علم الحديث
- التفاصيل
- المجموعة: تفاصيل
- نشر بتاريخ الأحد, 24 تشرين2/نوفمبر 2013 13:50
- كتب بواسطة: الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي
- الزيارات: 2856
بيان كثرة طــــــــــــــــــــــــرق الخير و النور
النص الـنبوي الكريم
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري (رضي الله عنه )قال ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الطهور شطر الإيمان ،والحمد لله تملأ الميزان ،وسبحان الله والحمد لله تملآن ـ أ وتملأ ما بين السماء والأرض ،والصلاة نور ،والصدقة برهان ،والصبر ضياء ،والقرآن حجة لك أو عليك ،كل الناس يغدو ـفبابع نفسه ،فمعتقها أو موبقها )رواه ا لإمام مسلم
شرح الحديث وما يستنبط منه
قالأهل العلم(الطهور شطر الإيمان ) الإمام الغزالي رحمه الله فسر الطهور بطهارة القلب من الغل والحسد والحقد وسائر أمراض القلب ،وذلك أن الإيمان الكامل إنما يتم بذلك ،فمن أتى بالشهادتين حصل له الشطر ،ومن طهر قلبه من بقية الأمراض كمل إيمانه ،ومن لم يطهر قلبه فقد نقص إيمانه قال جانب من العلماء ومن طهر قلبه وتوضأ واغتسل وصلى فقد دخل الصلاة بالطهارتين جميعا ،ومن دخل في الصلاة بطهارة الأعضاء خاصة فقد دخل الصلاة بإحدى الطهارتين والله جل وعلا لا ينظر إلا إلى طهارة القلب لقوله جل شأنه (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم )أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة النص قال صلى الله عليه وسلم (والحمد لله تملأ الميزان ،وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض)وهذا قد يشكل على الحديث الآخروهو أن نبي الله موسى عليه السلام قال (يارب دلني على عمل يدخلني الجنة قال ياموسى (قل(لا إله إلا الله )،فلو وضعت السماوات السبع والأرضون السبع في كفة ،ولا إله إلاالله في كفة ،لرجحت بهم لاإله إ لا الله )ومعلوم أن السموات والأرضين أوسع مما بين السماء والأرض ،،وإذا كانت الحمد لله تملأ الميزان وزيادة لزم أن تكون الحمد لله تملأ ما بين السماء لأن الميزان أوسع مما بين السماء والأرض والحمد لله تملأها والمراد لو كان جسما لملأ الميزان النص النبوي (والصلاة نور ) أي ثوابها نور في الحديث (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة )أخرجه أبو داود والترمذي
النص النبوي
(والصدقة برهان ) أي دليل على صحة إيمان صاحبها ،وسميت صدقة لأنها دليل على صدق إيمانه ،وذلك أن المنافق قد يصلي ،ولا تسهل عليه الصدقة غالبا النص النبوي (والصبر ضياء ) أي الصبر المحبوب ،وهوالصبر على طا عة ،الله والبلاء ومكاره الدنيا ،ومعناه لا يزال صاحبه مستمرا على الصواب
النص النبوي
(كل الناس يغدو فبائع نفسه )معناه كل إنسان يسعى لنفسه فمنهم من يبيعها لله بطاعته فيعتقها من العذاب ،ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتباعهما (فيوبقها )أي يهلكها وفي هذا الشأن قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم (من قال حين يصبح أو يمسي اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ونبيك ،أعتق الله ربعه من النار ،فإن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار ،فإن قالها ثلا ثا أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار ،فإن قالها أربعا أعتق الله كله من النار )و(الطهور ) بضم الطاء هنا معنا ه الفعل واختلف في معنى الطهور فهناك قول ينتهي إلى نصف أجر الإيمان ،وقيل المراد بالإيمان هنا الصلاة وفي هذا الشأن قال جل شأنه (وما كان الله ليضيع إيمانكم )سورة البقرة الآية 142 والطهارة شرط في صحة الصلاة
النص النبوي
(والحمد لله تملأ الميزان )بمعنى أنها لعظم أجرها تملأ ميزان الحامد لله تعالى وقد تظاهرت نصوص القرآن والسنة على وزن الأ عمال وثقل الموازين وخفتها وكذلك قوله (وسبحان الله والحمد لله تملآن أو ما بين السماء والأرض )وسبب عظم فضلها ما اشتملت عليه من التنزيه لله تعالى والافتقار إليه النص النبوي (تملآن أو تملأ )قال أهل العلم يجوز يملآن بالتذكيروالتأنيث ،أما التأنيث فعلى ما تقدم وأما التذكير فعلى إرادة النوعين من الكلام
النص النبوي
