآخرته ،حيث يلاقي ربه بهذا الثوب الأبيض وقد ترك وراءه حطام الدنيا وأمواله وأولاده ونساءه وكل ما كان خاضعا لتصرفه ومن   دلالات الإحرام كذلك أن المجال المادي يذوب في المجال المعنويويتجلى هذا في إحرام الرجل وهو مجرد عن ثوبه المحيط مع ثوبه المخيط وكذلك المرأة فإنها تبتعد عن لباس الزينة مطلقاوبتجرد الحاج من لباس ثوب الإحرام يدل على تجرده من شهوات النفس ومتمنياتها ،إن الحاج إذا تجرد من اللباس العادي إلى لباس التقوى يكون قد دخل في مجال ما يحبه الخالق جل وعلا وهو التقوى كما قال تعالى (وتزودوا في خير الزاد التقوى ) سورة البقرة الآية 197 وقال سبحانه (ولباس التقوى ذلك خير ) سورة الأعراف الآية 26 فلباس التقوى هو خير لباس وهو الزاد الرفيع للآخرة إن اللباس العادي أو الدنيوي قد تختلط فيه طبقات الناس بين غني وفقير ،وبين رفيع وأرفع ،وقد يكون محل زهو وتفاخر أما الثوب الأبيض وهو لباس الإحرام فإنه يوحد الناس على اختلاف طبقاتهم ،لأنه يدل على التواضع والوحدة والمساواة وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول (لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى )رواه أحمد والبيهقي وقال جل وعلا) إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) سورة الحجرات وقال صلى الله عليه وسلم  ) مثل المومنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحدإذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )رواه البخاري (وقال صلى الله عليه وسلم (الناس سواسية كأسنان المشط ) رواه ابن حبان علما أن الحاج في بلاد الاستغفار والرحمة يشعر بذوبان الفوارق الدنيوية والاجتماعية ،وفي نفس الوقت نجد الحاج يشعر بأن خالقه يراه ويراقبه ،وهو مع هذه الأجواء الربانية نجد ه محروما من أشياء يراها ويحبها وهو قادر على تناولها ولكن إيمانه العميق يمنعه من تناولها ،فيربح مكانها الأجر والثواب والمغفرة ،وهذا سيدنا داود يناجي ربه قائلا (إلهي ما حق عبادك عليك إذا هم زاروك ؟فإن لكل زائر على المزور حقا )فجاء رد الله على داود (ياداود فإن علي أن أعافيهم في دنياهم ،وأن أغفر لهم إذا لقيتهم )أخي المحرم والحاج والمعتمر والوقوف بعرفة فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا يباهي بهم الملائكة فيقول هؤلاء جاؤوني شعثا من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم (يرون) بكسر النون فكيف لو رأوني ،أخي المسلم إن العبادات جوهرها الاتصال بالخالق جل وعلا ،حيث إن النفس إذا اتصلت بربها تطهرت من كل خبث ،ومن كل شهوة ،ومن كل دناءة ،ومن كل انحراف ،ومن كل هبوط ،ومن كل أنانية ،وبالإجمال من كل ما هو مذموم أخي ،إذا توجهت إلى الكعبة المشرفة ،فإنك تحس أنك مع خالقك ،وأنك إذا توضأت في بيتك فأحسنت الوضوء ثم أتيت المسجد فأنت زائر خالقك وحق على المزور أن يكرم زائره ،والحمد لله رب العالمين .

 

 

 

 

المصـــــــــــــــادر

 

 

 

 

1 السفر إلى مكة   العدد الأول    من حكم السنن ص 108

2 درة الناصحين     لعثمان بن حسن ص 132    

3 ثقافة الحج عبادة وأخلاق    للدكتور مصطفى العزوزي ص35

 

 

 

 

( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين

 

 

 

 

 

بقلم االباحث الشاعر د عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

محاضـــــــــــرة  

في الصــــــيام

تحت عنوان

الصيــام عبادة وشفاء وعلاج

 

 

مدخل الدرس

 

 

 

يقول العلماء إن الخلية أثناء الجوع تنشط بشكل كبير وتبدأ بالتخلص من السموم ،ويبدأ الدماغ بإعطاء أوامره لأجهزة الجسد مثل الكبد والبنكرياس والقلب والكليتين وكأن الجسم يقوم بعمليات جراحية ذاتية ويشفي نفسه بنفسه ،ومن هنا يتضح أن الصيام ليس جوعا وعطشا بل شفاء من أمراض مزمنة ووقاية من أمراض قادمة ،وصدق الله العظيم إذ يقول ( وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ) سورة البقرة الآية 184 ،ومن العلماء من وجد بالتجربة أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر يقوي نظام المناعة ويقي من السرطان ،وهذا ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم بصيام الأيام البيض من كل شهر (13   14   15 ) وقد جاء العلماء بخبر مؤكد يفيد أن الصيام يحمي من مرض السرطان ويحمي من فقدان الذاكرة ،وفي نفس الوقت أنه يعزز قدرة الخلايا المناعية ،وهناك من العلماء من ينادي بضرورة صيام يومين من كل أسبوع وهذا ما جاء موافقا لأمر الرسول الكريم من صيام الإثنين والخميس وقال العلماء في هذا المجال إن الصوم يحمي الدماغ من فقد الذاكرة والزهايمر ،وأن صيام يومين من كل أسبوع يساهم في حماية الدماغ من المشاكل بشكل واضح ،وأضاف المهتمون بهذا المجال إن الصوم يحمي القلب من كل مرض بالإضافة إلى مرض السكري الخطير الذي يقضي على صاحبه إذا هو أهمله ،وقد اكتشف العلماء أن المريض تقوم خلايا جسمه بتنظيف السموم والرواسب المتراكمة وهذا ما يعجل الشفاء ،وفي هذا الصدد قال صلى الله عليه وسلم ( لاتكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب فإن الله يطعمهم ويسقيهم ) وكأنها تقول بلسان الحال إن علاجي للمريض ينبني على صومه وعدم أكله

 

 

الدخول في الموضع

 

 

ومن فوائد الصيام 1 الوقاية من أمراض السرطان ،هذا الداء الذي أصبح جميع الناس يخافونه 2 يزيد من مناعة جسم الإنسان 3 يحمي الجسم من الإصابة بمرض سكر الدم 4 الحفاض على الوزن المثالي ،5 الوقاية من النقرس 6 يقوم الصيام بتخفيف نسبة الدهون الضارة في الجسم وحماية القلب والدماغ وتصلب الشرايين 7 يعالج أمراض العظام وآلام المفاصيل ،8 ومن فوائد الصيام أيضا ترك المعدة ترتاح وتعيد ترميم نفسها ،علما أن جسم الصائم يستطيع خلال فترة الصيام أن يتخلص من السموم والأمراض وكل ما من شأنه أن يأكل من صحة الصائم ،والصيام فرصة للراغب في إنقاص الوزن والتخلص من الدهون ومن فوائد الصيام أيضا أنه يهدئ ثورة الغريزة الجنسية خصوصا عند الشباب غير أنها تعود بقوة ونشاط بعد انتهاء الصيام ،وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول من كشف عن تأثير الصيام على نسبة الهرمونات الجنسية في الدم فقال صلى الله عليه وسلم في كلامه المعجز ( يامعشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) أي قاطع للشهوة سنن النسائي ( كتاب الصيام ) ومن فوائد الصيام أيضا أنه يزيد في قدرة التفكير ويقو ي لدى المومن كثيرا من الجوانب النفسية كالصبر والإرادة وضبط الرغبات ،ومن فوائد صيام شهر رمضان الكريم أنه يفتح باب الإيمان على مصراعيه بترك الطعام والشراب والشهوة من أجل الخالق العظيم حيث قال ( والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ،الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها ) رواه البخاري ومسلم ،ومن فوائد الصيام أيضا أنه يضفي على نفسية الصائم السكينة والرضا والفرح وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم ( للصائم فرحتان فرحة عند إفطاره ،وفرحة عند لقاء ربه ) متفق عليه ومن فوائد ه العظيمة التي تقدمت نجد ه سبحانه يكافئ الصائم على صبره وإيمانه وجهاده من أجل الحصول على ثواب مقبول كمكافأة له على شقائه وقيامه ،و يقول الرسول العظيم إذا تعرض أحدكم لسب أو شتم ،يقول إني إنسان صائم لوجه الله ولا يرد على أحد ،وذلك لحصوله على ذخيرة عالية من الخير والإحسان ،أخي وصديقي يظهر من السطور المذكورة أنك قد عرفت شيئا تعرف من خلاله بعض آيات قرآنية وأحاديث نبوية وحكم وأقوال بإيجاز، اكتفاء بما بسطته في الموقع من قواعد علمية وحكم وأحكام ، وقصائد شعرية وغيرها

 

 

 

.أسماء ليلة القدر

 

 

