أصول التربية
- التفاصيل
- المجموعة: تفاصيل
- نشر بتاريخ الإثنين, 09 آذار/مارس 2015 21:38
- كتب بواسطة: الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي
- الزيارات: 3602
محاضرة
في التربية الإسلامية
تحت عنوان
جوانب أساسية للمجتمع المسلم
مقدمــــــــــــــــــــــــــة
تتسع كلمة المجتمع في المفهوم الإسلامي لتشمل العالم الإنساني فالناس مع اختلاف ألسنتهم وألوانهم فإنهم ينتمون إلى أصل واحد قال جل علاه ( يــــاـيها الناس إنا خلقنـــــاــــــــكم من ذكر وأنثى وجعلنــــاــــــكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) سورة الحجرات الآية 13 وقد جاء الإسلام والعالم البشري وقتئذ يعيش في جاهلية عمياء حائرا بين تقلب الشرك وعبادة الأوثان ينحدر من سيء إلى أسوأ ويتغير من قبيح لما هو أقبح حتى أراد الله إخراج هذا المجتمع من ظلماته فأرسل رسوله محمدا بالهدى ودين الحق قال جل علاه ( قد جاءكم من الله نور وكتـــــاـــــــب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلـاـــــــم ويخرجهم من الظلمــاــــت إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ) سورة المائدة الاية 15 وبعد هذه المقدمة التي تمس الواقع التربوي ننتقل إلى حياة الطفل في الإسلام لأن هذه التربية إذا لم تدعم بالأخلاق تبقى في طريق الانقراضوعلى هذا نستطيع أن نقول طفل اليوم هو رجل الغد وعدة المستقبل وأمل الأمة وقوام المجتمع ومن هذا المنطلق قدم الإسلام اهتمامه بتكوين الأسرة الصالحة حفاظا على الطفل وسلامة بنيته وأسباب قوته ورجاحة عقله ،فحث على اختيار الأم الصالحة المنحدرة من سلالة طيبة العنصر فقال صلى الله عليه وسلم ( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) رواه البخاري ومسلم وبعد أن يولد الطفل حرس الإسلام كذلك على رعايته جسميا وعقليا واجتماعيا وخلقيا فمن الناحية الجسمية حرص الإسلام أن تكون رضاعته حولين كاملين قال تعالى ( والوالدات يرضعن أولـاــــــدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) سورة البقرة الآية 233 وقال جل جلاله ( وحمله وفصاله ثلــــاـــثون شهرا ) سورة الأحقاف الآية 15 وإذا شب الطفل وترعرع أوصى الإسلام بأن يعلم الرماية والسباحة وركوب الخيل استمرارا لضمان صحة جسمه وقوتهومن الناحية الاجتماعية فقد حرص الإسلام على توجيهه الوجهة السليمة تجاه ربه ومحيطه الاجتماعي في الأسرة وفي مجتمعه العام ليسلك السلوك الاجتماعي الصحيح الذي يقبله المجتمع ويرضاه الله وفي هذا قال الحق جل وعلا ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله ،إن الشرك لظلم عظيم ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون يــــبني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السـمـاــوات أو في ا لأرض يا ت بها الله إن الله لطيف خبير يـــــــبني أ قم الصلوة وامر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأ مور ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأر ض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) سورة لقمان الآية 13 ومن ناحية أخرى نجد الإسلام يوصي بضرورة معاملة الطفل معاملة حسنة وفي هذا يقول النبي الكريم ( من كان له صبي فليتصاب معه ) الترمذي كما حث الإسلام على حسن توجيه الصبي لممارسة الواجبات الدينية لينشأ محبا لها مداوما عليها فقال النبي الكريم ( مروا أ بناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) رواه مسلم وبناء على ما سبق نجد أن الإسلام كان السباق والحريص على تنشئة الطفل المسلم ورعايته الرعاية الحسنة جسميا وعقليا واجتماعيا ونفسيا لينشأ إنسانا صالحا في نفسه وفي مجتمعه وأمته على نفس الخط السليم وفي ضوء الفطرة التي فطر الله الناس عليها قال المولى جل علاه ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) سورة الروم الآية 30 وبعد تناول المجتمع الإسلامي الذي ينبغي أن تسوده التربية الإسلامية والطفل الذي ينبغي أن يقع تحت فعل هذه التربية سوف نتحدث فيما يلي عن التربية الإسلامية للطفل العربي المسلم لتناولها في مفهومهاوأهدافها وأبعادها ووسائل تحقيقها وقبل التفصيل أرى من الأفضل أن يكون الإجمال للزيادة في التوضيح والبيان لتكون المعاني في طريق المنطلق السليم.