وأما تملأ فيطلق على إرادة الذكر وأما قوله صلى الله عليه وسلم (والصلاة نور )فمعناه أنها تمنع من المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به ،وقيل أن يكون معناه أنها نور لصاحبها يوم القيامة وقيل إنها تكون نورا ظاهرا على وجهه يوم القيامة ،ويكون في الدنيا أيضا على جهه البهاءبخلاف من لم يصل والله أعلم وأما قوله (والصدقة برهان ) فمعناه أنه يفزع إليها كما يفزع للبراهين ،كأن العبد إذا سئل يوم القيامة عن مصرف ماله كانت له صدقاته براهين في جواب هذا السؤال فيقول تصدقت به وقال غيره أن الصدقة حجة على إيمان فاعلها ،لأن المنافق يمتنع منها لكونه لا يعتقدها فمن تصدق استدل بصدقته على قوة إيمانه والله أعلى وأعلم
النص النبوي
(والصبر ضياء )فمعناه الصبر المحبوب في الشرع وهو الصبر على طاعة الله تعالى والصبر عن معصيته والصبر أيضا على النائبات وأنواع المكاره في الدنيا والمراد أن الصبر محمود لا يزال صاحبه مستضيئا به ومهتديا مستمرا على الصواب
النص النبوي
(والقرآن حجة لك أو عليك )معناه ظاهر أي تنتفع به وعملت به وإلا فهو حجة عليك النص النبوي (كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها )معناه أن كل إنسان يسعى لنفسه فمنهم من يبيعها لله بطاعته له فيعتقها من العذاب كما قال جل علاه (إن الله اشترى من المومنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة )سورة التوبة الآية 111ومن يبيعها للشيطان والهوى باتباعهما فيوبقها أي يهلكها
ما يستنبط من الحديث
1ــ الحث على الطهور وبيان منزلته من الدين ،وأنه شطر الإيمان
2ــ الحث على حمد الله وتسبيحه ،وأن ذلك يملأ الميزان وأن الجمع بين التسبيح والحمد يملأ مابين السماء والأرض
3ــ الحث على الصلاة وأنها نور على هذه الفائدة أنها تفتح للإنسان باب العلم والفقه
4ــ الحث على الصدقة وبيان أنها برهان ودليل على صدق إيمان صاحبها
5ــ الحث على الصبر وأنه ضياء وأنه يحصل منه مشقة على الإنسان
6ــ إن القرآن حجة للإنسان أو عليه ،وليس هناك واسطة بحيث لا يكون حجة للإنسان وحجة عليه
ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا على أعداء الدين و أعدائنا آمين
المصــــــــــــــادر
1ــ شرح الأربعين النووية للإمام ابن دقيق الفرقان ص185
2ــ الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان للعلامة بن تيمية ص10
3ــ شرح الأصول الثلاثة للشيخ محمد حسان (من ربك ما دينك من نبيك )
( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين
بقلم الباحث الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي
محاضـــــــــــــــــــرة
في الحديث
تحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت عنوان
الطهور شطر الإيمان ــ الحديث
مقدمـــــــــــــــــة
حديثالرسول صلى الله عليه وسلم هو مستشفى روحي وعلاج نفسي فهو يقوم بتنظيف دواخل الإنسان من الأوساخ الداخلية كالنميمة والحقد والحسد ،و من الكلام الفاحش والأقوال الفارغة والخرافات والأساطير ،كما أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يبعد هذه النفس من الأفكار الساقطة ويدخل بها في طريق الفلاح والتوفيق ،وبهذا المسار الناجح يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد وضع المسلم في طريق لا يعرف الانحراف ،ثم من جانب آخر إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاهد من أجل وضع المسلم في خط مستقيم ما دام يسير وراءه فإنه لا شك قد استفاد من كلام رب العالمين ،الذي قال في هذا الشأن ( عبدي أخرجتك من العدم إلى الوجود ،وجعلت لك السمع والبصر والقلب والعقل ،عبدي أسترك ولا تخشاني أذكرك وأنت تنساني ،أستحيي منك وأنت لا تستحيي مني ،فمن أعظم مني جودا ومن ذا الذي يقرع ببابي فلم أفتح له ،ومن ذا الذي سألني فلم أعطه ،أبخيل أنا فيبخل علي عبد ي )
تقريب القارئ من الحديث القدسي
خاطب الخالق الكريم عبده قائلا كنت في العدم وأخرجتك إلى نور الوجود ومتعتك بالسمع والبصر والقلب والعقل ،عبدي سترتك ولكنك لا تخشاني ذكرتك ولكنك تنساني ،فأنا أستحيي منك ولكنك أنت لا تستحيي مني ،فمن أعظم مني جودا أين هو هذا الكريم الذي يعرف بالكرم أكثر مني ومن هو هذا الذي أتى لبابي فلم أفتح له ،و أ ين هذا الذي أتى لبابي ليطلب مني فلم أعطه إنه عبدي أتي لأرحمه ،وأنا لست ببخيل ،لأنعت بالبخل إني كريم وأحب الكرماء من عبادي ،وأنا رحيم وأحب الرحماء وأنا سخي وأحب الأسخياء من عبادي ،ومدرسة كرمي دائما هي في انتظار خلقي حتى العاصي من عبادي إذا توجه إلي ووقفت الملائكة له في طريق الدعاء فأجيبهم قائلا إلى متى وأنتم تحجبون عني عبدي لبيك عبدي )