سميت ليلة القدر باعتبار أنها ليلة الشرف ،كما يقال فلان ذو قدر أي ذو شرف 2 أنه يقدر فيها ما سيكون في تلك السنة ،من أرزاق وفضائل وقال أهل العلم إنها بمعنى التضييق ،بمعنى أن الأرض تضيق فيها بالملائكة لكثرتهم فيها باعتبار أنها ليلة الخير والفضل وانفراج الكون وقد ميز الله فيها العبادة دون باقي الليالي وصدق الله العظيم إذ قال ( ليلة القدر خير من الف شهر ) وهي ليلة خالية من الشر وحافلة بالخير والأرزاق فهي ليلة أمن وسلام قال جل علاه ( سلـــــاـــم هي مطلع الفجر ) وهي ليلة الغفران لمن قامها محتسبا وصدق رسول اللهإذ يقول ( من قام ليلة القدر إيما واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ومن علامات هذه الليلة أنها تظهر واضحة النور قوية الإضاءة وأن الرياح فيها تكون ساكنة مع طمأنينة القلب ،وقال المهتمون بهذا الشأن إن الشمس تطلع من غير شعاع ،وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنها تطلع يومئذ لا شعاع لها ) اللهم ارزقنا فضل قيام ليلة القدر وسهل أمورنا فيها من العسر إلى اليسر

 

 

الصوم عملية بدون جراحة

 

 

منذ آلاف السنين نجد الصيام هو الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير من الأمراض ،ونستطيع أن نقول باعتزاز أن حكما ء الإغريق منذ عصور طويلة نادوا بفوائد الصيام التي أخذوها من خلال المخطوطات القديمة الموجودة في متاحف العالم ،وقال هؤلاء العلماء إن الصوم هو طريق العلاج والشفاء و هم سقراط وأفلاطون وأرسطووجالينوس وقد أكدوا أن الصوم هو الطريق الطبيعي للشفاء من الأمراض وعليه فإذا كان أطباء العصور القديمة قالوا بأن الصوم مفيد وصحي فإن الخالق سبقهم إليه بقرون قال جل علاه ( يـــــــاــأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) سورة البقرة الآية 183 وربنا العظيم لم يقدم لعباده إلا ما فيه مصلحة لهم ويؤكد الأطباء أن الصوم ضروري للإنسان حتى ولو كان صحيح الجسم لأن ما في الإنسان من سموم لا يزول إلا بهذا الصيام والامتناع عن الطعام والشراب وفي هذا الشأن يقول طبيب متميز ( يدخل إلى جسم كل واحد منا في فترة حياته من الماء الذي يشربه فقط أكثر من مائتي كيلو غرام من المواد السامة )

 

 

( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين

 

 

 

المصــــــــــــــــــــــــادر

 

 

 

1- محاضرات في علوم القرآن     للدكتور غانم قدوري ص95

2- صفوة التفاسير     لمحمد علي الصابوني مج 1  ص 121

3- آيات   مجلة علمية متخصصة في الإعجاز القرآني ص 24

 

 

بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإريسي

 

 

 

محاضرة

 

تحت عنوان

 

نواقض الوضوء وأحكامها

 

 

 

مقدمــــــــــة

 

 

 

أحبتي في الله هذه سطور تتعلق بنواقض الوضوء جئت بها إليكم لتفتح لكم طريق التعامل مع دينكم الحنيف ، وهو في قالب ميسر ومفهوم ،وقد قرأت ذات يوم أن أكثر أبناء الساعة يفرون من أساليب الأقدمين والعلماء المتضلعين في قواعد اللغة العربية ،مع العلم أن أبناء اليوم هم في حاجة إلى أفكار واضحة وأساليب مشوقة لا إلى أفكار غنية بقواعد اللغة المبهمة التي لا تشجع الشباب والقراء على مؤلفات العصر وقد قرأت عن أديب مغربي كان يكتب لكن بأفكار غنية بلغة قديمة ومفردات عميقة ،فقام القراء وأبناء الساعة وعلقوا على أسلوب وأفكار هذا الأديب قائلين ما قام به هذا الكاتب لا ينسجم مع الأفكار الحديثة والأساليب العصرية ،فعلى هذا الكاتب أن يطور جهوده ،ويحسن زاده وعلومه ،ومن هنا استيقظ الناس ،واستيقظ معهم العلم وتجددت الأفكار وتطورت الأساليب ،وما نحن إلا من مسيرة أرباب الراغبين بتيسير الأمور فالكاتب لا يكتب لنفسه ،بل يكتب لغيره ،ولكي يفهمه هؤلاء القراء فعليه أن يعيش مع قلوب وعقول أبناء هذا العصر الراغبين في تيسير العلم .

 

 

 

الموضوع

 

 

 

 نواقض الوضوء هي أسباب وأحداث فالحدث هو ماينقض بنفسه كالبول والغائط ونحوهما أما السبب فهو ما كان مؤديا إلى خروج الحدث كالنوم والجنون وغيرهما قال الحق سبحانه ( أو جاء أحد منكم من الغائط ) سورة المائدة الآية 6 أي من مكان قضاء الحاجة ،وكنى الله عن ذلك بالغائط ،وهو المكان المنخفض ،لأن الإنسان إذا أراد قضاء حاجته طلب مكانا ساترا له حتى لا يشاهده أحد قال صلى الله عليه وسلم إذا فسا أحدكم فليتوضأ ،ولا توتوا النساء في أعجازهن وقد صحح هذا الحديث ابن حبان ،وقال سيدنا علي رضي الله عنه ( كنت رجلا مذاءا فاستحييت أن أسأل النبي صلى عليه وسلم لمكان ابنته مني ،فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال ( يغسل ذكره ويتوضأ ) وهو حديث حسن صحيح .أما مس الذكر فإنه يبطل الوضوء سواء كان بباطن الكف أو بباطن الأصابع أوبجنبهما لا من حائل كثيف أو خفيف وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ ) ومضى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قائلا ( من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونهما حجاب فقد وجب عليه وضوء الصلاة ،،وأما الودي هوما يجب منه ما يجب الوضوء ،يبقى معنا المني فهذا يغسل منه المتوضئ ذكره ،وذلك باعتبار أنه أصبح جنبا ،ومن الأسباب النوم الثقيل قصيرا كان أم طويلا فهذا يبطل به الوضوء ،أما النوم الخفيف فلا ينقض به طال أم قصر ا لأن ابن عمر كان ينام جالسا ثم يصلي ولا يتوضأ وهو حديث صحيح ،وأما السكر والإغماء والجنون فهو من الأسباب المؤدية إلى خروج الحدث فوجب منها الوضوء ،على أن اللمس باليد أو المس بغيرها من الأعضاء للزوجة أو غيرها مع اللذة إن قصدها ووجدها ،أو وجدها ولم يقصدها ،أو قصدها ولم يجدها ففي هذه الأحوال تنقض الوضوء ،لقوله جل وعلا ( أو لـــاـمستم النساء ) سورة المائدة الآية 6 علما أن اللمس على الجس باليد فإنه ناقض للوضوء ،قال الحق سبحانه ( فلمسوه بأيديهم ) سورة الأنعام الآية 7 وفي هذا الصدد أن عبد الله بن عمركان يقول قبلة الرجل امرأته أوجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء ،أما إذا ( لمس ) بالفتحتين أو ( لمس ) بالضمة والكسرة بلا قصد لذة مع وجودها فلا ينتقض وضوؤه أما القبلة إذا كانت بلذة فيبطل بها الوضوء قال عبد الله بن مسعود ( من قبلة الرجل امرأته الوضوء ،وأما إذا كانت بدون لذة فلا نقض ) و قالت عائشة رضي الله عنها ( إن النبي صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه ،ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ) ومن مبطلات الوضوء الإلطاف والمقصود به أن تدخل المرأة يدها بين شفري فرجها ،وقال العلماء إن هذا العمل يبطل الوضوء مطلقا وروى ابن القاسم أنه لا وضوء عليها إذا لم تلتذ علما أن اللذ ةلا تحصل الإبالإطاف ،لأنه لا يكون إلا عن قصد والمشهور كما قال صلى الله عليه وسلم ( أيما رجل مس فرجه فليتوضأ،وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ )،وهناك حديث آخر وهو لأم حبيبة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من مس فرجه فليتوضأ ) ومن مبطلات الوضوء أيضا مس الذكر سواء كان بباطن الكف أ و باطن الأصابع أوبجنبهما لا من حائل كثيف أو خفيف قال صلى الله عليه وسلم ( إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ ) وقال في هذا الشأن أيضا ( من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونهما حجاب فقد وجب عليه وضوء الصلاة ) علما أن ما تقدم من أحاديث الرسول كلها أحاديث صحيحة ومن نواقض الوضوء أيضا الكفر بعد أن كان مسلما لأن الكفر محبط للعمل قال جل وعلا ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) سورة الزمر الآية 65 وأستحسن تلخيص ما تقدم أوأضيف إليه ما لم أتمكن من إدراجه ،حتى يتمكن القارئ العزيز من العيش معه بتلذذ ، ويتجلى ما ذكرفيما يأتي البو ل والغائط والريح والمذي والودي والنوم الثقيل والسكر والإغماء والجنون واللمس باليد والقبلة إن كانت بلذة وإلطاف المرأة ومس الذكر والشك في الحدث والكفر .