التفاصيل التربوية
أولا مفهــــــــــــــــــومها إن نظام التربية في الإسلام هو الوحيد من بين أنظمة العالم قديمها وحديثها الذي استطاع أن يحقق أعظم النتائج في بناء الإنسان ويتضح ذلك جليا في قول الله سبحانه ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) سورة آل عمران الآية 110 فتراث الإسلام في التربية فيض من المعاني والقيم والمثل العليا والمتتبع لهذا التراث يمكنه الوقوف على ما يلي:
1 جعل الفرد محورا للعملية التربوية ويتجلى لنا ذلك في اهتمام الإسلام بجميع جوانب التكوين النفسي للإنسان المتعلم فمن الناحية العقلية نجد الكثير من الشواهد في القرآن الكريم قال خالقي العظيم ( قل أنظروا ما ذا في السمـــــــاـــــوات والأرض ) سورة يونس الآية 101 ويقول الرسول العظيم في هذا الشأن ( أمرت أن أخاطب الناس على عدر عقولهم ) وأما من الناحية الاجتماعية نجد الخالق الرحيم يقول ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) سورة الروم الآية 30 وقال ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وقال في هذا الشأن أيضا ( و إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيئا حسيبا ) سورة النساء الآية الآية 86 وقال جل علاه أيضا ( وقوا للناس حسنا ) سورة البقرة الآية 82 وجاءنا الرسول الكريم بهذه الخزانة الربانية قائلا( الدين المعاملة ) ( المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ) ( المسلم أخو المسلم لا يحقره ولا يخذله ) وقال خير الناس ( مثل المومنين في توادهم وترا حمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) رواه البخاري ومسلم والترمذي ونعود للإبحار في المسيرة العلمية فأقول إ ن الناحية الجسمية تعود إلى صحة الجسم وسلامته من مظاهر الصحة العقلية حيث عرف قديما ( ان العقل السليم في الجسم السليم ) والإسلام وهو دين القوة والجمال والكمال يؤكد ما جاء في الحديث عن الرسول الكريم قوله ( المومن القوي خير وأحب إلى الله من المومن الضعيف وفي كل خير ) رواه مسلم وفاجأنا عمر رضي الله عنه بقوله ( علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل ). ومن الناحية النفسية عنيت التربية الإسلامية بحال التعليم فقد نهى الرسول الكريم عن زجر طالب العلم ،ويتجلى ذلك في حادثة الأعرابي الذي أتى الرسول في المسجد لطلب العلم وانتحى ناحية من المسجد فبال فثارت ثائرة الصحابة عليه ،وهنا وجه الرسول الكريم صحابته بقوله ( لا تزرمونه ....لا تزرمونه ) أي دعوه وتركوه ).
الاهتمام بالعلم الشريف
كما يلاحظ اهتمام نظام التربية في الإسلام بالعلم والرفع من شأنه تبعا لسمو رسالته فقال جل علاه (يرفع الله الذين آمنو ا منكم والذين أوتوا العلم درجــاــــت ) سورة المجادلة الآية 11 وقال جل شأنه ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) وجاء في الحديث الشريف ( العلماء ورثة الأنبياء ) وقال حبيب الأمة محمد الكريم ( أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد ) وأضاف قائلا ( لموت قبيلة أهون على الله من موت عالم ).
المسجد وتاريخه في الحياة الاجتماعية والروحية
لقد ارتبط تاريخ التربية العربية الإسلامية بالمسجد ارتباطا وثيقا ذلك أن وظيفته لم تقتصر على الجانب التعبدي وحده وإنما امتدت لتشمل مهمة التربية ورسالة التعليم ،فقدد اختار النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ليكون مركزا للتعليم والتوجيه والتفقه في الدين بتبليغ الوحي وتوضيحه في خطب الجمعة ومجالس العلم وفي كل فرصة وكان صلى الله عليه وسلم يعقد مجالس العلم في مسجده ويتزاحم المسلمون عليها ويتنافسون في القرب منه لتمام الاستفادة منه وعن الحارث بن عوف أ ن الرسول الكريم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فوقف على رسول الله صلى عليه وسلم فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ألا أخبركم عن النفر الثلاثة ؟ أما أحدهما فأوى إلى الله فأواه الله وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه ) وكان الصحابة من بعد رسول الله يتدارسون القرآن في مسجده ويتذاكرون الحلال والحرام ليتفقهوا في الدين هكذا مرت حياة الرسول الكريم في الوعظ والإرشاد والجهاد الفكري والنفسي إلى لقاء ربه.