موضوع الدرس
ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الطهور شطر الإيمان ،والحمد لله تملأ الميزان ،وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض ،والصلاة نور ،والصدقة برهان، والصبر ضياء ،والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ) معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصل من أصول الدين باعتبار أنه جامع للصبر والطهارة الحسية والمعنوية ومعنى شطر الإيمان أي أنه نصف الإيمان الكامل المركب من ثلاثة أجزاء 1 تصديق بالقلب 2 وإقرار باللسان 3 وعمل بالأركان ( و الحمد لله تملأ الميزان ) بمعنى أن هذه الأعمال لو كانت أجساما لملأت ميزان هذا الكون ،ولكن ذلك لم يكن لأنها نورانية ( و الحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض ) و معنى هذا التعبير الكريم أنه يملأ فضاء هذا الكون بالأعمال الصالحة والمجهودات النبيلة الفائضة بالخيرات ،إن الحديث الشريف يشوق الناس والأمة إلى المزيد من أعمال البر و فعل الخير أو بمعنى آخر لو قدر ثوابهما جسما لملأ ما بين السماء والأرض على أنه في استطاعة أن يصل المومن إلى قيمة الأعمال النورانية بأربع كلمات ( سبحان الله، والحمد لله ،ولا إله إلا الله، والله أكبر ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم لقيت إبراهيم ليلة أسري بي ،فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) ( و الصلاة نور ) ومعنى الصلاة نور أنها إذا أديت بشروطها نورت قلب المصلي وفتحت بصيرته لكل خير ،،بحيث تشرق فيها أنوار المعارف و المكاشفات ،كما أنها تمنع من المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتهدي إلى الصواب ،وأن نورها يستضاء به ،فهي للمومنين في الدنيا نور يزرع في قلوبهم وبصائرهم فتشرق بها قلوبهم وتستنير بصائرهم ،وتظهر القيمة الرفيعة للصلاة إذا أداها المومن في الليل كما قال أبو الدرداء (صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبور ) وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ) وصاحب الصبر يظهر إذا تعرض للمآسي والمصائب وشكر ربه لما يصيبه من الصواعق والعواصف فهذا يكافئه الله على صبره بغير حساب كما قال جل وعلا ( إنما يوفى الصــــــاـــبرن أجرهم بغير حساب ) فأجر المومن يكون بمقدار ،ولكن أجر الصابر لا يقدر ،والقرآن الكريم حجة لقارئه إن أداه كما أمر ألله ( و رتل القرآن ترتيلا ) وإذا خرج عن العمل به يكون حجة عليه ومعنى ( كل الناس يغدو ) أي يسعى ويعمل من أجل لقمة العيش ويغدو إذا بكر كل إنسان في أول النهار ساعيا في تحصيل أغراضه وقوله صلى الله عليه وسلم ( فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ) أي فمنهم يشتري نفسه بالطاعات ويعتقها من النار ،ومنهم من يبيعها للشيطان بالمعاصي فيهلكها صدق رسول الله ،والحمد لله رب العالمين
بقلم الباحث الشاعر الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) آمين
المصـــــــــادر
زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم
2 للعلامة حبيب الله الجكني ص 202
3 محاضرات في الحديث النبوي الشريف للأستاذ إدريس عزوزي ص 10
4 القرآن محاولة لفهم عصري 2 للدكتور مصطفى محمود ص 202
المفسر الأول للقرآن ،الحديث النبوي
إن الحديث النبوي هو المصدر الثاني بعد كتاب الله سبحانه ،بمعنى أنه هو المفسر والمبين له ، إذ هو الذي يشرح ما أجمل في القرآن وذلك مثل قوله جل شأنه ( وأقيموا الصلواة وءاتوا الزكواة ) سورة البقرة الآية 110 ،فالسنة إذن هي التي فسرت لفظة (الصلاة ) إلى فرائض وسنن ،ومكروهات ،ومستحبات ،وعدد الركعات وهكذا تكون معرفتنا للصلاة بالتفاصيل قد جاءتنا انطلاقا من السنة النبوية .ونظرا للدور الكبير الذي تقوم به سنة الرسول الكريم من شرح ،وتوضيح لهذا الكتاب الكريم ، فقد جئت بما يسلط الضوء على بعض ما أراه ضروريا للقارئ الكريم الذي لا شك أنه سيساعده على معرفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،من حيث صحتها وعدم صحتها ،ومن حيث ما هو مقبول منها وما هو مردود ،ومع هذا ينبغي أ ن نعلم ،أن هذه السنة ليست في درجة واحدة ،فمنها ما هو أعلى ،ومنها ما هو بعد الأعلى ،ومنها ما هوأدنى منهما ،ومنها ما هو مرسل ،أو عزيز ،أو مدرج ...