 

 

 

معلومت إضافية هامة

 

 

 

إذا خرج المني بلذة معتادة فهذ يعتبر موجبا للغسل ،لكنه إذا خرج بدون لذة فهذا يترتب عليه الوضو ء فقط ،وصوره التي يجب فيها الوضوء أربع وهي 1 من حك لجرب 2 من لذغته عقرب 3 إذا نزل منه المني بسبب ماء حار 4 من ركب دابة ولم يستدم على تلذذه ،بل أقلع من التلذذ بمجرد ما برز منه المني ،أما إن استدام على تلذذه في أية صورة من الصور الأربع فعلى المعني بالأمر أن يغتسل، ،وإذا خرج الحدث من ثقبة تحت المعدة وانسد المخرجان كان الخارج ناقضا للو ضوء ،فإذا أنسد أحدهما فهنا لا ينقض كما قال أهل العلم ،وقال أرباب الفكر والنظر ينقض الخارج إذا كانت الثقبة فوق المعدة سواء انفتح المخرجان أو انسد أحدهما ،أما الخارج المعتاد من المخرج فلا ينقض الوضوء بالداخل لأحد المخرجين من عود أو حقنة أو إصبع ،كما لا ينقض بخروج الدم والقيح والحصى والدودلأنها ليست معتادة ،كما لا ينقض الوضوء بخروج ريح أو غائط من القبل أو البول من الدبر لأنها لم تخرج من مخرج معتاد، و يكره الماء للوضوء كالذي حلت فيه نجاسة ولم تغيره لقلتها ،كما يكره الوضوء بالماء القليل والاستبراء هو استفراغ ما في المحلين القبل والدبر من الأذى فإن كان بالماء فهو للاستنجاء ،وإن كان بالحجارة ونحوها فهو الاستجمار هذا ويكون الاستنجاء بالماء في المني والحيض والنفاس وبول المرأة والمنتشر على المخرج كثيرا والمذي ،إذن فلا بد من الاستنجاء في هذه الأشياء و أما الاستجما ر فيكون بخمسة أشياء 1 أن يكون المستجمر به يابسا كالحجر فلا يجوز بمبتل كالطين مثلا 2 أن يكون طاهرا فلا يجوز بالنجس كأوراث الخيل والحمير وعظم الميتة 3 أن يكون المستجمر به ذا نتوء فلا يجوز بالأملس كالقصب والزجاج 4 ألا يكن يكون مؤذيا فلا يجوز بالسكين والحجر 5أن يكون المستجمر به محترما فلا يجوز بالمكتوب ولو بخط غير عربي مثلا أخي القارئ العزيز لقد حاولت ما أمكن أن أخرج لك هذا المجهود من الغموض إلى الوضوح والبيان ،لتعيش مع هذه السطور الدينية فاهما لها وسعيدا بوجودها وفقكم الله والحمد لله رب العالمين .

 

 

 

المصـــــــــــادر

 

 

 

1 - بداية المجتهد ونهاية المقتصد للعلامة أحمد بن رشد القرطبي

 

2 - فقه السنة للفقيه السيد سابق

 

3 - الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة   الجزء الأول

 

4 - الدر الثمين والمورد المعين للشيخ الشهير بميارة     الجزء الأول

 

5 - العرف الناشر في شرح وأدلة فقه متن ابن عاشر   في الفقه المالكي   الجزء الأول

 

 

 

 

بقلم الباحث الشاعر الدكتور عبد السلام الهبطي الإ ريسي

 

 

 

 

الصلاة ودورها الروحي والعلمي في بناء صحة المؤمن

 

لقد فرض الله سبحانه على كل إنسان  مِؤمن باعتبار أنها مفتاح سعادة المرء في الدارين ,فإذا قبلت صلاته قبلت  أعماله ,وإذا رفضت خسر الدنيا والآخرة ,وذلك بسبب عدم نيته وإخلاصه في أعماله .فلو أنه أخلص فيها لكتب له الفلاح في جهوده ,وبما أنه جردها عن هذا المسار الصالح فإنها لمتلق قبولا من الله ,لأن الإخلاص دليل قبول الله لعبده .وبقبوله له يقبل عمله ,وبالتالي فتقبل صلاته ,وفي صحيح البخاري نجد  النبي صلى الله عليه وسلم ,يقول فيما يرويه عن ربه عز وجل ,(  الإخلاص سر من أسراري استودعته من أحببت من عبادي)   لأن المخلص يعتبر الحياة كابن سبيل .استظل تحت  شجرة ثم راح عنها ,أوكما  قال النبي نوح    عليه السلام للذي قال له كيف  وجدت الدنيا ,فقال وجدتها كمنزل له بابان ,دخلت من أحدهما وخرجت من  الآخر ,لأن المخلص يخاف من الله ,وهو من أهل الصدق الذي هو استعداد ليوم الرحيل ,والمخلص من أصحاب النفوس  المطمئنة التي ترضى بما قدرالله  عليها والمخلص من أصحاب  الذين  تقرأالملائكة على أرواحهم ,كما وقع للمومن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه ,الذي  بمجرد ما دفن شاهد الناس أن طائرا نزل عليهم من السماء واختفى بقبره ,فإذابهم يسمعون تلاوة القرآن الكريـم تنطلق منه ,فعلمـوا .أن الملك كان  يقرأ القرآن على روحه المطمئنة.

 

 

 

أهميـة الصــــلاة

 

ونظرا لأهمية الصلاة ,فقد ذكرها الخالق سبحانه ,في كثير من آيات قرآنه  بقوله :(حافظوا على الصلوات والصلواةالوسطى وقوموا لله قانتين ) البقرة 236 وقال الحق سبحانه (  فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلوة ,إن الصلواة  كانت على المومنين  كتابا موقوتا ) النساء 102 كما أن أهميتها تتجلى في كونها فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ,في السماء مباشرة .باعتبار أنها تتضمن أسس الإسلام ,فاذا كبر المصلي وانقطع عن الكلام ,يكون قد مثل الصوم ,كماقال  الحق سبحانه على لسان السيدة مريم ( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم انسيا ) مريم   25   وحينما يتوجه إلى القبلة ,يكون قد أشار الى ركن الحج ,وبعد الانتهاء من صلاته ,ويدخل في مرحلة التطوع ,يكون المصلي قد مثل ر كن الزكاة .وهاهم السعداء يتنعمون في الجنان بسبب أعمالهم الصالحة التي كانت تنطلق من إرشادات الصلواة ,يتساءلون عن المجرمين الضالين ,ما   الذ ي أدخلكم إلى جهنم مقر السفهاء ,والطغاة ,فأجابوا بأنهم كانوا لم يصلوا في الدنيا ,ولم  يتصدقوا على الفقراء و المساكين ,كما كانوا يتحدثون بالباطل في حياتهم ,وكانوا أيضا يكذبون بيوم الجزاء والحساب .وهذا ما أشار إليه قول الله سبحانه:( إلا أصحاب اليمين ,في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلكــــــــــــكم في  سقر ,قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين ,وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين ) .

 

قيمة الخشوع  في إتقان الصلاة

 

 إن الخشوع هو السكون والاستقرار النفسي , يقال خشع الصوت إذا سكن ,وتخشع الإنسان إلى ربه تضرع إليه .قال الحق سبحانه (  وخشعت الأصوات للرحمان فلا تسمع إلا همسا )  سورة طه أي سكنت هذه الألف ان الضمير النابع صوات لربها يوم القيامة .بسبب الخوف والفزع ,وخشع الإنسان سكن وتفرغت نفسه من شواغل الدنيا ,وتعلقت بخالقها, و في هذا الصدد قال الحق جل شأنه (واستعينوا بالصبر و الصلواة , وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون   أنهم ملاقو ربهم وأنههم اليه راجعون )  البقرة 44  بمعنى أن الصلاة لا يؤديها على الوجه المطلوب إلا الخاشعون باعتبار أنها خفيفة عليهم ,حيث لا يجدون في أدائها أية صعوبة .وفي هذا الشأن قال العلماء (الخاشع في الصلاة كل من جرى عليه حكم بالتأييد في الأزل ,بخصائص الاصطفاء ,وهؤلاء المشار اليهم هم من الفئة  القليلة ,وفيهم قال الحق سبحانه (  وقليل من عبادي الشكور)  , سبأ13   فقد جاء الشاكرون بهذا العدد القليل ,لأن أكثر الناس غير قادرين على استحضار النعمة بالقلب ,والثناء باللسان ,والشكر بالجوارح مرة واحدة إلا من أحبه الله ومن هذا المنطلق يظهر أن مصادر الشكر ثلاثة 1استحظار نعم الخالق على العباد بالقلب والتأمل الباطني 2 الشكر باللسان على نعم الله الظاهرة  والباطنة 3 الشكر بالجوارح ,فمثلا الأذن الصاغية لتلاوة القرآن الكريم ,تكون    شاكرة لربها ,والعين التي تتمتع بالنظر إلى المصحف الكريم تكون  أيضا غارقة في شكر الله جل جلالـــــــه.