رب إن كنت قد وفقت فيما أردته فذلك فضــــل الله أعطى فأكثرا
وإن كنت عن هذا المقام بمــعزل فكلي عيوب إنك الله فاغفــــــرا
( ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا )
بقلم الباحث الشاعر د عبد السلام الهبطي الإريسي
المراجـــــــــــــع
1- الدراسات النفسية والتربوية عدد خاص النظام التربوي الإسلامي ص 20
2- مجلة علمية متخصصة العدد العاشر دجنبر 1989
3- الوسائل التعليمية سلسلة التكوين التربوي ص 48
محاضرة تحت عنوان
منهج القرآن والتربية في تعليم الكبار
المقدمـــــــــــــــــــــة
عاش الناس قبل بعثة النبي على الفوضى والقتل وسفك الدماء ووأد البنات والفساد ،وبقدر ما كانت تنتشر هذه المآســــي بين أفراد قريش ،كـــــــــــــــــان التعذيب والخزي والذل والعار،يزيد من تدنيس العقول التي انغمست في الضلال وتمرغت في الجهل والكفر والإلحاد ،وفي هذه الأثناء التي كان يخيم عليها التأخر والفســــاد والتخريب ،بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم لإخراج الناس من الجهل إلى نور الهداية ،ومن الضـــــــــــــلال إلى الانفتاح والتآخي.
التحليــــــــــــــــــــــــــل
يعتبر التعليم أكبر هدية نزلت من السماء ،إلى أهل الأرض ،وقد اختـــــار الله لقيادتها أفضل رجل عرفته البشرية ألا وهومحمد صلى الله عليه وسلم ،وأول سورة نزلت في شــــــــأن العلم والمعرفة هي (أقرأباسم ربك الذي ،خلق ،خلق الانســــــاـــــن من علق ،إقرأوربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ،علم الانســــاــــــن ما لم يعلم ) سورة العلق الآية 4 ،والمراد بالقراءة هنا ،التأمل في هذا الكون والسير به نحو السمو الروحي والعلمي ،فالله جل وعلا قال لرســـوله الكريم (اقرأ باسم ربك )ولم يقل (اقرأ بسم الله ) ،لأن كلمة (ربك )مشتقة من التربيــة وبهذه الصيغة يكون المعنى اقرأ في نطاق الأخلاق ،اقرأبسم الفضائل والتربيـة الكريمة ،ويلاحظ هنا أن (باسم ربك )رسمت بالألف بعد الباء للدلالة على فتح المجال للتسبيـــــح وذكر الله والتقرب إليه ،ويعجبني جدا أن أقف هنا على هذه الصيغة ،وهي (بسم الله )،فالألف بــــعد الباء هنا غير موجودة ،لماذا ؟لأن العبد في حاجة إلى الاستعانة بخالقه جل شأنه ،،بمعنى أن حذف الألف يقرب المسافة بين الخالق وعبده للدعاء والتضرع ،ومن جـــــانب آخر ،إن لفظة (ربك ) تتضمن ياعبادي إنني معك ،لا أتخلى عنك وحدك ،فالنبي صلى الله عليه وسلم لما شعر بالفزع من أسئلة جبريل بغار حراء أوحى الله إليه ،بأنه لن يتخلى عنه وحده قـــــائلا ( ربيتك يا محمد حينما كنت في حجم علقة ،فكيف أتخلى عنك بعد ما صرت عنصرا نفيسا ،فلزمك القضاء بأمانة في حياتك المنتظرة .