اهتمام الأئمة بالحديث
كان الأئمة الكرام، يتمتعون بضمائر حية وأخلاق كريمة وسلوكات فاضلة ، وقد وجهوا اهتمامهم لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بدافع المسؤولية التي ألقيت على عاتقهم فهذا أبو حنيفة نجده يقول في هذا الصدد)لم يزل الناس في صلاح ما دام فيهم منيطلب الحديث ،فإذا طلبوا العلم بلا حديث فسدوا ( وقال أيضا (إياكم والقول في دين الله بالرأي،وعليكم باتباع السنة ) الموازين الكبرى للعلامة الشعراني ج.1.ص.51وما أحسن ماأفادنا به الإمام مالك رضي الله عنه في هذا الشأن حيث قال )السنن كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) و قال الإمام أحمد رضي الله عنه ( من رد حديث رسول الله فهو على شفا منحدر الهلاك) و من خلال ما تقدم ، يتضح من هذه الأقوال أنها تؤكد كلها معنى واحدا هو العمل والتمسك بالسنة النبوية ،ومن هذا المنطلق يحق القول: إنالنجاح بإذن الله، يكتب لكل من تعلمها وكافح من أجل الحفاظ عليها ، ومن ابتعد عنها يعتبر من الخاسرين في الدارين.
أقسام الحديث
أقسام الحديث ثلاثة ،الحديث المتواتر ،ـ الحديث المشهور ـ خبر الآحاد
1ـ الحديث المتواتر هو ما رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب ،عن مثلهم ،وذلك من بداية السند إلى نهايته ،ويطلق على هذا النوع بالقطعي الثبوت ،ونظرا لأهميته يجب العمل به عند الجمهور علماا أنه يعتبر أعلى المراتب ،والمتواتر قسمان :ـ1ـ تواتر لفظي وتواتر معنوي ،فاللفظي هو ما رواه بلفظه جمع عن جمع لا يتهمون بالتواطئ على الكذب ،كحديث (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) أما المعنوي فهو ما اتفق العلماء على معناه من غير مطابقة في اللفظ ،وذلك مثل أحاديث الشفاعة ،وأحاديث نبع الماء من بين أصابعه ،ونظرا لأهمية الحديث المتواتر ،فقد جمعه بعض المحدثين في مصنفات خاصة كالإمام السيوطي الذي جمع الكثير منها في كتابه (الأزهار المتناثرة ،في الأخبار المتواترة ) ثم جاء العالم محمد بن جعفر الكتاني وألف كتابا أطلق عليه ( نظم المتناثر في الحديث المتواتر ) وقد طبع بفاس سنة 1328 هـ.
الحديث المشهور
2ـ الحديث المشهور عند علماء الأصول هو ما رواه من الصحابة عدد لا يبلغ حد التواتر ،ثم تواتر بعد الصحابة ومن جاء بعدهم قال ابن حجر ( المشهور ما له طرق محصورة بأكثر من إثنين ولم يصل إلى حد التواتر ) والمشهور هو ما كان أقل من التواتر ،وبه تحصل الطمأنينة أي : ما كان قريبا من اليقين وأما العمل به فواجب .
3ــ خبر الآحاد هو ما رواه الواحد أو الاثنان فأكثر ،دون أن تتوفر فيه شروط المشهور أو المتواتر وهو أقل منهما أما حكمه فالعمل به واجب ،ولكن بشروط القبول ،وعلى هذا جمهور علماء المسلمين .ويرد الحديث إذا لم تتوافر فيه شروط القبول ،ويقبل إذا توافرت فيه هذه الشروط أما الحديث الصحيح ،فهو الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن عدل ضابط آخر ،والعدل الضابط هو الذي يحفظ ولا ينسى ،ويمكن استحضار ما يحفظه متى شاء ،والذي يتمتع بصفة الضبط ،يكون من أهل العلم الموثوق بهم ولا يكون شاذا ولا معللا .قال الإمام النووي ( الصحيح هو ما اتصل سنده بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة ) وأما الحديث الحسن فهو ما جمع شروط الحديث الصحيح غير أن رواته يقل ضبطهم عن رواة الصحيح ،ويحتج بالحديث الحسن إذا كان حسنا لذاته ،أم إذا كان حسنا لغيره فيبقى حاملا لصفة الضعف فيه ما لم يعضد ويقو بحديث آ خر يحمل شروط الحديث الصحيح ،يبقى في النهاية الحديث الضعيف ،وهو الذي لم تجتمع فيه صفات القبول قال أكثر العلماء هو ما لم يجمع صفة الصحيح والحسن ومن الأحاديث الضعيفة ـ1ـ المرسل وهو ما سقط منه الصحابي ،وذلك بأن يقول التابعي (سواء كان صغيرا أو كبيرا ) قال صلى الله عليه وسلم ،كذا أو هو ما رفعه التابعي إلى الرسول الكريم من قول أو فعل أو تقرير علما أن العلماء لم يفرقوا بين التابعي الصغير والكبير ،غير أن طائفة من أهل العلم ،أنهم حصروا المرسل هو ما رواه التابعي الكبير فقط ،وقال بعض الصحابة إن التابعي الصغير ليس مرسلا ،بل منقطعا وسمي بالمرسل ،لأن راويه أطلقه من غير أن يقيده بالصحابي.
حكم المرسل
اختلف العلماء في الحديث المرسل ،وأشهرها ثلاثة :القول الأول إنه يجوز الاحتجاج به مطلقا وهو قول أبي حنيفة ،والإمام مالك وطائفة من أهل العلم .القول الثاني لا يحتج به مطلقا ، وهذا ما صرح به الشافعي وكثير من الفقهاء والأصوليين .القول الثالث يحتج به إذا وجد من يسانده ويقويه ، وإذا جاء المرسل بصيغة أخرى يحمل رجالا موثوقا بهم يصبح حجة عند جماهير العلماء والمحدثين .