 

حكم من فرط في الصـــلاة

كل من   فرط في أداء صلاته ,يعتبر في مسيرته الدنيوية و  الأخروية  قال الخالق سبحانه في هذا الشأن ,  ( فخلف من بعدهم  خلف أضاعوا الصلواة واتبعوا الشهوات فسوف يلقــــون غيا ) مريم 59  وقال سبحانه ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم  ساهون ) الماعون 5 أما من تركها تكاسلا فقد صرحت الأحاديث بكفره ,ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ,قال ( ما بين الرجــــل وبين الكفر ,ترك الصلاة ) ولم يفصل القرآن الكريم الصلاة تفصيلا ,غير أن   السنة فصلتها كما نراها الآن من ركوع  وسجود وقيام وتكبير قــــــــــال الحق سبحانه (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ,وله الحمد في السماوات والأرض  وعشيا وحين تظهرون ) الروم17 قال ابن عباس رضي الله عنه أراد ب   )حين تمسون ) صلاة المغرب وصلاة العشاء ,وأراد سبحانه ب ( حيــــــــــن تصبحون ) صلاة الصبح ,والمراد ب(عشيا ) صلاة العصر وأراد سبحانه ب ( حين تظهرون ) صلاة الظهر. وبالجملة  فدور الصلاة عظيم في تطهير النفس ’وتربيتها على الصدق والوفـــــــــاء ,وذلك باعتبار أنها أكبر مدرسة للتربية الداخلية ,فإذا هم بالإنسان ما يسمى بالحرية الخارجية ,أو الضلال  والزيغ ,فان الضمير النـــابع من تربية الصلاة ,يقف في طريق هذا الزيغ ويبطله  ,ومن هنا وقفت الصلاة كمرب صارم لعلاج اعوجاج المرء ورده إلى المسار المشرق ,بالفضائل والنور والفلاح .وغــاية ما هناك ,أ ن  من بواعث التفريط  في الصلاة خلط الأعمال الصالحة بالأعمال  السيئة ,وهذا الجانب من بواعث التفريط , يعتبر خطيرا في الصلاة ,وذلك كالذي يقوم, بأداء الواجبـــ ات والفرائض وفي نفس الوقت يرتكب المحرمات ,كالذي يصلي ويكذب ,أو يصلي ويأكل أموال الناس بالباطل ,والمفرط في الصلاة أيضا ,هو الذي يطبق جانبا منها ويهمل جانبـا آخر, فهذا وأمثاله يحبط الله أعمالهم في الدنيا والآخرة ,فمن صلى مثـلا صلاة نـاقصة ,رفعــت فــوق رأسه ,وهــي تلعنه ,وتقول له ضيعك الله كـما ضيعتني

.

فائدة الصلاة  من الجانبين العلمي و الإيماني

 

 

تقدم أن   الصلاة فرضت لتهذ ب   النفس وتزكيها حسيا ومعنويا ,وفرضت على الإنسان للمحافظة على صحته وقوته ,ليستطيع عبادة خالقه على الوجه المطلوب .لأن المومن القوي خير من المومن الضعيف, بمعنى أن يكون قويا في جسده ,قويا في أخلاقه ,وقويا في عطفه ورحمته .وقد جاء الأمر النبوي بالصلاة في وقت مبكر جدا ,وأمر الرسول هذا لا ينحصر في الصلاة  فقط ,ولكن هناك  شيئ آخر يضاف اليها وهو المحافظة على الصحة ,التي تعتبر أغلى ما   يتمتع به الإنسان في حياته ,بعد عبادة الله سبحانه ,وقد جاء البحث العلمي ينبئنا بمفاجأة سارة جدا وهي أن حركة الإنسان في عبادته ,تؤدي الى تنشيط حوالي  خمسة وسبعين في المائة من أعضاء الجسد ,ومضى العلم قائلا  في هذا الصدد ,ان  الصلاة تهدئ الجهاز العصبي من التوتر ,وتعمل على حفظ التوازن الجسدي .كما أن الصلاة تحسن الحالة النفسية للمصلي ,ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم ,يقول دائما ( أرحنا بها يا بلال )لأنه كان يجد فيها الراحة الكاملة ,باعتبار أنها تعالج الجانبين الروحي والجسمي ,وقال علماء الطب ( ان الصلاة تعتبر أرقى النظم الطبية للوقاية من القلق والتوتر والانفعالات ).والإيمان المنبعث من الصلاة   هو أكبر علاج   للقلق ,وفي هذا الصدد قال وليام جيمس (ان أكبر علاج للقلق هو   الإيمان) وقال العالم بريل )  ان المرء المتدين حقا لا يعاني قط مرضا نفسيا ) وقال أطباء الغرب (ان   حركات الصلاة من ركوع وسجود وقيام تؤدي الى تقوية عضلات الظهر وتليينها )  كما أن  السجود والجلوس والقيام في الصلاة فإنها تنشط   الدم , وتحافظ على تما سك العظام .وينفرد السجود في الصلاة بمنعه تراكم المواد الدهنية ,ومن جانب آخر ,إذا علمنا أن الوضوء المرتبط  بالصلاة ,يقلل من الغضب الناتج عن التوتر ,فان الجانب العلمي يفيدنا  في هذا الشأن ,بقوله :إن هناك عدة أماكن معينة مرتبطة بأعضاء الجسم الداخلية المقابلة لها .وتنحصر هذه الأماكن في الأطراف والوجه واليدين ,والأذنين والقدمين ,وتدليك هذه الأماكن يخفف من حدة التوتر ,الناشئ عن ضغط تعب الحياة ,اليومية ,كما أن تدليك هذه الأماكن ينشط الدورة الدموية ,ويساعد على التخلص من المواد  السامة في الجسم ,ثم إن هناك شيئا آخر مهم ,هوأن الوضوء يقي من الأمراض السرطانية التي يحاربها تكرار الوضوء خمس مرات في اليوم والليلة .ومن خلال ما تقدم ,يتضح لنا أن الصلاة تزود الإنسان بالإيمان ,الذي يقاوم به عواصف الحياة التي تقف في طريق المومن .ونقول بعد هذا إن المسلمين لم يكتب لهم النصر ,إلا بالصلاة وها هو كسرى يتعجب من انتصارهم  على  جيشه ولما سأل عـن علة هذا الانتصار ,كان ردهم عليــه ,انهم كانـوا لا يفارقون الصـلاة.

   

 

محاضرة   تحت عنوان

 

رمضان شهر الرحمة وصلة الرحم

 

جاءكم المطهر يحمل معه خيرا وبركة ،جاءكم رمضان شهر المحبة ومحا سبة النفس ،في هذا الشهر يتحرك الصائم نحو الفقير بالعطف والمحبة ،ومن هذا الشهر يتحرك الصالحون لخدمة الضعيف والمحروم ،وخدمة المسكين وابن السبيل ،وفي هذا الشهر ينضم الكريم إلى السخي ،والمخلص إلى الرحيم ،لفتح طريق البر والإحسان في وجوه الشيوخ واليتامى والأرامل والضعفاء ،إن في هذا الشهر المبارك تتحرك جنود السماء وملائكة الرحمان للدعاء والاستغفار لكل مسكين ،في هذا الشهر الفاضل يحس المحتاج أنه ليس وحده ،وإنما معه خالقه العظيم للنظر في أحواله ،وبعنايته لهؤلاء المساكين ،تنجلي لهم خيراته وفضله على يد المحسنين والرحماء في كل مكان ،وترتفع قيمة الأجر والثواب في المساجد وفي بيوت الفضل والرحمة بقراءة القرآن الكريم والأصوات المؤثرة والتراويح والنوافل ،وبهذه الأصوات الربانية يحلو للمومنين الجلوس في بيوت الله للاستماع إلى الوعظ والإرشاد وفتح القلوب بالأنغام القرآنية وغيرها من أنواع التراتيل المتنوعة الخاشعة ،وبذلك تسري حلاوة الذكر الحكيم في قلوب العاشقين والمحبين كما تسري الآجال في الأعمار،ومن جانب آخر ،فإن الله يرزق العباد بوجود الضعفاء والأرامل ،بمعنى أن عناية الله بالطبقة المحرومة فيها حكمة إلهية يعلمها الخالق وحده ،وذلك باعتبار أن هؤلاء المحرومين هم بمثابة أكسجين الخلق ،بحيث إذا فقد يستحيل على الإنسان أن يعيش بدونه ،كذلك فإن الناس لا يكتب لهم البقاء إلا بهؤلاء الضعفاء،بمعنى أن الناس يرزقون بوجود عباد الله المساكين ،كما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ،ومع صيامنا لهذا الشهر المبارك ،شهر قطرات الرحمات من رب العباد إلى قلوب أهل الأرض ،فإننا نستحضر صلة الرحم التي فضلها الله على سائر الصفات بقوله ( لقد خلقتك بيدي وشققت لك اسما من اسمي ،وقربتك مني وعزتي وجلالي لأصلن من وصلك ولأقطعن من قطعك ولا أرضى حتى ترضين ) رواه الترمذي عن أبي هريرة ومن خلال هذا الكلام العظيم يتضح لنا أن على الإنسان أن يبحث عن أخيه لزيارته وللتقرب منه ،سواء بحضوره الشخصي أو بهاتفه أو برسالته ،أو بأية وسيلة كانت ،المهم أن يرى أخاه المومن أو أن يسمع صوته ،لأن الله جل شأنه لم يخلق الإنسان للماديات فقط ،ولكنه أوجده من أجل أن يكون بجانب أخيه المسلم في السراء والضراء،حيث يعيش معه بقلبه وروحه ،بجسمه وجوارحه ،بسمعه وبصره ،ويكون أحسن ما يراه هذا المسكين من أخيه المحسن أن يتكرم عليه بما يستطيع من أكل وشرب وملابس وغيرها من الخيرات ،ومما يفضل في هذا الشهر   أيضا في هذا الشهر المبارك أن يرى الله عبده الميسور جالسا مع الفقراء في المحافل القرآنية ،يتعلم دروس الإحسان ،ويتدرب على الرحمة والمحبة ،وهكذا حتى يتخرج من مدرسة التكوين الروحي والبناء النفسي والأخلاق الفاضلة ،لأن العلم وحده لا يكفي ،فلا بد أن تنضم إليه الفضائل لتتم وحدة البناء ، ،ومن فضائل الله على عباده في شهر رمضان ما نراه من تشريف ليلة القدر الخالدة إلى درجة أن الله سبحانه جعلها أفضل من ألف شهر في الأجر والثواب ،وقد ورد في الحديث ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) رواه أبو هريرة ـ وفي هذا الصدد أيضا قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل(اشهدوا ياملائكتي فإن عبدي ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ) أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث أنس ، وبهذه السطور الوردية نكون قد أتينا بما يدفع القارئ الكريم إلى طلب المزيد من بركات وفضائل هذا الشهر العظيم .