القرآن والسنة والتربية
يعتبر القرآن والسنة هما المصدران المعتمدان لدى دين الحق والتوحيد لدى المسلمين ،فإذا كانت التربية تبدأ بالصغار ،فإنها بدأت مع مجيء الرسالة بالكبار ،فالرسول صلى الله عليه وسلم بدأ يبلـــــغ دعوته من الذين آمنوا برسالته، وكان جلهم من الراشدين الكبار،فكان صلى الله عليه وسلم يجتمــــــع معهم لتعليمهم بداره ،أو بدار الأرقم بن أبي الأرقم ،ثم انتقلت هذه المؤسسة التعليمية إلى المسجد بالمدينة المنورة ،ويفيدنا التاريخ أن عددا قليلا من المسلمين هم الذين كــــــــــانوا يقرءون ويكتبون ،ولهذا فقد طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من المشركين الأسرى الذين وقعوا في فخ مـــعركة بدر أن يعلم كل واحد منهم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة ، كفداء لهم لتحريرهم من السجن، وهكذا نجد الصحابة قد تعلموا في مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتخرج منهم عدد من القادة البارزين في العلوم الشرعية والتفسيرية والسياسية ،كما تخرج منهم عدد في عــــــــلوم الحديث والقضاء والأصول وغير ها من مختلف العلوم والمعارف التي تزخر بها خزانات العالم الإسلامي ،وقد بقي تعليم الكبار عنصرا أساسيا للتربية والتعليم ،حتى بعد أن شيــدت المدارس والجامعات ،حيث كان الناس بعد الصلاة في المساجد يضيفون إليها علوما أخرى كالتفقه والتفكر ومراجعة القديم والحديث ،كما كان تعليم الكبار جزءا لا يتجزأ من التعـــــليم المستمر ،تلبية لنداء الإسلام الذي يأمر بعدم الانقطاع عن متابعة العلم ،ويشجعه ويدعو إلى التعلم والزيادة في مساحة المعارف من المهد إلى اللحد ،كما قال الحق سبـــحانه ( وقل رب زدني علما ) سورة طه الآية 114 ـ ثم إن التربية الإسلامية تمتاز بالشمولية فهي تتـــــناول بتكامل وتوازن جميع جوانب الإنسان العقلية والروحية والجسمية ،فالجانب العقلي يفتح له الطريق ليتمكن من التحكم في كافة الجهات التي يتعامل معها ،والجانب الروحي يزيد من الدفع بأخلاقه إلى السمو والارتقاء ، أما الجانب الجسمي فهو وقود حياته الذي يحرك نشاطه إلى التعامل مع الحياة بقوة دائمة ،ومن جانب آخر فإن التربية الإسلامية عبادة الله بالعمل الصالح أجل الحصول على الثواب والأجر ،هذا وتنبني التربية الإسلامية على أساسين هما 1ـ العقيدة 2ـ العبادة، فالعقيدة هي مجموعة من الأفكار والمشاعر التي تؤثر في أنما ط السلوك الإنساني ،وهي التي تقوم على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأما العبادة في الإسلام فهي لا تقتصر على الصلاة والصوم والزكاة والحج فقط ،فالعبادة تشمل كل جوانب الحياة وفي هذا الصدد قال جل شأنه( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ،ولكن البر من آ من بالله واليوم الآخر والملائكة والكتــــــاـــــب والنيئين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتـــاــــمى والمســـــاــــكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلوة وءاتى الزكوة ،والموفون بعهدهم إذا عـــــــــاــــــهدوا والصـــــاــــــبرين في البأساء والضراء وحين البأس أولــاــئك الذين صدقوا وأولـــــــاــــــئك هم المتقون ) سورة البقرة الآية 176.
تحليل موجز للنص القرآني الكريم
ليس البر أن تتوجه إلى جهة المشرق والمغرب ،ولكن البر المعتبر لدى الخالق جل شأنه هو الإيمان بالغيبيات كاليوم الآخر والكتب والرسل والملائكة وهم جنود الله في الأرض وفي المساجد والبيوت ،وفي كل مكان من عالم الخالق العظيم ،كما يتجلى البر في التصدق على الفقراء واليتامى الذين فقدوا آباءهم والمساكين الذين تخلى عنهم الزمان ،ويدخل في هذا المسار ابن السبيل الذي فارق ماله ،فهذا تدفع له الصدقة ليستعين بها أثناء الغربة، ويدخل في هذا الجانب أيضا فك الأسرى والأرقاء بالفداء ،ومن البر أيضا إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع الذين يوفون بالعهود ولا يخرجون عن الوعود ،هذا بالإضافة إلى أهل الصبر الذين يتلذذون بقضاء الله أثناء القتال في سبيل الله وفي الختام إن أهل هذه الأوصاف هم الصادقون في إيمانهم وتقواهم والحمد لله رب العالمين.
القرآن والتربية الإسلامية
إن التربية الإسلامية مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية وفي هذا الشأن قال جل وعلا ( فإما ياتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) سورة البقرة الآية 38 بمعنى أنه لا خوف من الله على من يخضع لأوامر الله ويتبع منهجه ،وهدف التربية الإسلامية هو تنمية العقل وتدريبه على التفكر والتذكر و التدبر وفي هذا الشأن قال سبحانه( كتـــــاـــــب أنزلنـــــــاـــــــه إليك مبــاـــرك ليدبروا آيـــاـــــته وليتذكر أولوا الالبـــــاــــــــب ) سورة ص الآية 29 ثم إن التربية الإسلامية موجهة لعامة الناس وصدق الله العظيم إذ يقول ( إن هو إلا ذكر للعـــــاـــــلمين ) سورة يوسف الآية 104 والقرآن الكريم لا يفرق بين الأبيض والأسود إلا بتقوى الله قال الحق جل شأنه ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) سورة الحجرات الآية 13 .