الحديث العزيز
هو ما انفرد عن راويه اثنان ،فلا يرويه أقل من اثنين عن اثنين ،ولو رواه بعد ذلك عن الإثنين جماعة ،فإنه لا يخرج عن كونه عزيزا ،ولكنه يصبح عزيزا مشهورا لرواية جماعة عنهما أو عن أحدهما .وسمي عزيزا إما لقلة وجوده ،أو لكونه أصبح قويا لمجيئه من طريق آخر.
مثال الحديث العزيز
ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال :(لا يومن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده ) هذا الحديث رواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ،ورواه عن قتادة ،شعبة وسعيد ، ورواه عن عبد العزيز ،إسماعيل بن علية وعبد الوارث ،ورواه عن كل واحد منهما جماعة.
الحديث المدرج
الحديث المدرج هو ما أضيفت إليه زيادة ،وهي ليست منه وهو نوعان :إدراج في المتن ،وإدراج في السند ،فإدراج المتن معناه إدخال شيء من كلام بعض الرواة في متن الحديث ،فيظن الناس أنه من الرسول الكريم ،وهو في الحقيقة ليس منه والإدراج يكون في أول الحديث ،وفي وسطه ،وفي آخره ،والإدراج غالبا ما يكون في المتن،مثال المدرج في أول المتن ،هو ما رواه الخطيب البغدادي عن أبي هريرة ـرضي الله عنه ـ عن الرسول الكريم ( أسبغوا الوضوء ،ويل للأعقاب من النار ) فصيغة ( أسبغوا الوضوء ) مدرج من قول أبي هريرة ، فالبخاري روى أن أبا هريرة شاهد أناسا يتوضأون ،فقال :(أسبغوا الوضوء ) فإني سمعت رسول الله يقول :(ويل للأعقاب من النار ) فظن الناس كلهم أنه من الرسول ،والحقيقة أن ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ،هو (ويل للأعقاب من النار ) فقط.
الحديث المدرج في وسط الحديث
أما الحديث المدرج في وسط الحديث ،فهو قول عائشة ـرضي الله عنها ـ كان الرسول صلى الله عليه وسلم ،يتحنث في غار حراء ـ وهو يتعبد ـ الليالي ذوات العدد ،فالكلام ( وهو يتعبد ) مدرج وليس من الرسول ،وإنما هو من عائشة .وبما أن الإدراج في السند قليل فلم أتعرض له ،كما أنني لم أتعرض للإدراج في آخر المتن .
حكم المدرج
قضى العلماء بحرمة تعمد الإدراج ،بجميع أنواعه ،وقال العالم السمعاني وغيره من تعمد الإدراج فهو ساقط العدلة , وأصبح في صف الكذابين ،ويستثنى ما كان لتفسير شيئ من معنى الحديث ،فهذا يعتبر من باب التسامح ،وكل ما خطأ فيه الراوي فلا إثم فيه ،ولابن حجر كتاب سماه (المدرج في المدرج ) اقتصر فيه على مدرج ( المتن ) فقط .
مقدمةالمحاضرة
بعث الله رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الخلق ليبين لهم طريق الحق وسبيل الفلاح تحت راية التوحيد فقبل محمد صلى الله عليه وسلم كان الناس يعيشون تحت التهديد والقتل والسرقة والدعارة والسب والشتم والنميمة وبإيجاز كان شعارهم البقاء للأقوى ،وقبلهم عاشت أمم وجه الله إليها رسله لكنهم لم يؤمنوا أو أن أغلبهم لم يؤمن بالرسل الذين بعثهم الله إليهم ،ومع عصيانهم قضى الله عليهم كقوم لوط وقوم ثمود وقارون وأتباعه ،وقوم نوح عليه السلام ،ومن هؤلاء المجرمين فرعون الطاغي الذي ابتلعه الماء واحتفظ به الخالق ليكون عبرة لغيره من المنحرفين،وبمقارنة محمد صلى الله عليه بالرسل السابقين عليهم السلام ،نجده أنه لا نظير له في التاريخ بأسره كما قال البروفيسور ستوبارت(إنه لا يوجد مثال واحد في التاريخ الإنساني بأكمله يقارب شخصية محمد صلى الله عليه وسلم( ،وقال لامارتين (من عظمة محمد أنه وجد البشرية مفككة الأوصال ،وجعل منها أمة عظيمة ،وأقام دولة شاسعة )فمحمد صلى الله عليه وسلم تعذب وكافح وناضل وجاهد في سبيل تحقيق رسالته ونجح في مهمته ،لكن الرسل الذين سبقوه خدموا وناضلوا لكنهم لم يوفقوا في رسالاتهم كنوح عليه السلام الذي قضى قرونا وهو يكافح ،ولكنه في النهاية قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا )سورة نوح الآية 27 بمعنى أنه يئس من إيمانهم به ،وهنا أقف أمام آية كريمة أحاول أن أبينها قدر المستطاع ،وما ظهر لي منها قال الخالق سبحانه (إنه من عبادنا المخلصين )يوسف 24 نزلت هذه الآية بالكسرة تحت اللام ،بمعنى أنه خدم الرسالة بإخلاص وصدق ،لأن المخلص لا يعرف إلا الجهاد وتحقيق ما يكافح من أجله ،فالرسول صلى الله عليه وسلم نال وسام الشرف والحب من الله باعتباره أنه جاهد بإخلاص وصدق ،وحب الله لرسوله هو بمثابة القوة القوية التي ساعدت النبي الكريم على الفوز الذي لم يستطع الرسل السابقون على تحقيقه ،ونزلت لفظة (المخلصين ) بفتح اللام للدلالة على أن الله فضل رسوله واختاره من بين سائر الرسل عليهم السلام باعتباره رسولا مخلصا ،وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل (الإخلاص سر من أسراري استودعته من أحببت من عبادي ) ونظرا لخدمة رسالته كما أراد الله ،فإننا نجد كثيرا من علماء الغرب قد نوهوا بالرسول الذي كافح وناضل وسعى من أجل جمع شمل الأمة ،ومن هنا أحبه المآت من غير المؤمنين ،ومنهم على سبيل المثال الباحث الأمريكي وليام موبير الذي قال في حقه (امتاز محمد بوضوح كلامه ويسر دينه ،وأنه أتم من الأعمال مايدهش الألباب ،فلم يشهد التاريخ مصلحا أيقض النفوس وأحيا الأخلاق ورفع شأن الإنسانية في زمن قصير كما فعل محمد صلى الله عليه وسلم( ،فلا عجب إذن أن يكون محمد رائد العالم بأحاديثه وسنته وأفكاره وتوجيهاته لسائر الخلق وصدق الله العظيم حيث قال (وإنك لعلى خلق عظيم ) سورة القلم الآية 4 .
الحديث القدسي وتأثيره في القلوب
الحديث القدسي تدور معانيه في الغالب على تقديس الله وتمجيده وتنزيهه عما لا يليق به سبحانه ،غير أنها قليلا ما تتعرض للأحكام التكليفية ،ونقرأ الأحاديث القدسية في صيغ كثيرة ـكأن يقول الراوي مثلا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أو أن يقول هذا الراوي قال صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى أو نقرأ يقول الله تعال والفرق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم ،هو أن القرآن الكريم كلام الله جل وعلا أوحى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه ،أما الحديث القدسي فمعناه من عند الله ،ولفظه من الرسول صلى الله عليه وسلم ،والفرق بينه وبين الحديث النبوي هو أن الحديث القدسي هو ما كان لفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ،ومعناه من الله تعالى ،أو هو ما أخبر الله نبيه بالإلهام أو المنام ،فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك المعنى بعبارة من نفسه ،أما تعريف الحديث النبوي هو ما أضيف إلى النبي صلى عليه وسلم من قول تقرير ،والقرآن قطعي الثبوت فهو متواتر كله أما الحديث القدسي منه الصحيح والضعيف والموضوع ،والقرآن متعبد بتلاوته ،فمن قرأه ،فكل حرف بحسنة ،والحسنة بعشر أمثالها،أما الحديث غير متعبد بتلاوته ،والقرآن مقسم إلى سور وآيات وأحزاب وأجزاء ،أما الحديث القدسي لا يقسم هذا التقسيم ،والقرآن معجز بلفظه ومعناه ،أما الحديث القدسي فليس كذلك على الإطلاق ،والقرآن لا تجوز روايته أو تلاوته بالمعنى ،أما الحديث القدسي فتجوز روايته بالمعنى ،والقرآن كلام الله لفظا ومعنى ،أما الحديث القدسي فمعناه من عند الله ،ولفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم ،ثم إن القرآن تحدى الله به العرب بل العالمين أن يأتوا بمثله لفظا ومعنى فهو كما قال الحق سبحانه وتعالى (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على فأتوا بسورة من مثله )البقرة الآية 23 وقال جل شأنه (أم يقولون افتراه ،قل فاتوا بسورة مثله )يونس الآية 38 فقد طلب الله من الكفار بأن يأتوا بأقل من سورة من مثله ،وهو خطاب مباشر من الله للكفار،أما في قوله تعالى (أم يقولون افتراه ،قل فاتوا بسورة مثله( سورة يونس الآية38فقد أمر الله نبيه أن يطلب من الكفار بأن يأتوا بسورة مثله ،فالخطاب هنا ليس مباشرا لأنه من النبي صلى الله عليه وسلم ،ومعلوم هنا أن الخطاب المباشر ،هو أبلغ من الخطاب الغير المباشر،والإعجاز في هذا المقام ،إعجاز لغوي.
