المفسر الأول للقرآن ،الحديث النبوي
- التفاصيل
- المجموعة: تفاصيل
- نشر بتاريخ الإثنين, 24 شباط/فبراير 2014 21:09
- كتب بواسطة: الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي
- الزيارات: 1574
المفسر الأول للقرآن ،الحديث النبوي
إن الحديث النبوي هو المصدر الثاني بعد كتاب الله سبحانه ،بمعنى أنه هو المفسر والمبين له ، إذ هو الذي يشرح ما أجمل في القرآن وذلك مثل قوله جل شأنه ( وأقيموا الصلواة وءاتوا الزكواة ) سورة البقرة الآية 110 ،فالسنة إذن هي التي فسرت لفظة (الصلاة ) إلى فرائض وسنن ،ومكروهات ،ومستحبات ،وعدد الركعات وهكذا تكون معرفتنا للصلاة بالتفاصيل قد جاءتنا انطلاقا من السنة النبوية .ونظرا للدور الكبير الذي تقوم به سنة الرسول الكريم من شرح ،وتوضيح لهذا الكتاب الكريم ، فقد جئت بما يسلط الضوء على بعض ما أراه ضروريا للقارئ الكريم الذي لا شك أنه سيساعده على معرفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،من حيث صحتها وعدم صحتها ،ومن حيث ما هو مقبول منها وما هو مردود ،ومع هذا ينبغي أ ن نعلم ،أن هذه السنة ليست في درجة واحدة ،فمنها ما هو أعلى ،ومنها ما هو بعد الأعلى ،ومنها ما هوأدنى منهما ،ومنها ما هو مرسل ،أو عزيز ،أو مدرج ...
اهتمام الأئمة بالحديث
كان الأئمة الكرام، يتمتعون بضمائر حية وأخلاق كريمة وسلوكاتفاضلة ، وقد وجهوا اهتمامهم لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بدافع المسؤولية التي ألقيت علىعاتقهم فهذا أبو حنيفة نجده يقول في هذا الصدد)لم يزل الناس في صلاح ما دام فيهم منيطلب الحديث ،فإذا طلبوا العلم بلا حديث فسدوا ( وقال أيضا)إياكم والقول في دين اللهبالرأي،وعليكم باتباع السنة(الموازينالكبرى للعلامة الشعرانيج.1.ص.51وما أحسن ماأفادنا به الإمام مالك رضي الله عنه في هذا الشأن حيث قال )السننكسفينة نوح، من ركبهانجا، ومن تخلف عنها غرق)وقال الإمام أحمد رضي الله عنه ( من رد حديث رسول الله فهو على شفا منحدر الهلاك)ومن خلال ماتقدم ، يتضح من هذه الأقوال أنها تؤكد كلها معنى واحدا هو العمل والتمسك بالسنةالنبوية ،ومن هذا المنطلق يحق القول: إنالنجاح بإذن الله، يكتب لكل من تعلمها وكافح من أجل الحفاظ عليها ، ومن ابتعد عنها يعتبر منالخاسرين في الدارين.
أقسام الحديث
أقسام الحديث ثلاثة ،الحديث المتواتر ،ـ الحديث المشهور ـ خبر الآحاد
1ـ الحديث المتواتر هو ما رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب ،عن مثلهم ،وذلك من بداية السند إلى نهايته ،ويطلق على هذا النوع بالقطعي الثبوت ،ونظرا لأهميته يجب العمل به عند الجمهور علماا أنه يعتبر أعلى المراتب ،والمتواتر قسمان :ـ1ـ تواتر لفظي وتواتر معنوي ،فاللفظي هو ما رواه بلفظه جمع عن جمع لا يتهمون بالتواطئ على الكذب ،كحديث (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) أما المعنوي فهو ما اتفق العلماء على معناه من غير مطابقة في اللفظ ،وذلك مثل أحاديث الشفاعة ،وأحاديث نبع الماء من بين أصابعه ،ونظرا لأهمية الحديث المتواتر ،فقد جمعه بعض المحدثين في مصنفات خاصة كالإمام السيوطي الذي جمع الكثير منها في كتابه (الأزهار المتناثرة ،في الأخبار المتواترة ) ثم جاء العالم محمد بن جعفر الكتاني وألف كتابا أطلق عليه ( نظم المتناثر في الحديث المتواتر ) وقد طبع بفاس سنة 1328 هـ.
الحديث المشهور
2ـ الحديث المشهور عند علماء الأصول هو ما رواه من الصحابة عدد لا يبلغ حد التواتر ،ثم تواتر بعد الصحابة ومن جاء بعدهم قال ابن حجر ( المشهور ما له طرق محصورة بأكثر من إثنين ولم يصل إلى حد التواتر ) والمشهور هو ما كان أقل من التواتر ،وبه تحصل الطمأنينة أي : ما كان قريبا من اليقين وأما العمل به فواجب .