المبادئ الأساسية للتربية
ـ من المبادئ الأساسية للتربية 1ـ مبدأ وجوب التعلم على كل مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ) ،ـ أخرجه ابن ماجه وابن عبد البر ،والطبراني في الصغير ـ 2 مبدأ وجوب التعليم قال الخالق سبحانه ( يــاــأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ،وإن لم تفعل فما بلغت رســـــاـــــلـــــاـــــــته ) سورة المائدة الآية 67 وفي هذا الشأن أيضا قال جل وعلا ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آيـــــاـــــتك ويعلمهم الكتـــــاـــــــــب والحكمة ويزكيهم ) سورة البقرة الآية 129 3مبدأوجوب التعلم مدى الحياة قال الخالق سبحانه ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) سورة الإسراء الآية 85 و قال جل وعلا ـ 4 ( وفوق كل ذي علم عليم ) سورة يوسف الآية 76.
المصادر و المراجع
فلسفة التربية للأستاذ فيليب فينكس ص467
الدراسات النفسية والتربوية ص12
أصول التربية الإسلامية للدكتور إسماعيل سعيد ص194
المنهل ـ مجلة للآداب والعلوم الثقافية
محاضرة
تحت عنوان
نشاط الطفل في المدرسة التربوية
المقدمة
المدرسة هي أهم مهد نظامي للدرس وتلقي العلم ونشره بدون منازع ،بمعنى أن الإنسان لما عرف الوجود عرف العلم ،لأن الخالق سبحانه في علمه أن الحياة لا تقوم إلا على العلم والمعرفة والأخلاق ،فالمعرفة تفتح العقل ،والأخلاق تهذب هذا العقل ،ولهذا ورد في قول الحق سبحانه (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )سورة الزمر الآية 9 وورد في الحديث (لموت قبيلة أهون على الله من موت عالم ) أخرجه الطبراني وأبن عبد البر، و موضوع التربية والتعليم موضوع شاسع وطويل وعريض ،يمتد مع امتداد خلق الإنسان ،فمنذ أن خلق الله الإنسان خلق معه التربية والتعليم ،وفي هذا الصدد قال الحق سبحانه (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صــاــدقين ،قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم (… سورة البقرة الآية 32ـ و للهدف الدينيالذي يعتبر الأساس الرئيسي للتربية الإسلامية أهداف تتجلى 1ـالهدف الأخلاقي الذي يفيد تزويد النفس بالفضائل والبعد عن الرذائل والأخلاق المنحرفة 2ـ الهدف التثقيفي وهو تنمية معارف الإنسان في شتى الاتجاهات 3ـ الهدف الاجتماعي وهذا يتجلى في بناء مجتمع إسلامي يعرف فيه الفرد حقوقه وواجباته التي تقوده إلى الولاء للجماعة الصالحة 4 ـ الهدف الدنيوي وهو الدخول إلى ساحة العمل والجهاد،لأن الإسلام يعتبر العمل عبادة تقربا إلى الله تعالى .
القرآن الكريم أساس الحياة
ما دامت التربية تعتبر القرآن الكريم هو منبع الأخلاق والفضائل ،فإنها ترى أن الطفل في بداية الأمر يجب أن يتعلم القرآن الكريم ،وذلك باعتباره المائدة العامة التي يأخذ منها كل طفل وكل مسلم ،وهنا نجد الإمام الغزالي رحمه الله يوصي في كتابه الإحياء بتعليم الطفل القرآن الكريم قبل كل شيء ،لأنه أساس الحياة الصادقة وبناء المجتمع الصالح ويقول ابن خلدون في مقدمته (إن على الناس أن يعلموا أطفالهم القرآن قبل كل شيء ) وقال ابن سينافي كتابه السياسة (أن ما ينبغي أن يبدأبه الطفل القرآن الكريم )ولعل اهتمام المغرب بحفظ القرآن الكريم جاء من الأندلس ،لأن أهل هذا البلد عرفوا حضارة ما زال العرب يفتخرون بها لحد الآن ،و مكا ن تعليم الطفل القرآن الكريم في أول الأمركان هو المسجد ،ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم (أحب البلاد إلى الله مساجدها ) فالمسجد هو المؤسسة الأولى للقرآن الكريم و الذي منه تفرعت مدرسة العلوم المتنوعة اليوم.