عيادة المريض من أجل الطاعات
هذا الحديث القدسي أعجبني وأثرفي نفسي، فأحببت أن أنقله إلى هذه الجهود المتواضعة كنموذج ليعلم القارئ الكريم رحمة الله العظيمة التي تتجلى في خلقه ،ونص الحديث هو كما يلي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل (ياابن آدم مرضت فلم تعدني ،قال يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين ،قال أما علمت أن عبدي فلان مرض فلم تعده ،أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ياابن آدم استطعمتك فلم تطعمني ،قال يارب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين ،قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجد ت ذلك عندي ،ياابن آدم استسقيتك فلم تسقني ،قال يارب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ،قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي )ورد هذا الحديث في صحيح ابن حبان
شرح الحديث
حقا إن عيادة المريض من أجل الطاعات ،وذلك باعتبار أن المريض قريب من الله عز وجل ،فأجره أثناء مرضه مضاعف عند الله يوم القيامة ،ثم إذا صبر وهو في فراشه ولم يسمع أحد شكواه ومات فإلى رحمة الله ،وإن عاش ،عاش مغفورا له كما ورد في الحديث القدسي ،قال أحد القادة في الغرب ( العجيب إن الله غير موجود في بلادنا ،بينما هو موجود في الشرق ،قصد أن الإنسان المسلم يسأل الله دائما ،يتوكل على الله يرجو رحمة الله ،يخاف من الله ،يكف على إيذاء الناس خوفا من الله ،يقدم خدماته للناس ،طمعا بما عند الله عز وجل ،وجود الله قوي في الشرق عندالمؤمنين ،لكنك إذا ذهبت إلى بلاد الغرب لا تسمع كلمة واحدة عن الله عز وجل ولا ترى جنازة ’وكأن الموت غير موجود هناك ) وقد أخرج الإمام أحمد ومسلم عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع ) قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة قال ثمارها .ومعنى لوجدتني عنده أي وجدت ثوابي وكرامتي ،ويدل عليه قوله تعالى في تمام الحديث ( لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ،لو أسقيته لوجدت ذلك عندي ) أي ثوابه، والحمد لله رب العالمين ص رقم 3
المصــــــــــــــــــــــادر
1 أصول الحديث ومصطلحه للدكتور محمد عجاج الخطيب
2 علوم الحديث ومصطلحه للدكتور صبحي الصالح
3 زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم
4 دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين للأستاذمحمد الصديقي
اخترت لك
جاء في تفسير ابن كثير أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن ربي العظيم يقول ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا واستغفر لهم الرسول لوجدا الله توابا رحيما ) سورة النساء الآية 63 فها قد جئتك يا خالقي طالبا منك المغفرة ،ومن رسولك الشفاعة ثم قال:
نفسي فداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
وأثناء قول هذا الأعرابي كان رجل بجانب قبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ،وقد أخذته سنة من النوم ،فرأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم يقول (انطلق وراء ذلك الأعرابي وأخبره بأن ربك قد غفر لك .
وري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( قلت يا رب كان قبلي أنبياء وقد أكرمتهم منهم من سخرت له الريح ،ومنهم من أكرمته بإحياء الموتى ،ومنهم من أنعمت عليه بوسام وجعلته خليلا ،وأنا ما ذا أعطيتني ،فقال الخالق الكريم يا محمد ( ألم أجدك يتيما فأويتك ،قلت بلى يا رب ،قال ألم أجدك ضالا فهديتك ،قلت بلى يا رب ،قال ألم أجدك عائلا فأغنيتك قلت بلى يا رب ،قال ألم أشرح لك صدرك ألم أرفع لك ذكرك قلت بلى يا رب ،فشكر الرسول الكريم خالقه على هذه النعم التي لا مثيل لها في وجود الله العظيم سبحانه ) ،وجاء في دلائل النبوة لأبي نعيم عن أنس رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم قلت يا رب إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد كرمته وشرفته ،جعلت موسى كليما ،وسخرت لداود الجبال ،وسخرت لسليمان الريح والشياطين فقال الله جل وعلا يا محمد ألم تتنعم بتشريف ما أعطيته على من سبقك في الوجود ،ألم تر أن عبادي ما ذكروني إلا وذكروك ،ألم تر أنني أعطيتك كنزا من كنوز عرشي ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) فلم يجد محمد إلا قطرات الدموع تنوب عنه بهذا التعظيم من خالقه العظيم سبحانه
البعوضة من عجائب خلق الله
خضعت هذه المخلوقة لجهاز إلكتروني الذي يكبر الأشياء إلى أربعمائة ألف مرة حيث وضعوها تحت المكبر العملاق فوجدوا أن في رأسها مائة عين، وفي فمها ثمانية وأربعين سنا، ووجدوا في صدرها ثلاثة قلوب ،قلبا في المركز وقلبا لكل جناح ،ومن العجب ،أنها تملك جهازا لا تملكه الطائرات وهو جهاز استقبال حراري ،فهي لا ترى الأشياء بأحجامها ولا بأشكالها ولا بألوانها ،ولكنها تراها بحرارتها فقط ،علما أن ما كل دم يناسبها ،فهي معها جهاز تحليل دم ،وقبل أن تبدأفي امتصاصه تقوم بتحليله ،فإذا وجدت هذا الدم يوافقها شرعت في امتصاصه ،وإذا وجدته غير صالح ابتعدت عنه فمثلا ينام الاثنان على فراش واحد ،أحدهما يبيت نائما والآخر يبيت يتعذب بامتصاصها لدمه أما الذي بات مستريحا فحصانته قوية لا تستطيع الاقتراب منه .