3ــ خبر الآحاد هو ما رواه الواحد أو الاثنان فأكثر ،دون أن تتوفر فيه شروط المشهور أو المتواتر وهو أقل منهما أما حكمه فالعمل به واجب ،ولكن بشروط القبول ،وعلى هذا جمهور علماء المسلمين .ويرد الحديث إذا لم تتوافر فيه شروط القبول ،ويقبل إذا توافرت فيه هذه الشروط أما الحديث الصحيح ،فهو الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن عدل ضابط آخر ،والعدل الضابط هو الذي يحفظ ولا ينسى ،ويمكن استحضار ما يحفظه متى شاء ،والذي يتمتع بصفة الضبط ،يكون من أهل العلم الموثوق بهم ولا يكون شاذا ولا معللا .قال الإمام النووي ( الصحيح هو ما اتصل سنده بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة ) وأما الحديث الحسن فهو ما جمع شروط الحديث الصحيح غير أن رواته يقل ضبطهم عن رواة الصحيح ،ويحتج بالحديث الحسن إذا كان حسنا لذاته ،أم إذا كان حسنا لغيره فيبقى حاملا لصفة الضعف فيه ما لم يعضد ويقو بحديث آ خر يحمل شروط الحديث الصحيح ،يبقى في النهاية الحديث الضعيف ،وهو الذي لم تجتمع فيه صفات القبول قال أكثر العلماء هو ما لم يجمع صفة الصحيح والحسن ومن الأحاديث الضعيفة ـ1ـ المرسل وهو ما سقط منه الصحابي ،وذلك بأن يقول التابعي (سواء كان صغيرا أو كبيرا ) قال صلى الله عليه وسلم ،كذا أو هو ما رفعه التابعي إلى الرسول الكريم من قول أو فعل أو تقرير علما أن العلماء لم يفرقوا بين التابعي الصغير والكبير ،غير أن طائفة من أهل العلم ،أنهم حصروا المرسل هو ما رواه التابعي الكبير فقط ،وقال بعض الصحابة إن التابعي الصغير ليس مرسلا ،بل منقطعا وسمي بالمرسل ،لأن راويه أطلقه من غير أن يقيده بالصحابي.
حكم المرسل
اختلف العلماء في الحديث المرسل ،وأشهرها ثلاثة :القول الأول إنه يجوز الاحتجاج به مطلقا وهو قول أبي حنيفة ،والإمام مالك وطائفة من أهل العلم .القول الثاني لا يحتج به مطلقا ، وهذا ما صرح به الشافعي وكثير من الفقهاء والأصوليين .القول الثالث يحتج به إذا وجد من يسانده ويقويه ، وإذا جاء المرسل بصيغة أخرى يحمل رجالا موثوقا بهم يصبح حجة عند جماهير العلماء والمحدثين .
الحديث العزيز
هو ما انفرد عن راويه اثنان ،فلا يرويه أقل من اثنين عن اثنين ،ولو رواه بعد ذلك عن الإثنين جماعة ،فإنه لا يخرج عن كونه عزيزا ،ولكنه يصبح عزيزا مشهورا لرواية جماعة عنهما أو عن أحدهما .وسمي عزيزا إما لقلة وجوده ،أو لكونه أصبح قويا لمجيئه من طريق آخر.
مثال الحديث العزيز
ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال :(لا يومن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده ) هذا الحديث رواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ،ورواه عن قتادة ،شعبة وسعيد ، ورواه عن عبد العزيز ،إسماعيل بن علية وعبد الوارث ،ورواه عن كل واحد منهما جماعة.
الحديث المدرج
الحديث المدرج هو ما أضيفت إليه زيادة ،وهي ليست منه وهو نوعان :إدراج في المتن ،وإدراج في السند ،فإدراج المتن معناه إدخال شيء من كلام بعض الرواة في متن الحديث ،فيظن الناس أنه من الرسول الكريم ،وهو في الحقيقة ليس منه والإدراج يكون في أول الحديث ،وفي وسطه ،وفي آخره ،والإدراج غالبا ما يكون في المتن،مثال المدرج في أول المتن ،هو ما رواه الخطيب البغدادي عن أبي هريرة ـرضي الله عنه ـ عن الرسول الكريم ( أسبغوا الوضوء ،ويل للأعقاب من النار ) فصيغة ( أسبغوا الوضوء ) مدرج من قول أبي هريرة ، فالبخاري روى أن أبا هريرة شاهد أناسا يتوضأون ،فقال :(أسبغوا الوضوء ) فإني سمعت رسول الله يقول :(ويل للأعقاب من النار ) فظن الناس كلهم أنه من الرسول ،والحقيقة أن ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ،هو (ويل للأعقاب من النار ) فقط.
الحديث المدرج في وسط الحديث
أما الحديث المدرج في وسط الحديث ،فهو قول عائشة ـرضي الله عنها ـ كان الرسول صلى الله عليه وسلم ،يتحنث في غار حراء ـ وهو يتعبد ـ الليالي ذوات العدد ،فالكلام ( وهو يتعبد ) مدرج وليس من الرسول ،وإنما هو من عائشة .وبما أن الإدراج في السند قليل فلم أتعرض له ،كما أنني لم أتعرض للإدراج في آخر المتن .
حكم المدرج
قضى العلماء بحرمة تعمد الإدراج ،بجميع أنواعه ،وقال العالم السمعاني وغيره من تعمد الإدراج فهو ساقط العدلة , وأصبح في صف الكذابين ،ويستثنى ما كان لتفسير شيئ من معنى الحديث ،فهذا يعتبر من باب التسامح ،وكل ما خطأ فيه الراوي فلا إثم فيه ،ولابن حجر كتاب سماه (المدرج في المدرج ) اقتصر فيه على مدرج ( المتن ) فقط .
Hébergement Web offert par www.ADK-Media.com