أسباب تأخر الطفل في المدرسة
تأخر هذا الطفل في عمله الدراسي يرجع إ لى أسباب خاصة به وهي 1ـ من الناحية الجسمية ،إن المتأخر دراسيا يعاني من سوء ضعف عام ،وذلك بسبب سوء التغذية أو ضعف السمع أو البصر مما يترتب على هذا عدم متابعة الدروس ،2ـ أما من الناحية العقلية قد يكون الطفل المتأخر دراسيا مستوى ذكائه أقل من أقرانه في الفصل مما يجعله غير متابع للدروس وهنا نجد ه يتأخر عن زملائه في العمل ،3ـ وأما من الناحية النفسية فإن الطفل المصاب بعاهة مثلا يتأثر بما في جسمه ،ويتولد لديه شعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس وهنا نراه يكره المدرسة ويهجرها ،وهناك أسباب أخرى مثل :
الأسباب الاجتماعية
وهذه تتجلى في ضعف القدرة المالية للوالدين والمشاحنات الأسرية ،فهذه تؤثر نفسيا على الطفل وتؤخره دراسيا ،وهذا ما يجعله يتراجع في مستواه التعليمي تراجعا محسوسا .
الأسباب المدرسية
لكي يقترب الطفل من المدرسة أكثر يجب الإكثار من الأنشطة الترويحية ،كما ينبغي أن يسود الحب والمودة بين المدرس وتلاميذه ،وبعدم النشاط في المؤسسة أو عدم العلاقة الطيبة بين المعلم وتلاميذه فإن حبل المودة يندثر ،وبذلك يسود الجفاف وبالتالي الفشل في متابعة الحياة الدراسية ،كما يجب تنقية الجو المدرسي من شوائب التفكك والاضطرابات حتى ينشأ الأطفال في صحة نفسية سليمة ،وبتركيز أوتاد المدرسة أكثر يكون التوفيق أقرب إلى طريق الصواب ،وأقصد بهذا التركيز صفاء الجو الدراسي والسير به في سبيل التآخي والتآزر ، والتأخر المدرسي مشكلة يمكن علاجها بالابتعاد عن التوبيخ والقسوة في المعاملة وتوفير الجو النفسي الملائم لنموه
نتائج التأخر المدرسي
يترتب على التأخر المدرسي كثير من النتائج منها إصابة الطفل المتأخر ببعض الأمراض النفسية ،كما أن هذا التلميذ يصاب بالانطواء والملل والقنوط والبعد عن النشاط الذي يبعث الدفء ،ومن علاج هذه الأمراض ،اهتمام الوالدين بنظافته وبتعليمه الصلاة وقراءة القرآن الكريم القراء ة المرتلة للقرآن الكريم ولتحقيق القراءة المرتلة في القرآن الكريمينبغي توظيف مجموعة من القدرات وهي كما ياتي 1ـ الحقل المعرفي بأن يكون المتعلم قادرا على التعرف على الكلمات والتعرف على قواعد القراءة المرتلة 2ـ الحقل السيكولوجي بمعنى أن يكون التلميذ قادرا على النطق بالكلمات وإخراج الحروف من مخارجها وتحقيق بعض قواعد الترتيل والإخفاء والإدغام 3ـ الحقل الوجداني بمعنى أن يكون المتعلم قادرا على التخيل مثل معاني الكلمات والألفاظ والحمد لله رب العالمين.
المصـــــــــــــــــــــــــــــادر
1ــ الدراسات النفسية والتربوية ص 109
2ـ علوم التربية مجلة علمية متخصصة ص115
3ـ فلسفة التربية للأستاذ فيليب ص77
بقلم الدكتور عبد السلام الهبطي الإدريسي
محاضــــــــــــــــــرة
تحـــــــــــــــــــــــــــــــت عنوان
أهم وسائل التعليم في المسار التربوي
إن كلمة ( تربية ) مأخوذة من ( ربا يربو ) بمعنى ينمو ويزيد ،ومن معاني ( التربية ) بلوغ الشيء كماله على وجه التدريج ،هذا ولم يعرف استخدام لفظ ( تربية ) إلا في العصر الحديث،حيث كان العرب في القديم لا يستعملون إلا لفظ ( التأديب ) و كانوا يطلقون على المعلم اسم ( المؤدب ) و قد ذكر لفظ ( التربية ) في القرآن الكريم في موضعين اثنين أحدهما في سورة الإسراء الآية رقم 24 حيث يقول جل وعلا (وقل رب ارحمهما كما ربيـــــــــــاــــــــــني صغيرا ) و الثاني في سورة الشعراء في الآية رقم 18 ورد ذلك في قوله سبحانه ( ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك ) علما أن الإسلام يرفض العلم الجاف بدون أخلاق ،لأنه في حكم الجسم بلا روح ،لكن إذا أضيفت التربية إلى العلم فإنه يصبح علما كاملا يهذب النفس ويضيف إليها ما يزيد من كمية الأخلاق ،وجمال الروح.