 

المصادر والمراجع

 

1ـ تفسير القرآن العظيم لابن كثير مج 4ـ ص841

 

2ـ تفسير من نسمات القرآن لغسان حمدون ص 651

 

3ـ صفوة التفاسير للشيخ الصابوني مج 3ـ ص584

 

 

درس تحت عنـــــــــــــــوان

 

من أنوار ليلة القدر

 

 

 

ليلة القدر فيها أنزل الله القرآن ،فكانت خيرا وبركة ورحمة على المسلمين قال جل وعلا (إنا أنزلنـــــاـــــه في ليلة القدروهي ليلة مباركة كريمة قال الحق سبحانه (إنا أنزلنــــــــــاــــــــه في ليلة مباركة ) ،وفي هذه الليلة العظيمة يكتب الله فيها الآجال والأرزاق خلال العام قال جل شأنه (فيها يفرق كل أمر حكيم )وقد فضل الله فيها العبادة عن غيرها من الليالي ،وإلى هذا أشار الله بقوله (ليلة القدر خير من ألف شهر )وفي هذه الليله المباركة تنزل الملائكة إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة قال الخالق سبحانه (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر )وهذه الليلة خالية من الشر والأذى ،وتكثر فيها الطاعات وأعمال الخير والبر ،كما تكثر فيها السلامة من العذاب ،علما أن الشياطين تقف لهم ليلة القدر في الطريق و تخرب نشاطهم الدنيء ، وفي هذه الليلة الفاضلة يغفر الله فيها الذنوب لمن قامها بصدق وإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه

 

 

علامات ليلة القدر

 

 

 

قال العلماء في هذه الليلة الشريفة تظهر البركة والنور ،وتطمئن فيها القلوب وتنشرح الصدور ،فإن المومن يجد راحة وطمأنينة ،ويجد العابد فيها حلاوة الصلاة ولذة التأمل أكثر مما يجده في بقية الليالي ،وفي هذه الليلة الكريمة تكون الرياح فيها ساكنة أي لا تاتي فيها عواصف ،بل يكون الجو مناسبا والهواء لطيفا ،وفي هذه الليلة المباركة يجد الإنسان لذة القيام أكثر مما في غيرها من الليالي وفي هذه الليلة المباركة أيضا تطلع الشمس في الصباح ليس لها شعاع فتظهر صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ،روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها ) رواه مسلم أما طلب ليلة القدر ،فيستحب في العشر الأواخر من رمضان ،فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في طلبها في العشر الأواخر من رمضان ،فكان يحيي الليل ويوقظ أهله ويشد المئزر ،وكان صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام المباركة يكثر من ذكر الله ويتقرب إلى مولاه بتلاوة القرآن الكريم والتأمل فيما خلق الله

 

 

آراء العلماء في ليلة القدر

 

 

للعلماء آراء في تعيين هذه الليلة الكريمة ،فمنهم من يرى أنها ليلة الحادي والعشرين ،ومنهم من يرى أنها ليلة الثالث والعشرين ،ومنهم من يرى أنها ليلة الخامس والعشرين ،ومنهم من يرى أنها ليلة السابع والعشرين ورجح العلماء هذا الرأي الأخير ،وأنا شخصيا أميل جدا إلى الرأي الأخير ،بدليل أنك لو بدأت سورة القدر (إنا )وتابعت العد حتى تصل إلى لفظة (هي )فإنك تجد أمامك أن كلمة (هي ) في السورة هي ليلة السابع والعشرين ، ومن جانب آخر إن (ليلة القدر )تتضمن (تسعة أحرف )وقد تكررت في السورة ثلاث مرات ،فلو ضربت هذا العدد في (تسعة أحرف ) ،فإنك تجد أمامك بالتمام والكمال سبعا وعشرين ليلة وبهذا المنطق الواضح يستريح العقل من هذا التراكم في الكلام

 

 

 

بركة هذه الليلة والتمتع بالدعاء فيها

 

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )رواه البخاري ومسلم ،وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يارسول الله كل واحد منا يتمنى أن يقول كلاما طبيا في هذه الليلة ،فما أقول في ليلة القدر ؟قال قولي (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) ونظرا لعظمتها عند الله جل وعلا ،فقد ثبت علميا أن الأرض ينزل عليها في اليوم الواحد من عشرة آلاف إلى عشرين ألف نجم من العشاء إلى الفجر ،غير أن في هذه الليلة العظيمة تتوقف هذه الشهب عن النزول فيها وهذا كله يرجع إلى سمو هذه الليلة الجليلة عند الله جل وعلا

 

 

سبب تسميتها بهذا الاسم

 

 

قال العلماء سميت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها من قولهم لفلان( قدر) أي شرف ومنزلة وقيل سميت بليلة القدر لأن للطاعات فيها قدرا عظيما وثوابا جزيلا وفي هذا الشأن قال العالم ابن الوراق سميت بذلك لأن من لم يكن له قدر يصير في هذه الليلة ذا قدر إذا أحياها وقال أهل العلم سميت بذلك لأنه أنزل فيها كتابا ذا قدر ،على رسول ذي قدر على أمة ذات قدر،وقيل لأنه ينزل ملائكة ذوو قدر،وقيل لأن الله ينزل فيها الخير والبركة والمغفرة وقال (سهل ) سميت بذلك لأن الله سبحانه قدر فيها الرحمة على المؤمنين ،وقال الإمام خليل لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة كقوله جل شأنه (ومن قدر عليه رزقه ) أي ضيق ،والحمد لله رب العالمين

 

 

بقلم عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

محاضرة تحت عنوان

أمور خطيرة يغفل عنها خطيب الجمعة

 

 