بقلم الباحث الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
محــــــــــــــــــــــــــــــــاضرة
تحــــــــــــــــــــــــــت
عـــــــــــــــــنوان
مع فضائل شهر شعبان
يعتبر شهر شعبان من أعظم الشهور رحمة بالناس والفقراء والمساكين ،حيث في هذا الشهر المبارك يستعد المومن فيه بتهذيب نفسه وتنقية روحه ،وتطهير جسمه ،وفي هذا الشهر المعتبر عند الدين والأخلاق تكثر العطاءات وتضاء فيه النفوس بأنوار الأجر والثواب ،وكان الرسول الكريم لم يترك بابا من أبواب الخير إلا وولجه ،فكان صلى الله عليه وسلم يصلي ويرحم ويهتم باليتامى والمساكين والأرامل وكل من تخلى عنه القدر ،فكان صلى الله عليه وسلم رحيما بقلبه ،رحيما بفضله وإحسانه ،وما أحوجنا بالاقتداء به واتباع سنته ،وربنا العظيم لم يبخل علينا بفضله وخيراته ما دمنا سالكين طريق الهدى دون انحراف أو زيغ أو ضلال ،وصدق الله العظيم إ إذ يقول ( لقد كان لكم في رسول إسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) سورة الأحزاب الآية 21 ـ وقال صلى الله عليه وسلم سمي شعبان لأنه يتشعب في أرزاق المومنين وسمي شعبان شهر الشفاعة ، وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم ( شهر شعبان شهر الشفاعة ،لأن رسولكم يشفع لكل من يصلي علي فيه )
شعبان وشجرة طوبى والزقوم
من فضل الله أن في شهر شعبان تطلع شجرة طوبى وشجرة الزقوم ،وأغصان كل منهما على الأرض فمن تمسك بأغصان شجرة طوبى أخذته إلى الجنة ، وهو منشرح الصدر، منور القلب ، ومن تمسك بأغصان شجرة الزقوم ،أخذته إلى النار ،ثم قال صلى الله عليه وسلم ( فمن تطوع لله بصلاة في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن من شجرة طوبى ومن خفف عن معسر من دينه ،فقد تعلق بغصن من أغصان هذه الشجرة ،ومن رحم يتيما فقد تعلق بأحد أغصانها ،ومن قرأ القرآن أو شيئا منه فقد تعلق بغصن من أغصانها ،ومن عاد مريضا أو فعل خيرا ،فإنه يكون قد تعلق بأحد فروع هذه الشجرة ،ومن فعل عكس ما تقدم فإن مصيره إلى جهنم أنقذنا الله منها .
شعبان وأحاديث الصيام
أخرج الإمام النسائي في سننه عن أسامة بن زيد ،قال قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ،قال ( ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ،وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ،فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم وقال الشافعي في ( الأم ) وبلغنا أنه كان يقال إن الدعاء يستجاب في خمس ليال ،في ليلة الجمعة ،وليلة الأضحى ،وليلة الفطر ،وأول ليلة من رجب ،وليلة النصف من شعبان ،وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ،ويفطر حتى نقول لا يصوم ،وما رأيت رسول الله استكمل صياما إلا في شهر رمضان ،وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان وقال بن حجر الهيتي في الفتاوى الفقهية الكبرى عن ليلة النصف من شعبان ،والحاصل أن لهذه الليلة فضلا ،وأنه يقع فيها مغفرة مخصوصة واستجابة مخصوصة ،ومن ثم قال الشافعي رضي الله عنه إن الدعاء يستجاب فيه
من أساليب الباحث في شعبان
شهر شعبان فيه يغيب الحقد والحسد وتندثر فيه الذنوب ويظهر فيه هلال المحبة والتآخي والتآزر ،إنه شهر الرحمة وأيام التوبة وليالي التضرع وأيام الدموع والتأمل ،إنه شهر الإحسان إلى الآخر وتقديم العطف والمحبة إلى الضعفاء واليتامى ،إنه شهر الخير والبركة والصيام وقراءة القرآن وقيام الليل ،إنه شهر التربية وتكوين الضمير ،إنه شهر المحبة والخوف والرجاء ،إنه الشهر الذي تتسابق فيه القلوب إلى العطف والحنان ،إن شهر شعبان ذلك النور الذي يحرك البخلاء للدفع بهم إلى تقديم العطاءات وفعل الخيرات ،إن شعبان مسجد فيه يبكي التائب وفيه يمسح دموعه بمندل التوبة ،وفيه تسيل دموع المذنب على ما فعل ،قائلا إلهي إنني عبدك الضعيف لا قوة لي إلا بك ،فأنت القائل ( لا أنظر في حق عبدي ،حتى ينظر عبدي في حقي ) إن شعبان ذلك النور الذي يضيء طريق الرحماء ، إنه الشهر الذي فيه تصفو القلوب لتعيش مع الخالدين
المصـــــــــــــادر
1ـ دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين للشيخ محمد الصديقي المجلد الرابع ص 57
2ـ درة الناصحين في الوعظ والإرشاد للشيخ عثمان بن حسن ص47
بقلم الدكتور الباحث عبد السلام الهبطي الادريسي