الوسائل الفعالة في التربية
وأهم هذه الوسائل التربوية ثلاثة:
الوسيلة الأولى : القدوةإن وجود القدوة ضروري وهام في أي مجتمع كان ،ومن الخطأ الكبير أن يضن إنسان أنه في استطاعته الاستغناء عن القدوة ،ويستحيل على الفرد أن يضع لنفسه منذ طفولته قيمه الخاصة ،لماذا ؟لأن الإنسان كائن اجتماعي يتأثر بالناس المحيطين به ،ويتفاعل معهم ،وما دام هذا الفرد لا يستطيع أن ينفرد عن الناس وحده ،فلا بد إذن من البحث عن من يكمله ويتمم أخلاقه ،علما أن الطفل محتاج في بداية حياته إلى القدوة الصالحة في الأسرة ،ومن الحقائق المعروفة أن الأطفال بلا استثناء يقلدون دائما من يحترمونهم ،ويفتخرون بهم باعتبارهم النموذج الأمثل ،ومن هنا نعلم أن الأسرة هي المجتمع الإنساني الأول الذي يمارس فيه الطفل أنماط السلوك الاجتماعي علما أن الإسلام أمر الوالدين وأفراد الأسرة بمد الطفل بالعطف والحنان وصب الرحمة والمودة بين جوانحهم ،ومن المعلوم أن الطفل محتاج في بداية حياته إلى القدوة الصالحة في الأسرة ،ومن الثابت في علم التربية أن الأ طفال بلا استثناء يقلدون دائما من يحترمونهم ،وأول ما يجدونه أمامهم في هذا التقليد الأسرة وفي مقدمتها الوالدان اللذان ورد ذكرهما في القرآن الكريم واهتم بهما اهتماما عظيما ،والأسرة هي المجتمع الذي يحتضن الطفل ويعلمه أنماط السلوك الإنساني ، وهنا نستطيع أن نقول إن الإسلام لا يوافق على التربية الجافة ،وإنما ترمي إلى التهذيب وتنقية الروح وتطهير السلوك المنحرف ،علما أن العلم المجرد وحده لا يكفي بدون أخلاق ،بل لا بد من إضافة ساحة الأخلاق إلى زاوية العلم ليصبح علما مؤثرا كاملا وفي هذا الصدد قال سعد زغلول ( نحن لسنا محتاجين لكثير من العلم ،ولكننا محتاجون لكثير من الأخلاق الفاضلة ) إذن فلا بد من اقتران العلمين معا ،لأن العلم بدون تهذيب كالجسم بلا روح .
الوسيلة الثانية :جهاد النفس وبدون شك أنه لابد في التربية أن يجرد الإنسان نفسه عن الشهوات ،حتى يستطيع أ ن يبني شخصيته بتربية أخلاقية سامية تجعل منها النموذج الكامل في الفضائل والشمائل ،فكما أن عضلات الجسم لا تنمو بدون ممارسة التربية الرياضية ،فكذلك الأخلاق لا تتكون بدون المجاهدة النفسية ،ولا تظهر كفاعل أخلاقي مؤثر في الروح ،وبهذا الاتجاه الصافي في الفضائل يستطيع الفرد بناء حياة مبنية على تكوين شخصية رفيعة المستوى أما العبادات فهي جهاد نفسي جاءت لقمع الرفث والفسوق والجدال ،فهي تحارب كل ما يؤدي إلى الانحراف وكل ما يدور في فلكه،وأما الفسوق فهو الخروج عن طاعة الله وكل ما يؤدي إلى التلاعب بعبادة الخالق والخروج عما أحله الله ،وأما الجدال فهو مناقشة ما يؤدي إلى زعزعة الأمور الدينية والنفسية ،فالطهارة مثلا هي عبارة عن طهارة الجوارح ولكنها ترمي إلى غاية أسمى وهي ذكر الله وعبادته ،وهذا ما أشار إ ليه قوله سبحانه ( إن الصلواة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) سورة العنكبوت الآية 45 وأما الزكاة فهي تطهير للنفس من الفواحش وكل ما يؤدي إلى الحرام قال الخالق جل وعلا ( خذ من أ موالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) سورة التوبة الآية 103 والزكاة مظهر شريف لشكر النعمة الإلهية ووسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية ،وهنا ياتي دور مفيد للجسم وهو الصيام المطهر للإنسان الصائم ،لأنه ينقيه من تراكم السموم ،وهو يربي الإنسان على الفضائل ،وعلى رأسها الصبر الذي يعتبر أساسا لكل عمل ناجح ،فالصبر بهذا إذن يقرب الفرد من خالقه ،علما أن الصيام يفتح طريق الخير وسبيل السعادة للضمير الإنساني ،وبهذا تتدخل مراقبة الضمير لتنقذا الصائم من الزيغ والطغيان ،وبعد هذا تاتي فريضة الحج لإبعاد العابد عن تراكم الفحش والضلال وعدم الانقياد وراء الشهوات الحسية والمعنوية ،وبعد هذا لم يبق إلا التقرب إلى فعل الخير واعتناق الصبر ،والحج بطبيعته يحمل في طياته من المعاني الروحية والاجتماعية ما يجعل الشخصية الإسلامية تلبس لونا من الصفاء والسمو ،ثم إن كل موجود داخل البيت الحرام فإنه يشعر بالمساواة والانسجام والتآزر والتآخي ومن جانب آخر فإن الأخلاق بدورها تقوم كمساعد للفرد والمجتمع ،من حيث جهاد الفرد لنفسه ،إذ هي تحقق كماله وكمال المجتمع من الناحية الخلقية ،والأخلاق بطبيعتها هي أساس التغيير ودعامة الإصلاح ،كما نص على ذلك القرآن الكريم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) سورة الرعد الآية 11 ودور الأخلاق فعال في الحقل التعليمي والتربوي ،لأنها تعصم المجتمعات من الانحلال الخلقي وتحارب العادات السيئة.
الوسيلة الثالثة: العادة يقول علماء التربية إن العادة هي المحاكاة بمعنى يكون معناها أنها هي التي تعود الناشئة منذ صغرهم على الأخلاق الصالحة ،وذلك باعتبار أنه من الصعب على الفرد البالغ أن يفارق عاداته الرديئة التي اكتسبها في الصغر ،وقديما قال المهتمون بهذا الشأن ( من شب على شيء شاب عليه ) ومن هنا ندرك لماذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصغار بالصلاة وهم في سن العاشرة ،مع أنهم في هذه السن لم يكونوا قد وصلوا إلى البلوغ وهو الحد الفاصل عن التكليف الشرعي ،وما ذلك إلا لبيان أهمية التعود على التربية بالنسبة للطفل ، وبإيجاز شديد فإن الطفل إذا نشأ في جو ديني ووجد أهله وهم يتلون القرآن الكريم وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ويقيمون الصلاة ويؤدون الزكاة ويصومون رمضان ويحجون ،فإن قلب الطفل يتعلق بدينه الصحيح وقيمه السامية ،وينشأ وهو متشبع بالأخلاق الكريمة والفضائل العالية ،أما إذا ترك بلا توجيه في بيئة لا تخضع لقوانين أدبية ،ولا تتقيد بأ حكام الإسلام وتقاليده ،ثم شكونا بعد ذلك من انحرافه وانزلاقه في متاهات بعيدة عن التعليم الروحي ،فإننا نكون حينئذ قد رمينا به في فراغ يضر بحياتهم حالا ومستقبلا
الاستاذ ناشر النور أخي الحبيب إن الناس مدائن من تراب ،وأنت تبني مدائن من أفكار وقيم وآداب ،وتعلي قلاعا تناطح السحاب ،تحية لك لأنك فجرت في حياتنا ينابيع القرآن دفاقة ،وأجريت في صحاري العقول أنهار الحكمة رقراقة ،هنيئا لك لأنك تبني في العقول طبقات من أنوار وعرفان ،والناس يبنون أبراجا من خرافات وأساطير ،هنيئا لك لأنك تسهر الليالي لتملأ قلوب الأبرياء بالنور الخالد وكلام رب العباد ،أخي العزيز هنيئا لك لأنك تجمع سطور الهداية لتجدها أمام الخالق ا لأعظم لك دفاعا وحماية.
المصـــــــــادر والمراجع
1 المنهل عدد 466 ــ اكتوبر نونبر 1988م ص 189
2 أهداف وتوجيهات تربوية ص31 وزارة التربية
3 التربية بين الاقتباس و إشكالية التدريس للأستاذ ناشيد المكي ص 17
4 الدراسات النفسية والتربوية عدد العاشر دجنبر 1989
5 أسس التربية للدكتور الخمار العلمي ص 125
6 أصول التربية الإسلامية للد كتور سعيد إسماعيل ص183
بقلم الدكتور الباحث عبد السلام الهبطي الإدريسي