يصعد الخطيب على المنبر ويشرع في التصريح بأمور لا تقنع ولا تحرك ساكنا ،يقول كلاما لا يؤثر ولا يغير من ضمائر الناس شيئا،ينطق بكلام يخيم عليه الغموض ،وسبب ذلك أنه لا يختار ما يراه صالحا لقلوبهم ومؤثرا في ضمائرهم بأقوال اجتماعية أو أخلاقية ،فمثلا أين مواضيع اليتامى والمساكين ،وأين مواضيع البر بالوالدين والشيوخ وكبار السن والمعاقين وغير هم ممن ابتعدت عنهم القلوب ثم أين الاهتمام بالضعفاء والمحرومين ،فلماذا لم يشر في خطبته بقوله يجب على المجتمع أن يحرك الضمائر للانطلاق نحو فعل الخير والإحسان ومما أريد أن أقوله لك أيها الخطيب الكريم ،حاول أن تقترب من المؤمنين ليزيدك الله توفيقا ونجاحا في مهمتك المقدسة ،لا تتهاون في عملك الكريم لتعيش سعيدا بما تحب لغيرك من إصلاح وتربية وأخلاق كن صادقا  كن مومنا في خطابك رسولا ربانيا في حديثك ،فإنك لا تفيد قومك في شيء بدون إخلاص فالخطيب إذا كان غير مخلص لا يحب للناس ما يحب لنفسه فإنه يبقى بعيدا عن رسالته ،فهذا عالم كبير اسمه الحسن البصري حضر في صلاة جمعة ولكنه لم يفهم من هذا الإمام ما يرضيه ،فخاطبه العالم قائلا يا هذا اعلم أن بقلبك لشرا أو بقلبي ،ويستفاد من هذا الكلام أن على الإمام أن يكون تقيا ليصل كلامه إلى قلوب المصلين ،انطلاقا من قوله سبحانه ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) سورة البقرة الآية 282 لأن الله لا يهب العلم إلا للذي يصل علمه إلى الناس قال صلى الله عليه وسلم ( من علم وعلم ،علمه الله ما لم يعلم ) أخرجه أبو نعيم ،وغير خاف أن الذي يعلم بصدق فإن علمه يفتح الطريق للوصول إلى قلوب المؤمنين ،كما أن على الخطيب ألا يقول للناس ما لا يفعله ،ولا تكن ممن قال فيهم الحق سبحانه ( أتامرون الناس وتنسون أنفسكم ) سورة البقرة الآية 44 ـ أيها الإمام أثناء كلامك وضح للناس ما تقول ،أخرج زادك العلمي من الغموض واشرحه بلغة مفهومة ،بين ذلك بتكرار الكلام حتى يفهمك المصلون ،وهذا ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع المسلمين .

 

 

الخطيب و القرآن الكريم

 

 

اعلم أخي الخطيب الموفق إذا أردت قراءة القرآن ،عليك أن تختصر النصوص القرآنية حتى لا تصبح الخطبة ثقيلة لا تفهم ،وعليك من جانب آخر أن تفسر وتشرح ما تريد شرحه بأسلوب مفهوم وأفكار مبسطة ومنطق سليم لتقترب من الناس بتعابيرك ،لا تدخل بهم في المتشابهات أو أفكار معقدة ،إن الخطيب الناجح هو الذي يختار أفكارا نظيفة لا شبهة فيها ولا غموض ،إن تفسير الآيات يحتاج إلى تبيين وتوضيح ،وإذا رأيت المصلين سقطوا أعينهم ،فاعلم أنهم لم يفهموا ما تفسره لهم ،ولكي تقترب من الناس فعليك بتجويد القرآن الكريم وتحسين كلامه ،فهذا لا شك أنه يحرك مشاعرهم ،فإذا أردت مثلا تفسير هذا النص بعد ترتيله ( إنا أعطيناك الكوثر فمعنى هذا أنه يدل على كثرة مائه وعظم قدره وفضله العظيم يقول الحق سبحانه ( إنا أعطيناك الكوثر ) ولم يقل سنعطيك ،لأن الإعطاء بالفعل قد حصل ،فكأن الله سبحانه يقول ( يا محمد إنا قد هيأنا لك أسباب سعادتك قبل دخولك في هذا الوجود ،ثم قال الحق جل وعلا أيها النبي العظيم إنا لم نعطك هذا الفضل لطاعتك ،وإنما اخترناك وفضلناك على سائر الخلق ) أنظر إلى هذا الكلام فإنك تجد نفسك أنك مع توضيح في التفسير و تشويق في التعبير ،فالمؤمن حينما يسمع هذا الأسلوب المحرك لنفس المصلي فإنه لم يتردد في الإ ستماع إليه بشوق وإعجاب .

 

 

الخطيب و الحديث

 

 

أخي الخطيب إذا قرأت نصا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختر له أساليب التشويق ،وابتعد عن تعابير الركاكة وأعد ما تراه غامضا بالشرح والتحليل،ولكي يتضح الأمر لنعش معا مع هذا الحديث الكريم يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا أذنب العبد و استغفر الله منه يقول الخالق سبحانه إن عبدي أذنب ذنبا وعلم أن له ربا يغفر الذنب ،أشهدكم أني قد غغرت له ) هذا الحديث لم أعثر عليه ، أخي الحبيب إن الحديث واضح لكنه يحتاج إلى الفهم والتأمل ،لأن نجاح الخطيب يتوقف على إلمامه بقواعد الخطبة ،وهذا العمل بدوره يحتاج إلى تكوين الخطيب تكوينا يحفظ له شرف مهنته ،وبدون شك أنه إذا لم يكن ملما بالقواعد النحوية واللغوية وعلم النفس والتفسير والأصول وعلم الحديث والقراءات ، فإنه سيفشل في مهمته خذ مثلا نصا من سورة الأعلى ( والذي قدر فهدى ) قرأ جانب من القراء ( قدر ) بتشديد الدال بمعنى أن الله يقدر الأعمار والأرزاق وأيام الحساب ،وقرأ جانب آخر بفتح الدال بدون تشديد بمعنى أن الله قادر على إحياء الموتى للحساب وقادر على تدمير هذا الكون ،وقادر على المحافظة عليه ،فالخطيب إذا كان يجهل هذه القواعد في القراءات فإنه لا يستطيع أن يسيطر على زمام الأمور وبالتالي فإن خطبته ستبقى خاضعة للفشل ،لنفرض مثلا أن هذا النص قرئ بوجه واحد ولم يقرأ بالوجه الآخر ، فأين مراد الله الذي جاء بهما معا إذا يتعين مما مر بنا أن على خطيب الجمعة لكي يكون ناجحا في مهمته ، لا بد أن يكون له نصيب محترم من علوم مهنته.

 

 

خطيب الجمعة و التسامح

 

 

على الخطيب الواعي والمرشد الفطن أن يتعرض إلى ميدان التسامح الذي يعتبر أساسا للحياة الاجتماعية، فالحقد والسب والشتم هي من أسباب التنافر والتباعد ،لكن بالتسامح تصفو القلوب وتتطهر النفوس ويرجع الحاقد إلى أخيه بقلب صاف ونفس طاهرة ،ويعود الشاتم إلى جو الرحمة ،ليصبح كريم النفس قريبا من أخيه المسلم ،يحب له ما يحب لنفسه ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يكو ن المسلم مسلما حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه أخرجه مسلم وأخطر ما تراه اليوم هو أن ترى المسلم في الظاهر ،ولكنه غير مسلم في الباطن وأعظم مثال في التسامح على الإطلاق ما نراه في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما دخل مكة فاتحا ،فقال لقريش ،ما ذا ترون أني فاعل بكم قالوا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء أنظر أيها الأخ الكريم ،كان بالإمكان أن ينتقم منهم واحدا واحدا ،ولكنه أراد تطبيق رحمة الله التي منحت له بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) سورة القلم الآية 4 ومما جاء في هذا الشأن أيضا أراد مشرك أن ينتقم من النبي صلى الله عليه وسلم ،فهم أحد الصحابة بقتله ،فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا ( هون على نفسك كاد الحليم أن يكون نبيا ) أين نجد هذا الفضل العظيم الذي صبه الله جل وعلا على رسوله صلى الله عليه وسلم ،فهذا كارلايل المؤرخ الشهير يقول اجتمعت الرجولة في كثير من الناس ،منهم نابليون ودانتي ولوثر مثلا ولكن محمد اجتمعت فيه الرحمة والإنسانية والبطولة والتسامح ،فأصبح بذلك أعظم من عرفه التاريخ على الإطلاق .

 

 

بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

محاضرة

 

تحت عنوان

 

السدل والقبض في الميزان

 

 

 

المقدمة

 

 

 

كل عالم أو مثقف قرأ التاريخ بتأمل يجد القبض في الصلاة لم يكن مشهورا في القرون السابقة كما نراه مشهورا اليوم ،فلم يكن مشهورا في الأندلس وفي بلدان المغرب العربي وليبيا وتونس والجزائر والمغرب الأقصى وموريتانيا ،كما لم يكن مشهورا كذلك في مصر والسودان ،حيث كان المذهب المالكي هو الظاهر و الغالب ،ومن الجدير بالذكر أن معظم هذه البلدان لا يزالون إلى وقت قريب لا يرفعون أيديهم في الصلاة إلا مرة واحدة ولكن تحت تأثير الوهابين اعتنق المنتسبون إلى المالكية والإباضية القبض في الصلاة ، ،وذلك لجهلهم بأدلة مذهبهم ،لكن نجد عددا ضخما من كبار العلماء يؤيدون الإرسال في الصلاة بدليل ما نقرؤه في كتاب الشيخ محمد المحفوظ بن محمد الأمين الذي بين في كتابه هذا رجحان السدل في الصلاة وقد انتشر العمل به في المذهب المالكي انتشارا واسعا ،وقد أيد العلماء هذا الكتاب تأييدا ارتاحت له ضمائر أهل العلم والمعرفة ،بدليل أن شهادات سجلت عليه من جميع علماء المذاهب الأخرى ولم ينقل عن هذه المذاهب قول بكراهة السدل في الصلاة بخلاف القبض فقد ورد فيه قول بالكراهة وقول بالمنع وقد روي عن جابربن زيد في القرن الأول الهجري أن المالكية لا يقبضون أيديهم في الصلاة ،فقد ثبت لديهم أن الأحاديث الواردة في القبض ليست من القوة والصراحة بأن تكون سنة من سنن الصلاة الواجب العمل بها.

