تكامل الفقه بين الفقهاء ومدارسهم
- التفاصيل
- المجموعة: تفاصيل
- نشر بتاريخ الإثنين, 24 شباط/فبراير 2014 21:16
- كتب بواسطة: الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي
- الزيارات: 1281
تكامل الفقه بين الفقهاء ومدارسهم
نجد أن الأئمة تأثر بعضهم ببعض ،وذلك بسبب عدم التعصب بينهم ،فقد كانوا دعاة أكفاء،يتمتعون بالصدق والوفاء ،كما كانوا دعاة مشورة وإصلاح وتجديد ويظهر من سلوكهم التقاربي أنهم قد تأثروا بالصحابة الكرام الذين كانوا يتشاورون في استنباط الأحكام ،وعلى غرارهم سلك التابعون أعمالهم ،وتبعهم في ذلك التابعون رحم الله الجميع ،ومن الصحابة المجتهدين الخليفة الصادق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كان إذا جاءته قضية أو رفعت إليه قال استحضروا لي عليا وزيدا ،وكان عمر يحكم بما اتفق عليه الصحابة الكرام في أية نازلة .وهكذا نجد القاضي شريحا يقول قال لي عمر (اقض بما استبان لك من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فإن لم تعلم كل أقضية رسول الله ،فاقض بما استبان لك من أئمة المجتهدين ،فإن لم تعلم فاجتهد رأيك واستشر أهل العلم ) ومن اجتهاد أبي حنيفة وأصحابه أنهم كانوا يرون أن الوضوء من خروج الدم ،بمعنى أن من خرج منه الدم فعليه بالوضوء ثم يصلي وبدون وضوء لا صلاة له ،لكن الإمام مالكا نجده يخالف أبا حنيفة بالإفتاء لهارون الرشيد الذي كان قد احتجم أنه لا وضوء عليك ،ولهذ ا صلى أبو يوسف وهو من تلاميذ أبي حنيفة ـ وراء هارون الرشيد ،ومن هنا نعلم أن أبا يوسف هذا قد خرج عن شيخه في كثير من المسائل الفقهية وهكذا يكون أبو يوسف قد صلى ولم يعد صلاته ،ومن جانب آخر نجد أبا يوسف قد اغتسل في الحمام وأخبر بأن في ماء الحمام فأرة ميتة ولم يعد الصلاة كذلك ،وبرر قوله قائلا إن أهل الحجاز قالوا:(إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) والحقيقة أن المذاهب الفقهية تقاربت كثيرا في عهد ها الأول ،وقد كان منهج أبي حنيفة مع تلاميذه مبنيا على الحوار والمناقشة ثم يخرجون من حوارهم برأي جماعي مفيد ونجد الشافعي يقول لأحمد وهو تلميذه إذا صح عندك الحديث فأعلمني حتى أذهب له) وهكذا نجد مناهج أهل الحديث قد تلا قحت كما تلا قحت أفكارهم ،ومن جانب آخر نجد أن كل مدرسة خدمت الفقه من جانب آخر فتكاملت جهود هذه المدارس الفقهية ،وهكذا نجد مدرسة أبي حنيفة توسعت في علم الفقه بكثرة الفروع ،فنشأ بذلك علم الرأي والقياس والاستحسان ،ونجد مدرسة مالك قد أثرت بالفقه في المدينة بما نقلت من أحاديث كانت كثيرة بوجود الرسالة على أرض المدينة وكثرة الصحابة بها ،ونجد الرأي في المدينة بقيادة (ربيعة الرأي) والمصالح المرسلة والاستحسان والعرف التي قال بها مالك ،هي من تأثره ( بشيخه ربيعة الرأي ) الذي تأثر به وجاءنا بالمصالح المرسلة والاستحسان والعرف كما قلنا سابقا ،وتأثر مالك بأبي حنيفة واضح في علمه الفقهي ،وهو القائل ( اجتمعت مع أبي حنيفة وجلسنا أوقاتا وكلمته في مسائل كثيرة فما رأيت أفقه منه) وروي من جانب آخر (أن مالكا كانينظر في كتب أبي حنيفة وتفقهه بها) وقال الشافعي (والله ما صرت فقيها إلا باطلاعي في كتب أبي حنيفة) .
Hébergement Web offert par www.ADK-Media.com