 

 

 

                                          

 

   الموازنة بين السدل والقبض

 

 

 

ذهبت طائفة من العلماء الجادين أن السدل في الصلاة ، يضم إلى قائمة المحققين باعتباره مذهبا صحيحا معمولا به لدى كبار أهل العلم والسنة ،ومن أدلتهم في هذا الشأن حديث المسيء في صلاته ،هذا الرجل رآه النبي صلى عليه وسلم وهو يصلي دون أن يرتاح لها النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له الواجبات والمستحبات ولم يذكر القبض ومن هنا برز اعتزاز أهل السدل بهذا الحديث الذي عززه نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الرجل يده على يده في صدره في الصلاة وأمر أن يرسلهما ،ذكر هذا القول العلامة الشيخ مجد الدين في كتاب ( المنهج الأقوم في الرفع والضم ) وفي هذا الشأن أيضا روى العلامة محمد بن منصور في ( كتاب المناهي ) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجعل الرجل يده على يده في صدره وهو يصلي وأمر أن يرسل يديه إذا كان قائما في الصلاة ،ومن المعلوم أن السدل المعمول به في المذهب المالكي سجلت الشهادات عليه من جميع المذاهب الأخرى ولم ينقل عن المذاهب الأربعة قول بكراهة السدل ،بخلاف قضية القبض فإن فيه قولا بالكراهة وقولا بالمنع ومن أدلة السدل في الصلاة ما أفادنا به ابن أبي شيبة عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي وسعيد بن المسيب وابن سيرين وسعيد بن جبير ،فقال إن هؤلاء العلماء الصالحين كانوا لا يقبضون في الصلاة مع أنهم كانوا من كبار التابعين الآخذين عن الصحابة رضي الله عنهم ومعترف لهم بالفضل ( انظر إبرام النقض ص ـ33 ) وقد جاءنا فريق من العلماء منهم عثمان النهدي وأبو الجوزاء وغيرهما ،أن القبض كان خاصا بأحبار اليهود وبالمسيحيين ،فقد سئل ابن سيرين عن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة فقال إنما ذلك من أجل الروم ،وقال الحسن البصري قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كأني أنظر إلى أحبار اليهود واضعي أيمانهم عن شمائلهم في الصلاة ) أنضر إبرام النقض ص 34 ومن أدلة السدل أيضا ما جاءنا عن الحافظ بن عبد البر في ( كتاب العلم ) أنه قال ( لقد نقل مالك حديث السدل عن عبد الله بن الحسن ) انظر إبرام النقض ص 39 ومن أدلة السدل أيضا أن العلماءقد أثبتوا أن عبد الله بن الزبير كان لا يقبض ولا يرى أحدا قابضا إلا فك يديه ،وقد جاءنا الخطيب بنقل نزيه في تاريخ بغداد أن عبد الله بن الزبير قد أخذ صفة الصلاة من الصحابي الكريم أبي بكر الصديق رضي الله عنه ،ومن هنا يظهر أنه كان يقبض   انظر إبرام النقض ص38 وكتاب القول الفصل ص24 ،ولعل أصوب ما قيل في هذا الأمر قول ابن عبد البر ( إرسال اليدين أو ضمهما ،كل ذلك من سنن الصلاة )

 

 

 

الخلاف بين علماء السدل والقبض

 

 

 

أفادنا العالم ابن رشد أن الخلاف الحاصل بين القبض والسدل ،راجع إلى اختلاف الآثار الثابتة التي نقلت صفة صلاته صلى الله عليه وسلم ،ولم تنقل فيها أنه كان يضع اليد اليمنى على اليسرى ،وما دمنا مع القبض ،فإن المكي العزوزي المتوفى سنة 1334 هجرية يطل علينا بكتابه ( هيأة الناسك في القبض ) الذي محا السدل ورفع قيمة القبض قائلا إن عددا من العلماء أيدوا القبض ،وقرر عدم جواز الإفتاء بكراهة القبض في الصلاة ،وبين في كتابه المذكور أن القبض ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق موثوق به وصرح أن من قال بالسدل يعتبر قوله غريبا وضعيفا وقال ابن عزوز ما ورد عن ابن الزبير أن السدل ثابت بقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يلتفت إليه ،فهو ضعيف ،وما ورد عن الأئمة لا يصلح به الاحتجاج ،وردي على هذا الرجل أنه قليل الدراية بالعلم والفهم والتأمل وجرأة هذا الرجل على العلماء يدل على علو نفسه ،ورحم الله الغزالي الذي قال (لا ينال العلم إلا بالتواضع )

 

 

 

الرد المفحم للإمام عابد على الأستاذ ابن عزوز

 

 

 

مع هذه الأقوال الصريحة من طرف ابن عزوز نجد الإمام عابد يظهر على الساحة العلمية كالأسد في عرينه ،فقد رد بقوة وسلاح علمي مفحم على هيأة الناسك لابن عزوز فقد تصدى محمد عابد إلى إبطال (القول بالقبض ) قائلا إن أحاديث القبض كلها وردت بين مضطرب وموقوف وضعيف /ثم تطرق عابد إلى تضعيف ما قرره ابن عزوز وما رآه مشهورا من أحاديث القبض ،ومضى عابد قائلا إن السدل في المذهب يكاد يبلغ حد التواتر ومن أقوال العلماء الأكفاء أن العمل بالسدل عندهم أولى من غيره .وقال علماء السدل إن الأحاديث الواردة في القبض لا قوة لها ولا دليل تثبت وجودها ، ونجد عددا من العلماء يعطون للسدل قيمة عالية واعتبروه كالفاتحة بالنسبة للصلاة تجزئ عن غيرها ولا يجزئ غيرها عنها ،وهذا ما صرح به الإمام الخرشي في شرحه على مختصر خليل ،وورد في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير أن السدل ثابت لا يحتاج إ لى تأويل فهو واضح ومشهور، ولم يبق لقائل ما يقول

 

 

 

التعصب يفتح طريقالحسد

 

 

 

   ،وكل ما هناك أن التعصب هو الذي وقف للجانبين في طريق الحل الشافي ،حيث نجد أن هذا الفريق يقول إن السدل هو الصحيح ،،ونجد الفريق الآخر يقول إن القبض هوالقول الثابت ،مع العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهما معا ،فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالسدل بالدلائل والحجج من طرف جهابذة العلم ،وصلى بالقبض بدلائل العلماء الأكفاء ،فلماذا هذا الضغط على فريق السدل لينتصر جانب القبض ،ولماذا هذا الضغط على فريق القبض لينتصر أنصار السدل ،مع العلم أن الصلاة بالسدل صحيحة ،والصلاة بالقبض صحيحة ،ومن اعتز بالقبض دون السدل أو ركزعلى السدل دون القبض فهذا في رأيي عالم سطحي لا إلمام له بعلم الدين ،أخي العالم المتزن من نظر إلى الفراغ ،فإنه لا يجد إلا الفراغ ومن لمس النور بعينيه فإنه يجد النور في قلبه يفتح له طريق الهداية والتوفيق ،   وأقصد بالفراغ هنا طريق التعصب الذي لا يفيد صاحبه في شيء ،وورد عن الأوزاعي في مسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ترك الرسول صلى الله عليه وسلم القبض في صلاة الفريضة وسدل يديه فيهما في آخر عمره قبل وفاته بست وثلاثين يوما أوليلة وهذا منقول من كتاب لأستاذ جامعي من مدينة تطوان ،هذا مع العلم أن الروايات ذكرت أن الإمام إدريس هو الذي أدخل صلاة السدل إلى المغرب وبهذا يكون هذا البلد قد نال شرف الصلاة بالسدل بدخوله إلى بلد العلم والعلماء

 

 

 

رأيي في الموضوع

 

 

 

بعد ما قرأت موضوع القبض وفهمته فهما جيدا ،وبعدما فحصت موضوع السدل وحججه خرجت من جهود الفرقين بنتائج غير سارة ،فالقائلون بالقبض يقولون إنهم على حق ،والقائلون بالسدل يقولون إنهم على حق و ما دام النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بالقبض، وصلى كذلك بالسدل ،وكل من الجانبين يعتمد على حجج وبراهين ،فلماذا هذا التعصب الأعمى ،إن الفريق الذي يدعي أن القبض يساعد على الخشوع ،فهذا فراغ ووهم ،إن الخشوع مقره القلب ،وليس اليد على اليد ،فكم من مصل يقوم بهذا القبض و قلبه خال من الإيمان ،وكم من مصل يعيش بخشوع في صلاته وهو بعيد عن هذا القبض ،إذن الإيمان والخشوع ليس محلهما اليد على اليد ،ولكن محلهما الخوف من الله جل وعلا

 

 

 

رب إن كنت قد وفقت فيما أردته     فذلك فضــــل الله أعطى فأكثرا

 

وإن كنت عن هذا المقام بمــعزل       فكلي عيوب إنك الله فــــاغفرا

 

 

 

بقلم الباحث د عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

 

 

ا لمصادر

 

 

 

ـ نور الأثمد في سنة وضع اليد على اليد في الصلاة ــ     للشيخ أحمد بن مصطفى

 

ـ فتح ذي المنة برجحان السدل من السنة ـ     للأستاذ محمد محفوظ

 

رسالة في مشروعية السدل في الفرض للأستاذ بن احميميدات

 

ـ رسالة مختصرة في السدل للدكتور عبد المجيد بن مبارك    

 

 

محاضــــــــــــــــرة

 

تحــــــــــــــــــــــــــت عنوان

 

فرائض الصلاة وأسرارها

 

 

 

قبل الشروع في الدرس أقول ( اللهم اغفر لي ذنوبي وآثامي فإني ما أذنبت عنادا لك ولا تمردا عليك ،ولكنها النفس غلبتني على أمري وحالت بيني وبين طاعتك ،فاغفرلي ياأرحم الراحمين يارب العالمين )وبعد، فرائض الصلاة ست عشرة وأولها النية أي الصلاة المعينة ظهرا أو عصرا أو غيرهما لقوله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) ولحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إنما الأعمال بالنيات ،وإنما لكل امرئ ما نوى )رواه أصحاب السنن 2 ـ تكبيرة الإحرام التي يدخل بها المصلي في ساحة الصلاة ،وهي واجبة على الإمام والمنفرد والمأموم ولفظها (الله أكبر) وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبيروتحليلها التسليم) رواه الترمذي وقال الحافظ في الفتح أخرجه أصحاب السنن بإسناد صحيح 3 ـ القيام لها أي الصلاة لقوله جل شأنه (وقوموا لله قـــــــــــاــــنتين )سورة البقرة الآية 238 ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر حين يقوم )إذن فالتكبير له ارتباط بالقيام ،وبالتالي فكل منهما يقوي الآخر،كما أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه ثم قال (الله أكبر ) وعليه فكلام الرسول الكريم يتضمن القيام والصلاة ورفع اليدين والتكبير وهي أسس لا بد منها، الحديث صححه ابن خزيمة وابن   حبان ،وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال  ) كانت بي بواسير فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب )ـ 4 ومن فرائض الصلاة الفاتحة وهي واجبة على الإمام والمنفرد دون المأموم وأوجبها ابن العربي ـ أحكام القرآن ج 1 ص25 وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا صلاة لمن لم يقرأبفاتحة الكتاب )وفي رواية (لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بأم القرآن ،وعند رسول الله صلى الله عليه إن الصلاة بغير فاتحة الكتاب تعتبر( خداجا ) بكسر الخاء أي ناقصة   وعند الأصوليين أن هذا الحديث ظني الثبوت أي جاءنا بدون تواتر وظني الدلالة أي يحتمل أن يكون بمعنى( لا صلاة كاملة ) ويحتمل أن تكون ( لا صلاة صحيحة ) 5ـ القيام للفاتحة كما جاء في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال كانت بي بواسر فسألت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال (صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ) 6 ـالركوع لقوله جل وعلا (يـــــاـــــأيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا ) سورة الحج الآية 77 ـ وكما ورد في حديث المسيء صلاته ونصه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ثم اركع حتى تطمئن راكعا )،ومما يسن للراكع أن يمسك ركبتيه بيديه ،فعن عبد الرحمـــــــن السلمي قال قال لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إن الركب (ضم الراء وفتح الباء )سنت لكم فخذوا بالركب )حديث حسن صحيح7 ـالرفع منه كما هو وارد في حديث المسيء صلاته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسيء (ثم ارفع حتى تعتدل قائما ومن خلال ما تقدم يظهر من حديث المسيء صلاته أنه جاء يوضح فرائض الصلاة توضيحا ما عليه من مزيد 8 ـ السجود ويؤيده قول الله جل شأنه (يـاــأيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا ) سورة الحج الآية 77 ـ وهذا ما هو منصوص عليه في حديث المسيء صلاته أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهذا المسيء صلاته (ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا )علما أن الواجب عند مالك وضع الجبهة 9ـ الرفع من السجود وهذا ما أ شار إلي النبي صلى الله عليه وسلم (ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ) والاطمئنان مطلوب في الصلاة كلها 10ـ السلام كما هو واضح في قول النبي صلى الله عليه وسلم (مفتاح الصلاة الطهور ،وتحريمها التكبير ،وتحليلها التسليم ) رواه الترمذي وصححه ،وقال الحافظ بن حجر في فتح الباري أخرجه أصحاب السنن بإسناد صحيح 11 ـالجلوس للسلام بقدر ما يقع فيه السلام والطمأنينة ،وهذا   ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي ) 12- ترتيب أداء الصلاة بحيث يقدم المصلي القيام على الركوع ويقدم الركوع على السجود ،ويقدم السجود على الجلوس وهكذا 13 ـالاعتدال وهو نصب القامة بعد الرفع من الركوع ومن السجود حتى يعتدل جالسا وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم (ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ) رواه البخاري ومسلم وغيرهما 14 ـالطمأنينة وهي سكون الأعضاء في جميع أركان الصلاة ،وهذا ما أشار إليه قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته (ثم اركع حتى تطمئن راكعا ،ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ،ثم افعل ذلك في صلاتك كلها كما تقدم ) رواه البخاري ومسلم 15 ـمتابعة المأموم لإمامه في الإحرام والسلام ،وفي كل صلاته ويلاحظ أن الناظم قد اهتم بالإحرام والسلام ،وذلك باعتبار أن الاحرام يعتبر دخولا في الصلاة ،أما السلام فإنه يعتبر بدوره أيضا أنه نهاية هذه الأركان وفي هذا الشأن قال صلى الله عليه وسلم(إنما جعل الإمام ليؤثم به فلا تختلفوا عليه ،فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا ،وإذا قال سمع الله لمن حمده ،فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد ،وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون )رواه ابن ماجه 16 ـ نية الاقتداء وهي واجبة على المأموم في جميع الصلوات ،فيجب عليه أن ينوي أنه مقتد بإمامه في كافة الأوقات فإن لم ينو فصلاته تعتبر باطلة وإذا سبق المأموم إمامه في السلام بطلت صلاته ،إلا إذا استدرك الموقف وأعاد السلام بعد سلام إمامه ،فهنا تعتبر صلاته صحيحة

 

 

 

حكم المتهاون بالصلاة

 

 

 

روى أبوهريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من تهاون بالصلاة عاقبه الله بخمس عشرة خصلة ست منها في دار الدنيا ،وثلاث عند الموت ،وثلاث في قبره وثلاث في القيامة ،فأما التي فــي دار الدنيا فأولها ينزع الله البركة من رزقه ،والثانية ينزع الله البركة   من حياته ،والثالثة يرفــــــــع الله نور الصالحين من وجهه ،والرابعة لا حظ له في دعاء الصالحين ،والخامسة كل عمل يعمله مـــن أعمال البر لا يؤجر عليه ،والسادسة لا يرفع الله دعاءه إلى السماء ،وأما التي تصيبه عند الموت فيمـــــــــوت ذليلا جائعا عطشانا ولو سقي كل ما في الدنيا ،لم يرو عطشه أبدا ،أما التي تصيبه في قبره فيوكل الله به ملكا يزعجه إلى يوم القيامة ،والثانية تكون ظلمة في قبره ،والثالثة تكون وحشة في قبره ،وأما التي في القيامة فأولها يوكل الله به ملكا يجعله يمشي على وجهه في عرصات القيامة والثانية يحاسبه الله حسابا طويلا ،والثالثة لا ينظر الله عز وجل إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم ،ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله جل وعلا ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلواة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا )سورة مريم الآية 59 يفيدنا هذا النص القرآني الكريم أن طائفة من الأنبياء كموسى وعيسى و زكرياء وهارون بكوا لشدة إيمانهم وتقواهم ، هؤلاء جاءت بعدهم مجموعة من الأشقياء الذين كتب لهم الدمار والتعذيب في واد الغي وهو نهر في جهنم الذي تستعيذ أودية جهنم من حره ،و هم الذين ضيعوا الصلاة واتبعوا الشهوات.

 

 

 

المصــــــــــــــــــادر

 

 

الجامع لأحكام القرآن    للعلامة القرطبي ج 11 ص125

 

صفوة التفاسير   للشيخ الصابوني مج 2 ص 221

 

العرف الناشر ص 124

 

فقه السنة     للشيخ السيد سابق ج 1 ص113

 

الخلاصة الفقهية     للشيخ محمد العربي القروي ص 39

 

 

بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي

 

                

 

 

 

تنبيه للمزيد الرجاء الاتجاه نحو قائمة العبادات العمودية على اليمين